توافق ميلاد رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم مع ميلاد السيد المسيح عليه السلام، وبهذه المناسبة كثيرا ما تستمع إلى صوت محمد الكحلاوى وهو يردد «لَجْل النبى دى القعدة حلوة والنبى عند النبى». دائما المصرى المسلم يستجير باسم النبى لكى يحقق أمنياته. ما رأيكم أن نطلب من المسؤول عن «ماسبيرو» لَجْل النبى أن يعرض فيلما مصريا نادرا عن ميلاد السيد المسيح؟ إنه فيلم مجهول شاهدته بالصدفة قبل عشر سنوات، عندما حضرت احتفالا برأس السنة فى المركز الكاثوليكى المصرى، هذا المركز الذى أصبح بؤرة إشعاع، حيث إنه حاضر فى كل المناسبات الثقافية. تابعت نشاط المركز قبل 30 عاما منذ أن تولى قيادته الأب يوسف مظلوم، الذى كان يعنى حضوره فى أى مناسبة بالنسبة إلىّ حضورا للسلام والتسامح والنور. ورحل أبونا يوسف فأكمل المشوار أبونا بطرس دانيال بكل ما يحمله من طاقة شابة ليعقد مصالحة بين الفن بمختلف أطيافه وصحيح الدين. يواكب المركز الكاثوليكى الذى تجاوز عمره 60 عاما كل ما يجرى فى الحياة، منحنى المدير الفنى للمركز CD لفيلم حياة وآلام يسوع المسيح إنتاج عام 1935، وتمت دبلجته إلى اللغة العربية فى مطلع الخمسينيات وعُرض تجاريا فى مصر.. النسخة مخادعة، حيث تعتقد فى البداية وأنت تدير القرص أن السينما المصرية تقدم فيلما روائيا عن حياة السيد المسيح، وتقرأ أسماء أحمد علام فى دور المسيح ، وعزيزة حلمى السيدة مريم ، وسميحة أيوب مريم المجدلية ، وتعددت أسماء النجوم: توفيق الدقن، صلاح سرحان، سعد أردش، وغيرهم من النجوم المصريين، وفى النهاية يأتى فى التتر وعلى استحياء أن النسخة العربية إخراج محمد عبد الجواد. سارعت بالاتصال بالفنانة الكبيرة سميحة أيوب التى أكدت لى أن الفيلم عُرض فى سينما ميامى أو ريفولى فى مطلع الخمسينيات -لا تتذكر التاريخ على وجه الدقة- الواقعة الموثقة هى أن الدولة وربما المملكة المصرية إذا كان الفيلم قد تم السماح به قبل ثورة 52، قد وافقت على عرضه جماهيريا، وكما ترى فإن كل من شارك فى تنفيذ الفيلم مسلمون. الفيلم على مستوى الأداء الصوتى مقدم بدرجة حرفية عالية، تلمح فيه جهد مخرج يضبط أداء الممثلين الصوتى (الدوبلاج) على النسخة الأصلية المرئية.. كما أنه يقدم الممثل أحمد علام بأداء ملىء بالنقاء والطهر للسيد المسيح عليه السلام، وهذا الممثل تحديدا أحد أهم نجوم المسرح المصرى فى بدايات القرن الماضى، وقالت لى عنه الفنانة القديرة سميحة أيوب إنه واحد من أروع من اعتلوا خشبة المسرح فى تاريخنا الفنى. سميحة أيوب تؤدى بروعة دور مريم المجدلية ، وعبارة المسيح الشهيرة عندما عاتبه اليهود قائلين فى شريعة موسى إن الزانية تُرجم، فقال لهم: ولكن أنا أقول لكم من كان منكم بلا خطيئة فليلقِ الحجر الأول .. ولم يجرؤ أحد! الدولة منذ الستينيات وهى تمنع عرض أفلام عن السيد المسيح بحجة أن الأزهر يرفض تجسيد صورة الأنبياء، وفيلم آلام المسيح لميل جيبسون عرض قبل 10 سنوات بقرار من د.جابر عصفور أمين عام المجلس الأعلى للثقافة وقتها، ولم يعترض الأزهر، وهذا لا يعنى سوى تفسير واحد، وهو أن الدولة تدخلت مباشرة قبل التصريح وطلبت من الأزهر أن لا يعلن فامتثل، ولم نقرأ أى كلمة تتساءل -ولا أقول تعترض- عن شرعية عرض فيلم يجسد حياة السيد المسيح، خصوصا والفيلم قائم على تجسيد واقعة صَلب السيد المسيح! القرآن الكريم تتسع تفسيراته للسماح بممارسة كل طقوس العقائد دون إقصاء، هذا هو ما أفهمه من مطالبة رئيس الجمهورية للأزهر بتجديد الخطاب الدينى. مثلما تستمع فى الشارع إلى أجراس الكنيسة تعانق صوت الآذان، فلماذا لا نعرض لَجْل النبى فى التليفزيون الرسمى ونحن نحتفل بذكرى المصطفى فيلما عن حياة السيد المسيح؟!