انحناءة احترام وتحية.. ودعاء بالمغفرة والسعادة الأبدية لمن استحق بجدارة لقب «الفدائى»، وتحقق فى شخصه أعظم الجهاد، فكان كلمة حق فى وجه سلطان جائر، حتى أثابه الله بالشهادة وتحقق حلمه بتحرر بلاده، وإن كان لم يشهد اللحظة بنفسه، يكفيه شرف الإسهام فى تحولها لحقيقة. مع تحقق الحلم العربى الثالث بتحرر ليبيا من القذافى، يأتى أوان الاعتراف بالجميل لكل ثائر قدم حياته فداء لنيل كرامة بلاده.. من بين هذه الوجوه، يطل وجه الشهيد محمد نبوس، 28 عاما، المدون والصحفى الذى قام بتأسيس أول محطة تليفزيونية خاصة، حملت على عاتقها نقل وقائع الثورة الليبية للعالم، فكانت قناة «ليبيا الحرة» أحد المصادر الرئيسية لنقل أخبار ثورة 17 فبراير.
لم يقف عاجزا أمام قطع الاتصالات، فاستخدم الإنترنت عن طريق الأقمار الصناعية، ليجمع كل الأشرطة المصورة، وينقل بالصوت والصورة حقيقة أحداث الثورة فى تحد للقذافى، الذى لم يهدأ له بال حتى تمكنت قواته من قتل محمد غدرا فى أثناء تأديته واجبه الوطنى فى شجاعة لا تليق إلا برجل حر.
فى أثناء قيامه بتصوير تقرير ميدانى، حاملا كاميرته، واصفا ما يجرى حوله، توقف البث فجأة، وغاب نبوس عن المشهد فى هجوم غادر شنته كتائب القذافى على مدينة بنغازى. رحل نبوس تاركا زوجة وطفلا، لم يمهله القدر رؤيته حين يخرج إلى النور، ليحيا فى وطن حر، صار والده بطلا من أبطاله.