التعليم تعلن عن التصفيات النهائية لمسابقة "تحدي القراءة العربي" للعام الثامن    نائب رئيس جامعة عين شمس تتفقد أعمال التطوير بقصر الزعفران    الشرقية.. إحالة 30 من العاملين المقصرين بالمنشآت الخدمية للتحقيق    غرفة الإسماعيلية تجتمع مع التموين وحماية المستهلك بشأن أسعار الخبز السياحي    «بولد رووتس» للتسويق العقاري تدشن أول مكتب إقليمي لها في دبي    وزير العمل: الخميس المقبل إجازة مدفوعة الأجر للقطاع الخاص بمناسبة عيد تحرير سيناء    «حلم العضوية الكاملة».. تاريخ محاولات فلسطين للانضمام للأمم المتحدة    جوتيريش: فشل حل الدولتين سيجبر الإسرائيليين والفلسطينيين على العيش في خطر    قائد الجيش الجزائري: التعاون مع الناتو ساهم في إرساء شراكة متينة ومثمرة    محمود علاء ينتظم في تدريبات الزمالك الجماعية    الزمالك يكشف ل «أهل مصر» حقيقة أزمة حسين لبيب مع أحمد سليمان    نجم ليفربول على موعد مع رقم تاريخي أمام أتالانتا في الدوري الأوروبي    "متلازمة أبريل".. هل حسم مانشستر سيتي أمر الدوري الإنجليزي بالفعل؟    واقعة مؤسفة.. حفل زفاف يتحول إلي حرب شوارع بالمرج    مصرع فلاح سقط داخل دراسة القمح فى المنوفية    ضبط عاطل أشعل النار في أحد الأشخاص بسبب مشادة كلامية بكرداسة    وزارة التضامن تفتح باب سداد الدفعة الثانية للفائزين بقرعة حج الجمعيات الأهلية    كايروكي يحيي حفلاً غنائيًا 27 أبريل في تركيا    تكريم إلهام شاهين فى مهرجان هوليود للفيلم العربى.. صور    سوزان نجم الدين ضيفة إيمان الحصرى في مساء DMC الليلة    آداب يوم الجمعة باختصار .. الاغتسال ودهن الشعر والتطيب    3.8 مليون مواطن تلقوا خدمات المبادرة الرئاسية للكشف المبكر عن الأورام السرطانية    جامعة أسيوط تشهد انطلاق المؤتمر الثاني لطب الجنين بصعيد مصر    طبيب نفسي يكشف تأثير التوقيت الصيفي علي الصحة العامة | خاص    البنك الأهلى.. إصابة" أبوجبل" اشتباه في قطع بالرباط الصليبي    إعادة فتح حلقات توريد القطن لمدة أسبوع    مجلس النواب يعقد أولى جلساته فى العاصمة الإدارية الأحد المقبل    «القومي لثقافة الطفل» يحتفل باليوم العالمي للتراث غدا    وزير قطاع الأعمال: القطاع الخاص شريك رئيسي في تنفيذ مشروعات التطوير وإعادة التشغيل    انخفاض الأسعار مستمر.. غرفة الصناعات الغذائية تزف بشرى للمواطنين    مميزات وعيوب إيقاف تنفيذ العقوبة للمتهمين    الإعدام لمتهم بقتل زميله بعد هتك عرضه في الإسكندرية    مفتي الجمهورية يفتتح معرض «روسيا - مصر..العلاقات الروحية عبر العصور» بدار الإفتاء..صور    الاتحاد الأوروبي: نرفض أي عملية عسكرية في رفح الفلسطينية ونخشى حدوث كارثة    بيلينجهام يمدح حارس الريال بعد التأهل لنصف نهائى دورى أبطال أوروبا    يسهل إرضاؤها.. 3 أبراج تسعدها أبسط الكلمات والهدايا    تعاون ثقافي بين مكتبة الإسكندرية والمكتبة الوطنية البولندية    قافلة طبية تخدم 170 مواطنًا بقرية الحمراوين في القصير البحر الأحمر    شوقي علام يفتتح أول معرض دولي بدار الإفتاء بالتعاون مع روسيا (صور)    بعد طرحها بساعات.. الترجي يعلن نفاد تذاكر مباراة صنداونز في دوري أبطال أفريقيا    زاخاروفا: مطالب الغرب بتنازل روسيا عن السيطرة على محطة زابوروجيا ابتزاز نووى    وفاة معتمرة من بني سويف في المسجد النبوي بالسعودية    طقس سئ.. غبار رملي على الطرق بالمنيا    تأجيل محاكمة حسين الشحات في واقعة ضرب الشيبي لجلسة 9 مايو    5 خطوط جديدة خلال الربع الأول من العام تستقبلها موانئ دبي العالمية السخنة    وكيل الأزهر يتفقد التصفيات النهائية لمشروع تحدى القراءة في موسمه الثامن    وكيل صحة قنا يجتمع مديري المستشفيات لمناقشة اللائحة الجديدة وتشغيل العيادات المسائية    فى الجيزة.. التعليم تعلن جدول امتحان المستوى الرفيع والمواد خارج المجموع لطلاب النقل والإعدادية    تعَرَّف على طريقة استخراج تأشيرة الحج السياحي 2024 وأسعارها (تفاصيل)    الوزراء يوافق على تعديل بعض أحكام قانون إنشاء المحاكم الاقتصادية    وثائق دبلوماسية مسربة.. البيت الأبيض يعارض الأمم المتحدة في الاعتراف بدولة فلسطينية    دعاء العواصف.. ردده وخذ الأجر والثواب    في قضية «الشيبي وحسين الشحات».. محامي لاعب بيراميدز يطلب الحصول على أوراق القضية    ردد الآن.. دعاء الشفاء لنفسي    وزير التعليم العالي يبحث تعزيز التعاون مع منظمة "الألكسو"    بلدية النصيرات: غزة تحوّلت إلى منطقة منكوبة جراء حرب الإبادة الإسرائيلية    علي جمعة: الرحمة حقيقة الدين ووصف الله بها سيدنا محمد    بيان عاجل من اتحاد جدة على تأجيل لقاء الهلال والأهلي في دوري روشن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اغتيال النقراشي على يد جماعة الإخوان المسلمين
نشر في التحرير يوم 02 - 01 - 2015

«فى نحو الساعة العاشرة وخمس دقائق من صبيحة يوم الثلاثاء الثامن والعشرين من شهر ديسمبر عام 1948، وبينما كان دولة النقراشى باشا يسير فى فناء وزارة الداخلية، ميممًا شطر المصعد فى طريقه إلى مكتبه وحوله ضباطه، وجنوده من رجال الحرس، تقدم شاب فى ميعة الصبا، شاحب الوجه، وكان مرتديًا ثياب ضابط برتبة ملازم أول، وصوب مسدسه نحو ظهر الفقيد، وأطلق رصاصتين أصابتا ظهر الفقيد، وسقط على ظهره، يتضرج فى دمائه، ولم تمض دقائق حتى فارق الحياة وتمكن رجال البوليس الذين كانوا فى حراسة الفقيد من اعتقال القاتل».
هذا ما تداولته الصحف والمجلات المصرية والعربية والعالمية فى تلك الآونة، بعد هذا الحادث الرهيب، وقد سرده بالتفصيل الكاتب لطفى عثمان، الذى كتبه تحت عنوان قضية مقتل النقراشى باشا ، ورصد فيه اعترافات القاتل كاملة، وأقوال الشهود، ومذكرة الادعاء، ومرافعات الدفاع، وصدر هذا الكتاب فى أبريل عام 1950.
وبعد حادث الاغتيال ببضعة أيام، ففى يوم 3 يناير عام 1949 نشرت مجلة الإثنين والدنيا تغطية مصورة لدولة رئيس الوزراء محمود فهمى النقراشى، تحت عنوان اتنين اتنين مع الفقيد الكريم ، تتبعت لحظات إنسانية من حياته فى صحبة بعض خلصائه المقربين منه، وفى هذه الصور التى انتقتها المجلة بعناية فائقة، ليفوز القرّاء ببورتريه دقيق عن شخص الفقيد، ففى الصورة الأولى، كانت مع إبراهيم عبد الهادى باشا، وفيها ينصت النقراشى باهتمام شديد، وكتب تحت الصورة كلمة سر ، ثم استطردت لتكتب: كان النقراشى باشا يؤثر الصمت.. وكان إذا تحدث إلى أحد، همس بالكلام همسًا حتى لا يكاد يسمعه مَن بجواره.. وكان أصحابه والمقربون إليه يعرفون فيه ذلك.. فكان حديثهم معه همسًا.. وها هو ذا يستمع إلى إحدى الهمسات من صديقه وخليفته دولة إبراهيم عبد الهادى باشا.. ترى ماذا كان الصديق يسرّ به إلى صديقه فى ذلك اليوم؟ إن النقراشى قد ابتسم حينما استمع إلى همسة صديقه.. ابتسامة المجاهد المؤمن، الذى لا يخشى فى الجهاد والحق لومة لائم .
وجاءت الصور الأخرى مع ابنته صفية، وهما يبتسمان ابتسامات هادئة وحنونة، وقد سماها بهذا الاسم تيمنًا بصفية هانم زوجة الزعيم سعد زغلول، وكذلك جاء التعليق معبرًا ليكشف جانبًا إنسانيًّا فى شخصية الفقيد لا يعرفه الناس، كما نشرت التغطية صورًا أخرى مع أحمد ماهر باشا رئيس الوزراء السابق، الذى كان قد لقى نفس مصير الاغتيال، وجاءت صورة الفقيد مع مصطفى النحاس باشا وتزيّنها ابتسامات مبهجة.
وبعيدًا عن الملف الذى أعدّته المجلة وبقية الصحف الأخرى، فقد تم القبض على القاتل، الذى ارتكب الجريمة بسرعة فائقة، للدرجة التى أصابت ياور الفقيد الصاغ عبد الحميد خيرت بالذهول، وعقدت الدهشة لسانه، ولكن بعد إفاقته هو والزملاء انقضوا على القاتل، وانتزعوا المسدس من يده، ماركة بارتا طراز 1934، وبه مشط ذو ست طلقات، وهو أوتوماتيكى سريع الطلقات، والقاتل هو شاب فى الحادى والعشرين من عمره، ويدعى عبد المجيد أحمد حسن ، وكان طالبًا بكلية الطب البيطرى بجامعة فؤاد الأول، وتبين أنه من جماعة الإخوان المسلمين ورئيس لإحدى خلاياها بالجامعة.
واعترف القاتل بشكل مبدئى، وبكل التفاصيل التى أعدّها لهذا الاغتيال، وحاول أن يقدم تبريرًا لهذا الاغتيال، قائلًا: نبتت هذه الفكرة عندى، وهى فكرة القتل، فى جملة ظروف تجمعت عندى، وهى أولًا موضوع السودان، فإنه لم يقم بأى عمل إيجابى، وثانيًا فلسطين، فإنها ضاعت وأخذها اليهود، وهذا يرجع إلى تهاون النقراشى باشا، والعامل الثالث أنه اعتدى على الإسلام، وهو أنه شرّد الطلبة من الكليات وحمّل جماعة الإخوان المسلمين، وما يتصل بها من شركات كانت جماعة المسلمين قد أقامتها، فهو أمر بحلها، وأنا لما رحت كلية الطب البيطرى علشان الدراسة قالوا لى إنك مبعد لنشاطك، مع إن الكلية بتاعتنا لم تشترك فى حوادث كلية الطب أو الجامعة، فكل هذه العوامل جعلتنى أفكر فى الإقدام على هذا العمل، وهو قتل النقراشى باشا، أى أنه من أسبوعين أنا صممت على قتله .
كان هذا الكلام الذى سرده القاتل وغيره، يحاول بقدر الإمكان أن يجعل من التهمة حادثًا فرديًّا، كأنه فكّر فيه بشكل خاص، أى أن الحادث كان ردّ فعل عصبى له، مع تبرئة الجماعة وجهازها السرّى، حتى كل الخطوات التى أراد أن يبرر بها ارتداءه زى البوليس وشراء المسدس، حاول أن يشرحها على أنها بمجهوده الخاص، وهكذا ظل القاتل طوال التحقيق يحاور ويداور ويراوغ، إلى أن كان يوم 14 يناير عام 1949، بدأ اعترافه الصحيح، وكان ذلك غداة حادث محاولة نسف دار محكمة الاستئناف، وعقب صدور بيان الشيخ حسن البنا، الذى استنكر فيه جريمة قتل النقراشى، وتبرَّأ من مرتكبيها وندَّد بهم .
وهنا بدأ القاتل عبد المجيد الاعترافات التى أخرج فيها الحادث من طابعه الفردى، إلى طابعه الجماعى، فأشرك معه خمسة من إخوانه، وتوالت الجلسات التى أدَّت إلى كشف الكثير والكثير من أسرار التنظيم السرى، الذى كان يقوده عبد الرحمن السندى، والذى كتب عنه الكاتب والمؤرخ الراحل الدكتور عبد العظيم رمضان مجلدًا ضخمًا بكل التفاصيل، وقد ناظره أحد أعضاء هذا التنظيم صلاح شادى، الذى كان ضابطًا فى البوليس، وتم تجنيده حتى انضم إلى الجماعة، ثم انتظم فى التنظيم السرى، وهو من أخطر التنظيمات الداخلية فى جماعة الإخوان على مدى تاريخها، وأسراره قد تخفى على أعضاء الجماعة أنفسهم، بل على قياداتهم البارزة أحيانًا.
وتعد تفاصيل قضية النقراشى، كاشفة لكثير من أركان تنظيم جماعة الإخوان المسلمين فى ذلك الزمان، وحتى الآن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.