"صدى البلد" يحاور وزير العمل.. 8 مفاجآت قوية بشأن الأجور وأصول اتحاد عمال مصر وقانون العمل    بروتوكول تعاون بين كلية الصيدلة وهيئة الدواء المصرية في مجالات خدمة المجتمع    لشهر مايو.. قائمة أسعار جديدة للبنزين في الإمارات    سعر صرف الدولار مقابل الجنيه اليوم الثلاثاء 30 أبريل 2024    بدء صرف معاشات مايو ل11 مليون مستفيد بزيادة 15% غدا    البيت الأبيض يكشف تفاصيل مكالمة أجراها بايدن مع السيسي بشأن غزة    الجيش الأمريكي يعلن استهداف صواريخ الحوثيين لسفينة يونانية في البحر الأحمر    صدام ناري بين بايرن والريال في دوري أبطال أوروبا    نجم الأهلي يعلق على إلغاء هدف مازيمبي بنصف نهائي الكونفدرالية    تعيين إمام محمدين رئيسًا لقطاع الناشئين بنادي مودرن فيوتشر    الأجواء مستقرة مؤقتًا.. الأرصاد تعلن عن موجة حارة جديدة قادمة    بسبب خلافات الجيرة.. إصابة 3 أشخاص في مشاجرة بسوهاج    فصل قضائي جديد في دعوى إثبات نسب طفل لاعب الزمالك السابق    النبي موسى في مصر.. زاهي حواس يثير الجدل حول وجوده والافتاء ترد    الليلة.. حفل ختام الدورة العاشرة من مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    أول رد رسمي من «الصحة» بشأن حقيقة أعراض لقاح أسترازينيكا    «الصحة»: الانتهاء من إعداد حزمة حوافز استثمارية لقطاع الرعاية الطبية    كيلو الأرز ب 33 جنيها.. قائمة أسعار السلع الأساسية اليوم 30-4-2024    التعليم تنظم المعرض السنوي وورش عمل طلاب مدارس التعليم الفني.. اليوم    إمام: شعبية الأهلي والزمالك متساوية..ومحمد صلاح أسطورة مصر الوحيدة    اليوم.. الحُكم على 5 مُتهمين بإزهاق روح سائق في الطريق العام    طريقة عمل طاجن البطاطس بقطع الدجاج والجبن    غدا.. "الصحفيين" تحتفل بميلاد رواد المهنة وتكرم الحاصلين على الماجستير والدكتوراه    ما أول ذنب في السماء والأرض؟.. عضو الشؤون الإسلامية يوضح    صعود مؤشرات الأسهم اليابانية في جلسة التعاملات الصباحية    حزب الله يستهدف مستوطنة أفيفيم بالأسلحة المناسبة    بكاء ريهام عبد الغفور أثناء تسلمها تكريم والدها الراحل أشرف عبد الغفور    «طب قناة السويس» تعقد ندوة توعوية حول ما بعد السكتة الدماغية    اليوم.. محكمة جنح القاهرة الاقتصادية تنظر 8 دعاوى ضد مرتضى منصور    تراجع سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء منتصف الأسبوع الثلاثاء 30 إبريل 2024    الجيش الأمريكي ينشر الصور الأولى للرصيف العائم في غزة    مقتل 3 ضباط شرطة في تبادل لإطلاق النار في ولاية نورث كارولينا الأمريكية    ظهور خاص لزوجة خالد عليش والأخير يعلق: اللهم ارزقني الذرية الصالحة    تعرف على أفضل أنواع سيارات شيفروليه    اندلاع اشتباكات عنيفة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال في مخيم عسكر القديم شرق نابلس    العميد محمود محيي الدين: الجنائية الدولية أصدرت أمر اعتقال ل نتنياهو ووزير دفاعه    هل أكل لحوم الإبل ينقض الوضوء؟.. دار الإفتاء تجيب    "المصل و اللقاح" عن الأثار الجانبية للقاح "استرازينيكا": لا ترتقي إلى مستوى الخطورة    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    "المونيتور": هذه تفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار بين الاحتلال وحماس    العثور على جثة طفلة غارقة داخل ترعة فى قنا    موعد عيد شم النسيم 2024.. حكايات وأسرار من آلاف السنين    شقيقة الأسير باسم خندقجي: لا يوجد أى تواصل مع أخى ولم يعلم بفوزه بالبوكر    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30 أبريل في محافظات مصر    د. محمود حسين: تصاعد الحملة ضد الإخوان هدفه صرف الأنظار عن فشل السيسى ونظامه الانقلابى    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لي نصيباً في سعة الأرزاق وتيسير الأحوال وقضاء الحاجات    بمشاركة 10 كليات.. انطلاق فعاليات الملتقى المسرحي لطلاب جامعة كفر الشيخ |صور    السجيني: التحديات عديدة أمام هذه القوانين وقياس أثرها التشريعي    ميدو: عامر حسين ب «يطلع لسانه» للجميع.. وعلى المسؤولين مطالبته بالصمت    حشيش وشابو.. السجن 10 سنوات لعامل بتهمة الاتجار بالمواد المخدرة في سوهاج    «هربت من مصر».. لميس الحديدي تكشف مفاجأة عن نعمت شفيق (فيديو)    عفت نصار: أتمنى عودة هاني أبو ريدة لرئاسة اتحاد الكرة    تصريح زاهي حواس عن سيدنا موسى وبني إسرائيل.. سعد الدين الهلالي: الرجل صادق في قوله    ليفاندوفسكي المتوهج يقود برشلونة لفوز برباعية على فالنسيا    إيهاب جلال يعلن قائمة الإسماعيلي لمواجهة الأهلي    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    أخلاقنا الجميلة.. "أدب الناس بالحب ومن لم يؤدبه الحب يؤدبه المزيد من الحب"    تموين جنوب سيناء: تحرير 54 محضرا بمدن شرم الشيخ وأبو زنيمة ونوبيع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محاكم مصر خرابة
نشر في التحرير يوم 02 - 08 - 2014


تصوير- عماد الجبالي:
حالة يُرثى لها تبدو عليها دور العدالة فى مصر، مبانى المحاكم والنيابات تبدو فى أسوأ حالاتها، بعضها متصدِّع يحتاج إلى ترميم، وبعضها محترق يحتاج إلى تجديد، فضلا عن أن انعدام النظافة بات سمة واضحة فى أغلبها، فى حين تحوَّلت بعض مداخلها إلى أسواق مفتوحة للباعة الجائلين. كل ذلك يحدث وسط غياب تام لإدارة أبنية المحاكم المنبثقة عن وزارة العدل، والمنوط بها متابعة الأبنية ونظافتها وتأهيلها، بينما تبقى الردود الرسمية على شكاوى تهالُك دور العدالة، أن المسؤولين يعملون فى حدود الإمكانات المتاحة، الأمر الذى أصبح محل شكاوى القضاة والمحامين، إذ إنهم لا يستطيعون أداء أعمالهم فى ظل تلك الأجواء التى ربما يتسبَّب استمرارها وعدم تداركها فى إسقاط هيبة العدالة .
«الجيزة الابتدائية» و«مجمع الجلاء».. هنا تسكن الفوضى
دورات مياه غير آدمية.. قمامة فى كل مكان.. نوافذ مهشمة.. وأطفال يمرحون بين قاعات المحكمة
عندما تقترب من أغلب مبانى المحاكم والنيابات فى القاهرة أو تسوقك الأقدار لتدخلها لأى سبب كان، لا قدر الله، ستجدها فى حالة يرثى لها، ربما لا تصدق، ولن تصدق، أنك فى محكمة أو على أبوابها، فليس بالأمر الغريب أن تجد مدخل المحكمة مرتعا للباعة، أو أن تصادفك أكوام القمامة يمينا ويسارا، ولا عجب إذا وجدت داخل المحكمة حماما دون باب، أو داست أقدامك عشرات المواطنين الذين لا يجدون مقعدا لهم، ويفترشون الأرض فى انتظار ذويهم أو فى انتظار المجهول.
«التحرير» قامت بجولة فى عدد من المحاكم والنيابات بالقاهرة والجيزة، ورصدت عديدا من المهازل، بدأت خارج أبواب المجمعات، واستمرت من باب الدخول حتى آخر الأدوار، وسط شكاوى العاملين بتلك المجمعات من الحالة المتردية التى يعانون منها طيلة وقت العمل الذى لا يستطيعون أداءه من جراء معاناتهم اليومية.
محكمة الجيزة الابتدائية، صاحبة النصيب الأكبر من الإهمال، القمامة هى السلم الحقيقى وليس الدرجات، نوافذ مكسورة بعضها يطل على الشارع، طرقات بلا مقاعد، يفترشها الجميع، دون أن تعرف ماذا يفعلون فى المكان، بعضهم يجلب معه الأطعمة المنزلية، لتنقلب أرجاء المحكمة إلى مطبخ فى ثوان معدودة، حتى الأطفال الذين يصطحبهم ذووهم يعتقدون أنهم فى ملهى أو ربما فى الشارع، يتسابقون ويضحكون ويركضون داخل الطرقات وعلى السلالم، ليظهر لك الأمر وكأنه مبنى رياض أطفال لا محكمة.
دورات المياه فى المحكمة لا يليق بها وصف سوى أنها «غير آدمية»، لا تصلح لاستخدام البشر أو غيرهم، الأرض غارقة فى الطين، والأحواض بلا صنابير مياه، وبعضه يتراكم به المخلفات والقمامة بشكل سيئ، بخلاف انسدادها الذى يغرق المكان بالمياه، بالإضافة إلى إلقاء فوارغ الزجاجات والمناديل وغيرها داخل الحمامات، لينتهى الأمر ليس بضرورة تنظيفها، أو إحلالها وتجديدها، لكن ربما يكون نسفها هو الحل الوحيد للتخلص من تلك المناظر تماما.
مجمع محاكم الجلاء «المبنى الخلفى»، لعل أبرز الأشياء فى هذا المجمع هو احتراق المبنى الرئيسى له خلال ثورة 25 يناير 2011، بشكل أتى على ما فيه، بخلاف آثار الحرائق التى لا تزال كما هى، بسبب عدم الاهتمام بترميم أو تطوير أو إصلاح المبنى منذ الحادثة حتى الآن.
المبنى الخلفى للمحكمة مثال للفوضى العارمة، آثار الحريق تنال من بعض الحوائط الخارجية للمبنى، القمامة تحيط بالأسوار، يتسرب بعضها إلى الداخل، وتظهر بوضوح فوق كل نافذة مكسورة فى أدوار المحكمة المختلفة، ربما أتمَّ عامل النظافة مهمته بالمحكمة، إلا أن الرائحة السيئة تنفذ فى جميع ممراتها وعلى السلم الخلفى.
الرقعة الفاصلة بين المبنيين، التى يتعين عليك المرور بها من داخل المحكمة للانتقال بين القاعات، يفترش أرضها عشرات المواطنين، بينهم متهمين وأهاليهم وعدد من أفراد الأمن، ويخلد عدد لا بأس به منهم إلى النوم ممددين فى تلك المنطقة، الأخطر من ذلك أن المحتجزين يتم الإلقاء بهم تحت السلم نظرا لعدم وجود حجز فى المحكمة، وتضطر إلى المرور بهم ذهابا وإيابا دون وجود حد فاصل بينك وبينهم.
أوراق القضايا تغطى الأرض فى بعض الأدوار، بدرجة تجعلك تعتقد أنها تم افتراشها عمدا، على الرغم من وجود غرف للحفظ فى بعض أركان المحكمة، إلا أن تلك الأوراق خرجت عن غرف الحفظ ربما لعدم أهميتها، لكنها لم يتم التخلص منها لا بإلقائها فى القمامة ولا بإحراقها مثلا، وفضَّل الجميع أن تبقى أثرا خالدا أمام قاعات المحكمة!
مجمع نيابات الجلاء «يضم منطقة القاهرة الطبية الشرعية النموذجية، مجمع الجلاء للنيابات الإدارية، مكتب الشهر العقارى والتوثيق شمال القاهرة»، تصله بصعوبة بالغة على الرغم من أنه يقع فى قلب القاهرة «ميدان رمسيس»، إلا أن الصعوبة تأتى من عدم إمكانية رؤية المبنى أو تمييزه، خصوصا أن الباعة يفترشون مدخله والسلالم المؤدية إليه، بخلاف الباعة المتجولين، الذين يقفون بعرباتهم فى كل شبر أمام المجمع، ففى الوقت الذى تنتظر فيه استقامة ميزان العدالة، تسمع بوضوح طنطنة موازين باعة الخضر والفاكهة.
أحد عشر دورا يتكون منها مجمع نيابات الجلاء، أبعدها عن الأرض تصلها الضوضاء واضحة قوية، أصوات متداخلة ما بين باعة يحاولون جذب المارة لتجارتهم، وبين آلات تنبيه السيارات التى تحتل المنطقة أمام وبجوار المُجمَّع بشكل كامل، الأمر الذى يحول دون إتمام أى عمل على النحو المطلوب، ويسلب كل من يعمل داخل المبنى تركيزه فى العمل وراحته أيضا.
عضو نيابة بالمجمع قال ل«التحرير» إن الأمر يزداد سوءا يوما بعد يوم، وإن الشكل العام للمكان يصيب جميع العاملين بالمجمع بحالة من الاكتئاب الشديد، تمنعهم من أداء عملهم بصورة جيدة، بخلاف الضوضاء والإزعاج المستمر الذى لا ينقطع، والذى يحول دون التركيز فى المهام الأساسية للعاملين، مضيفا أن عددا كبيرا من الشكاوى وصل وزارة العدل وديوان عام محافظة القاهرة، إلا أن أيا من الطرفين لم يحرك ساكنا، لتستمر المعاناة بشكل يومى لا ينقطع.
فى حين أكد أحد الباعة الذين يفترشون مدخل المبنى أنه لا يجد مكانا آخر لنفسه، موضحا أنه يعلم جيدا أن المبنى تابع لوزارة العدل، وأنه لا يجوز له الجلوس فى حرمه، وقال «يمكن وجودى فى المكان ده يلفت نظر الحكومة وتشوف لنا أماكن تانية»، وتابع «لكن الأماكن لازم تكون حيَّة والناس بتتحرك فيها وإلا مش هنتنقل، وعلى كل حال الناس بتيجى وبتشتغل واحنا مش بنمنع حد يدخل المجمع».
أين اختفت إدارة «أبنية المحاكم»؟
لا أحد يعلم على وجه التحديد ماذا تفعل إدارة أبنية المحاكم بوزارة العدل، فرغم أنها المسؤول الأول عن تطوير مبانى دور المحاكم، والمختصة بشؤون النظافة وأماكن الانتظار داخل المحاكم وتخصيص غرف للمحامين فإن كل ما سبق لا وجود له على أرض الواقع، وكأن تلك الإدارة لا تخرج عن كونها اسما على ورق داخل وزارة العدل.
مساعد وزير العدل لشؤون أبنية المحاكم، المستشار محمد على إبراهيم، قال إن الوزارة ستفتتح عددا من المحاكم الجديدة فى بعض محافظات الجمهورية المختلفة عقب انتهاء إجازة عيد الفطر، بعد أن انتهت أعمال البناء الأساسية فيها، مضيفا أن المحاكم التى تم افتتاحها مؤخرا تنطوى على تغييرات شاملة من شأنها تغيير الصورة السيئة عن المحاكم فى مصر، مشيرا إلى أن الأزمة تكمن فى الإمكانيات المادية، حيث إن تطوير جميع المحاكم على مستوى الجمهورية يتطلَّب إمكانيات مادية ضخمة، ووقتا وجهدا كبيرين، قاطعا بأنه سيتم على مراحل.
بينما أكد مصدر قضائى بوزارة العدل أن دور المحاكم ومبانى النيابات على مستوى الجمهورية تفتقد إلى الاهتمام، وتحتاج إلى صيانة دورية، لا تتم فى غالب الأمر، مضيفا أن الحالة الإنشائية لأبنية المحاكم سيئة، وتحتاج إلى إحلال وتجديد، خصوصا أن أغلب المحاكم بُنيت فى الفترة من عام 1900 حتى عام 1950، ما يعنى أنها مبانٍ قديمة وبعضها متهالك.
المصدر -الذى فضَّل عدم نشر اسمه- أضاف أن إدارة أبنية المحاكم بوزارة العدل قامت بالفعل بوضع خطة لتحديث جميع مبانى المحاكم على مستوى الجمهورية، إلا أن الأمر يتطلَّب كثيرا من الوقت والجهد، بخلاف الإمكانيات المادية العالية التى تحتاجها تلك المهمة، موضحا أن ميزانية تطوير أبنية المحاكم هى جزء من الميزانية الكاملة الخاصة بوزارة العدل، وأن أموال صندوق أبنية المحاكم لا يكفى لتغطية جميع أعمال التطوير والتحديث لمحاكم مصر كافة، بالإضافة إلى بناء محاكم جديدة.
كما قطع المصدر بأن هناك توجها داخل إدارة أبينة المحاكم فى الوقت الحالى لتطوير المحاكم من الداخل، وتطوير العمل بها، لا سيما فى ما يتعلق بأعمال الميكنة، وإدخال عنصر التكنولوجيا بقوة فى ما يخصّ العمل القضائى، موضحا أن الدعم الفنى للخبراء والاستعانة بالأجهزة الحديثة سوف يساعدان على تطوير طريقة العمل داخل المحاكم بشكل كبير، وهو ما سوف يقضى على أزمة الملفات وغرف الحفظ والأرشيف وخلافه، ويوفِّر أماكن داخل المحاكم المختلفة، بالإضافة إلى أنه سيعطى فرصة لتغيير شكل المحاكم للأفضل.
كذلك شدَّد المصدر على أن المبانى الحديثة للمحاكم التى تم إنشاؤها مؤخرا فى محافظات مختلفة، وتم افتتاح بعضها، راعت الوزارة وإدارة أبنية المحاكم فيها عنصر التطور، لافتا إلى أن التطوير ليس فقط من الجانب الهندسى أو الإنشائى، إنما من الناحية العملية والتكنولوجية أيضا، موضحا أن التطوير الذى يجرى بتلك المحاكم الجديدة يتناسب مع حجم الأموال الخاصة بتلك الأعمال، ما يعنى أن أعمال التطوير ربما تكون بسيطة لكنها ستكون ملموسة فى جميع الأحوال.
من جانبه، قال المستشار فتحى المصرى، مساعد وزير العدل لشؤون مركز الدراسات القضائية، إنه تمت ميكنة جميع المحاكم الابتدائية على مستوى الجمهورية خلال الفترة الماضية، عدا محكمتَى دمنهور والفيوم، كما تمت ميكنة 33 محكمة جزئية من إجمالى عدد المحاكم الجزئية على مستوى الجمهورية، والتى تبلغ نحو 300 محكمة، بالإضافة إلى الانتهاء من ميكنة جميع محاكم الاستئناف على مستوى الجمهورية، وكذلك محكمة النقض والنيابات.
بعض رواد المحاكم يحتل الطرقات للنوم.. وآخرون حولوها إلى مطبخ مفتوح
الباعة الجائلون يفترشون الأرض فى مداخل المحاكم.. والمتهمون يتم «تخزينهم» تحت السلم!
رجال القضاء والقانون: أبنية المحاكم «غير آدمية»
رئيس ب«الاستئناف»: المحاكم تفتقر إلى التطوير.. والقاعات غير نظيفة.. ودورات المياه قذرة
مساعد وزير العدل الأسبق: تكلفة تجديد دور العدالة تتعدَّى مئات الملايين
«سَدِّة نِفس»، هكذا وصف عدد من رجال العدالة شعورهم جراء الحالة المتدنية التى تظهر عليها محاكم مصر، وأكد عدد كبير منهم أنهم فَقَدوا القدرة على التعايش مع المحاكم التى يعملون بها، ولم يستطِع أحد منهم تحمُّل الأوضاع المتدنية التى وصلت لها دور العدالة، خصوصا أنهم يواجهون معاناة مما يرونه ربما قبل أن يضعوا أقدامهم داخل مقر المحكمة، ما يجعلهم غير راغبين حتى فى أداء عملهم.
رئيس بمحكمة الاستئناف، فضَّل عدم نشر اسمه، قال ل«التحرير» إنه لا يجوز أن يُطلَب من القاضى أن يؤدى عمله، وتنتظر منه الدولة إنجاز المهام المنوط به أن يُؤديها، فى ظل ما يراه ويعيشه فى المحاكم المختلفة، حيث درجة قصوى من الإهمال وسوء المكان والخدمات، فقاعات المحاكم بعضها غير نظيف وأغلبها غير مكيَّف، وهو ما يتسبَّب فى شعور من الضيق لرجال القضاء، حتى القاعات الكبيرة فى دار القضاء العالى ينقصها المكيّفات والإضاءة.
رئيس الاستئناف أضاف أنه حتى المقاعد والمفارش والسجاد غير نظيفة ومتهالكة، موضحا أن المحاكم إجمالا تفتقد إلى التطوير والاهتمام، ويحاصرها الإهمال فى أسوأ صوره، وقال: «دورات المياه فى بعض المحاكم قذرة، ولا بد من وجود دورة مياه خاصة بكل قاعة فى المحكمة، خصوصا فى محاكم الجنايات التى ربما يقضى القاضى يومه بالكامل فيها، الأمر الذى لا نجده فى محاكمنا، بخلاف الاستراحات السيئة بالدرجة التى تُنفِّر القضاة من الجلوس بها».
كما عاب رئيس الاستئناف على المسؤولين أيضا فى ما يتعلق بغرف الحفظ الخاصة بأوراق القضايا، وأكد أن أغلب أوراق القضايا حتى فى دار القضاء العالى مُلقاة فى «البادروم» وعلى الأرض، ولا يوجد دولاب مخصَّص للأوراق، واصفا هذا الأمر بأنه «مزرٍ» ويدعو إلى السخرية، وطالب بضرورة تغيير المعمار والرسم الهندسى الخاص بالمحاكم الجديدة لتُصبح أكثر اتساعا، ويتم تخصيص أبواب لخروج القضاة ودخولهم، بخلاف الأبواب التى يتم تخصيصها لحاضرى الجلسات وذوى المتهمين.
المستشار أشرف زهران، نائب رئيس محكمة الاستئناف ومساعد وزير العدل سابقا، كان قد أشار من قبل إلى أن قاعات المحاكم ودورات المياه متدنية، وغير آدمية وغير محترمة، مشيرا إلى أن تلك الحالة ليست فى محكمة أو اثنتين، لكنها حالة عامة فى أغلب محاكم مصر، مؤكدا أنه أمر مثير للاشمئزاز، لا بد من تداركه وتغييره.
بينما لفت زهران إلى أن عديدا من أبنية المحاكم تعرضت لأضرار بالغة خلال الفترة التى أعقبت الثورة، خصوصا تلك التى تعرضت للاحتراق وأتت النيران عليها، ومع الأسف لم يتم تجديدها أو إجراء أى إصلاحات فيها حتى الآن، موضحا أن تكلفة تجديد تلك المحاكم تتعدَّى مئات الملايين، الأمر الذى يستلزم نفقات واسعة، ويصعِّب أمر التجديد. كما أبدى استنكاره لما آلت إليه دور المحاكم فى مصر، حيث المبانى السيئة وانعدام النظافة، بالإضافة إلى عدم وجود غرف للمحامين فى بعض المحاكم، أو حتى مقاعد انتظار فى البعض الآخر، الأمر الذى يزعج المحامين ويجعلهم غير قادرين على أداء عملهم، ويجعلهم مضطرين لدخول المحاكم. المحامى محمد يحيى البلتاجى، عضو لجنة الدفاع عن الحريات بنقابة المحامين، قال ل«التحرير» إن المحاكم وصلت إلى درجة بالغة من السوء، تجعل المحامى رافضا دخولها، مضيفا أن الإهمال فى النظافة وصل إلى درجة تفوق الوصف، ولا يصلح معها تدارك الأمر الآن، موضحا: «هناك مبانى محاكم تفتقر إلى أبسط أنواع النظافة، الحمَّامات غير آدمية، والبوفيه أشدّ سوءا من أن تشرب فيه المياه». يحيى واصل شكواه من تدنى دور المحاكم، قائلا: «بعض المحاكم لا توجد بها استراحات للمحامين، رغم وجوب وجود غرف خاصة بالمحامين، والأكثر وطأة هو عدم وجود مقاعد انتظار فى الطرقات، تتسع لانتظار المحامين أو حتى لانتظار المواطنين»، وتابع: «الأدهى أن بعض المحاكم لا تحتوى على أماكن لاحتجاز المتهمين، مما يضطرهم إلى (تخزينهم) تحت السلم أو فى البادروم».
كذلك أشار يحيى إلى أن مبانى المحاكم الجديدة التى يتم بناؤها فى الوقت الحالى فى التجمع الخامس والمدن الجديدة، رغم أنها ستكون أكثر نظافة من المبانى الحالية فإن هناك عيبا خطيرا بها، حسب رؤيته، وهو ضيق قاعات المحاكم الجديدة بشكل واضح، موضحا أن المحاكم الحالية رغم ما تعانيه من سوء فإن قاعاتها وغرف المداولة بها تتسع لعدد جيد من الأشخاص، على العكس من الأبنية الحديثة التى تبدو ضيقة بشكل مُنفِّر. وطالب عضو لجنة الدفاع عن الحريات بنقابة المحامين إدارة أبنية المحاكم التابعة إلى وزارة العدل بضرورة النظر إلى مبانى المحاكم المختلفة، والتشديد على تنظيفها، ووضع خطط جديدة للمحاكم التى يتم بناؤها والإنفاق عليها فى الوقت الحالى، لا سيما أن تكلفتها عالية جدا، ومع ذلك لا يتم التخطيط لها بصورة صحيحة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.