بعد نحو الشهر على ما سمى بالمصالحة المصرية القطرية نستطيع القول وبثقة إن قطر تجاوبت مع مبادرة العاهل السعودى لتجنب العقوبات التى كانت ستفرض عليها من قبل مجلس التعاون الخليجى، والتى كان يمكن أن تصل إلى طرد قطر من المجلس، وإنه بمجرد الاطمئنان لعودة سفراء السعودية والإمارات والبحرين إلى الدوحة استأنفت قطر سياساتها العدائية تجاه مصر. وإذا كان البعض تعامل مع إغلاق «الجزيرة مباشرة مصر» على أنه خطوة إيجابية من جانب قطر، فالوقائع تؤكد أن قرار إغلاق هذه القناة جاء نتيجة خروج فريق العمل بها على أوامر إحداث تغيير شكلى فى نهج القناة، وهو ما اعتبر خروجًا على أوامر الأمير ومن ثَمَّ كان قرار الغلق. وقد كشفت الأيام عن عدم تغير الخط العام لقناة الجزيرة تجاه ما يجرى فى مصر، فسرعان ما عادت القناة إلى خطها العام السابق الذى يصف النظام القائم فى البلاد بالانقلابى، هذا إضافة إلى الإنفاق القطرى على أربع قنوات تبث من تركيا، هى «مكملين»، و«رابعة»، و«الشرق»، و«مصر الآن»، وهى قنوات متخصصة فى الهجوم على مصر وبث الأكاذيب على مدار الساعة. العداء القطرى التركى متجذر ولا يتوقع حدوث تغير فيه فى المدى القريب، وقد لقى المحور القطرى التركى صفعة قوية بسقوط حكم المرشد والجماعة فى مصر، وأيضًا تمكُّن النظامين العراقى والسورى من تحقيق تقدم ملموس فى المعارك مع تنظيم داعش على الرغم من الدور القطرى التمويلى للتنظيم والدور التركى فى دعم ومساندة عناصر التنظيم، إمدادهم بالسلاح وعلاج جرحى التنظيم فى المستشفيات التركية. وتلقى هذا المحور صفعة قوية بنجاح القوات المصرية من جيش وشرطة فى محاصرة الجماعات الإرهابية التى نشطت بعد الإطاحة بحكم المرشد والجماعة، سواء فى الدلتا أو شمال سيناء. وهو ما دفع هذا المحور إلى البحث عن ورقة جديدة لإرهاق النظام المصرى، وقد وجدوا هذه الورقة فى دعم الجماعات المتطرفة فى ليبيا وإمدادها بالسلاح المتطور، فقد دعموا جماعة فجر ليبيا وأنصار الشريعة وأمدوا هذه الجماعات بأسلحة متطورة للغاية لا تملكها جيوش نظامية فى المنطقة وتحديدًا الصواريخ المضادة للطائرات، بل وبطائرات قتالية. واستعانوا بنظام الإخوان فى السودان لتوصيل السلاح إلى هذه الجماعات، ومن هنا تواصل الطائرات القطرية والسودانية نقل السلاح المتطور إلى هذه الجماعات على النحو الذى مكّنها من تحقيق انتصارات على الجيش الوطنى الليبى فى مناطق عديدة. الجديد هنا هو تعاون قطروتركيا والسودان فى نقل عناصر من تنظيم داعش من سوريا والعراق إلى الأراضى الليبية وتشكيل بؤر لهذا التنظيم على الحدود المصرية، وهو ما بدا واضحًا فى قيام عناصر تنظيم داعش بإعدام أربعة عشر جنديًّا ليبيًّا قبل أيام، وتتولَّى قطروتركيا حاليًّا التنسيق بين الجماعات الليبية المتشددة وعناصر تنظيم داعش من أجل تشكيل هيكل تنظيمى واحد، لتكريس السيطرة على مساحات كبيرة من الأراضى الليبية وبدء حرب عصابات مع مصر لإرهاق القوات المسلحة المصرية عبر الحدود التى يزيد طولها على ألف كيلومتر. لكل ذلك يبدو مهمًّا للغاية التعامل بحرص شديد مع كل ما يقال عن مصالحة مع قطر، والاستعداد مبكرا لعلميات إرهابية ضد المصريين (لا سيما الأقباط منهم) على الأراضى الليبية لإرباك الدولة المصرية من ناحية، وإحداث توتر دينى داخل البلاد من ناحية ثانية، وشن حرب عصابات متوقعة من الحدود الليبية، وكلنا ثقة أن مصر سوف تتمكن من القضاء على هذه العصابات التى تعمل داخل الأراضى الليبية مثلما قضت عليها داخل الأراضى المصرية.