منذ حصول تيار الإسلام السياسى على غالبية مقاعد مجلسى الشعب والشورى فى انتخابات 2011 و2012، اكتشف الشعب المصرى وجوها أخرى لأعضاء هذه الحركات والتنظيمات والجماعات، ومع فوز مرسى بمنصب الرئيس كانت الاكتشافات أكثر، ومع عزل مرسى بفعل ثورة الثلاثين من يونيو تفجر عنف وإرهاب هذه الجماعات ضد الدولة المصرية ومؤسساتها، وضد الشعب المصرى بكل فئاته وشرائحه. خلال وجود عناصر هذه الجماعات فى البرلمان وإبان سنة حكم مرسى سعت هذه الجماعات إلى الاستحواذ على السلطة بكل مكوناتها، وعملت على إقصاء كل القوى السياسية الأخرى. اعتمدوا على أهل الثقة من أعضاء هذه الجماعات، لا ثقة لديهم فى أى مصرى لا ينتمى إلى الجماعة، طبقوا مقولتهم بأن المسلم الباكستانى أقرب إليهم من المسيحى المصرى، وأن الإخوانى من أى جنسية مقدم على غير الإخوانى أيا كانت جنسيته، استخدموا التشريع وسلطات الدولة فى عملية التمكن من مؤسسات الدولة، اكتشفنا وجوها مختلفة لقيادات الجماعة الذين طالما تعاملت معهم القوى السياسية المصرية باعتبارها موضوعية، عقلانية يمكن التلاقى معها فى مواقف مشتركة، وكانت المفاجأة أن هذه الوجوه كانت تصطنع الموضوعية والاعتدال، وما إن وصلت الجماعة إلى السلطة حتى سقط القناع، وبات الجميع يتكلم لغة واحدة ويتخذ نفس المواقف ويدافع عن نفس السياسات التى اتبعتها الجماعة. أيضا ظهر للقوى السياسية المصرية مقدار الخديعة التى تعرضت لها من قبل شخصيات قدمت نفسها باعتبارها مختلفة عن الجماعة ومنشقة عنها، وأنها تؤمن بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وما إن وصلت الجماعة إلى السلطة حتى صاروا مثل قادتها تماما وتبنوا كل ممارسات الجماعة وبرروا كل مخالفاتها ودافعوا عن عدوانها على مؤسسات الدولة. وما إن تم عزل مرسى بثورة شعبية بدأت فى الثلاثين من يونيو، حتى كشفت الجماعة وكل التنظيمات القريبة منها عن اعتناق الجميع لأفكار التكفير، التخوين والقتل على المشاع، فقد شرعت الجماعة فى عمليات قتل وحرق وتدمير وتخريب بحق مصر والمصريين، خصوا الأقباط بقدر أكبر من الإرهاب، اعتدوا على الكنائس والأديرة، استخدموا النساء فى المسيرات، وتعاونوا مع عتاة الإرهابيين فى القيام بعمليات تفجير ضد مؤسسات الدولة والممتلكات الخاصة والعامة، ارتكبوا أعمال قتل للقتل وتدمير للتدمير، سعوا لتخريب المنشآت العامة والخاصة، والاعتداء على المواطنين، استهدفوا رجال الجيش والشرطة، باختصار اكتشف الشعب المصرى بعد عزل مرسى أنه يواجه جماعة إرهابية لا تتورع عن حرق البلد بالكامل فى سبيل تحقيق هدفها بحكم البلاد والمنطقة. الأخطر هو اكتشاف الشعب المصرى أن جزءًا من أبنائه يحملون كل هذا القدر من الكراهية والعداء لكل من لا يشاركهم الفكر والرؤية، وأن هذا الفصيل يحمل مشاعر عدائية شديدة، لا يؤمن بالوطن ولا المواطنة، وأنه لا فرق بين من لم يحصل على أى قسط من التعليم وبين من يحمل رسائل ماجستير ودكتوراه، فالجميع يحمل نفس الفكر ويتبنى نفس الرؤى، لا فرق بين رجل ناضج وشيخ طاعن فى السن وبين شباب فى مقتبل العمر، لا فرق بين رجل وامرأة، سيدة وفتاة، الجميع مصاب بحالة عداء قاتل للوطن، حقد دفين على المجتمع، يحمل مشاعر عداء وكراهية مقيتة لباقى شرائح وفئات المجتمع المصرى. تأمل مسيرات الجماعة وتحالف «دعم الشرعية»، مكونات المسيرات، الهتافات التى تطلق، الشعارات التى تكتب على الأسوار والحوائط، الاعتداءات التى تقع على الممتلكات الخاصة والعامة، عمليات العنف ضد المواطنين وممتلكاتهم، تأمل كل ذلك واطرح سؤالا، ابحث عن إجابات له، ما الذى أوصل هؤلاء إلى هذا المستوى من الكراهية والحقد على المجتمع، ما الذى أوصلهم إلى كل هذا العداء فى قلوبهم لمصر والمصريين، والأكثر أهمية من التشخيص هو العلاج، والسؤال هنا، هل من علاج لهؤلاء؟ هل يمكن أن يعودوا للاندماج فى المجتمع المصرى؟ أم أن الوقت تأخر كثيرا؟