فى الدور العشرين من مبنى ماسبيرو العملاق يوجد مقر القطاع الاقتصادى، من الدور الخامس من المبنى نفسه ينطلق «راديو مصر» أنجح مشروع لماسبيرو فى السنوات العشر الأخيرة. من المفترض أن دور القطاع الاقتصادى جلب الإعلانات لماسبيرو، سيرد أحد القراء قائلا وهل هناك من يتابع ماسبيرو أصلا حتى يجرى وراءه المعلنون؟ نعم.. راديو مصر تنهال عليه الإعلانات من كل حدب وصوب، خير وبركة بكل تأكيد، لكن الشىء الذى يزيد على حده ينقلب إلى ضده. كل برامج «راديو مصر» تقريبا التى يقدمها أبناء المحطة لا الهابطون عليها بالباراشوت تعانى من تخمة فى عدد الدقائق الإعلانية. برنامج مثل «اصحى للدنيا» على سبيل المثال، مدته 3 ساعات، يتكلم المذيعان نرمين البنبى ومحمود الفقى أقل من 25 دقيقة يوميا. فى كل المحطات والقنوات الناجحة، هناك مدد محددة للفاصل الإعلانى، وإذا زاد الطلب تتم زيادة سعر الثانية حتى يستطيع المعلن القادر فقط على الدفع بإعلانه إلى الملايين التى تستمع إلى «راديو مصر» فى زحمة السيارات صباح كل يوم، مع برنامجى «طلعت شمس النهارده»، ثم «اصحى للدنيا»، وفى طريق العودة مع برنامجى «كلام وسط البلد» و«من القاهرة». فى ماسبيرو الذى يعانى من كثرة الديون لا يعرفون كيف يتعاملون مع الدخل الإعلانى، فتحولت البرامج إلى إعلانات تتخللها نشرات وأحيانا أصوات المذيعين، وهم لا يعرفون أن الناس انصرفت بالفعل عن الاستماع لأغانى الإعلانات وعروض التخفيضات، وأن الرسالة ستصل إلى المعلن قريبا، وسينصرف عن الراديو كأن الخطة أن لا يستمر أى مشروع ناجح فى هذا المبنى. اللافت أنك لو زرت «راديو مصر» ستندهش من قلة الإمكانات، فإلى أين إذن تذهب أموال الإعلانات؟ ولماذا لا يضغط القطاع الاقتصادى لتكرار النموذج الناجح فى باقى القنوات والمحطات ليضمن توزيعا عادلا للإعلانات بدلا من إفساد التجربة الوحيدة الناجحة؟! هل هى مؤامرة على «راديو مصر» حتى لا يصل صوت الناس من خلاله؟ قالوا ذلك فى عهد صلاح عبد المقصود، لكن الإخوان رحلوا والوضع كما هو، تأكيدا أن أزمة ماسبيرو ستظل فى الدماغ الذى تدير، الدماغ غير الموجود بالأساس. بعد التتر حتى النشرة المرورية التى تخدم كل مستمعى «راديو مصر» يتم إلغاؤها بسبب الإعلانات.