أعلن الشعب بشكل واضح رفضه الاحتفال بما أطلقوا عليه إحياء الذكرى الأولى لثورة 25 يناير، كما أراد المجلس العسكرى وإخوانهم المتحالفون معهم. وإنما أراد الشعب والثوار الأصليون الحقيقيون ثورتهم مستمرة إلى أن تتحقق المطالب التى خرجوا بها ضد نظام مستبد فاسد فاجر. فى وقت كان هناك من يكفّر الخروج على الحاكم.. وآخرون يطالبون الثوار بالتوقف عن طلبهم رحيل مبارك ونظامه.. فقد استجاب مبارك لمطالب الشباب وقرر أنه لم يكن ينتوى الترشح لفترة رئاسية جديدة.. ومنهم من آذانا بصراخه «كفاية كده.. وعلى الجيش أن يعود إلى ثكناته وعلى الحدود لأن مصر مستهدفة». الغريب أن هؤلاء صامتون الآن عن استمرار وجود العسكر فى السلطة.. بل يؤيدون بقاءه.. وجعلوه صنما يسبحون بحمده ليلا ونهارا.. ويوالسونه وينافقونه كما كانوا يفعلون مع النظام المخلوع بالضبط. والغريب أيضا أن هؤلاء استفادوا من الثورة كثيرا، وأصبحوا يتصدرون المشهد الآن سواء على المستوى السياسى أو الإعلامى.. ويزايدون على الثوار الأصليين بعد تلونهم.. فبئس القوم هؤلاء الذين يوجدون مع أى نظام «فاسد». لكن الثوار الحقيقيين مستمرون فى ثورتهم بعد مرور عام من الانتهاكات التى مارسها العسكر فى السلطة.. بدءا من اغتصابها بعد أن وعدوا بأن فترتهم الانتقالية فى إدارة شؤون البلاد لن تزيد على 6 أشهر.. ومر عام ويريدون السلطة 6 أشهر كمان.. كأنه لم يكفهم العام كله.. وللأسف الشديد هناك من يؤيدهم ويتحالف معهم فى ذلك. لكن الثوار أعلنوا رفضهم لمن يسرقون الثورة التى أريقت دماء الشهداء الطاهرة فى ميادين مصر فى سبيل الله والوطن من أجلها، ضد الظلم والاستبداد ومن أجل الحرية والكرامة الإنسانية. وخرج الثوار مرة أخرى يوم 25 يناير بالملايين ضد حكم العسكر وضد الصفقات المشبوهة التى يعقدها جنرالات معاشات المجلس العسكرى مع قوى كانت محظورة، ومع شخصيات انتهازية كانت تلعب مع السلطة دائما ومن خُدَّامها.. وناطقين باسمها ومدافعين عنها.. وكانوا رجالا لأمن الدولة يستخدمهم ضباط الجهاز المنحل الساقط فى الهجوم على معارضى النظام.. وكان هؤلاء يفتخرون بأنهم على صلة قوية بالنظام وأركانه ومتحدثين باسمه.. غير سياسيين من أمثال السيد البدوى، الذى أساء -ولا يزال- إلى حزب الوفد وإلى تاريخه ومستقبله. ويؤكد الثوار أن الثورة لا تزال فى الشارع وفى الميادين.. ويحاول العسكر وإخوانهم فى تحالفهم سرقتها. وخرجت الجماهير مرة أخرى يوم الجمعة، فى جمعة غضب ثانية تحت اسم «العزة والكرامة»، لتستعيد تلك الجمعة التى بدأ فيها نظام مبارك فى السقوط.. وتؤكد سقوط حكم العسكر.. وقد سقط شعبيا.. وأهان جنرالات معاشات المجلس العسكرى الشعب، الذى وثق به وسلمه إدارة شؤون البلاد طواعية بعد خلع مبارك. لقد ذكرنى يوم الجمعة الماضى بما جرى فى جمعة الغضب يوم 28 يناير 2011، عندما خرجت مع الآلاف من مسجد الاستقامة بالجيزة متخذين الطريق نفسه من أمام جامعة القاهرة، التى انتهكها ضباط العادلى ومجرموه عندما دخلوها ليطلقوا القنابل المسيلة للدموع على المتظاهرين، لمنعهم من الوصول إلى الميدان.. وعندها خاطبت أحد الضباط الموجودين بأنه سيأتى اليوم الذى ستحاكَمون فيه.. وقد كان.. لكن القائمين على شؤون البلاد حولوها إلى محاكمات هزلية.. لكن أمام إصرار الناس استطاعوا وبعد 3 ساعات الخروج من منطقة الجيزة إلى الدقى، للانضمام إلى المسيرة القادمة من مسجد مصطفى محمود، لينطلق مئات الآلاف إلى كوبرى الجلاء، ووقتها استطاع الشباب والمتظاهرون السلميون أن يوقفوا غازات وعنف قوات الأمن المركزى، ومع هذا تركوهم وشأنهم.. واستمرت المسيرة إلى كوبرى قصر النيل، حيث المعركة الكبرى التى بهرت الجميع فى الصمود والاستمرار فى التظاهرة على الرغم من سقوط الشهداء. ... ليتكرر المشهد نفسه فى الجمعة الماضية.. لكن هذه المرة يكشف الثوار التحالفات المريبة بين العسكر وجماعة الإخوان بعد المواقف المتخاذلة من الجماعة تجاه الثورة، والتى جعلوها احتفالية بالإنجازات (!!). ويهتف الناس: «بيع.. بيع.. بيع.. الثورة يا بديع».