مظاهرة حب وعرفان ووفاء اجتمعت مساء أمس في مسجد الشرطة بطريق صلاح سالم، في عزاء الكاتب والروائي الكبير، الراحل إبراهيم أصلان، الذي توفي يوم السبت الماضي عن 77 عاما، والتقت رموز مصر الثقافية والأدبية والفنية والسياسية في عزاء الرجل الذي اتفق الجميع على حبه وإنسانيته وعلاقاته الطيبة الودود التي كانت تجمعه بأصدقائه وقرائه ومحبيه على اختلاف أطيافهم الفكرية والإبداعية والسياسية، وتقديرا ووفاء لعطائه الإبداعي والقصصي والإنساني، الذي تجسد في أعماله العظيمة «مالك الحزين»، و«عصافير النيل»، و«حكايات فضل الله عثمان»، وغيرها من أعماله التي تمثل بلا شك محطات إبداعية مفصلية في مسيرة الأدب العربي المعاصر، لا بد من المرور المتأني المتأمل الواعي لها لكل محب أو متذوق أو مبدع لهذا الأدب، وللكتابة بشكل عام. حرص عدد من المثقفين وأصدقاء الراحل الكبير على الحضور مبكرا، وقبل بدء العزاء، منهم المخرج مجدي أحمد علي، والناقد الدكتور محمد بدوي، والكاتب والروائي عز الدين شكري، الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للثقافة، والكاتب الصحفي حلمي النمنم رئيس مجلس إدار دار الهلال، والدكتور أحمد مجاهد رئيس الهيئة العامة للكتاب، والدكتور زين عبد الهادي رئيس الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية، وعلاء سويف، والناقد السينمائي كمال رمزي، وسعيد الكفراوي، الصديق المقرب من أصلان، وابنه الفنان التشكيلي عمرو الكفراوي، والناشر محمد هاشم، وعدد كبير من شباب الكتاب والصحفيين والإعلاميين الذين حرصوا على التواجد لمؤازرة هشام وشادي أصلان، ابني الراحل إبراهيم أصلان، اللذين كانا في استقبال المعزين، برفقة أعمامهم وأبناء عمومتهم وأفراد العائلة، ومعهم الشاعر الكبير زين العابدين فؤاد الذي ظل واقفا، رغم مرضه وبرودة الجو، لتلقي العزاء في إبراهيم أصلان. ومع بداية العزاء، تدفق العشرات من رموز مصر في الأدب والفن والسياسة وحتى اللحظات الأخيرة منه، وبدا حب الجميع الجارف وتقديرهم الكبير لقيمة وقامة اسم بحجم إبراهيم أصلان، وحرصوا على التواجد لفترات طويلة، وشدوا بحرارة على أيديهم بعضا البعض معزين أنفسهم لا أفراد عائلته وأبناءه، كان في مقدمتهم عازف العود الشهير نصير شمة، والفنان علي الحجار، والمخرج القدير داوود عبد السيد، والمخرج محمد بدر خان، ثم توالى حضور كل من الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق، والدكتور عماد أبو غازي، وزير الثقافة السابق، وحضر عدد كبير من مؤسسة دار الشروق وجريدة الشروق، كان على رأسهم المهندس إبراهيم المعلم رئيس مجلس الإدارة، والكاتب الصحفي وائل قنديل، والكاتب الصحفي عماد الدين حسين، والكاتب أحمد الصاوي، وصحفيو القسم الثقافي بالجريدة وآخرون. فسيفساء متنوعة من الحضور والتمثيل لكافة أجيال الأدب والكتابة في مصر منذ الستينيات وحتى الآن، شباب الكتاب وأجيال الوسط، كانوا حريصين على المشاركة وتقديم واجب العزاء، في الأب الشرعي والروحي لأجيال ما بعد الستينيات وحتى العقد الأول من الألفية الثالثة، كان في مقدمتهم من أصدقاء ومجايلي إبراهيم أصلان، سعيد الكفراوي، والشاعر محمد فريد أبو سعدة، والكاتب الروائي الكبير بهاء طاهر، والروائي إبراهيم عبد المجيد، والشاعر أحمد عبد المعطي حجازي، والشاعر حلمي سالم، والدكتور علاء عبد الهادي، والشاعر عبد المنعم رمضان، والدكتور حسن طلب، والدكتور سعيد توفيق، والروائي الكبير عبد الوهاب الأسواني، والمترجم القدير خليل كلفت، وآخرون كثيرون. ومن شباب الأدباء والكتاب الأحدث: إبراهيم داوود، حمدي أبو جليل، أحمد صبري أبو الفتوح، مكاوي سعيد، حمدي الجزار، سعيد نوح، سعد القرش، بلال فضل، طارق إمام، باسم شرف، أحمد عبد اللطيف، وفي منتصف العزاء تقريبا حضر فاروق حسني وزير الثقافة الأسبق في نظام مبارك السابق، والمستشار زكريا عبد العزيز، والفنان أحمد عبد العزيز. وقبل نهاية العزاء بقليل حضر السيد عمرو موسى، الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، وأحد مرشحي الرئاسة في الانتخابات الرئاسية القادمة، الذي قدم واجب العزاء، وانصرف بعدها مباشرة. كما شهد العزاء حضورا نسائيا بارزا كان في مقدمته الناشطة والمعارضة البارزة بثينة كامل، والكاتبة الصحفية فريدة النقاش، والكاتبة سامية أبو زيد، والروائية مي خالد، والشاعرة الإماراتية ميسون صقر التي أصرت على حضور العزاء رغم عدم تعافيها من جراحة بالغة بالقدم، وجاءت وهي تتسند على عكازين وقدمها اليسرى في الجبس، وقالت إنه من المستحيل ألا تحضر عزاء الحبيب أصلان. في نهاية العزاء وعقب انصراف الحضور، قال الشاعر الكبير زين العابدين فؤاد، وأحد أقرب أصدقاء إبراهيم أصلان، والذي أصر أن يقف مع هشام وشادي أصلان لتلقي العزاء، ولم يجلس دقيقة واحدة، قال موجها كلامه لروح الراحل الكبير: «إبراهيم أصلان.. عدت الآن من سهرة في مسجد الشرطة.. المفروض أن نودعك، لكننا لا نفعل ما هو مفروض. التقيت بأسرتك، أنت تعلم أني أعرف بعضهم من 65 سنة، عرفتهم وعرفتك يا ابن أم إبراهيم. كان الحضور كثيفا في السهرة وانصرفنا جميعا بعد ممارسة كل طقوس الوداع، ما عدا، أن نودعك فعلا، أنت كتبت التحرر من العطش، والآن كتبت التحرر من الجسد. حتى يمكن أن تعانقنا جميعا نحن، والوطن، في ضمة واحدة، أحضانك تتسع لنا جميعا.. احتضنت العالم، وسكنت فينا، فقررنا أن نسكن فيك أيضاً.. أي لا وداع.. إبراهيم أصلان.. تصبح على خير».