ربما حان الوقت لينتبه الجميع. وبدواعى القلق العام من تصاعد العمليات الإرهابية، ضد الجيش المصرى فى سيناء، فسيناء التى «رجعت كاملة لينا»، حسب الأغنية الشهيرة تعانى من أزمة عميقة، دفنّا رؤوسنا فى الرمال سنوات طويلة، فأصبحت أزمة سيناء أزمتنا، زاد وجع سيناء فتوجعت القاهرة وكل بيت فى مصر، منذ أن غنينا لها وكنا فى الحقيقة نغنى على أنفسنا، غبنا عن سيناء كل هذه السنوات، فغابت عنا!، وبدواعى خذلان وخيانة السياسة فى «كامب ديفيد» 1979م لعظمة وبطولة السلاح فى أكتوبر 1973م، تهاونا عن سيناء، مطمئنين أنفسنا بكلام السادات أن أكتوبر هى آخر الحروب، لكن أبناء الجيش المصرى وبعد آخر الحروب، حسب تعبير السادات، يحاربون اليوم الإرهاب الأسود الذى استفحل فى سيناء، وساعده الدعم الخارجى حسب التعبير الصحيح للرئيس السيسى، فأصبحت الجماعات الإرهابية اليوم تواجهنا، وهى متطورة فى التسليح والتكنولوجيا والمعلومات، غبنا عن سيناء.. لكن أن تأتى متأخرًا أفضل من أن لا تأتى أبدًا! لمعرفة أزمة سيناء لا بد أن نقر بمشكلة عميقة، وهى غياب التنمية الحقيقية هناك منذ أن «رجعت كاملة لينا»، فنحن لدينا مبنى كبير اسمه «جهاز تنمية وتعمير سيناء» لكن لا يوجد لدينا لا تنمية ولا تعمير فى سيناء!، ماذا ننتظر من أهل سيناء وحكومات متوالية تهمل التعليم والصحة والخدمات الأساسية، فى الأرض التى دفع جنودنا البواسل دماءهم الزكية من أجل تحريرها؟! فلا وظائف عمل بدون تعليم جيد، ولا تعليم جيد بدون صحة جيدة ولا صحة جيدة بدون تنمية حقيقية وتصنيع، ولا تصنيع ولا تنمية بدون أمن، وفى منطقة صحراوية وعرة كسيناء لا ينفع الأمن إلا بالجيش وآلياته الثقيلة، والجيش يعانى هناك من قيود «كامب ديفيد» وملحقها الأمنى، نظرة سريعة: قسمت اتفاقية كامب ديفيد سيناء فى ملحقها الأمنى إلى ثلاث مناطق أمنية أ، ب، ج. - المنطقة (أ) هى المنطقة الواقعة بعرض 58 كم، شرقى قناة السويس، ويسمح لمصر فيها بفرقة مشاة ميكانيكية واحدة تتكون من 22 ألف جندى مع تسليح يقتصر على 230 دبابة، و126 مدفعا ميدانيا، و126 مدفعا مضادا للطائرات عيار 37 مم و480 مركبة. - المنطقة (ب) عرضها 109 كم، تقع شرقى المنطقة (أ)، وتمثل قلب سيناء بالكامل، ويقتصر السلاح المسموح فيها على 4000 جندى حرس حدود مع أسلحة خفيفة. - المنطقة (ج) وعرضها 33 كم، وتنحصر بين الحدود مع الكيان الصهيونى من الشرق، والمنطقة (ب) من الغرب، ويحظر دخول الجيش المصرى إليها، ويسمح فقط بقوات من الشرطة. - يحظر إنشاء أى مطارات أو موانى عسكرية فى سيناء كلها! وإمعانًا فى إنهاء سيطرة مصر على سيناء سياسيا وعسكريا، تقرر فى الملحق الأمنى لاتفاقية كامب ديفيد أن تحافظ على هذه المعاهدة قوات أجنبية متعددة الجنسيات «MFO» وهى قوات غير خاضعة للأمم المتحدة، و40% منها قوات أمريكية والباقى أغلبه من دول حلف الناتو، والقيادة دائمًا أمريكية. لكن يجب الاعتراف بأن ما يحدث الآن من توغل للجيش المصرى فى سيناء، للقضاء على الأوكار الإرهابية، يعد تحديًا واضحًا للملحق الأمنى ل«كامب ديفيد»، ويتصرف الجيش المصرى بسياسة الأمر الواقع تحت تهديد وجودى يشعر به فى سيناء، وهو الأمر الذى عبّر عنه التليفزيون الإسرائيلى بالقلق، وهنا ينبغى على الجميع أن يعى ضرورة دعم الجيش فى دخوله سيناء، فتحقيق الأمن هناك أول طريق التنمية، وأول كسر ولو بالأمر الواقع لقيود «كامب ديفيد».