محمد خان: حصولى على الجنسية وعرض «فتاة المصنع» فى نفس اليوم دليل حى على أن الأحلام من الممكن أن تصبح حقيقة «أصبحت الآن مصريا وفقا للأوراق الرسمية»! ذلك كان أول تصريحات المخرج محمد خان لجريدة «التحرير» عقب علمه بالقرار الجمهورى الصادر أول من أمس بمنحه الجنسية المصرية.. إنه اليوم الأول للعرض الجماهيرى لفيلمه الثالث والعشرين «فتاة المصنع». أخيرا.. تكرمت مصر على المخرج محمد خان وأهدته الجنسية المصرية، بعد أن أهداها هو مكانا ومكانة عالمية بفنه الذى قدمه من مصر وفى وعن مصر. بدأت حملات المطالبة بمنح الجنسية المصرية لمحمد خان بعد ثورة 25 يناير مباشرة، بمبادرة من المخرج أحمد رشوان مع وزير الثقافة حينها د.عماد أبو غازى.. جمع رشوان توقيعات لمنح خان الجنسية المصرية، ولم يهتم المسؤولون بالحملة، ولا بالمخرج. قبل ثورة 25 يناير حاول خان كثيرا، وطلب الحصول على الجنسية المصرية من الرئيس الأسبق مبارك بعد عرض فيلمه «زوجة رجل مهم»، ثم بعد عرض فيلم «أيام السادات»، ولا أحد يجيب. وبعد عيد الميلاد الحادى والسبعين للمخرج محمد خان، أطلقنا فى ديسمبر الماضى ومن خلال جريدة «التحرير» حملة أخرى عنوانها: «اسمى خان ولست أجنبيا» من خلال حوار مع المخرج الكبير.. تناثرت الأنباء -بعده- عن منح خان الجنسية المصرية، ووقفت وزارة الداخلية حائلا دون حصوله عليها، ثم مات الكلام وتجمد! حصل خان على جائزة اتحاد النقاد الدوليين «فيبريسى» بفيلمه «فتاة المصنع» من مهرجان دبى فى دورته الماضية، بينما حصلت بطلة الفيلم ياسمين رئيس، على جائزة أفضل ممثلة فى نفس المهرجان، وعاد خان بالجائزتين لمصر. أول من أمس الأربعاء كان اليوم الأول لعرض فيلم «فتاة المصنع».. وفى هذا اليوم منح الرئيس عدلى منصور الجنسية المصرية للمخرج مصرى الروح والقلب والعقل والهوى محمد خان بقرار جمهورى، فصارت فرحته فرحتين.. وفرح الجميع بمخرج كثيرا ما حمل الجنسية البريطانية، لكنه لم يحمل سوى الجنسية المصرية فى قلبه. صار محمد خان مصريا بخاتم النسر.. عاش مصريا ولن يموت إلا مصريا.. ومثل محمد خان لا يموت أبدا، فهو باق بفنه. وكما انفردنا بإطلاق حملة حصوله على الجنسية منذ ثلاثة أشهر، التى حصل بعدها على الجنسية المصرية بقرار جمهورى، ننفرد اليوم بأول حوار معه بعد حصوله على الجنسية. حصلت أخيرا على الجنسية المصرية.. ما الجديد.. ما المفيد.. ماذا بعد؟ ضحك وقال: أصبح لى الحق فى الانتخاب والترشح ما عدا رئاسة الجمهورية، وبعد ذلك المساواة فى التعاملات الحكومية. قلت له: سآتى معك وأنت تستخرج الرقم القومى وسأسجل لحظة التقاط صورتك فيه كمسجل خطر، مثلما نبدو جميعا فى الرقم القومى. بالطبع كان السؤال مجرد دعابة، لكنه قال بصدق وسعادة: جاءت لى الجنسية المصرية تكريما، بعد أن طلبتها مرات كثيرة.. أخيرا كرمونى بالجنسية التى كثيرا ما تمنيتها وطلبتها.. قلت فى عيد ميلادى الحادى والسبعين إننى أتمنى أن أموت وأنا أحمل الجنسية المصرية، وقلت إننى لن أستجديها، وأخيرا حصلت عليها وأخيرا أصبحت مصريا وفقا للأوراق الرسمية، وسأستخرج جواز سفر مصريًّا بدلا من جواز سفرى البريطانى. محمد خان ابن تاجر الشاى الباكستانى الذى عاش فى مصر وأحبها، لم يعرف وطنا سوى مصر.. حمل جواز السفر الباكستانى، ثم حصل على الجنسية البريطانية وحمل جواز سفر بريطانيًّا، لكنه لم يرغب إلا فى جواز السفر المصرى، ولم يسع إلا إليه. سألته: لماذا سعيت للحصول على الجنسية المصرية بكل هذا الدأب؟ قال: لا يمكن أن أنسى والدى وهو يقول لى «هذا هو بلدك».. هنا ولدت وهنا ربيتك، وفيه ستبقى إلى نهايتك.. أنا دخلت مدارس مصر وأحفظ شوارعها منذ طفولتى حتى بالمطبات التى فيها.. أحببتها لأن أبى وأمى زرعا فىَّ حبها، وأحببتها لأننى تربيت فيها وأحفظ تفاصيلها وملامح أهلها.. أنا لا أنتمى إلا إليها. هل كنت تحتاج إلى خاتم النسر لتكون مصريا؟ أنا مصرى «غصب عن عين الكل»، ولكن نعم كان مهما بالنسبة لى الحصول على الجنسية المصرية كتكريم.. كنت أرغب فى اعتراف رسمى بمصريتى.. أعرف أنى حصلت على الجنسية المصرية قبل الاعتراف الرسمى، من خلال مشوارى السينمائى ومن خلال كل الشخصيات والعوالم المصرية التى قدمتها فى أفلامى.. وأعرف أن حب الناس وشغفهم بأفلامى قد منحنى الجنسية المصرية دون خاتم رسمى أو بطاقة هوية.. أفلامى منحتنى الجنسية المصرية، فقد نقلت ما بداخلى من حب لهذا البلد وعبرت عما بداخلى من عشق لأهله، ولكن الاعتراف الرسمى مختلف.. ولائى وانتمائى لمصر لا يحتاج إلى أوراق رسمية، فقد مثلت مصر فى مهرجانات دولية وأنا حامل لجواز السفر البريطانى، كما أن حب الناس لى ولأفلامى عبر سبعة عقود أشعرونى أنى واحد منهم، فالجمهور المصرى منحنى الجنسية قبل أن أحملها بقرار جمهورى. حصل محمد خان على الجنسية المصرية أخيرا، بعد ثورتين.. أصبح مخرج «ضربة شمس» و«خرج ولم يعد» و«أحلام هند وكاميليا» و«سوبر ماركت» و«موعد على العشاء» مصرى الجنسية رسميا، وهو الذى لم يعرف حتى بعض العاملين معه أنه غير مصرى.. تزامن حصوله -رسميا- على الجنسية المصرية مع اليوم الأول للعرض الجماهيرى لفيلمه الثالث والعشرين فى مسيرته السينمائية «فتاة المصنع».. كيف كان وقع هذا عليه؟ أجاب محمد خان: حصولى على الجنسية المصرية والعرض الجماهيرى لفيلم «فتاة المصنع» هما هديتان متشابكتان، كلاهما مر بمشوار طويل، فحصولى على الجنسية بعد سبعة عقود من عمرى، وعرض فيلم «فتاة المصنع» الذى أنجزته بعد كفاح استمر لثلاث سنوات، دليل حى على أن الأحلام من الممكن أن تصبح حقيقة. «الأحلام من الممكن أن تصبح حقيقة».. هكذا أنهى المخرج المصرى الهوى والجنسية حواره معنا، لكن من الذى وقف عقبة أمام تحقيق حلمه فى الحصول على الجنسية المصرية طوال السنوات الماضية؟! كانت وزارة الداخلية هى العقبة أمام حصول محمد خان على الجنسية المصرية، فقبل ثورة 25 يناير وبعد مساع عدة للمخرج، كانت التقارير دائما ترفع إلى كل الجهات المختصة وتوافق على طلبه، وتبقى فى النهاية موافقة وزارة الداخلية التى كانت تحطم كل المساعى بالرفض.. القرار كان أمنيا بالأساس، ووزارة الداخلية كانت ترفض لأن فيلمه المهم «زوجة رجل مهم» يزعجهم! احتاج منح محمد خان الجنسية المصرية إلى ثورتين، وقد حصل عليها أخيرا، لأنه الأحق بها من كثير من المصريين الذين يحملون هذه الجنسية كأنها عبء عليهم. كيف نرد الجميل لهذا المخرج الذى عشق تراب بلد أنكره لسنوات؟ ليس أقل من أن نشاهد فيلمه المصرى «فتاة المصنع» المعروض الآن فى دور العرض.