عبد الرحمن السندي يقتل سيد فايز غدرا كما فعل الأخير مع النقراشي الجماعة استعانت بالعيسوي لاغتيال أحمد ماهر للتمويه علي علاقتها بالعملية الإخوان لم يعترفوا بحادث المنشية رغم اعتراف كل المشاركين في العملية بانتمائهم للجماعة اغتيال أحمد ماهر: في24 فبراير1945 كان أحمد ماهر باشا متوجها لمجلس النواب لإلقاء بيان من هناك, وأثناء مروره بالبهو الفرعوني قام شاب يدعي محمود العيسوي بإطلاق الرصاص عليه وقتله في الحال. بعد الحادث ألقي القبض علي حسن البنا وأحمد السكري وعبد الحكيم عابدين وآخرين من جماعة الإخوان, والتي كان العيسوي عضوا فيها, ولكن بعدها بأيام تم الإفراج عنهم بسبب اعتراف العيسوي بانتمائه للحزب الوطني. وبعد الإفراج عن قيادات الجماعة لم يذكر أي أحد منهم علاقته بالعيسوي, ولكن في سنوات لاحقة ثبتت علاقة الجماعة بالعيسوي, ونعرض هنا لشهادة الشيخ أحمد حسن الباقوري التي خطها بيده في كتابه بقايا ذكريات الطبعة الأولي الناشر: مركز الأهرام للترجمة والنشر ص49 والتي قال فيها وأما النظام الخاص فلم يكن المنتسبون إليه معروفين إلا في دائرة ضيقة ولآحاد معروفين, وقد كان لهؤلاء اجتماعاتهم الخاصة بهم, وربما كانوا يعملون في جهات مختلفة يجهل بعضها بعضا جهلا شديدا, ومن سوء حظ الدعوة أن هذا النظام الخاص رأي أن ينتقم لاسقاط المرشد في الانتخابات بدائرة الاسماعيلية, وكان من أشد المتحمسين لفكرة الانتقام هذه محام شاب يتمرن علي المحاماة في مكتب الأستاذ عبد المقصود متولي, الذي كان علما من أعلام الحزب الوطني, وهو المحامي الشاب محمود العيسوي, فما أعلنت حكومة الدكتور أحمد ماهر باشا الحرب علي دول المحور لكي تتمكن مصر بهذا الإعلان من أن تمثل في مؤتمر الصلح إذا انتصرت الديمقراطية علي النازية والفاشية. رأي النظام الخاص أن هذه فرصة سنحت للانتقام من رئيس الحكومة, ووجه محمود العيسوي إلي الاعتداء علي المرحوم أحمد ماهر باشا, فاعتدي عليه في البرلمان بطلقات سلبته حياته التي وهبها لمصر منذ عرف الوطنية رحمه الله رحمة واسعة. ويأتي بعد ذلك الصباغ, والذي كان واحدا من رجال التنظيم الخاص ليذكر أن أحمد ماهر خائن ولا يختلف علي ذلك أثنان علي حد تعبيره ولكن الإخوان لم يجيزوا قتله!!!. ولم يمنعهم هذا من دراسة وتحضير خطة لاغتياله حتي يقوموا بها إذا تطورت الأمور, وذكر الصباغ أنه هو شخصيا كان القائم بهذه الدراسة محمود الصباغ حقيقة التنظيم الخاص الطبعة الأولي ص271. العنف منهج الجماعة: في سنوات لاحقة ل1945 قامت الجماعة بأعمال عنف كثيرة انتهت بقرار حل الجماعة, وأعقب هذا القرار اغتيال النقراشي باشا كما ذكرنا في حلقات سابقة, ولم يتوقف الإخوان بعد اغتيال النقراشي ورأوا ان إبراهيم باشا عبد الهادي امتدادا للنقراشي, ومن ثم قرر الإخوان الفدائيون! هكذا يصفهم الصباغ اغتيال إبراهيم باشا, وبالفعل كمنوا له في يوم5 مايو1949 في الطريق إلي رئاسة مجلس الوزراء, وأطلقوا عليه وابلا من الطلقات أصابت بعض المارة, وكذلك الموكب الذي اعتقدوا أنه خاص بإبراهيم باشا, ولكنه كان موكب حامد جودة رئيس مجلس النواب الذي لم يصب بأي أذي, وبعد القبض علي منفذي العملية بدأت محاكمتهم التي استمرت حتي قيام ثورة يوليو, واعتبر بعدها المتهمون أبطال تحرير وصدر عنهم جميعا عفو شامل محمود الصباغ مصدر سابق ص314. مقتل السيد فايز: جرت هذه الحادثة العجيبة وفق منطق النار تأكل نفسها إذا لم تجد ما تأكله فعندما قام البنا بتعيين سيد فايز مسئولا عن الجهاز الخاص بدلا من عبد الرحمن السندي قرر الأخير اغتيال أخيه في الدعوة الذي جاء ليزيحه عن مكانه, فأرسل إليه بعلبة من الحلوي في ذكري المولد النبوي الشريف, وعندما حاول سيد فايز فتحها انفجرت في وجهه ومعه شقيقه فأردته قتيلا في الحال, وأسقطت جدار الشقة. والسيد فايز كان مهندسا للكثير من عمليات العنف التي قامت بها الجماعة من قبل مثل محاولة نسف محكمة الاستئناف واغتيال النقراشي باشا, وغيرها, وعندما علم البنا بمقتل سيد فايز أنكر في تصريحات حادة للصحافة أن يكون مرتكب الحادث من الإخوان المسلمين, واتهم أعداء الجماعة كالعادة بتدبير هذا الحادث, ومرة أخري يأتي الزمان بما لا يشتهي البنا ولا جماعته. وهذه المرة علي لسان محمود عبد الحليم أحد قادة الجماعة ومؤرخها ورفيق درب البنا, يقول عبد الحليم: كان السندي يعلم أن المهندس سيد فايز وهو من كبار المسئولين في النظام الخاص من أشد الناقمين علي تصرفاته, وأنه وضع نفسه تحت إمرة المرشد العام لتحرير هذا النظام في القاهرة علي الأقل من سلطته, وأنه قطع في ذلك شوطا بعيدا باتصاله بأعضاء النظام بالقاهرة وإقناعهم بذلك... وإذن فالخطوة الأولي في إعلان الحرب... وكذلك سولت له نفسه.. أن يتخلص من سيد فايز.. فكيف تخلص منه؟. ونواصل مع كلام عبد الحليم تخلص منه بأسلوب فقد فيه دينه وإنسانيته ورجولته وعقله... انتهز فرصة حلول ذكري المولد النبوي الشريف, وأرسل إليه في منزله هدية, علبة مغلقة عن طريق أحد عملائه, ولم يكن الأخ سيد في ذلك الوقت موجودا بالمنزل, فلما حضر وفتح العلبة انفجرت فيه وقتلته, وقتلت معه شقيقا له, وجرحت بقية الأسرة وهدمت جانبا من جدار الحجرة, وقد ثبت ثوبتا قاطعا أن هذه الجريمة الأثيمة الغادرة, كانت بتدبير هذا الرئيس... وقد قامت مجموعة من كبار المسئولين في هذا النظام بتقصي الأمور في شأن هذه الجريمة وأخذوا في تضييق الخناق حول هذا الرئيس حتي صدر منه اعتراف ضمني. أرأيتم ماذا تفعل التربية الإخوانية للإخوانيين أنفسهم, حتي لتنطبق عليهم قولة الرسول الكريم أخشي أن تعودوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض وهذا ما فعله الإخوان بالضبط. الثورة والإخوان والعنف: (1) المثير للدهشة, وبينما كان يردد الإخوان أن جهازهم الخاص أنشيء من أجل محاربة الصهيونية ومواجهة الإنجليز, وبعد خروج الإنجليز من مصر وقيام حكومة تحارب الصهيونية1954 كان الجهاز السري يعزز وجوده, بل ويلقي بظلاله علي الجماعة كلها, فقد كون المرشد قبيل سفره إلي الأقطار العربية في أوائل يوليو1954 لجنة قيادية مهمتها مواجهة موقف الحكومة من الإخوان, بما يلزم مما تهيئه قدراتهم علي ضوء الأحداث وهذا طبيعي, لكن المثير للدهشة هو تكوين اللجنة, فاللجنة مكونة من يوسف طلعت قائد الجهاز السري صلاح شادي المشرف علي الجهاز السري وقائد قسم الوحدات, وهو جهاز سري أيضا والشيخ فرغلي صاحب مخزن السلاح الشهير بالإسماعيلية ومحمود عبده وكان من المنغمسين في شئون الجهاز السري القديم محمود الصباغ مصدر سابق ص314. ماذا كان يريد المرشد العام الثاني إذن, وإلي ماذا كان يخطط, خاصة أن الجهاز السري الذي زعم حسن البنا ومازال الإخوان يزعمون أنه أسس لمحاربة الاستعمار, قد تغيب تماما عن معارك الكفاح المسلح في القنال1954 وقد تنصل المرشد العام المستشار الهضيبي من أي مشاركة فيه, وقال: كثر تساؤل الناس عن موقف الإخوان المسلمين في الظروف الحاضرة, كأن شباب مصر كله قد نفر إلي محاربة الإنجليز في القنال, ولم يتخلف إلا الإخوان... ولم يجد هؤلاء للإخوان عذرا واحدا يجيز لهم الاستبطاء بعض الشيء... إن الإخوان لا يريدون أن يقولوا ما قال واحد منهم ليس له حق التعبير عنهم إنهم قد أدوا واجبهم في معركة القنال فإن ذلك غلو لا جدوي منه, ولا خير فيه, ولايزال بين ما فرضه الله علينا من الكفاح وبين الواقع أمد بعيد والأمور إلي أوقاتها د. رفعت السيد: الإرهاب المتأسلم لماذا ومتي وإلي أين؟ الجزء الأول ص155, مارس2004 الأمل للطباعة. هذا الكلام نرجو أن يتمعن الدكتور محمد بديع فيه جيدا قبل أن يخرج علينا ليصدعنا بأن النظام الخاص أنشيء من أجل قتال الإنجليز علي ضفاف القناة. المنشية عام1954: كان الإخوان قد وصلوا مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر إلي طريق مسدود, وكانوا قد أعادوا تنظيم النظام الخاص, كما سبق أن أشرنا, وفي اللحظة الحاسمة قرروا التخلص من عبد الناصر, ففي يوم1954/2/26 وبمناسبة توقيع اتفاقية الجلاء وقف الرئيس عبد الناصر يلقي خطابا بميدان المنشية بالإسكندرية, وبينما هو في منتصف خطابه أطلق محمود عبد اللطيف أحد كواد النظار الخاص لجماعة الإخوان ثماني طلقات نارية من مسدس بعيد المدي باتجاه الرئيس ليصاب شخصيان وينجو عبد الناصر, وحتي هذه اللحظة يصر الإخوان علي أن هذا الحادث لا يخرج عن كونه تمثيلية قام بها رجال الثورة للتخلص من الجماعة, ولكن المتهمين في المحكمة العلنية محكمة الشعب والتي كانت تذاع وقائعها علي الهواء مباشرة عبر الإذاعة المصرية قدموا اعترافات تفصيلية حول دور كل منهم ومسئولية الجماعة عن العملية تم جمع هذه المحاكمات ونشرها بعد ذلك في جزءين بعنوان محكمة الشعب وقد شكك الإخوان كثيرا في حيادية هذه المحكمة, لكنهم لم يعلقوا علي ما ورد علي لسان أبطال الحادث في برنامج الجريمة السياسية الذي أذاعته فضائية الجزيرة عبر حلقتين في الثاني والعشرين والتاسع والعشرين من ديسمبر عام2006 والذين تفاخروا من خلاله بالمسئولية عن الحادث,, وأنه تم بتخطيط شامل وإشراف دقيق لقيادات الجماعة. وسوف نعرض بإذن الله في حلقات لاحقة لاعترافات يوسف طلعت في القضية رقم1 لسنة1954. قضية سيد قطب: في30 أكتوبر1965 أخطرت نيابة أمن الدولة العليا أن جماعة الإخوان المسلمين المنحلة قامت بإعادة تنظيم نفسها تنظيما مسلحا بغرض القيام بعمليات اغتيال للمسئولين تعقبها عمليات نسف وتدمير للمنشآت الحيوية بالبلاد, هادفة من وراء ذلك الاستيلاء علي الحكم بالقوة, وأن التنظيم يشمل جميع مناطق الجمهورية ويتزعمه سيد قطب. كان قطب قد تم الإفراج عنه وقتها بعد وساطة قام بها الرئيس العراقي عبد الكريم قاسم أثناء زيارته للقاهرة عام1965, إلا أنه كان قد وصل إلي قناعة بأن الحكومة التي تقوم بمثل هذه الأعمال من التعذيب في سجونها, لابد أن تكون كافرة, ومن هذا المنطلق خطط قطب لمواجهة معها تشمل رءوس الحكم, تمهيدا لخلخلة النظام والثورة عليه. وقد تم كشف القضية بالصددفة عبر إبلاغ الشرطة العسكرية والمباحث الجنائية العسكرية أنها ألقت القبض علي مجند, وهو يتفاوض لشراء أسلحة من أحد زملائه بالإسكندرية, وعلي الفور تم القبض عليهما واعترفا بأن هذه الأسلحة لصالح عدد من قادة جماعة الإخوان, ثم توالت الاعترافات, وقدم المتهمون إلي المحاكمة التي قضت بإعدام سيد قطب وستة من زملائه, وسجن ستة وثلاثين آخرين بينهم المرشد العام الثامن للجماعة الدكتور محمد بديع ونائبه الدكتور محمود عزت, واللذان يقومان الآن بالترويج لأفكار قطب, في محاولة لبعث القطبية من جديد, بعدما تبرأ منها الإخوان, عبر كتاب مرشدهم الثاني المستشار حسن الهضيبي, دعاة لا قضاة أوراق القضية رقم12 لسنة1965 المعروفة بقضية سيد قطب وإلي اللقاء في الحلقة القادمة بإذن الله. [email protected]