إشادة برئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسى، ثم إعجاب بجهاز الأمن الوطنى، وشكر وتقدير لرجال القضاء الشرفاء، يعقبه تشكيك فى جهاز الأمن الوطنى ثانية، قبل الاعتراف بالدستور المصرى الجديد، ثم مطالبة بعلانية الجلسات والسماح للجمهور من الأهالى العاديين بحضور جلسات محاكمة القيادى التكفيرى عادل حبارة، و34 آخرين من خلية «المهاجرين والأنصار» المتهمين بارتكاب مذبحة رفح الثانية، وقتل 25 من جنود الأمن المركزى فى العام الماضى، هذا التناقض الصارخ تضمنته مرافعة دفاع المتهمين التى جرت مساء أول من أمس (الخميس) واستمرت لنحو 10 ساعات، انتهت بتأجيلها إلى يوم الثلاثاء المقبل، الموافق 14 أكتوبر الجارى. تأجيل محاكمة حبارة و34 آخرين من المتهمين بقتل 25 مجندا بالأمن المركزى إلى 14 أكتوبر «التحرير» رصدت تفاصيل أكثر من 10 ساعات من مرافعات دفاع المتهمين فى قضية مذبحة رفح الثانية، خلال الجلسة التى امتدت إلى ساعة متأخرة من الليل، بمقر معهد أمناء الشرطة، استمعت فيها المحكمة إلى دفاع المتهمين، ومن بينهم المحامى إيهاب شعبان، ممثل الدفاع عن المتهمين الثامن عشر والتاسع عشر والثانى والعشرين، يخاطب المحكمة قائلا: «أتشرف بالوقوف أمام عدالتكم لأتعلم أصول المرافعة ونخوض ونتعلم أكثر فى أصول قانون الإجراءات الجنائية»، ثم طالب فى مرافعته ببراءة موكليه تأسيسا على انعدام تحريات المباحث التى أجريت فى أغسطس من عام 2013، ودفعا ببطلان أذون الضبط والتفتيش الصادرة بحق المتهمين وانتفاء جريمة الانضمام إلى جماعة، لخلوّ الأوراق من دليل على ذلك، والمقصود بالجماعة هنا تأليف عصابى مكون من كتلة جماهيرية تتفق فى الأفكار والمعتقدات، وليس جماعة الإخوان المسلمين، كما دفع بعدم معقولية تصور الواقعة. المحامى أضاف أنه لا يجب الاعتداد بأقوال متهم فى حق متهم زميل له آخر، ودلل على بطلان أقوال المتهم إبراهيم محمد موسى، الذى اتهم موكليه فى القضية بارتكاب التهم المنسوبة إليهم، شارحا أمام المحكمة بأن المتهم يكون تحت حوزة مأمور الضبط القضائى، مشددا بقوله: «التحريات لا تصلح بمفردها كدليل إدانة فى حق المتهمين». وتساءل المحامى: «لماذا أخفى ضابط الأمن الوطنى مصادره السرية عن هيئة المحكمة؟.. يخاف عليهم مِن مَن؟». وأكد المحامى على انعدام التحريات لوجود خطأ فى اسم وسن ومهنة المتهم محمد عكاشة، مشيرا إلى أن الرائد نبيل العزازى، ضابط الأمن الوطنى، قال عنه فى تحرياته إنه ترزى، فى حين أنه حاصل على دبلوم صنايع، كما دلل على انعدام التحريات أيضا بحديث ضابط الأمن الوطنى عن مشاركة المتهم فى اللقاءات التنظيمية للجماعة والخلية التى كونوها فيما بينهم، وقدم للمحكمة صورة من جواز سفر المتهم تثبت وجوده خارج البلاد فى الفترة التى اتهمه الضابط خلالها بمشاركة أعضاء الجماعة، وتساءل المحامى: «كيف يشارك فى مثل تلك اللقاءات وعمل المتفجرات وهو خارج البلاد؟». وتابع المحامى فى مرافعته المطولة أمام الجنايات، متسائلا: «هل يوجد شاهد واحد على حمل أى من المتهمين السلاح فى وجه أى مواطن مصرى؟.. هل تم تصويره داخل مقر اجتماع لتلك الجماعة؟»، وأضاف المحامى أمام المحكمة أن محضر تحريات جهاز مباحث أمن الدولة فى القضية هو ذاته محضر التحريات المعد فى القضية المعروفة إعلاميا بخلية مدينة نصر الإرهابية، ووجه حديثه إلى القاضى يسأله: «كيف يستقيم ذلك يا سيادة الرئيس؟.. كيف وبأى عقل؟»، قبل أن يقدم صورة من محضر التحريات فى القضيتين، خلية مدينة نصر، ومذبحة رفح الثانية، موضحا أنه لا يوجد دليل واحد على ركن الانضمام إلى جماعة سوى رأى ضابط المباحث فقط. المحامى قال إن موكله سافر مرة واحدة إلى قطر لزيارة شقيقه، بعكس ما سطره ضابط الأمن الوطنى فى تحرياته بأنه سافر إلى السعودية ودول أخرى للمشاركة فى لقاءات الجماعة خارجيا، وقدم للمحكمة ما يفيد ذلك. مفاجأة.. تناقض فى وجهات نظر فريق الدفاع وتشكيك فى اعترافات المتهمين على زملائهم أما محامى المتهم الحادى والعشرين، محمد محمد نجيب يوسف يعقوب، فكان له رأى آخر عكس حديث زميله الذى شكك فى تحريات جهاز الأمن الوطنى، عندما راح يشير إلى دفع آخر، وهو عدم الاعتداد بأقوال متهم ضد متهم زميله، وشرح بأن أقوال المتهم الذى يدلى باعتراف ضد آخر لا يعتد به لكونه واقعا تحت حوزة مأمور الضبط القضائى خلال استجوابه، وأكد على عدم توافر الركن المادى والمعنوى للاتهام المسند إلى موكله، ووجه المحامى حديثا مادحا إلى هيئة المحكمة قائلا فيه: «أود أن أخبر معاليكم بأن مصر بترابها وسمائها هى فى نعيم بالعدل الذى يتسم به قضاؤنا المستقل، وما كنا فى نعيم إلا بفضل عدلكم». وتابع المحامى بأن النيابة اتهمت موكله بناء على أقوال 22 شاهدا فى القضية، لا يهمه فيها سوى أقوال الرائد نبيل العزازى، ضابط الأمن الوطنى القائم بالتحريات، وحاول المحامى توجيه الشكر إلى ضباط الأمن الوطنى قائلا: «كلنا خدام العدالة.. فلا يغضب أحد من تحقيق العدالة»، معتبرا أن جهاز الأمن الوطنى يقوم بجهود مضنية خلال الفترة السابقة يُحمد عليها، غير أنه أكد أن النيابة لم تشر فى ملاحظاتها من قريب أو بعيد إلى اسم موكله فى تعقيباتها على تحريات المباحث وسير تحقيقات القضية. واستمر المحامى فى تقديم الثناء وإيصال رسالة الحب والتقدير لجهاز الأمن الوطنى قائلا: «نقف تحية إجلال وتقدير لكل من يحاول ينقذ مصر»، وعلق أيضا: «مصر ستبقى رغم أنف كل حاقد أو مستبد أو مستغل أو كاذب لأن بها أناسا شرفاء»، فى إشارة إلى هيئة المحكمة، التى استمر فى مداعبتها بقوله: «أعشق القاضى القوى العادل الذى يمتاز بعدله». المحامى أشار فى مرافعته إلى أن موكله شارك فى الدفاع عن مركز شرطة أبو كبير فى أثناء محاولة اقتحامه من قبل بلطجية خلال فترة الانفلات الأمنى، ليقوم بعدها ضباط المركز بتكريمه بناء على موقفه، وأبدى الدفاع تعجبه من أقوال ضابط الأمن الوطنى فى شهادته أمام المحكمة فى أثناء شرحه لسجل المتهم الإجرامى، بعدما زعم بأن موكله سبق له الاعتداء على رئيس مباحث مركز شرطة أبو كبير بخلاف الواقع، كما أشار إلى أن موكله تاجر للمواد الغذائية، وتم ضبطه بناء على أقوال المتهم الثالث عشر فقط، كما شكك فى وجود ما يسمى ب«جماعة المهاجرين والأنصار» التى تحدث عنها الضابط العزازى. محام للمتهمين يشيد ب«السيسى» ويؤكد: «رزقنا بقادة عدول.. عدّوا بينا المركب بفضل القضاء».. وزميله يعترف بالدستور وانتقل المحامى فجأة من حديثه عن الشق الجنائى فى القضية ليشيد بالمشير عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية، الذى قال عنه فى مرافعته الممتدة: «لقد رزقنا بقادة عدول.. عدّوا بينا المركب بفضل القضاء»، واختتم مرافعته قائلا: «دعواتنا لكم وإنا إن شاء الله لمطمئنون». المحامى منصور أحمد منصور، دفاع المتهم الثالث عشر، وفى اعتراف ضمنى بالدستور الجديد، أكد على بطلان التحقيقات فى القضية من الأساس لإجرائه من خلال وكيل نيابة، وليس عن طريق رئيس النيابة، كما تقر المادة 54 من الدستور، والمادتان رقم 124، و154 من قانون الإجراءات الجنائية، قبل أن يدفع ببطلان التفتيش والقبض على موكله لاستنفاد مشروعيته لمرور أكثر من 50 يوما من تاريخ الإذن، وكذا بطلان التحريات، لافتا إلى أن موكله متهم فى قضية مشاجرة من قبل، ولم يذكرها ضابط الأمن الوطنى فى تحرياته، وهذا معناه أن الضابط لم يجرِ أى تحريات من الأساس بخصوص المتهم، وإنما نسجها من خياله لتلفيق سيناريو وجود جماعة، مؤكدا أن موكله لاعب كرة سلة. وطالب المحامى منصور بأن تكون جميع جلسات المحاكمة علنية، وأن يسمح للجمهور العادى من الأهالى بحضورها لأنها قضية كبيرة، معترفا من جديد بالدستور بقوله: «جلسات المحاكم علنية». المتهمون بحسب تحريات الأجهزة الأمنية كانوا قد تربصوا بسيارتين تابعتين لقطاع الأمن المركزى بقطاع الأحراش برفح وقطعوا طريقهما وأشهروا أسلحتهم النارية فى وجه سائقيهما، وأجبروا الجنود على النزول تحت تهديد السلاح وطرحوهم أرضا وأطلقوا النار تجاههم واحدا تلو الآخر فقتلوا خمسة وعشرين مجندا وأصابوا ثلاثة آخرين، وتمكنت قوات الشرطة من ضبط أحد عشر شخصا من أعضاء التنظيم الإرهابى وبحوزتهم قنبلتان دفاعيتان والمفجرات الخاصة بهم، قبل أن ينكشف أعضاء باقى الخلية.