كلما أتابع أخبار اتحاد الكرة أشعر أن مصر لم تتغير ولو تغيرت فأكيد إلى الأسوأ، فإذا كان اتحاد الكرة قبل ثورة 25 يناير طين، فبعد مرور عام أصبح الوضع «مطيِّن بطين» هنا لا أتحدث عن الخناقات والجعجعة والفساد الإدارى وقرارات لجنة المسابقات التى تتغير حسب الظروف والأحوال الأمنية والحكام الذين يرتعدون من الجمهور ويرتعبون من الأندية الكبيرة، فكلها مشكلات وأزمات وحكايات، تعوّدنا عليها ولكننى أتحدث عن الفساد الأكبر فى التعاقدات والأموال الضخمة التى يتم إهدارها فى غيبة الأجهزة الرقابية وجهاز الدولة ممثل فى المجلس القومى للرياضة، وكنت أظن أن من يجلس على مقعد المسؤولية سيفكر ألف مرة قبل أن يقدم على أى خطوة مالية وأن الحرامية المحترفين والنصابين المصنفين تعطل نشاطهم بعد الثورة وأن من يجلسون فى السجن الآن من وزراء ومسؤولين ورئيس جمهورية ونجليه وآخرين على قائمة الانتظار، فيهم عبرة وموعظة لمن يعمل فى العمل العام كى يكون حريصا وينفخ فى الزبادى، ولكن الواقع فى اتحاد الكرة غير ذلك، والقائمين عليه لم يعتبروا وما زالوا يديرون عقودهم واتفاقاتهم أسوأ مما كانوا عليه فى عهد الرئيس المحبوس ففى منتصف العام الماضى، ونحن نحتفل بمرور نصف عام على الثورة ضد الفساد والظلم كان اتحاد الكرة يوقع عقد رعاية مع شركة، صاحبها مصنَّف ضمن الأوائل فى قضايا الشيكات بدون رصيد وعليه أحكام ابتدائية ونهائية، والأهم أن لديه مخالفات مع اتحاد الكرة فى تعاقدات سابقة، ورغم ذلك أبرم معه عقد رعاية اتحاد الكرة وهو عقد لن يحصل منه الاتحاد على مليم وسيضيع فى الخصومات التى باعتها الوكالة ب5 ملايين جنيه. وما يهمنى الحديث عنه الآن هو عقد الملابس الجديد مع شركة «أديداس» والذى تم الاتفاق عليه فى غياب الإجراءات القانونية التى يتم تستيفها الآن بشكل بلدى ومفضوح، وتعالوا أحكى لكم قصة فساد على الماشى تبرهن لكم أن نظام مبارك لم يرحل وأن فساده ما زال قائما، ففى عام 2008 وبعد فوزنا بكأس الأمم الإفريقية ودون أن يعلم أحد قام سمير زاهر وهانى أبو ريدة بالسفر خِلسة إلى الخارج، وعادا تصحبهما زفة إعلامية عن التوصل لاتفاق عالمى مع شركة «بوما» للملابس الرياضية لمد عقدها الذى كان ينتهى عام 2010 إلى عام 2014 أى زيادة 4 أعوام كاملة وادّعى أبو ريدة وزاهر اللذان وقّعا على العقد فى الخارج أنهما اقتنصوا هذا العقد الذى يضاعف ما يحصل عليه الاتحاد إلى 10 ملايين جنيه، ملابس وفلوس نقدية، وعندما سألنا: لماذا المدّ الذى يأتى خارج المدة القانونية للمجلس ولا يتناسب مع ظروف السوق فى السنوات القادمة؟ جاء الرد أن مدّ العقد إنجاز تاريخى، استغل فيه المفاوضان فوز مصر بأمم إفريقيا، كى يضحكا على الشركة العالمية الساذجة التى وافقت من أجل تسبيلة عيون أبو ريدة وخفة دم زاهر، المهم أن الاتحاد لم يحصل طوال المدة السابقة على حقوقه، سواء فى الملابس أو الفلوس وفى مارس الماضى أرسلت الشركة خطابا للاتحاد، تلغى العقد وهو الخطاب الذى تم إخفاؤه 8 أشهر كاملة، حتى أتم هانى أبو ريدة عقدا تاريخيا آخر مع شركة «أديداس» وذلك فى إطار عقد ضخم لا نعلم عنه شيئا مع الاتحاد الإفريقى الذى يعمل فيه أبو ريدة مديرا لتسويقه. المهم أن العقد الجديد اشترطت الشركة أن يكون 7 سنوات كاملة، وهى مدة احتكارية وبشروط لا توضح حقوق الاتحاد ونوعية الملابس وكمياتها وخاماتها وأسعارها، بالضبط مثل العقد السابق الذى تم فسخه لنكتشف عدم وجود شرط جزائى، وبدلا من أن يتم التحقيق جنائيا مع زاهر وأبو ريدة يقومان الآن بإبرام العقد الجديد بالشروط التى يستفيد منها أطراف آخرون غير مصر واتحاد الكرة. أطراف يسأل عنهم سمير زاهر وهانى أبو ريدة الذى استقال قبل أشهر وعاد للظهور الأسبوع الماضى، ودعا لجلسة مصالحة بين أعضاء الاتحاد حتى يقوموا بالبصم على العقد وتمريره، وهو أمر سيحدث بعد أن يتم ترضيتهم على طريقة «فيها لا اخْفِيها».