قطعا يفكر الإخوان الآن فى منصب رئيس الجمهورية بعد أن جاءتهم الفرصة على طبق من ذهب فى الانتخابات البرلمانية، وبعد أن وضع مرشدهم العام يده فى يد السفيرة الأمريكية أمام الكاميرات فى رسالة ذات مغزى للجميع بمن فيهم المجلس العسكرى حليفهم الآنى.. هم يعرفون أنهم طرف رئيسى فى قواعد اللعبة السياسية وأن الانتخابات الرئاسية لن تتم إلا برعايتهم ومباركتهم، وقد يكون بمشاركتهم أيضا -قالوا قبل ذلك إنهم لن يكون لهم مرشح فى منصب من مناصب الدولة القيادية خلال تلك الفترة ثم رشحوا الكتاتنى رئيسا للبرلمان- فلا يستبعد أن نرى مرشحا إخوانيا فى انتخابات رئاسة الجمهورية. لكن ما مواصفات ذلك المرشح الذى سيدعمه الإخوان ويدفعون به فى انتخابات الرئاسة؟ عندما يقولون إن مرشحهم لم يظهر بعد على الساحة السياسية فإنهم يقولون الحقيقة لأنهم فعلا ينتظرون ما تأتى به الأيام القادمة ليحسموا موقفهم بشكل نهائى من تلك الانتخابات.. هم يتجاهلون الحديث تماما عما سيحدث يوم 25 يناير المقبل، لكنهم يتابعون باهتمام شديد استعداداته ليقرروا ما إذا كان التحالف مع العسكرى سيظل أمرا مجديا أم أن ركوب الموجة الثانية من الثورة سيقودهم بشكل أسرع لتحقيق أهدافهم، خصوصا أن القوى الثورية التى دعت للخروج مجددا إلى الشارع تقع فى نفس الخطأ الذى وقعت فيه قبل ذلك عندما لم تحدد مرشحا توافقيا فى ما بينها لرئاسة الجمهورية.. فى تلك الحالة سنرى مرشحا إخوانيا فى منصب الرئيس ليس بالضرورة أن يكون ذلك المرشح من الوجوه الإخوانية المألوفة للشارع المصرى، ولكنه بالتأكيد سيكون أحد المشاركين فى جولات طمأنة الخارج المعلنة وغير المعلنة، خصوصا جولة واشنطن. أما خيار الإخوان الثانى للرئاسة إذا ما نجح العسكرى فى عبور 25 يناير وما يليه من أحداث فلن يخرج عن انتقاء مرشحهم من سلة النظام السابق، سواء كان أحد وزراء نظام مبارك المغضوب عليهم أو أحد معارضيه الشكليين.. لن يفرق معهم كثيرا ما إذا كان ذلك الشخص صالحا لتولى المهمة بقدر ما سيبحثون عن بطحات رأسه وقدرته على استدعاء ضحكة بلهاء وهو يؤكد أمام الكاميرات أنه يتمتع باستقلالية تامة ويمتلك صلاحيات رئيس تجعله يقف على مسافة متساوية من جميع القوى السياسية وكأنه رئيس قادم من كوالالمبور. عندما فاجأنى الفقيه الدستورى عالى المقام غزير العلم المستشار إبراهيم درويش، بأن معظم مستشارى المجلس العسكرى المشاركين فى وضع قانون انتخابات رئيس الجمهورية الذى رفضته المحكمة الدستورية العليا هم فى ذات الوقت أعضاء ب«الدستورية العليا»، لم أندهش كثيرا حيث إن هناك انطباعا عاما بين القانونيين والسياسيين أننا نعيش حالة من العك السياسى والدستورى صنعها المجلس العسكرى عن قصد أو دون قصد عندما دعا لجنة البشرى لوضع إعلان دستورى يضم 8 مواد لاستفتاء الشعب عليها فى 19 مارس الماضى ثم استعان بلجنة أخرى تماما لصياغة إعلان دستورى مكون من 63 مادة، ثم اختار آخرين لصياغة قانون انتخابات الرئاسة بشكل يتعارض مع بعض ما جاء فى الإعلان الدستورى ويفتح ثغرات تسمح بتسلل بعض عيوب انتخابات 2005 إلى انتخابات 2012. ملاحظات المحكمة الدستورية على مشروع قانون انتخاب رئيس جمهورية مصر القادم جديرة بالوقوف أمامها وافتراض سوء النية عند تحليلها، فما معنى أن ينص الإعلان الدستورى على أن رئيس اللجنة العليا للانتخابات هو المسؤول عن وضع ضوابط التثبت من وثيقة تأييد مرشحى المواطنين وأعضاء مجلسى الشعب والشورى لمرشحى رئاسة الجمهورية -الذين يشترط لترشحهم تأييد 30 عضوا برلمانيا أو 30 ألف مواطن- ثم يأتى مقترح قانون مجلس الشعب الذى تم إعداده برعاية العسكرى ليكلف وزير العدل بتلك الضوابط، ولماذا لم يتم وضع أى ضمانات تمنع الناخب من التصويت أكثر من مرة بعد إتاحة التصويت أمام الناخبين فى أى لجنة انتخابية بالرقم القومى فقط دون أن تكون لدى رئيس اللجنة كشوف موضح بها أسماء الناخبين أو تنبهه إلى قيام الناخب بالتصويت فى لجان أخرى باستثناء الحبر الفسفورى الذى أثبتت الانتخابات الماضية أنه زى عدمه.