أسعار السمك اليوم الأربعاء 13 أغسطس 2025    ارتفاع أسعار الجملة في اليابان بنسبة 0.2% خلال الشهر الماضي    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 13 أغسطس 2025    بوتين يشيد بمقاتلي كوريا الشمالية ويطلع كيم على لقائه المرتقب مع ترامب في ألاسكا    منتخب الشباب يختتم تدريباته لمواجهة المغرب وديا    صافرة أمين عمر تقود مباراة بيراميدز والإسماعيلي    موعد مباراة جيرونا ورايو فاليكانو في افتتاح الدوري الإسباني 2025-2026 والقنوات الناقلة    من هو معلق مباراة باريس سان جيرمان وتوتنهام في السوبر الأوروبي 2025؟    من موعد التدريب إلى أزمة ديانج، سيد عبد الحفيظ يفند أخطاء ريبيرو مع الأهلي (فيديو)    الحماية المدنية تنفذ شاب في انهيار بئر بقنا    ارتفاع عالمي.. أسعار الذهب اليوم الأربعاء 13-8-2025 وتوقعات مهمة لمن يخطط للشراء    عاجل| أمريكا تستعد لتصنيف الإخوان المسلمين جماعة إرهابية    وسام أبو علي يعلق على رسالة كولومبوس كرو بشأن انضمامه للفريق    فرنسا وألمانيا وبريطانيا: سنفرض عقوبات على إيران إذا لم تعد للمفاوضات بحلول نهاية أغسطس    مصطفى كامل ل أنغام: عفا الله عما سلف    تفشي عدوى بكتيرية في فرنسا يحتمل ارتباطها بالجبن الطري    جدول صرف مرتبات شهر أغسطس 2025 للعاملين بالدولة وجدول الحد الأدنى للأجور    حماس: نثمن جهود الرئيس السيسي في مجمل القضايا.. وعلاقتنا بمصر ثابتة وقوية    الحوثيون في اليمن: تنفيذ عملية عسكرية بست مسيرات ضد أهداف إسرائيلية    وحدة لاستقبال طلبات المستأجرين.. الإسكان توضح تفاصيل المنصة الإلكترونية لحجز شقق الإيجار القديم    رسميًا.. قائمة أسعار الكتب المدرسية لجميع المراحل التعليمية 2025/2026 «تفاصيل وإجراءات الصرف»    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري بعد الهبوط العالمي.. قائمة ب10 بنوك    أرباح تصل إلى 50 ألف دولار للحفلة.. تفاصيل من ملف قضية سارة خليفة (نص الاعترافات)    المتحدة تُطلق حملة توعية بمخاطر حوادث الطرق للحفاظ على الأرواح    البيت الأبيض: اجتماع ترامب وبوتين فى ألاسكا "تمرين استماع"    خشب المسرح أخده ونزل، لحظة سقوط فنان أسباني شهير أثناء حفله في الأرجنتين (فيديو)    عباس شراقي: بحيرة سد النهضة تجاوزت مخزون العام الماضي    11 لقبًا يُزينون مسيرة حسام البدري التدريبية بعد التتويج مع أهلي طرابلس    نشرة التوك شو| زيارة تاريخية للرئيس الأوغندي لمصر.. و"موسى" يهاجم مظاهرة أمام السفارة المصرية بدمشق    كسر خط صرف صحي أثناء أعمال إنشاء مترو الإسكندرية | صور    نيوكاسل الإنجليزي يعلن التعاقد مع لاعب ميلان الإيطالي    مرشحو التحالف الوطني يحسمون مقاعد الفردي للشيوخ بالمنيا    4 أبراج تفتح لها أبواب الحظ والفرص الذهبية في أغسطس 2025.. تحولات مهنية وعاطفية غير مسبوقة    الشيخ رمضان عبد المعز: سيدنا إبراهيم قدوة في الرجاء وحسن الظن بالله    ما حكم الوضوء لمن يعاني عذرًا دائمًا؟.. أمين الفتوى يجيب    ما حكم ربط الحروف الأولى للأسماء بالرزق؟.. أمين الفتوى يجيب    محافظ المنيا يقرر تخفيض مجموع القبول بالثانوي العام والفني    للحماية من هبوط الدورة الدموية.. أبرز أسباب انخفاض ضغط الدم    ممنوعة في الموجة الحارة.. مشروبات شهيرة تسبب الجفاف (احذر منها)    الدكتور حسين عبد الباسط قائماً بعمل عميد كلية الإعلام وتكنولوجيا الاتصال بجنوب الوادي    «حماس» تشيد بدور مصر الثابت في دعم القضية الفلسطينية    وزيرا خارجيتي السعودية والأردن يبحثان تطورات الأوضاع في غزة    الفائز بجائزة الدولة التشجيعية ل"البوابة نيوز": نحتاج إلى آليات دعم أوسع وأكثر استدامة خاصة لشباب الفنانين    الحماية المدنية بالغربية تسيطر على حريق هائل نشب بسيارة بالمحلة الكبرى    الحماية المدنية تنقذ أهالي عقار قديم بعد سقوط أجزاء منه بالجمرك    فترة تحمل لك فرصًا كبيرة.. حظك اليوم برج الدلو 13 أغسطس    إبراهيم عيسى يٌشكك في نزاهة انتخابات مجلس الشيوخ: مسرحية (فيديو)    طريقة عمل شاورما اللحم فى البيت، أحلى وأوفر من الجاهزة    الصحة تشيد بالأطقم الطبية بمستشفيات الشرقية لنجاحها فى إجراء عمليات معقدة    محافظ القليوبية يكرم 3 سائقي لودر لإنقاذ مصنع أحذية من حريق بالخانكة    حبس 5 متهمين اقتحموا العناية المركزة بمستشفى دكرنس واعتدوا على الأطباء    متلبسًا بأسلحة نارية وحشيش.. ضبط تاجر مخدرات في طوخ    للمرة الأولى.. كليات الطب البشري وحاسبات ضمن تنسيق المرحلة الثالثة 2025 للنظام القديم «ضوابط الالتحاق»    سوق مولد العذراء مريم بدير درنكة.. بهجة شعبية تتجدد منذ آلاف السنين    أكرم القصاص: مصر أكبر طرف يدعم القضية الفلسطينية وتقوم بدور الوسيط بتوازن كبير    البنك العربي الأفريقي الدولي يرفع حدود استخدام البطاقات الائتمانية والعملات الأجنبية للسفر والشراء    كيف أستغفر ربنا من الغيبة والنميمة؟.. أمين الفتوى يجيب    الشيخ رمضان عبدالمعز: قبل أن تطلب من الله افعل مثلما فعل إبراهيم عليه السلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل كان «حسن البنا» العميل007؟


كتب : إبراهيم سعدة
رصد مؤلف كتاب «عندما تتصادم العوالم» العديد من مصطلحات يمتلئ بها الإعلام الغربى، مثل: «الأصولية الإسلامية»، و«الإسلام السياسى»، و«التطرف الإسلامى»، و«الفاشية الإسلامية»، و«الإرهاب الإسلامى» وغيرها.
ويتساءل المؤلف «جين هيك» عما إذا كان لتلك الاتهامات أساس دينى؟ وهل تتسم بها الشريعة؟ وهل يأمر الإسلام بقتل المدنيين من خلال التفجيرات الانتحارية؟ وهل هناك فرق محدد بين ما يسمى «الترجمة والتأويل القرآنى الوهابى»، وذلك الخاص بالمدارس الفكرية الإسلامية الأكثر تقليدية التى تبث العنف؟
أسئلة كثيرة وعديدة احتاجت من المؤلف جهدا ضخما فى البحث والتنقيب أملا فى التوصل إلى إجابات عنها، تقنعه وتقنع قراءه بعده.. لم تكن المهمة سهلة فقائمة الأسئلة الطويلة لا تبقى على حالها، فكل سؤال يتفرع بدوره إلى أسئلة فرعية وعشرات الأسئلة تتحول إلى مئاتها والمطلوب البحث عن إجابات للأسئلة الرئيسية وتفرعاتها معا.
عندما تصور «جين هيك» أنه عثر على إجابات لتساؤلاته حول المصطلحات المعادية للإسلام فى الإعلام الغربى، تؤكد أن: «الإسلام، ولو على المستوى الفقهى، هو بالفعل دين أُسِىءَ فهمه وتكشفت أمامه أسئلة جديدة وأكثر أهمية مثل: هل القرآن يوجه أتباعه إلى المبادرة بالعدوان على الكفار وهل يطالبهم برفض مبادرات السلام من الخصوم المفترضين؟ وهل يشجع على استخدام الخلايا الإرهابية السرية وهل يسمح بتعذيب السكان المدنيين ومهاجمتهم وهل يغفر الانتحار طلبا للشهادة وهل ينكر وضع اليهود والنصارى باعتبارهم متدينين، موحدين أو يمنع التعايش السلمى معهم؟».
يقول المؤلف: إذا لم يكن الإسلام كذلك ومع الاعتراف بأن معظم الكتب المقدسة تحتوى نصوصا يمكن للعقول غير النقدية أن تسىء تأويلها، فلماذا يوجد عدد كبيرمن الانتحاريين المسلمين، بينما هناك القليل من المسيحيين أو اليهود أو البوذيين أو الهندوس؟
وإذا لم يكن الإسلام هكذا فلماذا ظهر من يُسمون بالإرهابيين الإسلاميين ورغم ما قيل ويقال عن نسبتهم الضئيلة إلا أنها أقلية قوية خطيرة، تؤمن بحقها فى انتشار أفكارها السياسية التى تعطيها الأولوية على كل شىء، كما تؤمن بأن قتل المدنيين الأبرياء.. مبرر دينيا وفقهيا وشرعيا.
وتماشيا مع التساؤل السابق يجيب المؤلف «هيك» مندهشا ومنبهاً وهل من العدل إلقاء اللوم على 1,4 مليار مسلم وأكثر من 200 مليون عربى فيما يتعلق بما اقترفه عدد قليل من المندفعين أيديولوجياً من أعمال تتسم بالحقد، والجهل، والتعصب؟.. إن هؤلاء الأشخاص لا يصلحون للسلطة، إنهم يصلحون فقط للخلايا وليس لمقار الحكم حيث العلاقات الودية هى الهدف المأمول، ولهذا السبب يصبح من الضرورى كما يضيف «هيك» لشعوب الغرب أن تتعرف على الغالبية العظمى من المسلمين الذين هم حلفاؤهم فى الحرب على الإرهاب.
يعترف «هيك» بصعوبة بحثه عن أجوبة وكان يواجه تحديا خاصا بكشف الخيال من أجل إدراك الحقيقة وذلك بإزالة الطبقات التى تعلوها طبقات من سوء الفهم التصقت بالتصور الشائع حتى ضاع المقصد الأصلى أى مبادئ الأولين فى الإسلام ودفن تحت الطبقة السميكة من التأويلات الخاطئة.
التأويلات الخاطئة تبنتها العقول المتحجرة، وأورثتها للضالين من الشباب المسلم الذى ابتعد عن الدعاة الحقيقيين وصدق الدعاة المزيفين.. وبالتالى سقط بسهولة فى أيدى الإرهابيين وانضم إلى خلاياهم الإجرامية.
وهكذا انتقل المؤلف «جين هيك» من تعمقه فى الأديان السماوية بحثا عن نقاط الالتقاء وما أكثرها فى كتبها، ليبحث وينقب فى الأسس الأيديولوجية والسياسية لإرهاب الشرق الأوسط الحديث ما مسبباته الجذرية، وما مصادره الأولية ؟و مَنْ، وما الذى ساعده وشجعه؟
وبدلا من أن يتركنا المؤلف الأمريكى لنطالع نتائج بحثه الطويل فى أسس الإرهاب فى منطقتنا سارع بتبشيرنا ربما ضمانا من جانبه لمواصلة قراءة كتابه بأن كل الطرق التى تجول فيها بحثاً عن تلك الأسس قادته فى النهاية إلى أُس الإرهاب الأزلى المعروف باسم جماعة الإخوان المسلمين المصرية.. وليس العقيدة الإسلامية، ولا حتى الحركة الوهابية المنغلقة على نفسها فى المملكة العربية السعودية.. على حد وصف المؤلف.
الملياردير الإرهابى
مع حرصى اليومى، منذ بداية شهر رمضان المبارك، على متابعة مسلسل «الجماعة» تحفة الكاتب القدير الأستاذ وحيد حامد، انشغلت فى الوقت نفسه مع حكايات وحواديت هذه «الجماعة» المطبوعة والمقروءة فى كتاب الباحث الأمريكى جين هيك «عندما تتصادم العوالم» الصادر فى طبعته العربية عن هيئة أبوظبى للثقافة والتراث.
بعد بحثه وتنقيبه عن مصادر إرهاب الشرق الأوسط الحديث، توصل الكاتب «جين هيك» إلى اقتناع بأن «هناك صلة مباشرة بين مستوى دخل الفرد فى المنطقة وبين المفارخ السياسية القادرة على توليد خلايا الإرهاب المستشرية وتعد السودان والجزائر ومصر واليمن وأفغانستان وباكستان وكشمير والسعودية بمثابة نماذج من الطراز الأول».
وينبهنا الكاتب إلى أن القيادات الديماجوجية للحركات الإرهابية الحديثة فى الشرق الأوسط لا تأتى بالضرورة من أوساط متواضعة أو معدمة مالياً، فأفراد مثل: أسامة بن لادن السعودى ومعلمه الروحى د. أيمن الظواهرى المصرى كليهما خريج جامعة وينتمى إلى أسرة ثرية وليس من وسط متواضع بكل تأكيد، وهما بذلك يختلفان عن الغالبية الساحقة من نوابهما، وأتباعهما الذين نشأوا فى طبقات ذات دخل منخفض، أو شبه معدوم.
ويؤكد الباحث الأمريكى فى كتابه أن جانباً كبيراً من البنية التحتية الأساسية الخاصة بإرهاب الشرق الأوسط هو من صياغة عملاء المخابرات الغربية الإقليميين والساعين إلى توظيف عناصر الإسلام السياسى المتشددة كثقل مواز للخصوم والمنافسين، وبصراحة أكثر يحدد المؤلف جماعة الإخوان المسلمين المصرية التى تأسست فى الربع الثانى من القرن الماضى مؤكدا أنه تم خلقها بتشجيع وتمويل من جهاز تابع لوكالة الاستخبارات الخارجية البريطانية - ام آى 6 - لمواجهة ظهور النزعة القومية لحزب الوفد فى البداية، ثم النازية، ومن بعدهما: الشيوعية. بعد قيام الثورة حاولت الجماعة اغتيال الرئيس جمال عبدالناصر أثناء وقوفه لإلقاء خطابه فى ميدان المنشية بالإسكندرية عام ,1954 ومنيت المحاولة بالفشل، وخوفا من الانتقام هرب أكبر عدد من قيادات الجماعة إلى النصف الغربى من شبه الجزيرة العربية، حيث مضت كما يقول الباحث الأمريكى إلى تحويل العناصر المتطرفة داخل الحركة الوهابية الأصولية إلى حركة نشطة فى خبثها وسريتها وأهدافها، حيث خلقت بالتالى وسطاً أيديولوجياً ملائماً لتوالد النزعة الجهادية الحديثة.
وإذا كانت المخابرات البريطانية قد خلقت الجماعة فى مصر، ومنها إلى السعودية وغيرهما، فإن المخابرات المركزية الأمريكية قد خلقت بدورها «القاعدة» فى أفغانستان بهدف دفع تنظيمها إلى الجهاد ضد السوفييت الملحدين خلال أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات من القرن الماضى، وسرعان ما أصبحت «القاعدة» بمثابة غرفة ولادة للعديد من الحركات الإرهابية الشرق أوسطية الحديثة.
فى صفحات تالية من الكتاب يطل وجه «الجماعة» واضحاً، بارزاً، فالمؤلف يجمع بين القاعدة والإخوان المسلمين برباط سميك، ودائم، منبهاً إلى:
أسامة بن لادن نشأ وترعرع فى المنطقة السعودية التى اخترقها «الإخوان» وأقاموا فيها بعد فرارهم من مصر عام .1954
زعيم القاعدة بن لادن قرأ كل أعمال كبير الإرهابيين فى الجماعة: سيد قطب، ويردد أفكارها، ويقتبس مقولاتها فى كل خُطبه.
بعض أبرز أعضاء تنظيم القاعدة بمن فيهم محمد قطب شقيق سيد وعبدالله عزام أحد مؤسسى حركة حماس التى يصفها الكتاب بأنها النسخة الفلسطينية من جماعة الإخوان المسلمين وكان الرجل عبدالله عزام من أبرز معلمى أسامة بن لادن فى التشدد والتطرف والإرهاب. الشيخ الكفيف المصرى: عمر عبدالرحمن الذى تورط فيما بعد فى تفجيرات مركز التجارة العالمى عام 1993 خدم مع ابنيه فى أفغانستان تحت إمرة أسامة بن لادن.
الطبيب المصرى أيمن الظواهرى تلميذ نجيب لإمام الإرهابيين: سيد قطب ورئيس جماعة الجهاد المصرية، وهو فى الوقت نفسه قائد تنظيم القاعدة الفقهى، والمتحدث الرئيسى باسمها. كان محمد عاطف المصرى الجنسية يشغل منصب القائد العسكرى الأكبر لتنظيم القاعدة ولم يتركه إلا بعد قتله عام ,2001 فى غارة جوية شنتها طائرة أمريكية ضد أحد أوكار القاعدة فى جبال أفغانستان.
أبو محمد المصرى إخوانى، وجنسيته واضحة فى اسمه، هو المدير العام السابق لمعسكر تدريب القاعدة فى أفغانستان.
ومحمد عطا إخوانى مصرى، وهو مختطف الطائرات الأول فى هجمات الحادى عشر من سبتمبر 2001 ولقى حتفه فى كارثة مركز التجارة العالمى فى نيويورك.
وهناك نماذج عديدة أخرى لأناس حملوا الجنسية المصرية، ونشأوا وترعرعوا على مبادئ حسن البنا، وسيد قطب، قبل أن يتضاعف تطرفهم الذى يقودهم بالتالى إلى الانضمام لتنظيم القاعدة أو غيرها من التنظيمات الإرهابية الأخرى فى المنطقة أو خارجها.
عزام.. أمير الإرهاب
عقب فشل محاولة اغتيال عبدالناصر عام 1954 هربت فلول الإخوان إلى السعودية التى منحتهم نكاية فى حكم عبدالناصر المعادى لنظامها المأوى والدعم.. وأصبح بعضهم أكاديميين وصحفيين ورجال بنوك ورجال أعمال، بعض هؤلاء الإخوان اكتشفوا فى السعودية ما يعرف ب«الإسلام الوهابى»، ووجدوا فيه كما كتب مؤلف الكتاب حافزاً أكثر نفعاً من المأوى والدعم المادى ومن اكتشاف الوهابية إلى محاولة استمرارها لصالح الجماعة وانتشارها والانتقام من خصومها خاصة فى مصر!
يقول الباحث الأمريكى إن قيادات من فلول الإخوان الهاربة والمقيمة فى السعودية اختارت شريحة من العقول الشابة سريعة التأثر وأقنعت أصحابها بقضيتهم الأصولية.. من بين هؤلاء الشباب كان «أسامة بن لادن» الذى تربى وصادق وعاش مع مَنْ يسمون ب«القحطانى والغامدى والشهرى وهى أسماء بارزة فى هجمات مركز التجارة العالمى بنيويورك فى الحادى عشر من سبتمبر عام .2001
وقبل ذلك كان أسامة تلميذا نجيبا ل«محمد قطب» شقيق «سيد قطب» الذى أعدم عام 1966 الذى هرب إلى السعودية مع فلول الإخوان وحصل على فرصة للتدريس فى المعاهد والجامعات، مثله مثل الإخوانى: د. عبدالله عزام خريج الأزهر وأحد مؤسسى حركة حماس، ومهندس الجهاد المتشدد فى أفغانستان،
يقول الكاتب إن محمد قطب وعبدالله عزام كانا من عُتَاة دُعاة الأيديولوجيا الجهادية العالمية المسلحة، كثقافة تمثل فرضاً على كل المسلمين وقيل إن تشدد عبدالله عزام فى دعوته تلك جعله معروفا بأمير الجهاد، ليس هذا فقط بل إنه نقلاً عن الباحث الإسلامى رضا أصلان استخدم تأثيره الكبير، بصفته أستاذ الفلسفة الإسلامية بجامعة الملك عبدالعزيز بين الشباب الجامعى الساخط للترويج لأكثر تفاسير الجهاد تعنتاً وولعاً بالقتال بزعم أنه فرض على المسلمين ونقلوا عن عزام مقولته الشهيرة: الجهاد والبندقية وحدهما لا مفاوضات لا مؤتمرات لا حوارات.
كان لمحاضرات ودروس محمد قطب، وعبدالله عزام تأثيرها المرعب على تشكيل عقلية أحد الطلاب بشكل خاص ويدعى: أسامة بن لادن الذى وضع فيما بعد أيديولوجية معلميه موضع التنفيذ بالدعوة إلى الحملة الإسلامية العالمية للجهاد ضد الغرب، وهى الحملة التى بلغت ذروتها بهجمات 11 سبتمبر الإرهابية.
ويلخص الباحث الأمريكى هيك صفحات مهمة من كتابه قائلاً: وهكذا كان وصول المنفيين المصريين إلى السعودية هادئاً وتدريجياً فى البداية.. كثيرون منهم كانوا ينتمون إلى عائلات متدينة ومتعلمة ومتعددة اللغات، كما أتيحت لبعضهم الفرصة لشغل مناصب ذات مكانة عالية ومؤثرة داخل المملكة، من بين المصريين الذين انتقلوا للعيش فى جدة آنذاك الطبيب أيمن الظواهرى الذى عمل فى الصباح طبيباً فى أحد المستشفيات ليتفرغ بعد ذلك لما هو بالنسبة إليه أهم مليون مرة من الطب والتطبيب!.. مدينة جدة لا تبعد عن مدينة مكة بأكثر من ساعة واحدة بالسيارة حيث مقر تنظيمين أساسيين متصلين بالإخوان المسلمين، هما: رابطة العالم الإسلامى «تأسست فى عام 1962» والندوة العالمية للشباب المسلم «تأسست فى عام 1972» ومنهما نشأ وترعرع مركز التجنيد الرئيسى المسئول عن تدفق الشباب العربى المسلم عبر بيشاور فى باكستان للجهاد فى أفغانستان.. وغيرها.
وفى ملاحظة مهمة للمؤلف تقول إن السعودية لم تبد فى أول الأمر قدراً كبيرا من الاهتمام بتلك التطورات السياسية والعسكرية بل على العكس من ذلك فقد بدأ تشجيع المملكة على منح فرص عمل للمفكرين الأصوليين المصريين المهاجرين داخل السعودية، خاصة فى كل مستويات التعليم، وكأنها بذلك تمسك بورقة رابحة للدعاية ضد الاشتراكية الناصرية العلمانية التى تغلغلت فى أنحاء منطقة الشرق الأوسط آنذاك.
وسرعان ما ثبت خطأ هذا التصور . ففى 20 نوفمبر من عام 1979 اهتزت حكومة السعودية عندما احتلت مجموعة من الناشطين المحليين، إلى جانب طلاب أجانب يتلقون التعليم فى جامعاتها، أقدس المواقع فى العالم الإسلامى وهو «الحرم المكى» ! وقيل إن المقصد المعلن هو : «تنفيذ الجهاد الداخلى ضد حكمها الملكى».
من «قطب» إلى «المودودى»
فى السعودية يقولون : إن الإخوان المسلمين المصريين هم الذين نقلوا التطرف، والإرهاب، إلى المملكة.. التى رحبت بهم بعد فرارهم من مصر، ودعمتهم، ومنحتهم فرص الإقامة والعمل والكسب فى البلاد.. وبدلا من تلقى اعترافهم بالفضل والجميل، فوجئت بهم يسعون إلى زرع الإرهاب المسلح فى عقول وقلوب أجيالها الجديدة.
وفى مصر.. نحن نقول : إن المصريين الذين أقاموا فى السعودية تأثر معظمهم بالمذهب الوهابى السلفى، الأصولى ونقلوا أفكاره، وفتاويه، وتحريماته، وتكفيراته.. إلى مصر بعد عودتهم إليها، وكانت النتيجة ما نراه، ونسمعه، ونقرأه منذ سنوات عديدة ماضية من تشدد دينى هو فى معظمه أبعد ما يكون عن الدين الإسلامى وسماحته.. كما عرفناهما من قبل .
المقولتان السعودية والمصرية تلقيان تأييدا، وتأكيدا من مفكرين ومثقفين كُثُر.. هناك وهنا.. حقيقة أن هؤلاء وأولئك يتبادلان الاتهامات، لكن حقيقة أيضا أن كل طرف يملك كماً هائلاً من القرائن والوقائع والأدلة، مساوياً وموازياً لنفس القدر لدى الطرف الآخر مما يستحيل إدانة الإخوان وتبرئة الوهابيين أو تبرئة الإخوان وإدانة الوهابيين.
بعد هذه المداخلة أعود إلى كتاب الباحث الأمريكى «جين هيك» عندما تتصارع العوالم فى نسخته العربية التى ترجمها باقتدار الأستاذ «أحمد محمود، والصادرة عن هيئة أبو ظبى للثقافة والتراث.. اهتزت السعودية حكومة وشعباً فى 20 نوفمبر من عام 1979 عندما احتل عدد كبير من الشباب الناشطين المحليين والأجانب الحرم المكى.. تبين أن الاحتلال تم بقيادة وزعامة المدعو «جهيمان بن محمد العتيبى» الذى كان يتفاخر بأنه جهادى سلفى وزوج أخته المدعو : «محمد بن عبدالله القحطانى» الذى كان يصف نفسه بأنه المهدى المنتظر وزعم الاثنان أنهما قادا أكثر من مائتين من شباب السعوديين وغير السعوديين للقيام بهجمتهم على الحرم المكى اعتراضا على النفوذ الغربى الذى زاد عن الحد داخل السعودية، فكان لابد من القيام بتطهير الإسلام من خلال العودة إلى تقاليد العدل والمساواة
«الاحتلال» تم سحقه خلال أسبوعين مع وقوع خسائر كبيرة على الجانبين، فقد قتل «المهدى المنتظر» محمد القحطانى أما زميله وعديله جهيمان العتيبى فقد ألقى القبض عليه، وتم إعدامه وإعدام 62 من أتباعه.
وصف الباحث الأمريكى عام 1979 بأنه عام الإرهاب فى المملكة. فقد شهد نزول شيعة المنطقة الشرقية إلى الشوارع فى مظاهر علنية بمناسبة الاحتفال بعاشوراء وهى ممارسة تحظرها الدولة ومقصورة على مناطق الشيعة فقط، مما تطلب استدعاء نحو 20 ألفا من قوات الحرس الوطنى لإخماد انتفاضة شيعة المنطقة الشرقية. كما نزل الشيعة مرة ثانية إلى الشوارع احتفالاً بالذكرى الأولى لعودة الخمينى إلى إيران واحتجاجا فى الوقت نفسه على ما تصوروا أنه وضع المواطنة من الدرجة الثانية الذى يتمتعون به داخل السعودية. وتم استدعاء قوات من الحرس الوطنى لتفريقهم مع وقوع خسائر عديدة فى الأرواح.
من دراسة ما جرى من أحداث عام الإرهاب كثر الحديث عن انتفاضة «جهيمان - القحطانى» وأتباعه الذين تلقوا التعليم فى الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة على أيدى أساتذة ومدرسين مصريين من الإخوان المسلمين الذين وجدوا فى المدارس والمعاهد والجامعات السعودية تربة خصة بتلقى بذور أيديولوجيتهم المتشددة، ونشر أفكارهم الإرهابية بين الطلاب وأبسطها «التكفير المعين» أى إعلان أصحاب العقيدة المختلفة كفارا وهو المفهوم الذى نادى به الفقيه الحنبلى «ابن تيمية» فى القرنين الثالث عشر والرابع عشر وأعاد تقديمه تلميذه فى العصر الحديث : الفقيه، الإخوانى «سيد قطب».
صفحات من كتاب «عندما تتصادم العوالم» خصصها الباحث لتاريخ هذا التجريم واللعن الذى يعتقد أنه نشأ مع الخوارج فى القرن السابع، الذين قرروا وهم يعملون تحت شعار «لا حكم إلا لله» وكانوا مهووسين بشدة بتحديد من يمكن أن يُحكم عليه بأنه «مسلم حقيقى» ومن لا يمكن ؟ فأى شخص يخالف الأوامر القرآنية والأحاديث النبوية كافر ويجب طرده من جماعة المؤمنين. فى النصف الثانى من القرن العشرين.. تم إحياء تلك الممارسة الميتة، ومنحها حياة جديدة بواسطة المصلحين المفترضين المحدثين مثل : سيد قطب الإخوانى المصرى والمنظر الإسلامى الباكستانى: أبو الأعلى المودودى والغريب بالنسبة لهذا الباكستانى أنه نفسه الذى أسس فى ثمانينيات القرن الماضى الجامعة الإسلامية الباكستانية التى عملت بشكل وثيق جدا مع مصالح وكالة المخابرات المركزية الأمريكية فى تجنيد أقدم رواد القاعدة لمقاومة غزو الاتحاد السوفيتى آنذاك لأفغانستان!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.