ثمة أسباب كثيرة لثورة المصريين الرائعة فى يناير 2011، ولكنى أرى أن السبب الأهم، أو المحرك الأول لجموع الناس، كان هو إحساسهم العميق بضياع حقوقهم، وامتهان كرامتهم. ومن ثم فبعد تضحيات شهدائنا الأبرار، وبعد كل ما قدمناه من الدماء الذكية، لا يصح أبدا أن يهان مواطن مصرى فى بلده، ولا فى خارج بلده. وإذا حدث شىء كهذا، فلا بد أن نهبّ جميعا لنصرة المظلوم، والاقتصاص من الظالم. والحقيقة أننا بعد ثورتنا النبيلة، ما زلنا كل يوم نسمع ونقرأ عن تواصل انتهاك حقوق المصريين، وسحق كرامتهم! فإلى متى نسمح باستمرار هذه السياسة الخرقاء للنظام الساقط؟! فكيف يتطاول رجل أعمال من فلول الحزب الوطنى، يدعى محمد فريد خميس، ويسب مواطنا يطالب بحقه ويهينه، ثم يصفعه على وجهه أمام من ينتظرون وصول رئيس الوزراء؟! وهذه الواقعة حدثت فى حضور الصديق الدكتور عزازى على عزازى محافظ الشرقية، وغيره من الشهود، والواجب عليهم أن يشهدوا على ما حدث أمام النيابة. أما الحادثة الأعجب فقد تعرضت لها لجنة الجرد بالكسب غير المشروع، حين ذهبت لمعاينة فيلا زكريا عزمى، إذ فجأة حضر شقيقه اللواء السابق يحيى عزمى، ومعه مجموعة قيل إنهم ضباط! وأهان أعضاء اللجنة، وسبهم بالشتائم البذيئة، وهددهم بالقتل بمسدسه المشهور فى وجوههم! ثم ضرب رئيس اللجنة باللكمات فى وجهه، وحبسه بإحدى الغرف! وحاول الاعتداء جنسيا على خبيرة بإدارة الكسب غير المشروع! ما هذا الذى يحدث فى هذا البلد؟ ألا يوجد عندنا قانون يُحترم؟ ولماذا لم يُقبض على هذا الأحمق حتى الآن؟! وفى ظل الانفلات الأمنى تزايدت بشكل هائل الجرائم التى تحدث كل يوم على أرض المحروسة، فقد غاب القانون تماما من الشارع المصرى، والبلطجية ومن يشغلونهم يحكمون مصر الآن، إذ تجدهم فى كل شارع، وعلى كل ناصية، وقد وصل الأمر إلى أن رجال الأمن أنفسهم يبتعدون عن طريق البلطجية، بحجة أنه لا أوامر حاليا بالاشتباك معهم! أما عمليات الاعتداء على النشطاء السياسيين، فما زالت متواصلة فى الشارع، بل وبجوار وزارة الداخلية ذاتها! وقد تعرض لها د.أحمد أبو بركة، ود.محمد البلتاجى، ود.عمرو حمزاوى، وغيرهم! ووصل الأمر إلى خطف الناشط محمود شعبان عضو حملة دعم البرادعى من الشارع بالإسكندرية! وتكتيف يديه، وتغطية عينيه، ووضعه داخل سيارة، واقتياده إلى مكان مجهول، واحتجازه هناك، واستجوابه لساعات، ثم إعادته بنفس الطريقة إلى نفس المكان الذى خُطف منه! فحتى الآن ما زال جهاز أمن الدولة -بعد تعديل اسمه- مستمرا فى نفس سياسته القديمة! فمن المسؤول عن كل هذه الفوضى فى ربوع المحروسة؟ هل هو وزير الداخلية، الذى أثبت لنا أنه غير قادر على فرض الأمن فى البلد؟ أم هو رئيس الوزراء د.عصام شرف، المنتظر دائما للتوجيهات والتعليمات قبل أى خطوة؟ أم أن المسؤولية تقع بالكامل على من يحكمون البلد، وهم المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وعلى رأسهم المشير حسين طنطاوى؟