مراسلة القاهرة الإخبارية: غرفة عمليات الوطنية للانتخابات ترصد عدداً من المخالفات    غرفة القاهرة: المُنتدى المصري الصيني خطوة مهمة وجديدة لتعزيز التعاون التجاري والاستثماري المشترك    مؤسسة غزة الإنسانية تعلن انتهاء مهمتها الطارئة في القطاع    عبد العاطي لنظيره الجيبوتي: الالتزام بالقانون الدولي أساس إدارة الموارد المائية المشتركة    اشتباكات بين الأمن الداخلي ومسلحين في اللاذقية    مجلس الكنائس العالمي: مستقبل غزة لن يُحدَّد بقرارات خارجية    موقف عبد الله السعيد من اللحاق بالزمالك في لقاء كايزر تشيفز    منتخب الطائرة يفوز على السويحلي الليبي وديا قبل المشاركة في بطولة التحدي بالأردن    مدحت شلبي يحضر لنقابة الإعلاميين بشأن شكوى النادي الأهلي ضده    سيول وسحب رعدية.. تحذيرات عاجلة من الأرصاد لجنوب الصعيد وسلاسل البحر الأحمر    زاهي حواس: 70% من آثار مصر ما زالت مدفونة تحت الأرض    حازم العبيدى: رسائل الرئيس السيسى أحدثت طمأنينة للناخبين    في ندوة خاصة، شوقي علام يوضح مراحل بناء الفتوى من صياغة السؤال وحتى الخروج بالحكم الشرعي    اليوم.. افتتاح الدورة العاشرة من مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابى    بعد أزمته الصحية الأخيرة.. أول ظهور ل تامر حسني رفقة أسماء جلال في عمل فني جديد    غرفة العمليات المركزية لحزب الإصلاح والنهضة تتابع التصويت بانتخابات مجلس النواب    المرأة وكبار السن وذوي الهمم يتصدرون المشهد الانتخابى بالشرقية    ارتفاع نسبة التصويت بلجان جنوب سيناء وحضور كثيف للناخبين    وزير الداخلية: استنفار أمني يضمن انتخابات تليق باسم مصر.. والعملية الانتخابية تسير بشكل منتظم (فيديو)    روني يهاجم صلاح ويطالب سلوت بقرار صادم لإنقاذ ليفربول    أحمد المسلماني يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب    سعر الريال السعودى مقابل الجنيه اليوم الإثنين 24-11-2025    «بعد ضجة البلوجر سلمى».. نصائح مهمة تحميكي من التشتت وتثبتك على الحجاب    مظهر شاهين: برنامج «دولة التلاوة» نجح فى أن يعيد القرآن إلى صدارة المشهد    الهلال الأحمر المصري يشارك في تقديم الدعم للناخبين خلال المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    الرئيس التنفيذي لهونج كونج يشكك في جدوى العلاقات مع اليابان بعد النزاع بشأن تايوان    يسرا ودرة يرقصان على "اللي حبيته ازاني" لحنان أحمد ب "الست لما"    محمد مسعود إدريس من قرطاج المسرحى: المسرح فى صلب كل الأحداث فى تونس    وزير التعليم: التحضير لتوقيع بروتوكولات تعاون مع إيطاليا لإطلاق 89 مدرسة تكنولوجيا تطبيقية جديدة    ننشر قرار زيادة بدل الغذاء والإعاشة لهؤلاء بدايةً من ديسمبر    خلال زيارته لوحدة بني عدي.. محافظ بني سويف يوجه بمتابعة رضيعة مصابة بنقص هرمون الغدة الدرقية    ضبط 1038 مخالفة مرورية لعدم ارتداء الخوذة    إصابة 8 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص فى ترعة على طريق دمياط الشرقى بالمنصورة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فاجتهد ان تكون باب سرور 000!؟    احزان للبيع..حافظ الشاعر يكتب عن:حين يختلط التاريخ بالخطابة الانتخابية.    «الرزاعة»: إنتاج 4822 طن من الأسمدة العضوية عبر إعادة تدوير قش الأرز    إصابة 8 عمال زراعة بتصادم سيارة وتوكوتك ببني سويف    اليوم.. إياب نهائي دوري المرتبط لكرة السلة بين الأهلي والاتحاد    الداخلية تواصل عقد لقاءات مع طلبة المدارس والجامعات للتوعية بمخاطر تعاطى المواد المخدرة    استقبال 64 طلبًا من المواطنين بالعجوزة عقب الإعلان عن منظومة إحلال واستبدال التوك توك بالمركبات الجديدة    كأس العرب - متى يتحدد منافس مصر الأخير في دور المجموعات    المرأة الدمياطية تقود مشهد التغيير في انتخابات مجلس النواب 2025    إندونيسيا: إصابة 3 أشخاص ونزوح أكثر من 500 شخص جراء ثوران بركان سيميرو    الفيضانات توقف حركة القطارات وتقطع الطرق السريعة جنوبي تايلاند    هبوط المؤشر الرئيسي للبورصة بمنتصف التعاملات بضغوط تراجع أسهم قيادية    مستشفيات جامعة بني سويف تستقبل 26 ألف مواطن خلال شهر نوفمبر الجاري    الصحة: لا توصية دولية بإغلاق المدارس بسبب الفيروسات التنفسية لعدم جدواها    د. أحمد ماهر أبورحيل يكتب: الانفصام المؤسسي في المنظمات الأهلية: أزمة حقيقية تعطل الديمقراطية    وزارة الدفاع الروسية: مسيرات روسية تدمر 3 هوائيات اتصالات أوكرانية    كيفو: محبط من الأداء والنتيجة أمام ميلان.. وعلينا التركيز أمام هجمات أتلتيكو مدريد المرتدة    الوزراء: مصر في المركز 65 عالميًا من بين أفضل 100 دولة والأولى على مستوى دول شمال إفريقيا في بيئة الشركات الناشئة لعام 2025    وزير الصحة يستعرض المنصة الرقمية الموحدة لإدارة المبادرات الرئاسية ودمجها مع «التأمين الشامل»    الرعاية الصحية بجنوب سيناء تتابع خطة التأمين الطبي لانتخابات مجلس النواب    رئيس جامعة القاهرة يشهد افتتاح مؤتمر المعهد القومي لعلوم الليزر    اليوم.. نظر محاكمة 9 متهمين بخلية داعش مدينة نصر    أدعية المظلوم على الظالم وفضل الدعاء بنصرة المستضعفين    نتيجة وملخص أهداف مباراة ريال مدريد ضد إلتشي في الدوري الإسباني    مسلم ينشر أول فيديو بعد رجوعه لزوجته يارا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا أنت منفعل؟
نشر في التغيير الإلكترونية يوم 09 - 03 - 2011

عندك حق، المسألة كلها لا تستحق الانفعال، يجب أن ننسى الماضى ولا نفكر فى القصاص لأن لدينا ما هو أهم بكثير، نعم يا افندم؟ تريدنا أن نسمو ونتعالى ونبعث بباقات ورود إلى حسنى مبارك فى شرم الشيخ لنقول له آسفين يا ريس، وننسى رغبتنا فى محاكمته هو وأفراد أسرته على مسؤوليتهم السياسية فى قتل المصريين وتعذيبهم وترويعهم،
تريدنا أن نتسامح مع كل من كان جزءاً من نظام مبارك وظل يدافع عنه حتى آخر لحظة وينفذ سياساته ويسكت على جرائمه وينافقه ويوالس عليه ويطعن فى كرامة المعارضين له ووطنيتهم؟ فعلا عندك حق، المسامح كريم ولازم نبص لقدام وننسى الماضى، والله كلامك حكيم ونبرة صوتك الهادئة تبعث فى نفسى الطمأنينة، وأنا آسف أننى أصبحت أنفعل كلما سألتنى «هو إنت ليه منفعل؟».
لن أطلب منك أن تكون منفعلاً أبداً، فبالتأكيد ليس لديك ابن فى عمر الزهور ضربته رصاصة غادرة فى رأسه فتناثر مخه على الرصيف لمجرد أنه خرج فى مظاهرة سلمية تطالب بغد أفضل لبلاده، أظن أنك لا تملك أخاً دهسته سيارة مصفحة فأصبح مشلولاً يرقد بين الحياة والموت، وما شاء الله أرى عينيك سليمتين ولم تطيرا بفعل رصاصة مطاطية وجهها لك ضابط تلقى أوامر بأن يضرب فى المليان، لا أظن أنك كدت تختنق بفعل القنابل المسيلة للدموع منتهية الصلاحية، أو أن شظية أو رصاصة استقرت فى رجلك، أو أنك ستحمل على جلدك إلى الأبد آثار جرح نلته وأنت تدافع عن رغبتك فى أن تكون بنى آدم، لا أظنهم سحلوك على الأسفلت وضربوك على قفاك وانهالوا عليك بالهراوات والعصىّ الكهربائية لأنك هتفت أنك تريد إسقاط نظام نشر الفساد وأذل العباد ومرمط البلاد.
ما أوضح منطقك يا سيدى عندما تقول لى ببساطة: «إذا كنت لم أر كل هذا ولم أشهده ولم أعشه ومادام بعيداً عن بيتى وأسرتى ودارى فلماذا أنفعل؟ لماذا أخرج لكى أطالب بمصر جديدة ومختلفة تعيش قطيعة كاملة مع الماضى الذى كان يحدث فيها، كل هذا لغيرى، أنا رجل عشت فى عهد مبارك أحسن عيشة، كنت آمناً معافى قادراً على تلبية كل احتياجاتى وتأمين مستقبل أولادى، أنا لم أر من هذا الرجل حاجة وحشة فلماذا تنفعل عندما أسألك: وهو مبارك عمل لكو إيه؟ وليه ماصبرتوش على شفيق؟ وإيه اللى مخليكو قارفيّنا كل شوية بمطالبكو؟ وهى مطالبكو دى مش هتخلص أساساً؟».
لماذا أتجاوز فى حقك وأطلب منك أن تنفعل؟، هل لديك بنت أو أخت أو زوجة تم انتهاك عرضها فى مقر من مقرات أمن الدولة؟ هل علّقوك على الشواية كأنك كلب ضال؟ هل عصبوا عينيك و«كلبشوك خلفى» ثم رموك فى زنزانة انقطعت فيها عن العالم حتى كدت تفقد عقلك؟ هل وضعوا عصا فى مؤخرتك وجعلوك تصرخ طلباً للرحمة؟ هل قاموا بتعريتك من ملابسك وأخذوا يسبون لك الدين ويشتمون أمك بأحط الألفاظ؟ هل ظللت محتجزا فى سجن سرى فى مقر من مقرات أمن الدولة فى نفس الوقت الذى يقسم فيه رئيس الوزراء ووزير الداخلية أن مصر لا يوجد فيها معتقلون سياسيون؟ هل تعرضت للتنصت على هاتفك وانتهاك خصوصياتك؟ هل حاربوك فى رزقك وحرموك من حقك لأنك لم تكن عبداً لهم؟ هل شعرت بالقهر وأنت ترى من هو أحط منك قدرا وأقل كفاءة وهو يحصل على مكانة كنت تستحقها لمجرد أنه مخبر أو واطى أو لحَّاس أعتاب؟ هل شعرت بالإهانة وأنت ترى حرامى آثار أو تاجر مخدرات أو لص أراض يمثلك فى البرلمان لمجرد أنه واصل ومسنود من فوق؟
هل غرق عزيز عليك فى عَبّارة متهالكة مسنودة من فوق، أو احترق لك صديق فى مسرح ضيق أو قطار حقير أو شَحَت قريب لك لكى يتعالج؟ هل حرموك يوماً من وظيفة تستحقها لأنك غير لائق اجتماعياً أو لأن قريباً لك من الدرجة الرابعة لديه انتماء معارض؟ هل أهينت كرامتك وأنت ترى رئيس بلدك يفخر بصداقة الإسرائيليين بينما يسحل أبناء وطنه فى السجون والشوارع؟ هل غرق لك أقارب فقراء فى البحر وهم يحاولون الهروب من بلاد يُكَدِّس حاكمها المليارات هو وأسرته وأصدقاؤه؟ هل شعرت بالقهر وأنت ترى حقك فى العدالة يذهب لغيرك بمكالمة تليفون؟ هل اقتحموا بيتك فى الفجر ليأخذوك من وسط أولادك فيما زوجتك تحاول أن تستر نفسها وتهدئ أطفالك؟ هل كادت عينا أمك تعميان من البكاء لأنها فقط تريد أن تراك قبل أن تموت؟ هل تمنى أهلك الموت كل يوم لكى يرتاحوا من عذاب عدم معرفتهم هل أنت حى أم ميت؟ هل مات طفلك بين يديك لأنه لم يجد علاجا آدميا فى مستشفى حكومى؟
نعم، أنا أنفعل لأننى رأيت كل هذا وعرفته وشاهدت ضحاياه بأم عينىّ، أنفعل حتى لو لم يحدث لى مباشرة، فأنا أؤمن بأن الله سيحاسبنى إذا سكتُّ على الظلم والفساد والتعذيب والقمع والتزوير، وإذا لم أختر من اليوم فصاعدا لرئاسة بلادى ومجالسها النيابية والمحلية شخصا لم يتلوث بفساد أو ظلم أو تزوير أو تواطؤ مع الماضى المباركى، صدقنى أنا رجل واقعى على عكس ما قد تظن، ولذلك أؤمن بأن الحياة سلف ودين، وأننى ذات يوم سأدفع الثمن غاليا إذا تخيلت أن أمنى الشخصى أهم من حرية الوطن، أو تصورت أن مصلحتى أبدى من مصلحة المستضعفين والمقموعين، عندها قد أموت فى تفجير داخل مول يقوم به شاب تعرض لهتك عرضه فى مقر أمنى وخرج يائساً من كل شىء، ربما تُغتصب قريبة لى على أيدى أوغاد انشغل عنهم ضابط شرطة مشغول بجمع الإتاوات وتأمين الكبار، سيتعرض بيتى للنهب والسرقة بفعل ثورة الجياع، سيُصاب ابنى بمرض عضال بسبب تلوث كل شىء يأكله ويشربه ويتنفسه بفعل الفساد والإهمال، ستتعرض حريتى الشخصية للترويع على أيدى المتطرفين الذين أنتجهم نظام تعليمى فاشل وثقافة مشوشة، سينفجر وطنى بفعل فتنة طائفية يذكيها نظام فاسد يستغلها لإلهاء الشعب عن فساده، سيدمن ابنى المخدرات لأن المسؤول عن مكافحتها ليس حريصاً على أداء واجبه لأن بقاءه فى منصبه ليس متوقفاً على صوتى الانتخابى بل على رضا مسؤوليه عنه، باختصار هناك ألف طريقة للبلاء ستصيبنى إذا لم أدرك أننى يجب أن أكون منفعلا من أجل أن تعيش بلادى قطيعة كاملة مع الماضى المباركى اللعين.
هل فهمت الآن لماذا أريدك أن تنفعل؟ هل فهمت لماذا يحبطنى دفاعك عن شخص ونسيانك لآلام شعب بأكمله؟، هل فهمت لماذا أنفعل عندما أراك رخواً ليناً وأنا أُذكّرك بدماء الشهداء والجرحى وآلام المسجونين ولوعة أهالى المفقودين وحرقة قلوب المظلومين؟ أنا والله لا أريدك أن تنفعل من أجل كل هؤلاء، بل من أجل ألا تعيش يوماً ما مصيرهم؟.
الآن يتملكنى أمل أنك بعد أن شاهدت كيف تتنزل عدالة السماء على الظلمة والفاسدين وأعوانهم، وقريباً على الذين سكتوا على ما كان حولهم من ظلم وفساد وطغيان ربما بعد كل ذلك تفكر ملياً فى حالك ومواقفك فتدرك أن السكوت عار، والصمت تواطؤ، وتمشية الحال خيانة، وتقتنع أن الانفعال واجب وطنى لن نبنى بلدنا بغيره، وأن بناء البلاد لا يعنى أبدا التوقف عن هدم ماضيها المخزى، وأن التفكير فى المستقبل لا يعنى التسامح مع جرائم الماضى، وأننا إذا كنا ندعم حكومة عصام شرف ونجدد ثقتنا فى الجيش فإننا نفعل ذلك لأننا ننتظر تنفيذ تعهداتهم بالاستجابة لمطالبنا بسرعة القصاص لدماء الشهداء ومواصلة محاكمات الفاسدين والإسراع فى استرداد ثروات مصر المنهوبة والإفراج عن المعتقلين السياسيين، وأننا لن نشهد مستقبلا مشرقا أبدا بغير كل ذلك، لأن الله لا يرضى لعباده الظلم.
من حقك ألا تنفعل، لكننى سأظل منفعلا حتى أرى مصر وقد طالت أيدى العدالة فيها مبارك وأسرته وأذنابه، سأظل منفعلا حتى تنعم مصر برئيس منتخب مقيَّد السلطات، ودستور عصرى ومجالس نيابية غير مزوّرة وقضاء مستقل، وإعلام حر، وأمن يستمد هيبته من القانون لا من شخطة الضابط، وتعليم ديمقراطى، وتأمين صحى للجميع، عندها فقط سأُعَلِّق انفعالى مؤقتا، وسأستعير هدوءك المستفز لأسأل أول منفعل أقابله: «أنا نفسى أفهم إنت منفعل ليه؟».
المصرى اليوم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.