ما زالت تونس وتداعيات ثورتها الشعبية المباركة وتأثيرها في الشباب العربي تستولي على صدارة الصحف المصرية والعربية والدولية، وبجانب ذلك كان هناك عدد من العناوين، بينها دراسة حول الأوضاع النفسية للمجتمعات العربية وانتشار أمراض الكآبة، وتطورات الأوضاع في السودان، والحديث عن اتجاه المعارضة اللبنانية لتشكل حكومة تستبعد تيار المستقبل، وانعدام شعور الأمان لدى المصريين، وقرار مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر بتجميد الحوار مع الفاتيكان لأجل غير مسمي، وموافقة «البابا» علي سفر الأقباط للعمل في إسرائيل. المجتمعات العربية تعاني أمراضاً نفسية والبداية نختارها اليوم من صحيفة "الحياة" اللندنية التي تناولت في مقال تحليلي لأحمد المغربي الوضع النفسي في الكثير من المجتمعات العربية، تحت عنوان "المجتمعات العربية تعاني أمراضاً نفسية - عقلية... وتنكرها."، قال فيه: "من أكثر الأشياء المسكوت عنها في حياة المواطن العربي، الأمراض النفسية والعقلية. إنها أمراض مرفوضة في الثقافة السائدة عربياً. ونادراً ما تُذكر الصحة النفسية باعتبارها جزءاً أصيلاً من الصحة. وتابع: "عندما تذكر الأمراض النفسية تحضر فئة الأمراض الأشد قوة مثل الشيزوفرينيا Schizophrenia (فصام Psychosis) والكآبة المزدوجة القطبية Bipolar Depression (هوس - كآبة). وفي الطرف الأقصى من المروحة الواسعة هناك الخرف Dementia والتخلف العقلي Mental Retardation وغيرها." وتابع: "بذلك، تظهر صورة مركبة عن انتشار الأمراض النفسية والعقلية في بشكل كبير في الدول النامية، خصوصاً العالم العربي، مع عدم الاعتراف بها ووجود وصمة اجتماعية وثقافية بصددها. يستمر المجتمع مضطرباً، لكنه لا يعرف بذلك..." والمصريون لا يشعرون بالأمان.. أما صحيفة "المصري اليوم" فقد أبرزت موضوعا قريبا لكن على المستوى المحلي بعنوان: "استطلاع حكومي: المصريون لا يشعرون بالأمان في وطنهم." وقالت الصحيفة: "كشف استطلاع حكومي للرأي، أن غالبية مواطني مصر، لا يشعرون بالأمان في وطنهم، بسبب زيادة معدلات الجريمة، وتصاعد الفساد، واستغلال النفوذ، وسيطرة رأس المال، وتفاقم ظاهرة الاستخفاف بالقانون." وحسب الاستطلاع، الذي أجراه المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، من خلال طرح أسئلة على 100 مواطن، فإن 90٪ منهم قالوا إن ارتفاع معدلات الجريمة سبب إحساسهم بنقص الأمان، وإن إجراءات الأجهزة المعنية لا تكفى لسد أبواب الإجرام والانحرافات، وضرب بعضهم المثل بجرائم مستحدثة لطبقة الصفوة. العدوى التونسية ربما هذا ما شجع الدكتور وحيد عبدالمجيد، لتذكيرنا ب"العدوى التونسية" في "المصري اليوم"، حين يقول: "إنها، إذن، العدوى التى تخشى حكومات عربية عدة أن تنتقل من تونس التى حقق شبابها تحولاً نوعياً فى التعبير عن الغضب المتراكم من جراء سياسات أدت إلى تفاقم الفقر وتضخم ثروات الأكثر ثراء. وبالرغم من أن أجهزة الدولة المصرية تتميز بحساسية خاصة فى مثل هذه الظروف، فقد أبدى بعض أركان الحكومة وأباطرة المال ثقة مفرطة عبر تأكيد أن ما حدث فى تونس لا يمكن أن يؤثر فى مصر...ويبدو أن هؤلاء ينامون على حرير ولا يشعرون بما آلت إليه الحال فى قاع المجتمع.." "..فقد كان نظراؤهم فى تونس سعداء بالنمو الاقتصادى الذى تحقق لسنوات وأدى إلى شيوع اعتقاد فى أنهم حققوا معجزة." لا تدفنوا الرءوس فى الرمال نعم هذا صحيح.. لكن الأستاذ فهمي هويدي في "الشروق" المصرية يرى أن "أصل الداء الذى ساعد على قتل النظام، قمعه الشديد لحرية الرأى والتعبير، وتكميمه لكل الأفواه، وسيطرته على كل وسائل الإعلام التى لم تكن تستطيع أن توجه نقدا لحكومته أو تصرفات بطانته. وكانت نتيجة هذه السياسات استمرار الغليان تحت السطح.." لا تقلقوا..مصر بأمان!! لا.. لا.. لا هذا ولا ذلك، فمصر بأمان وكله تمام.. هذا ما أكده لنا سابقا في جريدة "الأخبار" أنور محمد بقوله: "لأنه نصير الفقراء والبسطاء ومحدودي الدخل والأسر الأولى بالرعايا والمهمشين ستظل مصر بإذن الله - آمنة وقوية ومحورية وقوة إقليمية لا يستهان بها ولأنه سابق عصره في إحداث إصلاحات سياسية ودستورية وقانونية واقتصادية واجتماعية بخطوات محسوبة متدرجة فلن يحدث لمصر ما حدث في تونس من ثورة شعبية أجبرت الديكتاتورية زين العابدين بن علي على الهرب وسرقة أموال وذهب البنك المركزي.." ف"الواهمون الذين يريدون لمصر سوءا لن يفلحوا أبدا لأن مصر قوية وشعبها طيب ومتسامح، ولكن أقول للحكومة عليها ان تهتم بمشاكل البسطاء". فكر جديد.. طحن! وهذا كله، وغيره مثل ما جرى في القمة العربية الاقتصادية الأخيرة.. ناتج طبعا عن الفكر الجديد "الطحن"، الذي كتب عنه زميلنا محمد أمين في جريدة "الوفد": - أصحاب الجلالة والفخامة والسمو.. تعهدتم فى القمة الاقتصادية بشرم الشيخ، بأن تعالجوا الأمور بفكر جديد.. وتحلوا مشكلات الفقر والجوع والبطالة بفكر جديد.. معنى هذا أنكم قررتم الرحيل فجأة! - الوزير أحمد أبوالغيط، قال: إن القادة العرب، لم يتعرضوا فى القمة لأحداث تونس.. طبعاً كيف يناقشون قضية بهذه الخطورة، ويفقدون متعتهم بالشمس والبحر والوجه الحسن؟.. فى داهية ألف زين العابدين! - الأخ العقيد معمر القذافى كان من أشد المتحمسين لعودة الرئيس" الزين"، باعتباره الرئيس الشرعى.. لماذا لم يحضر القمة؟.. ولماذا لم نسمع له صوتاً بعد خطابه الغريب، عن عودة الرئيس المخلوع؟.. هل طلب منه أحد أن يسكت؟! - الرئيس مبارك لم يكن فى " الموووود" أثناء قمة شرم الشيخ.. ولولا أنها محددة سلفاً لكان قد طلب تأجيلها.. ولو أنها كانت فى بلد آخر لما ذهب إليها - الأمين العام عمرو موسى، أصر علي تذكير الحكام العرب بأحداث تونس.. وكان صريحاً ومؤلماً حين قال" النفس العربية منكسرة بالفقر والبطالة.. وما حدث فى تونس من ثورة ليس بعيداً عن موضوع هذه القمة".. درس لمن يتعلم! - عدد من الرؤساء العرب تغيبوا عن قمة شرم الشيخ.. أبرزهم القذافى وبوتفليقة والأسد والملك عبدالله.. بعضهم نشرت عنه صحيفة ليبراسيون الفرنسية موضوعاً عنوانه" الدور على مين؟"! - سكت قادة الفكر الجديد "طحن".. ولم يعلق واحد منهم على ثورة تونس.. طبعاً علشان عدم استفزاز المواطنين.. بعض الصغار قال: " الحكومة عاملة اللى عليها.. ووزراؤها لا ينامون"..! دمتم يا سادة وشكرا.. ومن أراد أن يطلع على نتائج تلك القمة فليذهب إلى "الأهرام المسائي" ويقرأ مقال عبداللطيف المناوي، الذي مهد لها بقوله: "ها هي التزامات القادة في القمة العربية الاقتصادية أمام الشعوب العربية والتي تعهدوا بتنفيذها أنشرها كما جاءت في البيان الختامي، ونحن في انتظار تنفيذ ما التزمتم به أمام شعوبكم...!!" يا سيدي كله كلام تخاريف بحسب وصف برهان غليون في "الوسط البحرينية" اليوم ثورات عربية وخلافه ويعود بنا ثانية هاني الريس في "الوسط البحرينية" إلى أجواء القلق والأمل، بقوله: "لقد حان الوقت الآن، لكل الحكومات العربية، التي مازالت تناطح الجدار وتتشدد في ممارسة القمع والاستبداد، مستقوية بمختلف أجهزتها المخابراتية والأمنية وارتباطاتها مع قوى خارجية، ضد خيارات وطموحات شعوبها، ولم تتعظ بعد من تأثيرات التحولات والتغييرات الكاسحة التي عصفت ب «أعتى إمبراطورية أمنية» في شمال إفريقيا والوطن العربي، أن تتخلى عن ماضيها القمعي التعسفي، وتتفهم جيدا مطالب شعوبها الجائعة والمحرومة من أبسط حقوق المواطنة المشروعة في مجتمعاتها، قبل أن تعصف بها رياح التغيير الشعبية الجارفة وتقتلعها عن بكرة أبيها من الوجود، والتي هي بالفعل بدأت تشق طريقها اليوم نحو التغيير الحقيقي والجوهري، في أكثر من بلد عربي.." تحية طيبة.. وبعد وبعد كل الاختلاف والاتفاق حول الفكر الجديد "الطحن" لا نملك إلا نبعث على لسان الشاعر فاروق جويدة من "الأهرام" بتحية للشعب التونسي العظيم وشبابه الرائع وثورته التي أعادت الروح لهذه الأمة ونرجو أن تكون بداية عهد جديد أكثر رخاء واستقرارا وحرية.. ونردد معه: في كل يوم يأكل الجلاد لحم الشعب.. يلقي ما تبقي في صناديق القمامه ويطوف يسأل في الشوارع أين يا شعبي طقوس الحب.. عندك والزعامه ؟ وعلي رصيف القهر.. ماتت أمة ثكلي.. وودعت الكرامة أطفالنا بين المقابر يأكلون الصبر.. يرتعدون في زمن الندامة والناس ضاعت خلف قضبان السجون ... هذي الجماجم سوف تصبح في سواد الليل نيرانا تقوم بها القيامة ونري لصوص العصر كالفئران.. تصرخ.. في صناديق القمامة