تحل علينا ذكرى ميلاد فنان الشعب المولود بالإسكندرية في 17 مارس 1892.. هو "السيد درويش البحر" الفذي أُطلق عليه العديد من الألقاب المختلفة منها "خادم الموسيقى" و"فنان الشعب"، وهي ألقاب استحقها الملحن والمطرب "سيد درويش"عن جدارة؛ فرغم توقف عداد عمره عند ال31 عامًا حيث توفي 10 سبتمبر 1923، فقد أنتج خلال هذه المسيرة الحياتية والفنية القصيرة 40 موشحًا و100 طقطوقة و30 رواية مسرحية وأوبريت، بينهم عدد كبير من الأغنيات التي تتحدث بلسان "البوابين" و"البياعين" و"العربجية" و"الجرسونات" و"البوستجية" و"السقايين" و"المراكبية" و"التحفجية" وغيرهم من أصحاب المهن المهمشة، حيث خصص لكل فئة أغنية تنطق بشكوى أصحابها وتعبر بشكل صادق عن أحوالهم. فيتحدث سائقو العربات الكارو في أغنية "العربجية" التي كتب كلماتها "أمين صدقي" ولحنها وغناها درويش، قائلين:" مين زينا إحنا العربجية ياهوه مين، بنشوف غلب وتلطيم عقبال اللايمين، كل الناس ف أشغالها يافندي رايحين جايين، إلا إحنا نفضل بالعشر ساعات قاعدين، إلهى يكفيكو ياهوه شر القعدة اللى بنقعدها، مصلوبين طول النهار أنا والجدع ده، ياما بنشوف م الشاوشية صبح ومغرب وعشية، على أى شىء يرازونا يخالفونا ويلعنوا أبونا، أهي حالة يعلم بها سيدك تشكي لمين شيء مش حايفيدك". ويعلن السودانيون النازحون إلى القاهرة لخدمة سكان العمارات الحظ الذي جاء بهم في أغنية "البوابين" التي كتب كلماتها "بديع خيري" ولحنها وغناها درويش باللهجة السودانية المميزة، "يرحم أيام الحظ الحلوة ديتجيه ضربة في عينو اللي جابنا من السودان عالمصرو". يتظلم "الجرسونات" بالمثل في الأغنية التي تحمل اسمهم، والتي كتبها "بديع خيري" وغناها درويش "دا الجرسون منا يا بيه وحياتك له الجنة، يامابنقاسي في خوتة ودوشة ومرمطة ياخوانا، نفضل شايلين صواني وماشيين زي المكوك رايحين جايين". رغم سنواته القليلة في الدنيا إلا أنه نجح في تخليد ذكراه من خلال ألحانه وأغنياته الفريدة، التي تضم عددًا كبيرًا من الأغاني الوطنية الثورية الصالحة لكل العصور والأغاني العاطفية، كذلك مثل "أهو ده اللي صار" و "أنا المصري" و"يا عزيز عيني" و"شد الحزام" و"الحلوة دي" و"زوروني كل سنة مرة" و"أنا هويت وانتهيت" و نشيد "بلادي" الذي تردده الأجيال الصاعدة كل يوم في طابور الصباح، وغيرها من الأغنيات التي لا يزال يتغنى بها الكثيرون من المطربين مثل علي الحجار وفيروز ومحمد منير وعزة بلبع وإيمان البحر درويش. كما انتقلت إلى الجيل الأحدث عن طريق الفرق الشبابية التي لا يفوتها تقديم أغنية من أغنياته في جميع حفلاتها، مثل فرقة "الأولة بلدي" و"إسكندريلا" و"حكايات" "مسار إجباري" وعدد من المطربين الشباب الذين يطرحون أغنياته بنكهات مختلفة مثل أحمد سعد ومحمد محسن ومريم صالح ودينا الوديدي وعلي الهلباوي وكثيرين غيرهم، فيموت سيد درويش ويبقى صدى أغنياته العبقرية يتردد حتى الآن.