حمد العيسى رسوم- منى عبد الرحمن تواصل «التحرير» نشر مقتطف آخر من كتاب بعنوان مؤقت «نهاية عصر الجزيرة». وفى هذه الحلقة ننشر ترجمة لوثيقة سربها موقع «ويكيليكس»، وقعت بتاريخ 18 سبتمبر 2005، وفيها تفصيل كامل للقاء الذى تم بين ضابطة العلاقات العامة بسفارة واشنطن بالعاصمة القطرية، الدوحة، مع وضاح خنفر مدير عام قناة «الجزيرة»، تستوضح فيه المسؤولة الأمريكية عن رأى خنفر فى عدد من الموضوعات العامة والحيوية فى المنطقة. البرقية حملت رقم: 05-الدوحة-1593، وصنفت على أنها سرية، من قبل القائم بالأعمال سكوت ماكغيهى، من القائم بالأعمال بالدوحة، إلى وزير الخارجية الأمريكى. وملخصها: التقت ضابطة العلاقات العامة بالسفارة مع وضاح خنفر مدير عام قناة «الجزيرة» فى 17 سبتمبر، وتمت مناقشة المواضيع التالية: البند 2: رأى خنفر فى الحرب العالمية على الإرهاب. البند 3: الكيان الجديد: «شبكة الجزيرة». البند 4-7: علاقات «الجزيرة» مع الحكومات العربية (بما فى ذلك فى العراق). البند 5: علاقات «الجزيرة» مع حكومة الولاياتالمتحدة. البند 9-22: ملاحظات «الاستخبارات العسكرية الأمريكية» على تغطيات «الجزيرة». البند 23: وضع مراسل «الجزيرة» فى مدريد تيسير علونى. نهاية الملخص. 2 رأى خنفر فى الحرب العالمية على الإرهاب خنفر فلسطينى يحمل الجنسية الأردنية، وانضم إلى «الجزيرة» قبل ثمانى سنوات، أى بعد عام من إنشائها، وأصبح مديرها العام فى أكتوبر 2003. قدم خنفر وجهات نظره عن سياسة الولاياتالمتحدة فى المنطقة وعن قناة «الجزيرة»، مشيرًا إلى أنه حتى 11 سبتمبر 2001 كانت الولاياتالمتحدة تعتبر «الجزيرة» ركيزة ورمزا للتقدم فى المنطقة. وأضاف خنفر: ولكن بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 لم تعد الشعوب العربية تميز بين الحرب على الإرهاب والحرب على الإسلام. وقال إن مصطلح «الحرب على العالمية على الإرهاب» مؤسف، لأن الظاهرة التى صُمم المصطلح لوصفها لا تطابق المفاهيم التقليدية للحرب من حيث وجود بداية، وفترة محددة للعمل، ونهاية. وأشار خنفر إلى تعليقات صدرت مؤخرا من قبل زوليك نائب وزير الخارجية، حيث أشار إلى «النضال ضد التطرف العنيف»، قائلاً إن هذا الوصف أفضل، لأنه يعكس حقيقة الوضع ويبتعد عن خلق استقطاب، مثل مصطلح «الحرب على الإرهاب». وأضاف أن الخطأ الرئيسى فى مرحلة ما بعد 11 سبتمبر هو أن تأخذ صفحة من كتاب لأسامة بن لادن وتقسم العالم إلى معسكرين «إما معنا وإما ضدنا». «الجزيرة» لا تقع فى هذا المعسكر ولا ذاك، لأنها كعضو فى السلطة الرابعة تتمتع بمسؤوليات تحليلية ونقدية. 3 جديد شبكة الجزيرة ووفقًا لخنفر، فإن مجموعة «الجزيرة» أنشأت مؤخرًا «شبكة الجزيرة» ككيان قانونى سيشرف على عدد متزايد من فروع قناة «الجزيرة». سوف تُبقى «شبكة الجزيرة» على نفس القيادة التنفيذية (برئاسة الشيخ حمد بن ثامر)، وسوف يكون دورها ضمان اتساق الجودة والرسالة عبر فروعها المختلفة، والتى تشمل الآن «الجزيرة» العربية، قناة «الجزيرة» الدولية (المرجع أ)، «الجزيرة» للأطفال، «الجزيرة» الرياضية، «الجزيرة» الوثائقية، بالإضافة إلى موقع «الجزيرة»، ومركز التدريب الإعلامى لقناة «الجزيرة» فى الدوحة ومركز «الجزيرة» الجديد للأبحاث والدراسات. هذا الأخير الذى أنشئ مؤخرا هنا فى الدوحة هو مؤسسة فكرية تهدف إلى تحليل التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها فى المنطقة من «وجهة نظر قطرية». وقال خنفر إن هناك عددا قليلا من المؤسسات الفكرية ذات الصدقية فى المنطقة التى تؤدى مثل هذا الدور. ويرأس المركز الذى افتتح مؤخرا مصطفى سواق، وهو بروفيسور جزائرى متخصص فى الأدب الإنجليزى، وكان حتى وقت قريب مراسل فى مكتب «الجزيرة» بلندن. وبخصوص قناة «الجزيرة» الإنجليزية، قال خنفر إن «الجزيرة» العربية و«الجزيرة» الإنجليزية تتفاوضان حاليا لتحديد طبيعة ومدى التعاون فى التحرير بينهما. 4 علاقات «الجزيرة» الشائكة سألت الضابطة خنفر كيف يرى علاقات «الجزيرة» مع حكومة الولاياتالمتحدة. خنفر استهل رده بأن التوتر يميز علاقات «الجزيرة» مع عديد من الحكومات، وليس فقط حكومة الولاياتالمتحدة، وذكر العراق وإيران والجزائر والمغرب والسودان ومصر كأمثلة حالية. ثم وصف مشكلات مع الجزائر، قائلا إنها بدأت بعدما تم إنهاء مقابلة مع الرئيس بوتفليقة بشكل مفاجئ بسبب ورود أخبار عاجلة، ما أغضب بوتفليقة الذى قطع علاقات الجزائر مع «الجزيرة». وتقوم «الجزيرة» بمفاوضات مع الجزائر لإعادة العلاقات، وأشار ضمنيا إلى أن بوتفليقة اشترط إعادة المقابلة مقابل عودة العلاقات. وفى ما يتعلق بتونس، قال خنفر إن «الجزيرة» لديها حرية لزيارة تونس وعمل تقارير من هناك وتريد وضع مراسل دائم فى تونس، والحكومة التونسية يبدو حتى الآن أنها ستمنح ترخيصا بذلك فقط لشخص معين تقترحه الحكومة بنفسها، وهو عرض لا يمكن أن تقبله «الجزيرة». ومن ناحية أخرى، قال خنفر إنه تم مؤخرا إعادة تأسيس مكتب «الجزيرة» فى الكويت وفتحت مكاتب للمرة الأولى فى البحرين والإمارات العربية المتحدة. ولكن البلد الخليجى الوحيد الذى لا توجد فيه «الجزيرة» الآن هو المملكة العربية السعودية. 5 العلاقات مع الولاياتالمتحدة وبخصوص العلاقات مع حكومة الولاياتالمتحدة، قال خنفر إنها شهدت تحولاً بسبب هجمات 11 سبتمبر والتدخل الأمريكى اللاحق فى العراق. وأضاف خنفر أن كلا الجانبين ارتكب أخطاء، وأشار إلى أن السنوات التسع الماضية مثلت «عملية تعلم» (Learning Process) لقناة «الجزيرة»، ولا تزال العملية مستمرة. وحدثت نقطة تحول فى العلاقات بين «الجزيرة» وحكومة الولاياتالمتحدة عندما بدأت عملية تبادل الاتصال والمعلومات بين الجانبين فى وقت سابق من هذا العام. وستبقى «الجزيرة» منفتحة مع هذا الاتصال، لا بل إنها حقا ترحب به، كما قال خنفر. وأضاف: «لقد أصبحنا أكثر قدرة للاستجابة لملاحظاتكم منذ بدأنا بتلقى تقاريركم. ونحن الآن نتناقش بصورة عملية، والعلاقة أصبحت أكثر صحية»، كما قال. وأضاف أن هناك المزيد من التفاؤل الآن فى «الجزيرة» بخصوص مستقبل العلاقات بين «الجزيرة» وحكومة الولاياتالمتحدة، ولكن هناك وجهة نظر أمريكية تعطل تطور العلاقات بيننا، وهى تَوَهُّمْ البعض أن «الجزيرة» تتبنى استراتيجية معادية للولايات المتحدة، ولذلك بحسب هذه النظرة يعتبر أى خطأ أو إهمال عفوى من مراسل أو مذيع رئيس للأخبار كدليل على التحيز من خلال هذا المنظار وكجزء من مؤامرة تحريرية أكبر. وأكد خنفر «الجزيرة لم تؤسس لتكون معادية للولايات المتحدة». ثم أضاف: «كلا.. قطعا». 6 «الجزيرة» والعراق سألت ضابطة العلاقات العامة عن وضع «الجزيرة» فى العراق. وأجاب خنفر أن الحكومة العراقية استجابت لطلب «الجزيرة» للعودة إلى بغداد بعد وضع «شروط غير مقبولة»، بما فى ذلك مطالبة «الجزيرة» بالتوقيع على وثيقة تمنع بث تقارير حول القضايا المتعلقة بالجماعات العرقية والطائفية. وأضاف أنه يعتقد أن كلا من الأكراد والسنة فى الحكومة العراقية يريدون عودة «الجزيرة» إلى بغداد، ولكن المعارضة الرئيسة تأتى من زعيم الشيعة عبد العزيز الحكيم، وهو رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية فى العراق الذى يتبع طهران، بحسب خنفر. 7 ومن المفارقات -يقول خنفر- إنه بالإضافة إلى غضب الحكومات، فإن «الجزيرة» أحيانا وفى الوقت نفسه تثير حفيظة المتطرفين: مثل الزرقاوى من تنظيم القاعدة، مشيرا إلى عنوان خبر بارز بثته «الجزيرة» مؤخرا: «رامسفيلد والزرقاوى يهاجمان (الجزيرة)». 8 الاجتماع اليومى لضمان الجودة وأشار خنفر إلى أنه يعقد اجتماعا يوميا فى الواحدة بعد الظهر مع فريق «الجزيرة» لضمان الجودة المكلف بتنفيذ قواعد «الجزيرة» فى الأخلاق والسلوك المهنى، وهو الفريق الذى يراقب جميع برامج «الجزيرة»، ويحدد أى خلل فى المهنية والتوازن والموضوعية. وأضاف «هذا الفريق قاس جدا، لا بل إنه أكثر قسوة مما يرد فى تقاريركم». وأشار إلى أن تقدما كبيرا فى عديد من المناطق تم إنجازه، لا سيما فى تثبيط الصحفيين من إدراج آرائهم فى التقارير الميدانية وتثبيط استخدام لغة تحريضية (على سبيل المثال «المقاومة» استبدلت «مجموعات عسكرية» بها، واستبدل ب«الاحتلال» «قوة متعددة الجنسيات»). وأكد خنفر: «وعندما نجد مشكلة، سواء عن طريقكم، أو من فريق ضمان الجودة لدينا، أو من مصدر آخر، نصلحها على الفور». ويخضع الصحفيون ومذيعو الأخبار الرئيسيون لمجموعة من الإجراءات التأديبية لمخالفة قانون «الجزيرة» للأخلاق والسلوك المهنى، بما فى ذلك المنع من تقديم برنامج معين. 9 رد الفعل على ملاحظات «الاستخبارات العسكرية الأمريكية» على تغطية «الجزيرة» فى يوليو طرحت ضابطة العلاقات العامة أحدث ملاحظات «الاستخبارات العسكرية الأمريكية» على تغطية «الجزيرة»، وطلبت تعليق خنفر. ونظرا لضيق الوقت تمت مناقشة بعض البنود فقط. (ملاحظة: بحسب تعليمات المرجع (ب)، لم تترك الضابطة نسخة ورقية من التقرير مع خنفر، لكنها قالت له إن التقرير موجود لدى الخارجية القطرية. اشتكى خنفر من هذا الإجراء، لأن الأمر سيستغرق «أسبوعين أو ثلاثة» حتى يصل من الخارجية إليه. ولذلك نطلب الإذن من الخارجية الأمريكية لكى نعطى خنفر نسخة من التقرير فى المستقبل. فمن الواضح أنه يأخذ الأمر على محمل الجد، وسوف يستفيد كلا الطرفين من إعطائه الوقت لدراسة التقارير والرد عليها بصورة سريعة ودون تعطيل. نهاية الملاحظة)، بدأت الضابطة المناقشة بالقول إنه رغم ملاحظة حدوث انخفاض مستمر فى التغطية الإخبارية السلبية فى الشهور الأخيرة فإن الحكومة الأمريكية لا تزال قلقة إزاء استمرار بث «الجزيرة» لأشرطة فيديو مقدمة من المتمردين وبث مقابلات استفزازية. 10 تبرير بث الأشرطة المقدمة من المتمردين قال خنفر إن هذه مشكلة شائكة، وستستمر «الجزيرة» فى مواجهتها. وأضاف أنه اعتبارا من الآن كل شريط يقدمه المتمردون يجب أن يلبى معايير محددة قبل أن يتم بث أى جزء منه، وأصبحت سياسة بثه على النحو التالى: يجب أن يحتوى على خبر يستحق البث، وأن لا يتكلم ضد أشخاص معينين أو منظمات بالاسم. ويجب وضع الجزء المبثوث فى سياق التحليل النقدى للبرنامج. وعلى سبيل المثال، الشريط الأخير لعميل تنظيم القاعدة الظواهرى (حول هجمات لندن) تم اختصاره بصورة كبيرة عندما أذيع. «كان طول الشريط 28 دقيقة ونحن بثثنا دقيقتين فقط» كما قال خنفر. وتضمنت تلك الدقيقتين معلومات عملية بشأن التفجيرات، بينما كانت بقية الشريط تعليقات مجردة عن الإسلام، وتعاليم القرآن وآراء حول الأنظمة العربية. وأضاف خنفر: «أيضا بث هذه الأشرطة هو وسيلة لإزالة الغموض عن لغز تنظيم القاعدة». «فالجمهور سيرى أن هذه قضايا يمكن انتقادها، وهذا يزيد من عقلانية الجمهور».