محافظ الأقصر يتفقد مدرسة جديدة ويتابع تطوير كورنيش النيل بالقرنة    زلزال بقوة 6 درجات قبالة سواحل جزيرة جاوة الإندونيسية    جارناتشو يقود هجوم تشيلسى ضد بنفيكا فى ليلة مئوية البلوز    الأهلى يتأخر أمام برشلونة 14-8 فى الشوط الأول بنصف نهائى بطولة العالم لليد    ضبط 2.7 طن دقيق مدعم قبل تهريبها للسوق السوداء بطما شمال سوهاج    طقس الإسكندرية غدا.. الأرصاد تحذر من شبورة مائية صباحا وهطول أمطار ليلا    كبير الأثريين: المتحف المصرى الكبير هدية مصر للعالم وأيقونة تترقبها الإنسانية    "أنا حاربت إسرائيل".. الموسم الثالث على شاشة "الوثائقية"    الصحة تحذر شراء الأدوية من صفحات الإنترنت: مجهولة المصدر ومنتهية الصلاحية ومغشوشة    وزير الزراعة يتحدّث للقناة الأولى عن العلاقة مع جهاز مستقبل مصر والقطاع الخاص    نقيب المحامين يتلقى دعوة للمشاركة بالجلسة العامة لمجلس النواب لمناقشة مشروع قانون "الإجراءات الجنائية"    بلاغ ضد فنانة شهيرة لجمعها تبرعات للراحل إبراهيم شيكا خارج الإطار القانوني    "الرعاية الصحية" تطلق 6 جلسات علمية لمناقشة مستقبل الرعاية القلبية والتحول الرقمي    أيمن عبدالعزيز: الزمالك لعب أمام الأهلي 80 دقيقة بلا مدرب    وزير الإسكان يُعلن بدء تسليم وحدات مشروع "ڤالي تاورز إيست" بالعبور الجديدة ضمن مبادرة "بيتك في مصر"    المايسترو محمد الموجي يتولى إدارة مهرجان الموسيقى العربية بعد اعتذار تامر غنيم    خبير أوروبي: التوتر بين روسيا والناتو "على حافة حرب مباشرة"    الرئيس السيسي يؤكد ضرورة بدء إعداد إستراتيجية جديدة لحقوق الإنسان    ترامب يعلن إنجازاته فى الأمن الدولى ويطالب بجائزة نوبل للسلام    بدر محمد: تجربة فيلم "ضي" علمتنى أن النجاح يحتاج إلى وقت وجهد    زينة أشرف عبد الباقى: أشعر بتوتر كبير فى العمل مع والدى    محافظة الجيزة: رفع السيارات المتهالكة وحملة نظافة مكبرة بفيصل    «العمل» تجري اختبارات جديدة للمرشحين لوظائف بالأردن بمصنع طوب    محافظ الغربية يتفقد الوحدة الصحية ومركز الغسيل الكلوى والحضانات بقرية أبشواى الملق    وزير التربية والتعليم يصدر قرارًا وزاريًا بشأن حافز التفوق الرياضي    "زراعة الفيوم" تنظم ندوة إرشادية حول محصول الكانولا كأحد المحاصيل الزيتية الواعدة    بث مباشر لمباراة توتنهام ضد بودو جليمت اليوم في دوري أبطال أوروبا    تقارير: مفاوضات اتحاد جدة مع يورجن كلوب تسير في اتجاه إيجابي    موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 رسميًا.. قرار من مجلس الوزراء    الأمم المتحدة: لم نشارك في وضع خطة ترامب بشأن غزة    وفاة غامضة لسفير جنوب أفريقيا في فرنسا.. هل انتحر أم اغتاله الموساد؟    انتشال جثمان ضحية جديدة من أسفل أنقاض مصنع البشبيشي بالمحلة    برج القاهرة يتزين ب لوجو واسم مستشفى الناس احتفالًا ب«يوم القلب العالمي»    «الداخلية»: تحرير 979 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة ورفع 34 سيارة متروكة بالشوارع    احذر من توقيع العقود.. توقعات برج الثور في شهر أكتوبر 2025    عرض «حصاد» و «صائد الدبابات» بمركز الثقافة السينمائية في ذكرى نصر أكتوبر    لطلاب الإعدادية والثانوية.. «التعليم» تعلن شروط وطريقة التقديم في مبادرة «أشبال مصر الرقمية» المجانية في البرمجة والذكاء الاصطناعي    «واحدة من الدول الثلاث».. وزير: كوريا الشمالية قادرة على ضرب البر الرئيسي الأمريكي    التقديم مستمر حتى 27 أكتوبر.. وظائف قيادية شاغرة بمكتبة مصر العامة    اتحاد الكرة يؤكد ثقته في الحكام المصريين    الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر يحدد ضوابط التعامل مع وسائل التواصل ويحذر من انتحال الشخصية ومخاطر "الترند"    قافلة طبية وتنموية شاملة من جامعة قناة السويس إلى حي الجناين تحت مظلة "حياة كريمة"    انكماش نشاط قناة السويس بنحو 52% خلال العام المالي 2024-2025 متأثرا بالتوترات الجيوسياسيّة في المنطقة    صلاح أساسيا في تشكيل ليفربول المتوقع أمام جالاتا سراي    التحقيق مع شخصين حاولا غسل 200 مليون جنيه حصيلة قرصنة القنوات الفضائية    ضبط 5 ملايين جنيه في قضايا اتجار بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    مصرع 7 عناصر إجرامية شديدة الخطورة في تبادل لإطلاق النار مع الشرطة بالبحيرة    قناة مجانية تنقل مباراة منتخب الشباب ضد نيوزيلندا في المونديال    مبعوث رئيس كوريا: مصر تلعب دورا محوريا فى تعزيز سلام واستقرار المنطقة    مهن المستقبل.. جدارات متجددة    ما حكم ما يسمى بزواج النفحة.. الإفتاء توضح    ما حكم قتل الكلاب الضالة المؤذية؟ دار الإفتاء تجيب    تعرف على العد التنازلى لشهر رمضان المبارك وأول أيامه فلكيا    الأهلي يصرف مكافآت الفوز على الزمالك في القمة للاعبين    رئيس الوزراء يتفقد عددا من المنشآت التعليمية بقرية سبك الأحد    "حياة كريمة" و100 مليون صحة.. السيسي يستعرض أبرز المبادرات الوطنية لتحقيق التنمية الشاملة    مجلس الشيوخ ينعقد الخميس 2 أكتوبر و17 أكتوبر نهاية الفصل التشريعي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-9-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خبيرة فى المعهد الملكى البريطانى (للشروق): مقاطعة الانتخابات كانت (الخيار الأفضل) للمعارضة

الباحثة البريطانية الجنسية - المصرية الأصل - مها عزام
فرص «التوريث» لا تزال «قوية.. ما لم يقع شىء غير متوقع»، و«سيناريو أوروبا الشرقية» هو الأكثر ملاءمة لإحداث «تغيير جذرى» فى مصر، أما الناشط السياسى والمدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، الدكتور محمد البرادعى، ف«غير واضح من الناحية الأيديولوجية».
هذا غيض من فيض مما جاء على لسان الباحثة البارزة فى المعهد الملكى للشئون الدولية فى بريطانيا «تشاتام هاوس»، الدكتورة مها عزام مصرية الأصل بريطانية الجنسية، فى حوارنا معها فى لندن.. ولكن البداية كانت بطبيعة الحال مع الانتخابات التشريعية المقررة السبت المقبل، والتى رأت الباحثة البريطانية أنه كان من الأفضل على قوى المعارضة عدم المشاركة فيها من الأساس.
د. عزام، الباحثة فى برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فى المعهد المرموق، تشير فى هذا الصدد إلى أن العديد «يقولون إنه ربما تكون المقاطعة فكرة جيدة، لأننا نعلم أنها لن تكون (انتخابات) نزيهة أو حرة، وأنها ستشهد تدخلا حكوميا مثلما حدث فى الماضى. كما أنه لن يكون هناك مراقبون دوليون.. والنتائج النهائية للانتخابات لن تخلو من التدخلات».
أما البديل بنظرها فيكمن فى «المضى قدما على طريق المعارضة للحكومة عبر المظاهرات والاحتجاجات والعصيان المدنى أينما وحيثما كان ذلك ممكنا»، مُعتبرة فى ذات الوقت أن المقاطعة من قبل الناخبين للاقتراع ربما تمثل خيارا له تأثيره، خاصة أن «قلة المشاركة فى الانتخابات، كإجراء عقابى للحكومة الحالية، يشكل أحد مصادر القلق الرئيسية لدى الكثيرين فى أروقة النظام المصرى».
نفحة الديمقراطية التى تلاشت
وبحسب الباحثة، المقيمة فى بريطانيا منذ نحو أربعة عقود، فإن «المجتمع المصرى يرغب فى أن يخرج ويحتج على العديد من الإجراءات التى يتخذها النظام سواء فى المجال الاقتصادى أو غير ذلك من المجالات»، ولكن ذلك لا ينفى أن ثمة «حدودا لما يمكن للمصريين القيام به فيما يتعلق بالإعراب عن مواقفهم المعارضة.. بالنظر إلى الوضع الراهن الذى لا يسمح بحرية الاجتماعات أو حرية التظاهر».
وعلى ذكر الوضع الراهن، اعتبرت د.عزام أن الفترة التى شهدت انفتاحا ديمقراطيا نسبيا فى مصر، بدءا من عام 2005 والتى سماها البعض بربيع الديمقراطية انتهت دون شك.. فى ضوء أننا لم نتقدم، بل عدنا إلى الخلف، مُستخدمة فى هذا السياق تعبيرا إنجليزيا يقول «خطوة إلى الأمام وخطوتان إلى الوراء»، قبل أن تستدرك بالقول إن ما يحدث هو «ثلاث أو أربع خطوات إلى الوراء وليس اثنتين فحسب».
وبرأيها فإن «البلدان التى هى على شاكلة مصر بحاجة للسير بإيقاع أسرع من ذلك بكثير، فيما يتعلق بالإصلاح السياسى. ما جرى هو أن هذا الإصلاح لم يحدث، لم نحصل سوى على نفحة قليلة منه، مجرد نفحة. وهذه النفحة تم التراجع عنها».
وعندما تُسأل د.عزام عن العوامل التى قادت لمثل هذا التراجع وساعدت النظام فى مصر عليه، تنقسم إجابتها إلى جانبين: خارجى وداخلى «فمن الخارج لا يوجد تأثير كاف. الضغوط الواقعية التى تمارسها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى غير كافية. الجانبان يطالبان بإصلاح سياسى ويريدان احتراما أكبر لحقوق الإنسان فى مصر. هما يمارسان بعض الضغوط وهذا ليس كافيا».
لكن العوامل الخارجية ليست الأهم بنظر الباحثة المرموقة، إذ تعتبر أن «العنصر الأهم هو الداخل.. فليس هناك ضغط كاف أو معارضة داخلية كافية. وحيثما تكون هناك معارضة، فإن النظام يتمكن من السيطرة عليها بوسائل أمنية وبقانون الطوارئ.. بجانب ذلك فإن الوضع الاقتصادى فى مصر جعل الكثيرين غير قادرين سوى على السعى للبقاء على قيد الحياة فحسب».
ورغم أنها تقول إنه «حتى الجوعى بوسعهم الانتفاض»، فإنها توضح أن من بين ما يمنع حدوث ذلك فى مصر «أن هناك قدرا كبيرا من الفساد فى المجتمع، مما يُمكن النظام من الإبقاء على قدرته على السيطرة.. هناك نسبة كبيرة من الناس الذين جنوا أموالا من وراء هذا النظام، ويبدون له الدعم ولا يمارسون عليه ضغوطا باتجاه الإصلاح السياسى».
وطن وليس شركة
وبالانتقال إلى ملف الانتخابات الرئاسية المقررة بعد نحو عام من الآن، وعدم الإعلان رسميا بعد عن مرشح الحزب الوطنى الحاكم فى هذه الانتخابات مما يفتح الباب لتنفيذ ما يسميه البعض ب«سيناريو التوريث»، تعتبر الباحثة البارزة فى «تشاتام هاوس» أنه ليس هناك اختلاف «بين استمرار نظام ورئيس قابع فى السلطة منذ تسعة وعشرين عاما، أو تولى نجله. الأمران يؤديان للطريق نفسه. هذه ليست شركة خاصة.. هذا وطن».
وتتوقع أنه «بالنظر إلى سن (الرئيس حسنى) مبارك (82 عاما) وصحته، فمن العسير عليه الاستمرار رئيسا، أعتقد أننا سنشهد تغييرا ما.. سواء لجهة تولية (نجله الأصغر) جمال مبارك أو شخصية أخرى بداخل النظام. سيكون صعبا جدا استمرار مبارك.. ستكون هناك محاولة لأن يصبح هناك توريث أو وضع شخصية ما فى الواجهة، بينما سيبقى جمال فى الخلفية بقدر ما، ولكن النظام ذاته مستمر».
وبحسب د.عزام فإن حظوظ جمال فى الوصول إلى السلطة قائمة، بل قوية كذلك «فلديك دولة تخضع لنظام أمنى صارم للغاية، وانتخابات تخضع لسيطرة النظام وأجهزة الأمن. وهناك العديد من التحالفات بين الحزب الحاكم والكثير من رجال الأعمال والتكتلات الاقتصادية. كما أن هناك مصلحة للعديد من القوى المؤثرة فى استمرار النظام القائم، لذا فإن فرص التوريث تظل قوية ما لم يقع شىء غير متوقع.. ما لم نر شيئا ما لا يمكن احتواؤه أو السيطرة عليه فى الشوارع».
مد حبل التوقعات إلى آخره قاد لطرح سؤال عن رؤيتها لملامح مرحلة ما بعد الرئيس مبارك، لتقول إن هذه المرحلة «ستشهد قدرا من الاستمرارية (فى السياسات الحالية).. ولكن هذا لن يستمر.. ستتزايد مطالبات قوى المعارضة بتحقيق إصلاحات سياسية».
وحتى لو ظلت مثل هذه «المرحلة الانتقالية» مستقرة، فإن الأمر وفقا للباحثة البريطانية من أصل مصرى «سرعان ما سيتغير. خلال العام الأول أو الثانى من مرحلة ما بعد مبارك، سنشهد تصاعدا لحركات المعارضة من الطلاب أو العمال أو غيرهم للمطالبة بمشاركة أوسع، والأهم من ذلك للمطالبة بأن تكون الحكومة خاضعة للمساءلة بشكل أكبر».
وبكلمات واضحة توجز د.عزام توقعاتها فى هذا الصدد قائلة «سيُفرض التغيير على أى نظام مقبل فى مصر، ولكن الأمر سيتعلق فقط بكم من الوقت الذى سيستغرقه ذلك، وما إذا كان هذا التغيير سيحدث بشكل سلمى أم أنه سينطوى على قدر من العنف».
وبنظرها لا يختلف النظام المصرى «من الوجهة التاريخية عن النظم الديكتاتورية الأخرى فى العالم.. لا يتنازل عن السلطة وإنما لابد أن يُجبر على التغيير. ولذا فهناك مسئولية على المصريين وعلى النخب السياسية.. وعلى (جماعة) الإخوان المسلمين أن يمارسوا الضغط الكافى بأى شكل، حتى يحدث تغيير للوضع السياسى».
هنا لا تغفل دور الضغوط الخارجية «والنموذج الأهم فى هذا الصدد، هو ما حدث خلال عهد إدارة الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش. على الرغم من أن البعض لم يحب فكرة وجود تدخل للولايات المتحدة. ولكن الحقيقة أنه فى مصر ودول أخرى فى المنطقة مثل السعودية وغيرها، هناك قدر من الإصلاح السياسى تحقق، ليس فقط بسبب الضغط الداخلى ولكن لوجود ضغوط خارجية.
فبطبيعة الحال، إذا كان هناك ضغط خارجى من قبل أطراف مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ودول الاتحاد الأوروبى تجاه مسائل مثل الافتقار إلى حكم القانون وانتهاكات حقوق الإنسان، أعتقد أن هذه الضغوط ستثمر بعض التغييرات».
وترجع الباحثة فى «تشاتام هاوس» أهمية هذا الدور لقوة العلاقة بين مصر والعديد من القوى الغربية الكبرى «والنظام المصرى لا يريد أن يوصم أو يُفضح من قبل قوة مثل الولايات المتحدة أو أى من الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى. لذا أعتقد أنه إذا طالب أى من هذه الأطراف، أو طالبت مجتمعة، بشكل علنى أكثر بإجراء انتخابات نزيهة وحرة فى مصر، أو أنها أشارت بشكل أكثر وضوحا إلى عدم احترام حقوق الإنسان، أعتقد أن ذلك سيكون له تأثير مهم للغاية فى إحراج هذا النظام وتعزيز قوة المعارضة».
سيناريو أوروبا الشرقية
أما مسئولية المعارضة فتتمثل، فى رأى د.عزام، فى ممارسة الضغوط باعتبار أن «لديك نظاما يريد بالطبع البقاء فى الحكم. النظام لن يتغير تماما، ولن يصل لمرحلة يغير فيها نفسه أو يتنازل عن السلطة. الضغط اليوم مسئولية الحركات السياسية فى مصر والنقابات وغيرها».
غير أنها لا تغفل الإشارة إلى أن هذه القوى ليست فى كامل عافيتها، خاصة أنها «ضُربت جميعا. النظام السياسى فى مصر ضرب كل هذه القوى على مدى عقود طويلة. كل النقابات المهنية ضُربت بقوة. وكذلك الإخوان».
ولذا فبشكل ما، حسبما تقول الباحثة المتخصصة فى شئون الشرق الأوسط والإسلام السياسى، هناك «حاجة لحشد كل هذه القوى فى تحالف من نوع ما، مثل ما حدث فى أوروبا الشرقية، وذلك لمواجهة الوضع الراهن فى مصر. الأنظمة سقطت فى أوروبا الشرقية لأنه كانت هناك تحالفات للقوى السياسية. مصر بحاجة لتحالف قواها السياسية، ضعيفة كانت أو قوية، وقد بدأ هذه القوى إدراك ذلك.. لكن هذا لا يزال فى مراحله المبكرة للغاية».
وفى القلب من قوى المعارضة المصرية، برأى د.عزام، تقبع جماعة «الإخوان المسلمين» التى تظل «سواء كنت معهم أو ضدهم.. هى القوة السياسية الوحيدة والحقيقية على الساحة السياسية المصرية.. بعد ذلك توجد بطبيعة الحال العديد من التوجهات السياسية المعارضة، والتى قد لا تكون منظمة أو عميقة الجذور.. مثل التيارات التى دعمت د.البرادعى أو الأحزاب التى ظهرت فى السنوات الأخيرة، مثل الغد كما أن هناك أحزابا أخرى مثل الوفد والتجمع وغيرها».
وإلى جانب كل هؤلاء «هناك بطبيعة الحال معارضة شبابية تناهض النظام السياسى وتريد أن ترى إصلاحا سياسيا، وهى تتمثل فى مدونين وصحفيين وطلاب وأساتذة الجامعة إلى جانب مهنيين».
ودونما سؤال تستطرد د.عزام متحدثة عن دور د.البرادعى فى هذا السياق، حيث تصفه بأنه «رجل نظيف وكل مواقفه تحظى بالاحترام»، كما تعتبر دوره «مهما للغاية، فلديك شخصية مرموقة عادت إلى مصر وذات رؤى منتقدة للنظام، تريد إصلاحا سياسيا ولديها قدر من التأييد.. ولكنه ربما يفتقر لأوراق اعتماد أيديولوجية، هو غير واضح من الناحية الأيديولوجية.. ولا يشكل سوى قوة محدودة فى الوقت الراهن».
الإخوان وهوية مصر
وبالنظر إلى إسهامها الكبير فى الدراسات المتعلقة بملف الإسلام السياسى، كان منطقيا أن نطلب منها رسم خريطة للحركات الإسلامية حاليا فى مصر. ولم يكن مفاجئا أن تمنح الموقع الأبرز فى الخريطة لجماعة «الإخوان المسلمين»، التى تسبغ عليها الكثير من الصفات، فهى مثلا «أهم وأبرز القوى السياسية فى مصر خارج النظام.. من جهة الشعبية وامتلاك الجذور والرسالة الخاصة بها»، وهى تمثل كذلك «أبرز حركة سياسية واجتماعية فى مصر»، وأنها أيضا «القوة السياسية الأكثر تنظيما، والتى تمتلك رؤية للمجتمع المصرى وللدور المصرى الإقليمى.. وتمتد إلى ما هو أبعد من مصر وحدها، فهى حركة لها تأثير إقليمى، ودور الجماعة ليس سياسيا فقط وإنما تعليميا ودعويا أيضا».
أكثر من ذلك، ترى د.عزام أن «دور الإخوان كان مهما للغاية فى السعى للحفاظ على الهوية الإسلامية لمصر، هنا الأمر لا يتعلق بالسياسة.. (ولكن) بهوية مصر.. الإخوان علموا أجيالا وأجيالا من المصريين ألا ينسوا الدين.. هى جماعة لها صوت وشعبية فى المجتمع، ولم يتم تمثيلها بشكل كامل بعد سواء فيما يتعلق بالحكم أو رسم السياسات».
وبنظر الباحثة، التى عملت بين عامى 1995 و1999 مديرة لبرنامج يُعنى بالأمن والتنمية بالدول الإسلامية فى معهد القوات الملكية المشتركة للدراسات الدفاعية والأمنية فى بريطانيا، من المستبعد أن يتوصل الإخوان المسلمون إلى صفقة ما «مع النظام الحالى فى مصر.
فالنظام يعتقل العديد من أعضاء الجماعة ويفرض ضغوطا هائلة عليها ويحاكم نشطاءها، ولا أرى أن ثمة صفقة سرية قيد التحضير، أو أنه من الممكن بلورة مثل هذه الصفقة».
وترى د.عزام أن مواقف «الإخوان» التى يراها البعض «خيانة» لبعض قوى المعارضة مثل المشاركة فى الانتخابات وعدم الاستجابة لدعوات مقاطعتها ليست إلا محاولة من جانب الجماعة «مثلها مثل أى حركة معارضة لإيجاد مساحة أكبر تتمكن من خلالها من المناورة.. والاستفادة من أى فرصة سانحة أو مساحة متاحة بداخل النظام السياسى. وكل القرارات التى تُتخذ من قبل القوى السياسية، سواء كانت الإخوان أو لا، تعتمد بقدر ما على طبيعة الفرص المتاحة.. بالنظر إلى النظام الديكتاتورى، الذى لا يسمح سوى بمساحة محدودة للحركة».
ولكن ماذا عن التيارات الإسلامية الأخرى مثل السلفيين والجماعة الإسلامية والصوفيين كذلك؟ هكذا سألنا. فجاء الرد بأنهم «موجودون ولكن قوتهم لا تقارن بقوة الإخوان، كما أنه ليس من الحتمى أن تتصارع هذه التيارات الإسلامية فيما بينها».
وهل يمكن أن تتحالف الدولة فى مصر مع أى من تلك التيارات لضرب «الإخوان المسلمين»؟ تجيب د.عزام بأنه ذلك مستبعد «لأنها (تلك التيارات) ليست لها قوة، وفى نهاية المطاف سيبقى لديك الإخوان»، غير أنها لا تستبعد تماما حدوث مثل ذلك التحالف «فالنظام تحالف قبل ذلك مع شيوخ الأزهر، ولا توجد مجموعة أهم فى العالم الإسلامى السنى من الأزهر، ولايزال رجاله أناسا يستحقون الاحترام».
جنِّى السلفيين
أسئلة الاحتمالات شملت كذلك سؤالا حول ما إذا كانت «مصر مبارك» قد أخرجت «جنى السلفيين» من القمقم كما فعلت «مصر السادات» قبلا مع «جنى الإسلاميين»، وذلك فى ضوء المظاهرات التى قادها المنتمون لما يسمى ب«التيار السلفى» فى الآونة الأخيرة. الإجابة هنا جاءت فضفاضة إلى حد كبير تميل إلى الإيجاب لا السلب، إذ تحدثت الباحثة المتخصصة فى شئون المنطقة والحركات الإسلامية عن أن «النظام الحالى (فى مصر) مثل أى نظام ديكتاتورى من العسير أن يسيطر حتى على مؤيديه أنفسهم. الحكومة تسعى لإقامة تحالفات مع مجموعات مختلفة لاستخدامها ضد مجموعات أخرى. وبنفس القدر الذى تستغل الحكومة هذه المجموعات، تستغلها تلك المجموعات كذلك».
وتردف د.عزام بالقول «هى عملية ذات اتجاهين، الأمر لا يقتصر على أن الحكومة بارعة وتستطيع استغلال الآخرين. العديد من المجموعات السياسية بارعة أيضا، وتستطيع الاستفادة ببعض المزايا واغتنام الفرص التى تقدمها لها الحكومة لتحقيق مكاسب.. المجموعات السياسية تناور وتحقق مكاسب من وضع معين فى لحظة معينة من التاريخ لتعزيز مواقعها، وربما تنقلب على حلفائها فى مرحلة لاحقة، وهذه هى السياسة».
التسعينيات الدامية
الحوار مع الباحثة، التى تناولت من قبل ملف ما سمته ب«الإسلام المسلح فى مصر» وتحدثت عن «محورية دور الأيديولوجية فى استراتيجيات محاربة الإرهاب فى الشرق الأوسط»، كان لابد وأن يتطرق إلى المواجهة العنيفة التى دارت بين قوات الأمن والجماعات الإسلامية المسلحة فى تسعينيات القرن الماضى، والتى وصفتها د.عزام بأنها «تشكل على نحو ما فصلا طويت صفحته».
وفى هذا الصدد تقول إن «ما حققته الحكومة من وراء مواجهتها العنيفة للجماعات المسلحة فى تلك الفترة.. هو التخلص من الحركات التى لجأت للعنف، ولكنها لم تعالج القضايا السياسية. فالقضايا السياسية أو المطالب السياسية للمعتدلين الإسلاميين لم تُلب. لأن النظام بشكل ما لم يتعامل مع الجانب السياسى على الإطلاق، تعامل فقط مع الهواجس الأمنية، وهو لم يسع لتسوية المشكلات السياسية».
أما الآن، فلا تتوقع د.عزام أن تتخلى الجماعات الإسلامية عن مبادرة وقف العنف التى أعلنتها عام 1997، معتبرة «أننا دخلنا مرحلة مختلفة سياسيا وتاريخيا. الكثير من القوى، قررت أن اللجوء للعنف ربما لن يكون السبيل الأمثل لتحقيق ما تطمح له من أهداف.. هذا لا يعنى أننا لن نرى جماعات صغيرة بعينها أو أفرادا يلجأون للعنف. ولكن هذا لا يعبر سوى عن قلة قليلة».
كما ترى أنه «إذا أصبح النظام منفتحا وشهد قدرا من الإصلاح الداخلى، سيضعف ذلك الرغبة فى اللجوء إلى العنف»، مُتهمة النظم الحاكمة بوضع «ملف الإسلام المتشدد العنيف فى الصدارة لمواصلة التركيز على التهديد الأمنى».
وبحسب تصورها، تعتبر أنه من الممكن أن تشهد مصر «صعودا لتيار إسلامى مثل ذاك الذى يحكم تركيا. رغم أن لكل من البلدين خبرتين تاريخيتين مختلفتين.. يمكن أن يحدث ذلك ولكن ليس بشكل مطابق تماما. لو أن هناك نظاما ديمقراطيا، وفُتحت الأبواب لانتخابات حرة، يمكننا رؤية تطور لحزب إسلامى مشابه لذلك الحزب الحاكم فى أنقرة (العدالة والتنمية)، ولكن يتعين على مثل هذا الحزب تطوير نفسه، وأن يصبح منفتحا بشكل أكبر ومتعاونا أكثر مع القوى الأخرى».
دور مصر المتراجع
الحديث عن تركيا استتبع كذلك حديثا عما يراه الكثيرون «تراجعا للدور الإقليمى لمصر» فى السنوات الأخيرة لحساب قوى إقليمية عدة من بينها أنقرة، وهو ما تتفق معه هذه الخبيرة السياسية فى شئون الشرق الأوسط، قائلة إن «تركيا هى القوة الأكبر التى ورثت الدور الإقليمى لمصر.. وهى لها رؤية إقليمية أوسع نطاقا».
وتشير إلى «أننا رأينا خلال عهد مبارك الدور المصرى يضعف أكثر وأكثر وهذا أمر بدأ منذ عهد السادات وله أسباب كثيرة، من ضمنها أن مصر قامت بدور واحد أساسى فى المنطقة، وهو تشكيل قناة يجرى من خلالها تمرير رؤية الولايات المتحدة للسلام بين مصر وإسرائيل، وهذا لم يؤد لتقوية مصر بل أضعفها وأضعف دورها الإقليمى».
وتردف د.عزام بالقول إن دور القاهرة انحصر فى أن «تذهب هنا وهناك للسعى لإحلال سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين وبلورة مصالحة بين (حركتى) فتح وحماس. هذا دور على أى حال، ولكنه دور لا يليق بقوة إقليمية كبرى».
وختمت بأن تغيير طبيعة الدور الإقليمى لمصر يتطلب «أن نرى تغييرا فى النظام الراهن. إذا ما تبوأت مصر موقع الصدارة فيما يتعلق بالإصلاح السياسى على مدار السنوات الخمس المقبلة فسيتبعها الآخرون. مصر تحتاج لأن تعيد بلورة دور جديد وديناميكى لنفسها فى المنطقة. وهذا الدور الجديد لا يمكن له أن يتبلور على أساس ما جرى فى السنوات الثلاثين الأخيرة التى كانت مصر فيها تؤكد أن دورها ينحصر فى كونها حليفة للولايات المتحدة على صعيد عملية السلام».
مها عزام فى سطور
هى إحدى أبرز خبراء قضايا الشرق الأوسط وملف الإسلام السياسى فى المعهد الملكى للشئون الدولية فى لندن، منذ عام 2002.
وتهتم د.عزام بشكل خاص بملفات من قبيل علاقة الإسلام بالعولمة والحركات الإسلامية فى الشرق الأوسط، وخاصة فى مصر، إلى جانب البنية الفكرية لتنظيم القاعدة.
ومن بين أعمالها الأخيرة فى هذا المجال، «محورية دور الأيديولوجية فى استراتيجيات مكافحة الإرهاب فى الشرق الأوسط»، «الإسلام السياسى وأيديولوجية العنف»، و«الإسلام المسلح فى مصر والجهاد الجديد».
وقبل انضمامها إلى «تشاتام هاوس» كانت د.مها عزام مديرة برنامج بحثى يُعنى بالأمن والتنمية فى الدول الإسلامية، بمعهد القوات الملكية المشتركة للدراسات الأمنية والعسكرية وذلك بين عامى 1995 و1999.
وقبل ذلك، عملت د.عزام باحثة فى المعهد ذاته بين عامى 1993 و1995.
كما عملت الباحثة المصرية الأصل التى تحمل الجنسية البريطانية خلال عامى 1990 و1991 باحثة فى المعهد الدولى للدراسات الاستراتيجية فى لندن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.