أرملة فى العشرينيات، و3 أطفال صغار أكبرهم مريم 5 سنوات، ويليها زياد 3 سنوات، ثم حمدى سنة واحدة، هذا حصاد التقصير الأمنى لرجال مديرية أمن الجيزة، الذين تسببوا بإهمالهم وترهلهم فى أن تفقد أسرة عائلها الوحيد، أمام سمع وبصر رجال قسم شرطة إمبابة، بعد أن طارد 3 بلطجية توك توك فى محاولة منهم لخطف فتاة تستقله، إلى أن تدخل سائق التاكسى الشهم محمد حمدى مختار 32 سنة لإنقاذ الفتاة، ودفع السائق حياته ثمنا برصاص البلطجية الذين عجزت الشرطة عن القيام بدورها فى التصدى لهم إلى الآن. زوجة الشهيد الشهم محمد حمدى مختار بدأت حديثها ل«التحرير» مؤكدة أن ما عند الله لا يضيع، وأن زوجها الذى اعتاد عمل الخير ليس غريبا عليه أن يتصدى لبلطجية حاولوا خطف فتاة واغتصابها، وأن دم زوجها الشهيد فى رقبة «الداخلية». وعن زوجها تقول إنه كان يعمل على سيارة الأجرة التى اشتراها والده بالقسط بعد عودته من الخارج لإصابته بفيروس سى، وأن زوجها هو الابن الأكبر الذى تولى هو وأخ له مسؤولية العمل على السيارة، وتقول الزوجة إن محمدا كان عائلها الوحيد وليس لها مصدر رزق بعده. زوجة الشهيد قالت إنها قبل أن تطالب بسرعة القبض على البلطجية ومحاسبتهم، فإنها تصر أولا على محاسبة رجال الشرطة فى قسم إمبابة، لأن الواقعة حدثت على بعد أقل من 100 متر من القسم، ورغم إطلاق النيران بكثافة على التاكسى والتوك توك فإن الشرطة لم تحرك ساكنا، وحتى بعد وقوع الحادثة لم تتم مطاردة البلطجية والقبض عليهم إلى الآن، وتساءلت رشا الليثى، زوجة الشهيد السائق، إذا كانت الحادثة قد وقعت أمام قسم شرطة وفى شارع رئيسى على الكورنيش دون أن يردع البلطجية أحد فماذا نفعل نحن فى بيوتنا وفى الشوراع المتواضعة التى بلا أمن؟! السائق الشهم الذى صدم سور القسم بعد اختلال عجلة القيادة فى يده وهو مضروب بالنار تم نقله إلى المستشفى، وكان آخر ما فعله هو إخراج رقم تليفون شريكة حياته وبعدها فارق الحياة، واتصل أمين شرطة بالزوجة وسألها عن صاحب التليفون وأخبرها أنه مصاب فى المستشفى، وعندما وصلت الزوجة بأطفالها الثلاثة للمستشفى زادت حسرتها ليس فقط لوفاة زوجها و«أبو أبنائها» ولكن لكثرة الإهمال وعدم مراعاة حرمة الموتى، حيث وجدت زوجها ملقى على حمالة فى مدخل المستشفى غير مغطى وتقف إلى جواره عاملة نظافة، وهو المشهد الذى تسبب فى انهيارها وأطفالها الذين ظلوا يصرخون ويطلبون من والدهم أن يرد عليهم، وبعدها نحّاهم أمين شرطة بعيدا وغسل أيديهم من دماء الشهيد السائق. والدة شهيد الشهامة الحاجة فاطمة، شأنها شأن كل الأمهات البسطاء التى رغم مصيبتها ما زالت تنظر بعين الرأفة والشفقة على شباب البلد ضحايا البلطجية، قائلة إنها عندما توجهت إلى المشرحة للتعرف على نجلها رأت هناك مصائب وكثيرا من الشباب القتلى بسبب الخرطوش، وببساطة لم تصدق أن نجلها المصاب بطلق فى البطن حدث له تهتك فى القلب والرئتين، إلا أنهم أوضحوا لها أن الخرطوش عبارة عن طلق ينفجر داخل الجسم مما تسبب فى وفاة نجلها، وتضيف باكية: حرام اللى بيحصل من انتشار البلطجية والسلاح الخرطوش وشبابنا المطحونين هم من يدفعون الثمن بدمائهم. من جانبه شن وليد حمدى، شقيق المجنى عليه، هجوما شديدا على ضباط مباحث قسم إمبابة، وحمّلهم مسؤولية مقتل أخيه وهروب الجناة من مسرح الجريمة، حيث إن الحادثة لم تبعد عن قسم شرطة إمبابة سوى أمتار قليلة، قام فيها الجناة بإطلاق عدد من الأعيرة الخرطوش التى نال منها أخاه طلقة أودت بحياته، وأكد شقيق السائق الشهيد أنه حتى الآن لم تقم وحدة المباحث فى مديرية أمن الجيزة بإرسال إشارة إلى الأدلة الجنائية، وكأن شيئا لم يكن، حتى النيابة لم تستدع أحدا للتحقيق إلى الآن، أو سؤال أحد من أهل الشهيد. أقارب المجنى عليه كانت رسالتهم إلى اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية، شديدة اللهجة طالبوه فيها بالتحقيق فى الحادثة بنفسه، بعد عجز مدير الأمن اللواء عابدين يوسف وإدارة البحث الجنائى بالمديرية بإشراف اللواء كمال الدالى عن إهمالهم سواء فى مجازاة المسؤولين الذين كانوا موجودين بالقسم فى هذا الوقت ولم يتحركوا للقبض على الجناة، أو حتى عن عدم توفيرهم الحد الأدنى من السياسة الأمنية التى ينتهجها الوزير، بما يعنى أن مدير الأمن والمباحث ما زال أفقهما يقف عند حدود طريقة العادلى فى إدارة أمن المواطن المصرى. الغريب أن «التحرير» حاولت من جانبها الاتصال أكثر من مرة باللواء كمال الدالى مدير الإدارة العامة للبحث الجنائى بالمديرية، إلا أن الرجل ترك تليفون المحمول «يرن»، كما هى عادته فى التعامل مع مثل هذه المواقف التى تتطلب رجل أمن «حقيقيا وليس مجرد مسؤول ب«بدلة» ونياشين على الأكتاف دون أى انعكاس لمسؤوليته الأمنية.