هل هذا نوع من الغباء العفوى أم هى مصالح شرسة إلى حد الجريمة؟! لا أجد وصفًا يليق بمن يدعون إلى استضافة نهائيات كأس الأمم الإفريقية إلا أنهم «أعداء» لهذا الوطن من أجل مصالحهم، ولا أقبل وصف الغباء، فالغباء لا يصل إلى هذه الدرجة من الضرر، لكن المصالح الأنانية يمكن أن تسقط إلى هاوية بلا قرار. فالمغرب الشقيق، وبالمناسبة هو بلد جميل، وشعبه رقيق وطيب وفى غاية الظرف، يرى أن مصلحته أن تؤجل هذه البطولة إلى وقت لاحق، وهو طلب منطقى وإنسانى، فالفرق الإفريقية المتأهلة للنهائيات بعضها قادم من دول مصابة بوباء «الإيبولا» وهو فيروس خطير فتاك، ويمكن أن ينتقل مع الجماهير القادمة إلى ملاعب المباريات، أو حتى مع اللاعبين والأجهزة الإدارية المعاونة، لكن الاتحاد الإفريقى لكرة القدم بزعامة الدون «عيسى حياتو»، لا يعنيه المغرب ولا الجماهير ولا أى شىء غير مئات من ملايين الدولارات تدرها البطولة من البث التليفزيونى والإعلانات وخلافه، فأصر على انطلاق البطولة فى موعدها، والمغرب لم يرفض رسميا استضافة البطولة كما هو متفق، لكن بأدب جمّ سرب هذا المطلب عبر قنوات كثيرة، لعل الاتحاد الإفريقى «كاف» يرق قلبه لحالة إفريقيا، فيأخذ هو القرار ويجنب المغرب الحرج.. ولم يحدث. وهنا التقط زبانية من المصريين، بعضهم له مصالح فى «كاف»، وبعضهم له مصالح فى «فيفا»، وما أدراك ما المافيا، وأتصور أنه أكبر مافيا عرفها تاريخ الكرة الأرضيّة، سواء التى تدور حول الشمس أو التى يركلها اللاعبون بأقدامهم، وهؤلاء الزبانية سربوا فكرة أن تنظم مصر البطولة، مستغلين تعثر الفريق القومى فى مجموعته المؤهلة للنهائيات، ويبدو بالفعل الأمل ضعيفًا إن لم يكن مستحيلا! وراح بعض الفضائيات وفيها مذيعون ما أنزل الله بهم من سلطان، يقولون ما لا يفهمون، يرددون الطلب ويدعمونه، فالشغل سيكون على «ودنه»، والفلوس على الكيف، ووصلوا فى نهاية المطاف، إلى أن مصر قادرة على حماية نفسها من «الإيبولا»، وعندها الإمكانات والقدرات التنظيمية، ولم يبقَ سوى قرار سياسى من الرئيس عبد الفتاح السيسى. ونسى هؤلاء الزبانية عمدًا أمرين فى غاية الخطورة، ناهيك بخطورة نقل فيروس «الإيبولا»، وهو خطر مؤكد، لا نملك صده لو جاءت الجماهير به، (يعنى مصر ناقصة)!: 1- أن الأوضاع الأمنية لا تسمح بهذه الاستضافة، فالجماهير ممنوعة أصلا من حضور المباريات، بعد أن تكرر الشغب والمصادمات من روابط الأولتراس، بل كاد الأهلى يلعب المباراة النهائية لبطولة الأندية الإفريقية دون جمهور، لولا إصرار «كاف»، فاضطر الأمن إلى الموافقة، وعلى الرغم من هذا فلم يسلم الأمر من إلقاء الشماريخ والهتافات البذيئة، وهو ما حدث فى مباراة مصر الأخيرة مع بتسوانا. وأى كلام أن البطولة سوف تبين للعالم مدى الاستقرار الأمنى الذى تنعم به مصر وفشل الجماعة فى تعطيل الحياة، وهذا سيكون عنصرًا مهمًّا لعودة السياحة والاستثمار، فهو كلام زبالة وضحك على الذقون. 2- أن يناير المقبل وهو موعد إقامة البطولة سيكون شهرًا حاسمًا فى الحرب الرهيبة التى تخوضها مصر حاليا، وسوف تزداد فيه وتيرة العنف، وتسخن المواجهات، ولا نريد أعباء على جهاز الأمن تضعف من قدراته، وقد تستغل الملاعب المكتظة بالجماهير استغلالا بشعًا. يا أيها الزبانية الشياطين لا تدفعوا بمصر إلى «منطقة وباء»، وارحموها، يرحمكم الله.