مرة أخرى حادثة مجزرة أسوان والتى وصلت إلى اقتتال أهلىٌّ حقيقى فى مدينة تعرف عنها السماحة والطيبة يؤكد الفشل فى إدارة البلاد. إى نعم ما زلنا نعيش ما بعد ثورات ضد أنظمة كانت تمارس القهر والعنف.. فكانا سببًا فى خروج «سوءات» الناس فى حالة الانفلات والفوضى. لكن إدارة البلاد فى تلك الفترة تعمدت الغياب والانفلات الأمنى. وبلا شك فالأمن عاقب الشعب بعد ثورة 25 يناير على خروجه ضد نظام مبارك ووزير داخليته وجهازه الأمنى الذى مارس القهر والتعذيب ضد المواطنين.. وسيطرته على كل شىء فى البلد.. وجعل دولة مبارك أمنية وعزبة خاصة له ولأولاده من بعده. فكان غياب الأمن متعمدًا.. واستمرار الانفلات الأمنى متعمدًا.. حتى إنه فى تلك الفترة غابت الخدمات التى يقدمها الأمن بما فى ذلك المرور.. وحراسات الأماكن الحيوية كالمناطق الأثرية على سبيل المثال التى أصبحت مباحة -ولا تزال- للمهربين وتجار الآثار والبلطجية! وكأنّ الأمر انتقام.. وكأن ليس من حق الشعب أن يتحرك ويخرج على سلطة الاستبداد والقهر والفساد. وفى ظل الانفلات بدأ الترويج للسلاح.. وحاول كثيرون اقتناء السلاح للدفاع عن أنفسهم بعد ظهور نوعية جديدة من «البلطجة»، والذين وجدوا مساعدة أحيانا من مسؤولين سابقين لإجهاض وإفشال الثورة. وفى نفس الوقت زادت عمليات تهريب السلاح خصوصا بعد أن خرجت من مخازن القذافى بفعل الثورة والفوضى هناك.. وأصبح السلاح يباع على الرصيف، وحصلت عليه قبائل وعصابات وجماعات إرهابية كانت تتحين لتصطاد الفرص لنشر إرهابها فى ظل الضعف الذى حدث فى أركان الدولة.. وغياب الأمن. وفشلت إدارات البلاد المتعقابة فى حصار ذلك الأمر.. ليستمر العنف ويخرج أسوأ ما فى المصريين من سلوكيات. ولم تسعَ تلك الإدارة إلى وضع تصور لحلول مستقبلية وخصوصا فى الشأن الأمنى، واعتبرت نفسها إدارة مؤقتة، فكانت تدير «بالقسط وبالمؤقت»!! وكأن ليس لها علاقة بأى شىء. وجاء حكم الإخوان ليساعد فى ذلك أيضا ويزيد من الانفلات بسبب إصرارهم على السيطرة على البلاد.. واستعادة نظام مبارك فى الحكم.. فكانت الثورة عليهم.. فاعتبروا ذلك حربا.. فأطلقت الجماعة إرهابها.. ونشرت المزيد من الفوضى، وأصبح التحول الآن نحو محاربة إرهاب الجماعة.. وذلك دون رؤية أو تعامل أو إعادة هيكلة للأمن الذى نجحت جماعة الإخوان الأمن خلال عام من الحكم فى اختراق أجهزته ولعل ما زال لهم حتى الآن عيون وعملاء. ورغم استعادة الشعب للشرطة وأجهزة الأمن والثقة بها فإن الأداء الأمنى لم يتغير. بل إن الداخلية ووزيرها انشغل بالأمن السياسى وبنفس المدرسة القديمة فى الأمن.. فكان الفشل موجودا أيضا. فلم يحدث أى تقدم على المستوى الأمنى فى الشارع.. وما زال السلاح فى يد الجميع.. ناهيك بالتعديات التى يمارسها البلطجية ولعل نظرة واحدة إلى شوارع وسط القاهرة لنرى ماذا يجرى على بعد أمتار من وزارة الداخلية من بلطجة.. ولا حل!! ولعل التصرف السريع من رئيس الوزراء إبراهيم محلب فى التحرك والسفر إلى أسوان.. وذهابه إلى المحافظة ليعقد اجتماعات لحل أزمة القبائل هو شىء يحسب له.. لكنها كانت فاشلة، ورغم أنه اصطحب معه وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم -المُصرِّين على وجوده على رأس الداخلية برغم الفشل الأمنى الواضح- وكذلك وزير التنمية المحلية ورجل الأمن السابق اللواء عادل لبيب فعادوا بخفى حنين! فليس لديهم رؤية.. ولا خيال.. ولا أمن ناهيك بغياب الإرادة.. وغياب السياسة. .. إنه الفشل.. كل ذلك ينذر بالخطر والقلق على الرغم من اقتراب انتخابات الرئاسة.