في الوقت الذي تبدو فيه أسواق المال علي حافة الانهيار بسبب الذعر الذي أصاب المستثمرين نتيجة لخفض التصنيف الائتماني الأمريكي، بينما تبدو الاقتصاديات الغربية علي حافة الهاوية ومنطقة اليورو في طريقها للانهيار، تبدو شركات السيارات الألمانية وكأنها محصنة من الأثار الكارثية لتلك الأزمات الهائلة. ففي الوقت الذي تشير فيه التوقعات الأوروبية إلي انخفاض مؤكد في مبيعات السيارات، تبدو الإشارة واضحة من المؤسسات القائمة علي وضع تلك التوقعات بأنها لا تشمل شركات بي ام دابليو وأودي ومرسيدس-بنز. ويعد ذلك غريباً لأنه خلال الأزمة المالية الماضية، تأثرت الشركات الألمانية الكبري بتلك التداعيات السلبية، ولكن استغلت تلك الشركات الفرصة لاتخاذ قرارات صعبة وخططت للمستقبل. ولم تضع تلك الشركات فرصة الأزمة للقيام بأشياء هامة لم يكن من المتاح القيام بها في الأوقات العادية. بعض الشركات الأوروبية ومنها بيجو- ستروين ورينو لم تتمكن من الصمود خلال الأزمة المالية الماضية واضطرت للحصول علي قروض حكومية تزيد عن 4 مليارت دولار أمريكي. ولكن جاءت تلك القروض بشروط علي رأسها عدم قيام الشركتين بالتخلص من بعض العمالة لديها أو نقل المصانع إلي مواقع ذات يد عاملة أرخص خارج فرنسا. وبالتالي كانت النتيجة تأجيل عمليات إعادة الهيكلة أو اتخاذ القرارات الصعبة المطلوبة لتحسين أوضاع تلك الشركات. وزادت تلك الأضرار بتقديم الدول الأوروبية لمشروعات إحلال السيارات القديمة والتي زادت من مبيعات السيارات وبالتالي خلقت إحساساً زائفاً بالأمان لدي تلك الشركات. ربما كانت المشكلة الرئيسية التي تواجه الشركات الأوروبية هي العمالة الزائدة والتي وصلت حسبما يقول الرئيس التنفيذي لفورد أوروبا إلي نحو 35%. ورغم ذلك لم يسفر أخر إغلاق لمصنع هناك وهو مصنع جنرؤال موتورز في بلجيكا سوي عن تسريح 2500 عامل وهو رقم هزيل علماً بأن قرابة 2،5 مليون شخص يعملون في مجال صناعة السيارات الأوروبية. ويقول المحللون أنه لو تعرض العالم لأزمة مالية جديدة، ستكون الشركات الأوروبية المنتجة للسيارات العادية هي الأكثر تأثراً بينما ستفلت الشركات المتتجة للسيارات الفارهة من تداعيات تلك الأزمة في البداية. السبب وراء ذلك هو أن انخفاض المبيعات يؤدي إلي خفض العائدات وزيادة هذا الانخفاض يؤدي إلي انهيار تلك العائدات. أما الشركات التي تحقق أرباحاً أكبر من كل سيارة تبيعها مثل الشركات الألمانية فلديها ما يشبه مظلة حماية من تلك التداعيات خاصة وأن لديها بنية محافظة لإنفاق رأس المال. والدليل علي ذلك أن شركات مثل بي ام دابليو ودايملر بنز لم تخسر أموالاُ خلال الأزمة المالية الماضية سوي خلال 6 أشهر فقط من عمر الأزمة بينما اجتازتها فولكس فاجن دون أي خسائر.وتؤكد أرقام مبيعات الربع الثاني من العام الجاري ذلك حيث بلغت أرباح بي ام دابليو حوالي 15% بينما بلغت ارباح أودي قرابة 12% وهي أرباح تبدو ضخمة في وقت بدأت فيه مبيعات السيارات في الانخفاض مرة أخري حيث انخفضت الأرباح التشغيلية لرينو خلال النصف الأول من العام الجاري بنحو 20% مع توقعات بأن تعاني الشركة خلال النصف الثاني.