سماحةَ السيد حسن نصر الله رمز المقاومة العربية فى زمن الحكام الخونة. رمز العزة والكرامة فى زمن الذل والمهانة.. يا سماحة السيد أنت فى قلوب كثير من العرب رمز كبير وعظيم، ولذلك أكتب لك أو عنك، فأنت يا من قدمت ابنك البكر للشهادة، وابنا آخر للجهاد، ووقفت بقوة وشجاعة فى وجه إسرائيل، وانتصرت عليها، وحررت الجنوب اللبنانى، فملكت قلوب الشباب والشيوخ... كم مرة يا سماحة السيد تحدثت عن تصرفات مبارك ونظامه، فى حصاره غزة، وفى وقوفه مع العدو الصهيونى ضد شعبنا فى فلسطين، فهبّت كلاب مبارك تتطاول عليك، فمالت قلوب معظم المصريين إليك، ضد نظام حكمهم الخائن لعروبته، والعميل لأعدائنا جميعا. لم أهاجمك قط يا سماحة السيد، ولم أر أنك مخطئ حتى فى عبور رجالك فى أرضنا من أجل مساندة المحاصرين فى غزة. فقد كان هذا هو واجب الوقت حينئذ. وللضرورة أحكام. كنا نرى الأحداث على هدى كلماتك يا سيد، حتى جاءت مذابح سوريا، وسالت أنهار الدماء الذكية، فعرفنا عظمة كلمة الإمام على بن أبى طالب رضى الله عنه «لا تعرف الحق بالرجال. اعرف الحق تعرف أهله». فقد جانبك الصواب -للأسف الشديد- هذه المرة، ولعلها، من وجهة نظرى، تكون أول مرة. لكنه جاء خطأ كبيرا، وعظيما بحجم قيمتك فى قلوبنا يا سماحة السيد، فأخطاء العظماء عظيمة. فبعد طول صبر وحلم ومعاناة، يخرج شعبنا فى سوريا، ليثور على الظلم والقهر والطغيان، ويُستشهد الشباب والنساء والشيوخ والأطفال، من أجل الوطن والكرامة الإنسانية، فإذا بك تتحدث عن «مؤامرة أمريكية لتقسيم سوريا»! وتتكلم عن ضرورة «أن تبقى سوريا فى موقعها القومى»، ثم تعلق على المجازر التى يرتكبها نظام الأسد فى شعبه بقولك «إن ما يحدث خطر على سوريا، وعلى فلسطين»! ما هذا الحديث يا رجل؟! هذا ديكتاتور سفاح يقتل شعبه من أجل كرسيه، فما دخل فلسطين فى جرائم ضد الإنسانية تُرتكب كل لحظة فى الأراضى السورية؟! ثم تكرر نفس عبارات الأسد الكاذبة، إذ تقول «أمريكا والغرب تريد من القيادة السورية تنازلات، ولا تريد منها إصلاحات»! أىّ تنازلات، وأىّ إصلاحات؟! ألم تسمع صوت الشعب وهو يهتف «الشعب يريد رحيل الرئيس» ثم «الشعب يريد إسقاط النظام» وأخيرا «الشعب يريد إعدام الرئيس»؟ يجب عليك أن تسمع صوت الشعوب يا زعيم، ولا تلتفت إلى مصالحك، ولا مصالح حزبك، ولا أى مصالح أخرى، فصوت الشعوب لا يعلى عليه، فهو كلمة الحق على هذه الأرض. فى وقت حصار غزة، قلت يا سيدى لكبار الضباط المصريين «لماذا لا تذهبون إلى مبارك، وتقولون له إن شرفنا العسكرى لا يسمح لنا بحصار غزة؟»، وضباطنا لم يتحركوا، ولكن شعبنا العظيم هو الذى ثار وأطاح بالطاغية، فلماذا لا تتوجه الآن بكلماتك إلى ضباط الجيش السورى، وتقول لهم «كيف تطلقون النار على إخوتكم؟!».