يُمثِّل خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسى فى الأممالمتحدة على المستوى الداخلى والخارجى برنامجا مهما لبناء الدولة المصرية الجديدة. ويعدّ الخطاب بمنزلة تعهد أمام الشعب المصرى، أولًا: الذى حرص على تحقيقه فى المحفل العالمى «الأممالمتحدة»، وثانيا: أمام العالم أجمع فى المضى لبناء دولة مدنية ديمقراطية. تلك الدولة التى ضحّى من أجلها الشعب المصرى عبر سنوات نضاله الطويلة، سواء ضد قوى الاستعمار أو قوى الاحتلال الجديدة التى تدّعى الوطنية، فتمارس القهر والاستبداد والفساد على المواطنين. ومن ثمّ جاء فى الخطاب بشكل واضح وصريح مرجعية وشرعية حكم الرئيس عبد الفتاح السيسى فى المرحلة الجديدة وبناء مصر الديمقراطية من خلال ثورتَى: «25 يناير» التى يحاول بعض المنافقين الجدد وصفها بالمؤامرة الكبرى على مصر، و«30 يونيو» التى ثار فيها المصريون ضد الفاشية الدينية، وذلك لما جاء فى الخطاب نصا مخاطبا العالم: «أستهل حديثى بتوجيه التحية إلى شعب مصر العظيم والمصريين القادمين من كل الولاياتالأمريكية، شعب مصر العظيم الذى صنع التاريخ مرتين خلال الأعوام القليلة الماضية، تارة عندما ثار ضد الفساد وسلطة الفرد وطالب بحقه فى الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وتارة أخرى عندما تمسّك بهُويته وتحصّن بوطنيته فثار ضد الإقصاء، رافضا الرضوخ لطغيان فئة باسم الدين، وتفضيل مصالحها الضيقة على مصالح الشعب». لقد أكد كثيرا فى خطابه على الدولة الديمقراطية المدنية، وهو مطلب يشتاق المصريون إلى تحقيقه. أكد أن مصر الجديدة دولة تحترم الحقوق والحريات وتؤدى الواجبات، وتضمن العيش المشترك لمواطنيها دون إقصاء أو تمييز. دولة تحترم وتفرض سلطة القانون الذى يستوى أمامه الكافة، وتضمن حرية الرأى للجميع وتكفل حرية العقيدة والعبادة لأبنائها. دولة تسعى بإصرار إلى تحقيق النمو والازدهار والانطلاق نحو مستقبل واعد يلبّى طموحات شعبها. وقد كان واضحا فى ما ذكره عن مضمون العقد الاجتماعى الذى توافق عليه المصريون فى دستورهم لبناء حاضر ومستقبل مشرق لشباب البلد، وتأسيس دولة المؤسسات وسيادة القانون التى تحترم القضاء، وتضمن استقلاله، وتفعّل مبادئ الفصل بين السلطات دون تراجع أمام إرهاب يظنّ أن بمقدوره اختطاف الوطن وإخضاعه. وكان واضحا فى فضح الإرهاب الذى عانت منه مصر منذ عشرينيات القرن الماضى. وكانت مقدِّمة واضحة لاستعادة دور مصر الإقليمى، بل والتاريخى فى المنطقة.. استعادة مصر القوية التى سبق لها مواجهة الإرهاب والتطرف.. مصر قادرة أن تكون منارة حضارية تدعم استعادة النظام الإقليمى لتماسكه لن يتوانى المصريون عن القيام بدورهم هذا، وتجاه محيطهم الذى يأتى فى القلب منه الأمن القومى العربى. كما قدّم الخطاب الرؤية الاقتصادية لانتشال البلاد من أزمتها التى ورثتها من أنظمة فاسدة. وكل ذلك فى إطار احترام العالم وانفتاح دولى على الكافة لاستمرار الدور المصرى الفاعل، والذى يليق بمكانة مصر وبشرها وجغرافيتها وتاريخها ونضالها من أجل حرية الشعوب. لقد كان خطابا واضحا ومهما ونقلة نوعية فى «الرؤية المصرية» أمام العالم وأمام الشعب، وكما قال: «يدرك الشعب المصرى وأدرك من واقع المسؤولية التى أتحمّلها منذ انتخابى رئيسا أن تحقيق أهدافنا بدأ ببناء دولة مدنية ديمقراطية فى ظل المبادئ التى سعينا لها من خلال الالتزام بخارطة المستقبل التى توافقت عليها القوى الوطنية المصرية، والتى تكتمل بإجراء الانتخابات البرلمانية، بعد أن قال الشعب المصرى كلمته، وعبّر عن إرادته الحرة فى الانتخابات الرئاسية، ومن قبلها الدستور لتبنى مصر الجديدة». فآن أوان الدولة الجديدة التى تحترم الحقوق والحريات ولا تخاف الإرهاب.. دولة تحافظ على مطالب الشعب فى ثورتَيْه ضد حكم الفرد وضد حكم الفاشية.