الطغاة لا يتغيرون .. يتسرعون في خطوات الشر ... بينما قدرتهم علي تقديم الخير لشعوبهم تكون متكاسلة ومتعثرة... وإن كنا قد تحدثنا في المقالات السابقة عن بعض شهداء عصر الرئيس السابق مبارك فإننا اليوم نعيش مع عصر آخر وطاغية آخر وشهيد مازلنا نستنشق عبير جهاده. ففي يوم 29 / 8 / 1964 أصر الرئيس جمال عبد الناصر علي قتل الشهيد / سيد قطب .. وإعدامه .. مع أن سيد قطب رحمه الله لم يكن متخابراً مع العدو ولا جاسوساً، كما انه لم يقتل أحداً .. أو تآمر علي البلاد .. لكن الطغاة يا سادة لهم قانونهم الخاص وأحكامهم الخاصة ومحاكمهم الاستثنائية الخاصة .. فقد حكم الرئيس جمال عبد الناصر علي سيد قطب إثر حادث المنشية الذي تعرض فيه الرئيس الأسبق لمحاولة اغتيال فاشلة بالسجن لمدة خمسة عشر عاماً .. وقد تدخل الرئيس العراقي الأسبق عبد السلام عارف لدي الرئيس جمال عبد الناصر للإفراج عن سيد قطب رحمه الله ..و قد تم الإفراج فعلا في مايو 1964 .. ولكن يبدو أن هذا الافراج كان تمهيداً لاعادة القبض عليه في يوليو 1964 بعد أن احتج سيد قطب رحمه الله علي اعتقال عبدالناصر لشقيقه العلامة "محمد قطب" .. وقد رأي عبد الناصر أن إعدام الشهيد سيد قطب سوف يذهب الهم عنه ويقتل كلمة الحق التي تؤرق مضجعه .. وإذا ما طالعنا التاريخ ..فإن الطغاة جميعاً يعتبرون أن القتل هو أسرع الحلول لمشاكلهم .. ولكنهم في الحقيقة يكتبون بذلك نهايتهم ويصنعون خلوداً لضحاياهم .. والدليل علي ذلك أننا في الوقت الذي ندرس فيه الآن أسباب الهزيمة العسكرية لمصر في عام 1967 والتي تسبب فيها نظام عبد الناصر .. وطغيانه وقمعه للحريات وفساد أعوانه ..فإن الناس تدرس في ذات الوقت كتاب العدالة الاجتماعية لسيد قطب .. ويستريحون في ظلال القرآن ذلك التفسير الذي عاش به سيد قطب وعاش له و عاش معه ليقدمه لشعوب الأرض كلها .. فارتبط اسم عبد الناصر بالهزيمهة، بينما ارتبط اسم الشهيد سيد قطب بظلال القرآن فأصبح الأول صاحب الهزيمة بينما أصبح الثاني صاحب القرآن ... فالطغاة يا سادة جميعهم يفكرون بذات الطريقة ويعيشون بنفس الأسلوب ثم هم في النهاية تكون نهايتهم واحدة .. لا فرق بين فرعون ولا بين طغاة قريش..ولن تجد فرقا كذلك بين طاغية مصر وبين طاغية ليبيا في العصر الحديث.. ولا بين أي طاغية في أي عصر مضي وقد مرت أوروبا أيضاً بطغاة عديدين وتعددت الثورات في حياتهم ولم يكن لدي الطغاة من سلاح إلا قتل المصلحين ودعاة التنوير .... فالطغاة صفاتهم واحدة فهم لا يقبلون الرأي الآخر بطبعهم ونفوسهم ضيقة لا تحتمل الحوار ولا النقد ولا حتي النصيحة..وكل من يحمل في ذاته نفس الصفات فهو يحمل بذور الطغيان أو هو طاغية تحت التدريب ..أو حتي «تقاوي طاغية» وطواغية الأرض كلها لا يحبون العدالة وكلهم يعشقون المحاكم الاستثنائية والعسكرية والطوارئ فهم يصنعون قانوناً للتدليل يحاكمون به المفسدين واللصوص وتجار الأعراض ثم يصنعون قانوناً آخر يحاكمون به أهل الرأي والمصلحين والدعاة... وبهذه المناسبة فقد ظل القذافي يفر من جحر إلي جحر وهو يؤكد أن الشعب يقاتل معه وأن الثوار في ليبيا ما هم إلا قلة منحرفة حتي وجد نفسه وحيداً بلا شعب فقال قولته المشهورة «كنت أظنهم قلة منحرفة ولكني اكتشفت أن الشعب كله قد مختار نوح