فجّر مصدر مسؤول بمصلحة الطب الشرعي مفاجآت جديدة يتم كشفها للمرة الأولى عن أحداث ثورة 25 يناير، موضحا أن أغلب جثامين الشهداء الذين تم عرضهم على المصلحة خلال هذه الأحداث، تم إجراء كشف ظاهري لهم بقرار من النيابات آئنذاك وليس تشريح كلي للمجني عليهم. وكشف المصدر في تصريحات صحفية ل«التحرير»، اليوم الثلاثاء، أن المصلحة كانت تخضع في هذا الوقت تحت رئاسة الدكتور السباعي أحمد السباعي رئيس مصلحة الطب الشرعي الأسبق، قبل صدور قرار بإقالته من رئيس الوزراء في 4 مايو 2011، مشيرا إلى أن توقيع الكشف الظاهري على شهداء ثورة يناير دون إجراء تشريح كلي للوفاة هو السبب الرئيسي وراء فقدان التقارير الطبية الأدلة والقرائن التي تكشف الجناه الحقيقيين في الأحداث والذين كان لهم ضلوع حقيقي فى القضية. وأشار إلى أن ذلك انعكس بدوره على التقارير الطبية المقدمة في قضية محاكمة القرن الخاصة بالرئيس الأسبق ونجليه ومساعديه، مؤكدا أن المنوط له إجراء الكشف الظاهري هم مفتشي الصحة وليس الطب الشرعي، فضلا عن أنه من الضروري في الحالات الجنائية أن يتم إجراء تشريح كلي للجثامين لمعرفة سبب الوفاة والصفة التشريحية. وأكد المصدر أن النيابات في ذلك الوقت، كانت تصدر قرارات للمصلحة بإجراء كشف ظاهري على الجثمان دون توقيع تشريح كامل لهم، وهو ما يتسبب في اخفاء الأدلة المادية وأثار الحالة الاصابية من المجني عليهم، فضلا عن فقدان المقذوفات والمضبوطات والأحراز في ذلك الوقت، إلى جانب التسبُب فى فقدان تقارير الصفة التشريحية والحالة الإصابية للضحايا، مؤكدا أن إجراء الكشف الظاهري من النيابة ليس بمثابة قرار ملزم للطب الشرعى ولكنه متفق عليه بحكم الأعراف، نظرا لأن التشريح يستحيل القيام به دون اذن نيابة وهو ما يتطلب قرار رسمي بذلك وأشار إلى أن رئيس مصلحة الطب الشرعي وكبير الأطباء الشرعيين الذى كان يتولى رئاسة المصلحة فى فترة ثورة يناير لم يرفض القرار، ووافق على إجراء تشريح ظاهري رغم أنه كان من حقه أن يرفض القرار لكونه ليس ملزما بهذا الأمر، ما تسبب في ضياع وفقدان كافة الأدلة الملموسة عن وقائع القتل في هذا الوقت. وشدد على أن عدد الضحايا الذين تسلمتهم المشرحة في أحداث ثورة يناير ما بين معلوم ومجهول الهوية بلغ عددهم آئنذاك 152 قتيلا لم يتم سوى تشريح 4 ضحايا فقط من بينهم، بينما باقي الضحايا لم يتم تشريحهم وتنوعت إصاباتهم ما بين إصابات نارية نتيجة الضرب بأعيرة نارية واختناقات بالغاز وإصابات رضية نتيجة الدهس بالسيارات وكذلك إصابات خرطوش وإصابات طعنية. وأكد أن المصلحة رغم هذه البيانات لم تستطع إجراء إحصاء كلي شامل دقيق بأعداد القتلى والضحايا بخلاف هذه الإحصائيات الرسمية، قائلا: «المصلحة لم تُقم بعمل احصاء كامل فى مختلف المحافظات لكافة الشهداء فى هذه الأحداث فى ذلك الوقت، نظرا للظروف التي أحاطت بالمصلحة وقتها من صعوبات تتعلق بصعوبة تجميع البيانات والمعلومات وعدم تكليف المصلحة بعمل حصر كامل بالأعداد إلى جانب الظروف المضطربة التى شهدتها الدولة فى هذا الوقت». وتابع أن مصلحة الطب الشرعي من حقها رفض قرار النيابة بإجراء تشريح ظاهري للجثامين والضحايا، مثلما حدث فى أحداث فض ميدان «رابعة العدوية والنهضة»، والتي بلغت عدد الحالات بهم 762حالة وفاة، حيث رفضت المصلحة القرار الصادر بتوقيع الكشف الظاهري على المجني عليهم في الأحداث، كون أن المختص بذلك هو مفتش الصحة وليس الطب الشرعي للحفاظ على الآثار المادية للمضبوطات ومعرفة حقيقة الصفة التشريحية، وهو ما اضطر مسؤول رفيع المستوى بوزارة الصحة وقتها لإجراء اتصال هاتفي بمسؤولي الطب الشرعي، للتدخل والضغط عليهم لتوقيع الكشف الظاهري على المجني عليهم بدلا من التشريح الكلي وهو ما رفضته المصلحة، فقامت وزيرة الصحة أئنذاك باستدعاء اثنين من مفتشي الصحة لتوقيع الكشف الظاهري على المتوفين. وأضاف المصدر، أن كافة التقارير الابتدائية التى كانت تخرج من المستشفيات عن حالات مصابي ثورة يناير، كانت أغلبها «مفبركة»- بحسب قوله، موضحا أن المستشفيات كانت تريد أن الانتهاء من الحالات التي تعرض عليها بأقصى سرعة، فضلا عن حالات اقتحام البعض للمستشفيات إلى جانب تزايد الحالات ما تسبب في حدوث حالة من الشغب والفوضى في بعضها، الأمر الذى انعكس بدوره على وقوع أخطاء في التقارير الطبية بعمد ودون عمد في بعض الأوقات. وأشار المصدر، إلى أن الكشف الظاهري أمر خطير للغاية، لكونه يتسبب في ضياع الأدلة المادية على الجاني، وهو ما تسبب في ضياع حقوق الشهداء في هذا الوقت، مثلما حدث مع ضحايا ثورة يناير وشهداء أحداث مجزرة بورسعيد، ولكن هناك بعض الأوقات التى يسلتزم توقيع كشف ظاهري لها مثل حادث العبارة – على سبيل المثال، الذي تتطلب عمل كشف ظاهري للضحايا. ونوه إلى أن توقيع الكشف الظاهري تكرر أيضا فى عهد كبير الأطباء الشرعيين الدكتور إحسان كميل جورجي في أحداث شهداء بورسعيد الأولى التي وقعت في شهر فبراير 2012، عقب مباراة الأهلي والمصري البورسعيدي على إستاد المصري ببورسعيد. وأوضح أن «جورجي» وافق وقتها على إجراء تشريح ظاهري وليس كلي للمجنى عليهم، ما تسبب في ضياع حقوق المجني عليهم، نظرا لضياع كافة الأدلة الملموسة وقتها، وعدم توقيع تشريح كلي للشهداء فى هذا الوقت، الذين بلغ عددهم نحو 42 شهيدا بينهم 41 شهيدا معلوم الشخصية وشهيد واحد فقط مجهول الهوية، حيث تم توقيع الكشف الظاهري على 40 قتيلا، فيما تم إجراء تشريح كلي ل2 فقط من القتلى فى الأحداث.