الفتى محمد العراقى الذى يكابد ظلام السجن، لأنه أسهم مع ملايين المصريين فى تحرير الوطن من عصابة إخوان الشياطين (!!) أرسل إلى العبد الله من زنزانته رسالة، سأترك لها حالًا باقى سطور هذه الزاوية، لكننى قبل أن أنقل إليكم كلمات فتانا الرائع، التى تنضح بالصدق والنبل والحزن أيضًا، أود أن أرد إليه الشكر الذى من فرط كرمه، أغدقه على عبد الله الفقير، وأقول له: أنت يا بنى من يستحق كل التحية وأسمى آيات العرفان والاعتذار، ليس منى فحسب، وإنما من كل مصرى مخلص لهذا الوطن الذى تدفع أنت الآن ثمن نجاته من أسوأ عصابة وأبشع مصير.. فإلى كلمات محمد العراقى: أستاذ (فلان)...... سأظل أشكر حضرتك إلى أن أموت، وأدعو لك من كل قلبى، وأنا المظلوم ودعوة المظلوم مقبولة عند الله تعالى ولا ترد.. باختصار، أنا من أحفاد الزعيم الخالد جمال عبد الناصر، ومسقط رأسى الشرقية، حيث ولد الزعيم أحمد عرابى، وقد رأيت بعينى الشهداء (محمد الجندى، الحسينى أبو ضيف، جابر جيكا.. وغيرهم) يسقطون على يد الإخوان الواحد تلو الآخر، كما رأيت العصابة الإخوانية تحاول هدم مؤسسات دولتنا، والأهم أنها كانت تتاجر بالإسلام وتختلس شعاراته، وهى ترتكب جرائمها.. لهذا اندفعت مع أبناء جيلى نقاومها ونتصدى لها بالوسائل السلمية. أستاذى.. لقد كان الثمن الذى دفعته غاليًا، وهو حريتى.. ومع ذلك أنا راض ومستعد لدفع المزيد من أجل وطنى. لقد كنت واحدًا ممن كشفوا تزوير أتباعهم لانتخابات اتحاد طلاب جامعة الزقازيق، وذهبت ومعى بعض الشباب إلى رئيس الجامعة الإخوانى وقدمنا له أدلة التزوير، فطلب منا الانتظار بعض الوقت، فإذا به يستدعى شباب جماعته الذين حاصرونا واعتدوا علينا بالشوم والعصى.. من هذا اليوم أصبحت عدوهم وصرت بالنسبة إليهم كالشوكة فى الزور، لكنى، رغم أننى طالب فى الليسانس، لم أتراجع عن مقاومتهم وصرت أنظم وأقود كل المظاهرات التى انطلقت فى الزقازيق ضدهم، ولم يهمنى الحصول على شهادتى الجامعية، لأن الوطن إذا ضاع فلا قيمة لشىء آخر، وقد وصل الأمر بهم إلى درجة أنهم منعونى من دخول بعض المساجد التى يسيطرون عليها فى المدينة. وفى اليوم المشؤوم الذى بدأت فيه القضية التى أنا الآن محبوس بسببها، كنت أشارك فى مظاهرة سلمية تهتف بسقوط حكم المرشد، بالقرب من العمارة التى يملكها بعض الإخوان وفيها شقة لمحمد مرسى وشقة أخرى لأحمد فهمى رئيس مجلس الشورى السابق، وفجأة أتت قوات الأمن المركزى ومعها عدد من أتباع الإخوان وهاجموا المظاهرة التى فر المشاركون فيها، لكن إحدى زميلاتى وقعت على الأرض وتحلق حولها عدد من العناصر الإخوانية وحاولوا الاعتداء عليها، فما كان منى إلا العودة لإنقاذ هذه الزميلة، لكن الإخوان حاصرونى وألقوا القبض علىَّ وسلمونى للشرطة، ثم أفرجت النيابة عنى بعد أربعة أيام. وما إن خرجت حتى استأنفت نشاطى مع الزملاء فى المقاومة السلمية لحكم المرشد وعصابته، وبقيت ابتداء من يوم 1 يونيو أقود المظاهرات التى كانت تنطلق فى الزقازيق يوميا تقريبًا ضد الإخوان وحكمهم، وفى يوم ثورة 30 يونيو العظيمة وقفت مع ملايين المصريين ومعنا رجال الشرطة وكنا نرفع جميعًا علم مصر ونهتف لتحريرها من العصابة التى سرقت ثورة 25 يناير.. وكذلك كان الأمر فى يوم (التفويض)، ثم عندما صدر قانون التظاهر احترمته من أجل أن نبدأ فى بناء هذا الوطن. غير أننى بعد نجاح الثورة وسقوط حكم الإخوان فوجئت بأحد ضباط الشرطة يبلغنى ذات يوم بأنه قد صدر ضدى حكم غيابى بالحبس 5 سنوات، لأننى تظاهرت أمام منزل مرسى، فقمت بتسليم نفسى احترامًا لأحكام القضاء، وعملت معارضة فى الحكم ثم استئنافًا انتهى بالحكم علىّ بثلاث سنوات، وها أنا أقضيها.. وأقسم لكم إننى لا أخاف ظلمات السجن فقد تعودت على حياته اللعينة، فأنا والحمد لله، أقوى من الجبل.. ولكن كل ما أخشاه أنْ أصبح من (أصحاب السوابق) فيضيع مستقبلى. أستاذ (فلان).. اسمح لى بالسؤال التالى: لو شاهد إنسان أمه تتعرض للاغتصاب فاندفع لكى ينقذها هل يكون مجرمًا؟! لقد حاول الإخوان اغتصاب مصر فدافعت أنا وشباب الوطن عنها، فهل نحن مجرمون؟! أنا آسف للإطالة، وأختم بالشكر على جهودكم من أجل الإفراج عنى، ولكن إن لم تسفر هذه الجهود عن نتيجة إيجابية فأنا راض بقضاء الله وقدره.. المهم أن بلدى تحررت والحمد لله . (انتهت رسالة الفتى النبيل).