وزير الأوقاف ومحافظ جنوب سيناء يفتتحان أعمال تطوير مسجد الصحابة بشرم الشيخ    عيار 21 يعود لسابق عهده.. أسعار الذهب اليوم السبت 20 إبريل بالصاغة بعد الارتفاع الجديد    كوريا الشمالية تطلق نوعا جديدا من الصواريخ وتختبر "رأسا حربيا كبيرا جدا"    كانسيلو يعلق على خروج برشلونة من تشامبيونزليج وآخر الاستعدادات لمواجهة ريال مدريد    أسماء ضحايا حادث تصادم سيارتين وتوك توك بطريق المنصورة بالدقهلية    آمال ماهر تشدو برائعة كوكب الشرق"ألف ليلة وليلة "والجمهور يرفض انتهاء الحفل (فيديو)    طريقة عمل تارت الجيلي للشيف نجلاء الشرشابي    ميدو يكشف احتياجات الزمالك في الميركاتو الصيفي    اندلاع مواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال في بلدة بيت فوريك شرق نابلس    سفيرة البحرين بالقاهرة: زيارة الملك حمد لمصر تأكيد على التكامل الإستراتيجي ووحدة الصف بين البلدين    ابسط يا عم هتاكل فسيخ ورنجة براحتك.. موعد شم النسيم لعام 2024    داعية إسلامي: خدمة الزوج والأولاد ليست واجبة على الزوجة    تخفيف الأحمال فى «أسبوع الآلام»    نشرة منتصف الليل| الأرصاد تكشف موعد الموجة الحارة.. وهذه ملامح حركة المحافظين المرتقبة    300 جنيها .. مفاجأة حول أسعار أنابيب الغاز والبنزين في مصر    تجليس نيافة الأنبا توماس على دير "العذراء" بالبهنسا.. صور    بجوائز 2 مليون جنيه.. إطلاق مسابقة " الخطيب المفوه " للشباب والنشء    3 إعفاءات للأشخاص ذوي الإعاقة في القانون، تعرف عليها    انفجار في قاعدة كالسوم في بابل العراقية تسبب في قتل شخص وإصابة آخرين    العميد سمير راغب: اقتحام إسرائيل لرفح أصبح حتميًا    كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي    إيران تصف الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ب"اللا مسؤول"    بصور قديمة.. شيريهان تنعي الفنان الراحل صلاح السعدني    حزب "المصريين" يكرم 200 طفل في مسابقة «معًا نصوم» بالبحر الأحمر    الخطيب ولبيب في حفل زفاف "شريف" نجل أشرف قاسم (صور)    سيف الدين الجزيري: مباراة دريمز الغاني المقبلة صعبة    ملف رياضة مصراوي.. إغماء لاعب المقاولون.. رسالة شوبير.. وتشكيل الأهلي المتوقع    يوفنتوس يواصل فقد النقاط بالتعادل مع كالياري.. ولاتسيو يفوز على جنوى    دوري أدنوك للمحترفين.. 6 مباريات مرتقبة في الجولة 20    صفقة المانية تنعش خزائن باريس سان جيرمان    منير أديب: أغلب التنظيمات المسلحة خرجت من رحم جماعة الإخوان الإرهابية.. فيديو    حالة الطقس اليوم.. حار نهارًا والعظمى في القاهرة 33 درجة    أهالى شبرا الخيمة يشيعون جثمان الطفل المعثور على جثته بشقة ..صور    فحص السيارات وتجديد الرخصة.. ماهى خدمات وحدات المرور المميزة فى المولات    "محكمة ميتا" تنظر في قضيتين بشأن صور إباحية مزيفة لنساء مشهورات    حريق هائل بمخزن كاوتش بقرية السنباط بالفيوم    وزارة الداخلية تكرم عددا من الضباط بمحافظة أسوان    تعرف على موعد انخفاض سعر الخبز.. الحكومة أظهرت "العين الحمراء" للمخابز    GranCabrio Spyder| سيارة رياضية فاخرة من Maserati    إياد نصار: لا أحب مسلسلات «البان آراب».. وسعيد بنجاح "صلة رحم"    يسرا: فرحانة إني عملت «شقو».. ودوري مليان شر| فيديو    نسرين أسامة أنور عكاشة: كان هناك توافق بين والدى والراحل صلاح السعدني    انطلاق حفل الفرقة الألمانية keinemusik بأهرامات الجيزة    بعد اتهامه بالكفر.. خالد منتصر يكشف حقيقة تصريحاته حول منع شرب ماء زمزم    بفستان لافت| ياسمين صبري تبهر متابعيها بهذه الإطلالة    هل يتم استثناء العاصمة الإدارية من تخفيف الأحمال.. الحكومة توضح    أعظم الذكر أجرًا.. احرص عليه في هذه الأوقات المحددة    أدعية الرزق: أهميتها وفوائدها وكيفية استخدامها في الحياة اليومية    رسميا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 20 إبريل 2024 بعد الانخفاض الأخير    آلام العظام: أسبابها وكيفية الوقاية منها    عمرو أديب يطالب يكشف أسباب بيع طائرات «مصر للطيران» (فيديو)    باحث عن اعترافات متحدث الإخوان باستخدام العنف: «ليست جديدة»    عاجل - فصائل عراقية تعلن استهداف قاعدة عوبدا الجوية التابعة لجيش الاحتلال بالمسيرات    مرض القدم السكري: الأعراض والعلاج والوقاية    متلازمة القولون العصبي: الأسباب والوقاية منه    «هترجع زي الأول».. حسام موافي يكشف عن حل سحري للتخلص من البطن السفلية    50 دعاء في يوم الجمعة.. متى تكون الساعة المستجابة    نصبت الموازين ونشرت الدواوين.. خطيب المسجد الحرام: عبادة الله حق واجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دولة الإخوان‏
الإخوان يغتالون رجالهم إذا اختلفوا معهم6 بقلم‏:‏ عبد الرحيم علي

المثير للدهشة ان الجهاز السري الذي زعم حسن البنا ومازال الاخوان يزعمون انه اسس لمحاربة الاستعمار‏,‏ قد تغيب تماما عن معارك الكفاح المسلح في القنال 1951‏
وقد تنصل المرشد العام المستشار الهضيبي في حديث له نشرته المصري 3‏‏1‏ 1953‏ ونقله الاستاذ محمود عبد الحليم في كتابه من اي مشاركة فيه‏,‏ وقال‏:‏ كثر تساؤل الناس عن موقف الاخوان المسلمين في الظروف الحاضرة‏,‏ كأن شباب مصر كله قد نفر الي محاربة الانجليز في القنال‏,‏ ولم يتخلف الا الاخوان‏..‏ولم يجد هؤلاء للاخوان عذرا واحدا يجيز لهم الاستبطاء بعض الشيء ,‏ وقال ان الاخوان لا يريدون أن يقولوا ما قال واحد منهم ليس له حق التعبير عنهم انهم قد ادوا واجبهم في معركة القنال فإن ذلك غلو لا جدوي منه ولا خير فيه‏,‏ ولا يزال بين ما فرضه الله عليهم من الكفاح وبين الواقع امد بعيد والامور الي أوقاتها
محمود عبد الحليم‏:‏ احداث صنعت التاريخ ج‏1,‏ ص‏163‏ .‏
وحول اغتيال سيد فايز‏,‏ القيادي في النظام الخاص‏,‏ يقول محمود عبد الحليم‏:‏ انتهز السندي فرصة ذكري المولد النبوي الشريف وارسل اليه في منزله هدية عبارة عن علبة حلوي مغلقة عن طريق احد عملائه‏,‏ فلما حضر وفتح العلبة انفجرت فيه وقتلته وقتلت معه شقيقا له وجرحت بقية الاسرة‏,‏ وهدمت جانبا من جدار الغرفة‏,‏ ويمضي عبد الحليم مؤكدا وقد ثبت ثبوتا قاطعا ان هذه الجريمة الاثمة الغادرة كانت بتدبير السندي‏,‏ وقد قامت مجموعة من كبار المسئولين في هذا النظام بتقصي الامور في شأن هذه الجريمة‏,‏ واخذوا في تضييق الخناق حوله حتي صدر منه اعتراف ضمني .‏ المرجع السابق‏:‏ ص‏167‏ هل يتعلق الامر ب تاريخ الاخوان دون حاضر جماعة؟‏.‏ نستطيع ان نترك كل هذا التاريخ الحافل ونتساءل‏:‏ لماذا لم يرد قادة الجماعة علي مذكرات طلال الانصاري‏,‏ المتهم الثاني في حادث الفنية العسكرية‏,‏ التي كشف فيها انه بايع المرشد العام الثاني‏,‏ حسن الهضيبي‏,‏ بمنزله في منيل الروضة عام‏1973,‏ وان الهضيبي كان علي علم بخطة صالح السرية المتضمنة احداث انقلاب عسكري للوصول الي السلطة‏,‏ ووافق عليها بشرط ابعاد الاخوان نهائيا عن الموضوع في حال فشل الانقلاب طلال الانصاري‏:‏ صفحات مجهولة من تاريخ الحركة الاسلامية المعاصرة‏..‏ من النكسة الي المشنقة‏.‏
لماذا لم يردوا علي كتابات مصطفي الست مريم ابو مصعب السوري التي اكد فيها انه قدم الي مصر مع مجموعة من اخوان سوريا حيث قام اخوانهم في مصر بتدريبهم علي حرب العصابات‏,‏ وذلك قبل اغتيال السادات بثلاثة اشهر‏.‏
‏(‏ ابو مصعب السوري‏:‏ دعوة المقاومة الاسلامية العالمية‏,‏ ص‏158)‏ لماذا وقفوا صامتين عندما اعلن الشيخ عبد الله عزام في مذكراته التي نشرها موقعه علي شبكة الانترنت ان الاخ كمال السنانيري جاء اليه‏,‏حيث كان يعمل في المملكة العربية السعودية‏,‏ واخبره بان الجماعة تريد منه الذهاب الي افغانستان للمساعدة في تشكيل وحدة انتقال سريعة ومدربة من الشباب المسلم الذين يأتون الي أفغانستان من اجل الجهاد‏,‏ وان هذه النواة كانت البؤرة الاساسية التي تشكل منها تنظيم القاعدة فيما بعد‏.‏ عبد الله عزام‏:‏ مذكرات منشورة علي موقعه علي شبكة الانترنت عام‏2002‏
اذا كان هذا هو موقف الجماعة الدعوية السلمية من العنف و التغيير بالقوة فما الذي يمكن ان يقال عن القاعدة ؟ وهي التي تعتبر ان العنف فريضة واجبة‏,‏ ويقرر الدكتور عبد الله عزام ان الجهاد فريضة العمر كالصلاة والصوم‏,‏ فكما انه لا يجوز ان يصوم عاما ويفطر عاما او يصلي يوما ويترك اخر‏,‏ فكذلك الجهاد لا يجوز ان يجاهد سنة ويترك سنوات قدر طاقته‏.‏
ويقول‏:‏ ان الجهاد الان فرض عين بالنفس والمال في كل مكان استولي عليه الكفار‏,‏ ويبقي فرض عين مستمرا حتي تتحرر كل بقعة في الارض كانت في يوم من الايام اسلامية‏.‏ وهو المنهج نفسه الذي تبعه فيه تلميذه بن لادن‏,‏ اللهم بفرق واحد هو ان عزام اراد استخدام التنظيم بامواله وعتاده ومقاتليه في مساعدة الدول التي يضطهد فيها المسلمون اولا لتحريرهم من الاضطهاد‏,‏ ثم التثنية بالحكام الطواغيت‏,‏ وهو ما اختلف عليه الرجلان بسبب تأثيرات الظواهري علي بن لادن‏.‏
ويؤكد عزام‏:‏ ان كلمة الجهاد اذا اطلقت انما تعني القتال بالسلاح‏,‏ كما قال ابن رشد‏,‏ وعليه اتفق الائمة الاربعة‏,‏ كما ان المتبادر من كلمة في سبيل الله هو الجهاد كما قال ابن حجر في الفتح‏.‏
ويبين عزام ان‏:‏ قولهم رجعنا من الجهاد الاصغر القتال الي الجهاد الاكبر جهاد النفس الذي يرددونه علي اساس انه حديث‏,‏ هو حديث باطل موضوع لا اصل له‏,‏ مشيرا الي انه قول ابراهيم بن ابي عبلة احد التابعين‏,‏ وهو مخالف للنصوص والواقع‏.‏
ويستطرد عزام قائلا‏:‏ ان الله عز وجل لم يعذر احدا بترك الجهاد الا المريض و الاعرج والاعمي والطفل الذي لم يبلع الحلم‏,‏والمرأة التي لا تعرف طريق الجهاد والهجرة ولا تثبت علي الدابة‏,‏ والطاعن في السن‏.‏
ولان عزام يعد جيشا لمهام مستقبلية وليس مجاهدين لمهام وقتية‏,‏ فإنه يقرر ان الجهاد عبادة جماعية وكل جماعة لابد لها من امير‏,‏ وطاعة الامير في الجهاد من اشد الضرورات‏,‏ فلابد من تعويد النفس علي التزام طاعة الامير‏.‏
ويرفض عزام مبدأ الاستئذان في الجهاد فيقول‏:‏ طالما اصبح الجهاد فرض عين مثله مثل الصلاة‏,‏ فإذا داهم العدو ارض المسلمين يصبح الجهاد فرض عين كالصلاة والصوم لا يسعهم تركه‏,‏ واذا اصبح الجهاد فرض عين كالصلاة‏,‏ عندها لا تستأذن احدا‏,‏ لا اما ولا ابا ولا اميرا ولا اخا ولا شيخا ولا مربيا ولا دائنا ولا احدا‏.‏ عبد الله عزام‏:‏ في الجهاد‏..‏ فقه واجتهاد‏,‏ ص‏161‏ ولا يتعرض الشيخ بالطبع للاجابة عن السؤال‏:‏ من له حق اصدار النفير العام هل الافراد ام الجماعات ام الحكومات الممثلة لمجموع الامة بغض النظر عن وجهة نظرنا فيها‏,‏ وذلك حتي لا تسود الفوضي وينقلب الجهاد رمحا الي قلوبنا كما حدث بعد تنفيذ القاعدة ومقاتليها لافكار عزام في الحادي عشر من سبتمبر‏2001‏ .‏
ويصل التطرف الي مداه في الفتاوي التي يقدمها ابو مصعب الزرقاوي في وصايا للمجاهدين ,‏ حيث يحث علي نحر رقاب الرهائن والمختطفين ابو مصعب الزرقاوي‏:‏ وصايا للمجاهدين ص‏8‏‏,‏
وصولا الي آراء وفتاوي يوسف العييري‏,‏ الذي اصدر فتوي تحمل عنوان‏:‏ هداية الحياري‏..‏ في جواز قتل الاساري ,‏ والفتوي تقع في مبحثين‏:‏
الاول‏:‏ يرد علي من قال بتحريم قتل الاسير‏.‏
والثاني‏:‏ يرد علي من يطالب الجماعة بالالتزام بالمواثيق والعهود الدولية التي تحرم قتله‏!‏
اما عبد العزيز الجربوع‏,‏ فينفرد بإثارة قضية نحر النفس عند الوقوع في قبضة العدو‏,‏ وذلك خشية افشاء اسرار المجاهدين‏!..‏ عبد العزيز صالح الجربوع‏:‏ المختار في حكم الانتحار خوف افشاء الاسرار .‏
اي فارق بين الاخوان المسلمين و القاعدة في الموقف من العنف اذن السلوك مشترك‏,‏ لكن القاعدة تباهي به وتعلنه‏,‏ اما اخوان فينكرونه نظريا‏,‏ ويتبرأون منه‏,‏ ويشجعون عليه عمليا ويؤجلون القيام به لحين توافر ظروفه‏!‏
القسم الثاني‏:‏ سيد قطب‏..‏ الجسر‏:‏
منذ ان فاز التيار القطبي في انتخابات مكتب ارشاد جماعة المسلمين‏,‏ في يناير من عام‏2010‏ بدأ اقطاب هذا التيار وفي مقدمتهم‏,‏ المرشد العام للجماعة الدكتور محمد بديع‏,‏ ونائبه الدكتور محمود عزت‏,‏ حملة ترويج لسيد قطب ومشروعه الفكري‏,‏ هدفها الرئيسي بعث افكار الرجل من جديد‏,‏ والتمهيد لاعتمادها كورقة رئيسية في منهج التربية داخل الجماعة‏.‏ شملت حملات الترويج للمنهج القطبي ثلاث نقاط رئيسية‏:‏
الاولي ركزت علي دماثة اخلاق الرجل‏,‏ ورقة مشاعره‏,‏ الامر الذي ينتفي معه ان يكون داعية للعنف‏.‏
والثانية ان الرجل كان شاعرا واديبا‏,‏ وكان يستخدم لغة مجازية في كتابة افكاره‏,‏ حتي الفقهية منها‏,‏ الامر الذي تسبب في خلط كثير عند بعض من قرأوه‏.‏
والثالثة التأكيد علي ان الرجل لم يقم ابدا بتكفير احد من المسلمين او غيرهم‏.‏
المأزق الحقيقي الذي صنعه الاخوان لانفسهم‏,‏ علي الصعيدين الفكري والسياسي‏,‏ يتجسد في عدم التوافق بين افكار سيد قطب التي يحاولون بعثها من جديد وخيول الديمقراطية والحرية التي يمتطونها هذه الايام بشكل مؤقت‏.‏ اذ كيف يدافعون عن استقلال القضاء ويحتفون بالرجل الذي سفه فكرة المؤسسة القانونية ورفض وجودها من منطلق انها تنبع من قوانين وضعية جاهلية؟‏!..‏ كيف يطالبون بالحق في التظاهر ويحتفون بمن ايد اعدام عمال كفر الدوار لانهم تظاهروا؟‏!‏ كيف يروجون لخطاب عصري ذي مفردات براقة ويحتفون بالمفكر الذي اضفي صفة الجاهلية علي كل معطيات الحضارة الحديثة؟‏!.‏
تبرير المظالم‏:‏
الافكار التكفيرية هي نهاية المطاف في رحلة حياة سيد قطب‏,‏ نقطة الوصل بين التيارين‏,‏ اما البداية التي تمتد الي قبل ذلك بسنوات فشأن مختلف‏.‏ الصدام الدموي بين سلطة يوليو وقطب‏,‏ سبقته مرحلة من التفاهم والتقارب والتعاون والتنسيق‏,‏ فقدكان المفكر الاخواني من دعاة الثورة والمتحمسين لها والمروجين لافكارها والمدافعين عن اخطائها والمبررين لخطاياها‏!.‏
عندماقرر ضباط يوليو‏,‏في اعقاب نجاح حركتهم العسكرية‏,‏ القيام بحركة تطهير واسعة في المصالح والدواوين الحكومية‏,‏ لاستئصال بقايا العهد البائد‏,‏ كان منطقيا ان يتعرض بعض الابرياء والشرفاء لمظالم الاطاحة بهم دون ذنب‏,‏ وكتب سيد قطب مدافعا ومبررا‏,‏ وكان وقتها في طليعة المؤيدين للحركة المباركة‏:‏ لئن نظلم عشرة او عشرين من المتهمين خير من ان تدع الثورة تذبل وتموت !‏ شريف يونس‏:‏ سيد قطب والاصولية الاسلامية‏,‏ ص‏157‏ .‏
كان ذلك في سبتمبر‏1952,‏ سرعان ما دارت الايام وجاء التاسع والعشرون من شهر اغسطس سنة‏1966,‏ وهو اليوم الذي نفذ فيه حكم الاعدام شنقا في سيد قطب‏,‏ بعد ادانته في تهمة التآمر لقلب نظام الحكم بالقوة‏,‏ وهو النظام نفسه الذي كان يدافع عنه‏,‏ ربما ردد بعض رموز النظام الناصري‏,‏ في اعماقهم‏,‏ ما كتبه المشنوق قبل سنوات قليلة‏,‏ فأي ضير في قتله‏,‏ حتي لو كان بريئا‏,‏ طالما ان الثورة لن تذبل او تموت‏!.‏
الفارق كبير‏,‏ بطبيعة الحال‏,‏ بين فصل وتشريد بعض الموظفين وبين ازهاق الارواح في محاكمات تخلو من الضمانات القانونية‏,‏ لكن الخطأ المشترك يكمن في فلسفة التبرير‏,‏ التي تجمل الاخطاء والجرائم تحت شعارات فضفاضة مراوغة‏,‏ واذا كان القتل فعلا مرذولا جديرا بالادانة في ساحة الاختلاف السياسي‏,‏ سيان في ذلك مارسته السلطة ام من يخرجون عليها‏,‏ فإن القضاء علي الآفة اللعينة‏,‏ حيث العنف والعنف المضاد‏,‏ يتمثل في التمسك بالديمقراطية وثوابتها‏,‏ ذلك ان الحياة رحيبة تتسع للجميع‏,‏ في اطار الاحترام المتبادل والايمان بان احدا لا يملك الحقيقة المطلقة والحكمة الخالصة‏.‏ ولئن كان النظام الناصري مدانا من قبل الاخوان‏,‏ وغيرهم‏,‏ لانه لم يكن ديمقراطيا او متسامحا‏,‏ فإن الاخوان بدورهم ليسوا من دعاة الديمقراطية والتسامح‏.‏
فيلسوف الديكتاتورية‏:‏
كان سيد قطب‏,‏ في الشهور الاولي لثورة يوليو‏,‏ من المتطرفين في الدفاع عنها‏,‏ ومن الحريصين علي الدفع بها للتخلص من كل ما سبقها‏,‏ ايجابيا كان ام سلبيا‏!..‏ بعد اسبوعين فقط من نجاح الحركة العسكرية‏,8‏ 8‏‏1952,‏ كتب قطب يناشد اللواء محمد نجيب لاقامة دكتاتورية عادلة نظيفة شريفة !‏
ويلح في مقاله علي ضرورة التخلص من دستور‏1923,‏ الذي لا يتمسك به الا الرجعيون الفاسدون‏!‏ سيد قطب‏:‏ جريدة الاخبار الجديدة‏,8‏ 8‏ 1952‏ .‏
ويعود سيد قطب‏,‏ في‏31‏ 8‏‏1952,‏ ليطالب بإزالة رواسب العهد البائد‏,‏ ويقول في وضوح سافر‏:‏ ان الثورات لا تقوم كل يوم‏,‏ اما الدستور والبرلمانات فهي في متناول الجميع !‏ سيد قطب‏:‏ جريدة الاخبار الجديدة‏,1958/8/31.‏
انه يتحدث باستهانة بالغة عن الدستور والبرلمان‏,‏ وكأنه في معرض الاشارة الي سلع كمالية يمكن الاستغناء عنها الي مالا نهاية‏!.‏
لم يكن ما قبل‏23‏ يوليو خيرا خالصا‏,‏ لكن القضاء علي الفساد والانحراف لا يعني المطالبة بنظام عسكري ديكتاتوري‏,‏ ولا يتضمن الانقلاب علي الدستور وتعطيل الحياة البرلمانية‏,‏ ومن جانب اخر‏,‏ فإن فكرة المستبد العادل ,‏ التي يتحمس لها المفكر الاخواني‏,‏ مليئة بالتناقضات‏,‏ والالحاح علي التبشير بها هو ما دفع احسان عبد القدوس‏,‏ في مقال نشرته روزراليوسف يوم‏9‏ 2‏‏1953,‏ الي التصدي لمروجي الشعار الزائف‏:‏ انا لا اؤمن بالاكذوبة اللفظية التي تتغني بالمستبد العادل‏,‏ فالمستبد لا يمكن ان يكون عادلا مادام مستبدا‏,‏ والعادل لا يمكن ان يكون مستبدا مادام عادلا احسان عبد القدوس‏:‏ روزاليوسف‏9‏ 2‏ 1953‏ .‏
وقد وصل تأييد سيد قطب لاخطاء ثوار يوليو‏,‏ التي لا ينكرها عتاة الناصريين‏,‏ الي الدرجة التي هلل فيها لاعدام العاملين خميس والبقري‏,‏ بعد المظاهرات العمالية في كفر الدوار‏:‏ ان عهدا باكمله يلفظ انفاسه الاخيرة في قبضة قوية مكينة‏,‏ فلا بأس ان يرفس برجليه‏,‏ لكنه عهد قد انتهي ومات‏.‏ انما المهم ان نشرع في الاجهاز عليه‏,‏ وان تكون المدية حامية فلا يطول الصراع‏,‏ ولا تطول السكرات‏.‏ لقد اطلع الشيطان قرنيه‏,‏ فلنضرب بقوة‏,‏ ولنضرب بسرعة‏,‏ اما الشعب فإن عليه ان يحفر القبر وان يهيل التراب‏!‏
شريف يونس‏:‏ مرجع سابق‏,‏ ص‏163‏ الاحتجاجات العمالية‏,‏ المحدودة والمشروعة‏,‏ ليست الا رفسا بالرجلين عند قطب واخوانه الديمقراطيين‏!,‏ وهو يدعو الي المزيد من القوة والقسوة للاجهاز علي المعارضين المحسوبين علي الشيطان‏!..‏ والطريف انه يطالب ب المدية الحامية لانها الاسرع وليست الارحم‏!.‏
لا يمكن ان يكون الدين مسئولا عن المطالبة بالديكتاتورية والاطاحة بالدستور والغاء الاحزاب وتعطيل الحياة البرلمانية‏,‏ ولا يمكن ان يكون الدين محبذا لقهر الاحتجاجات السلمية واعدام العمال‏.‏ كلمات سيد قطب لا تصدر الا عن رجل يفكر وفق مصلحة سياسية‏,‏ والصفقة التي كان ينوي ابرامها هي المزج بين افكاره الاصلاحية والقوة التي يملكها الضباط الذين يمسكون بالسلطة دون شريك‏.‏ لم تكن الثورة غافلة عن نوايا سيد قطب‏,‏ ولم يكن عبد الناصر‏,‏ الزعيم الفعلي والقائد الحقيقي علي استعداد للتفريط في السلطة او تقاسمها مع الاخوان‏,‏ ولذلك فقد رفض العرض الذي تقدم به حسن الهضيبي ليتولي سيد قطب سكرتارية هيئة التحرير‏,‏ اول التنظيمات التي اسسها ثوار يوليو‏.‏ وفقا لرواية الشيخ احمد حسن الباقوري‏,‏ في كتابه بقايا ذكريات ,‏ فقد قال له عبد الناصر انه لا يريد تحويل الهيئة الي شعبة اخوانية‏!‏
احمد حسن الباقوري‏:‏ بقايا ذكريات‏,‏ ص‏112‏ .‏
عبد الناصر لاعب شطرنج ماهر‏,‏ يعي جيدا ما يفكر فيه اللاعبون الآخرون‏,‏ ولن يسمح لهم ان يتلاعبوا به‏!.‏ ونواصل‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.