رحل، صباح اليوم، الناقد والبلاغي الكبير الدكتور محمد عبد المطلب وهو من الأسماء التي أعادت للبلاغة العربية حضورها العلمي في النقد المعاصر، وربطت بين التراث البلاغي العربي وبين مناهج قراءة النصوص الحديثة، خاصة الشعر. ولد الناقد محمد عبد المطلب في مدينة المنصورة عام 1937، وتخرج في كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، قبل أن يتحول إلى واحد من أبرز الأساتذة المتخصصين في النقد والبلاغة بجامعة عين شمس، ويحصل لاحقًا على جائزة الملك فيصل العالمية في اللغة العربية والأدب تقديرًا لإنجازاته في التحليل التطبيقي للنصوص الشعرية. حصل محمد عبد المطلب على ليسانس اللغة العربية من كلية دار العلوم بجامعة القاهرة عام 1964، ثم نال الماجستير في النقد والبلاغة عام 1973، وأتبعها ب الدكتوراه في التخصص نفسه عام 1978، والتحق بقسم اللغة العربية بكلية الآداب – جامعة عين شمس، وتدرج في السُلم الأكاديمي حتى أصبح أستاذًا للنقد والبلاغة. إلى جانب عمله الجامعي، شارك في الإشراف على عشرات الرسائل العلمية (ماجستير ودكتوراه)، وأسهم في لجان علمية وثقافية عدّة، من بينها: لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة، ولجنة التفرغ الأدبية، واتحاد الكتاب، وجمعية النقاد، كما تولّى رئاسة تحرير سلاسل ومجلات أدبية مثل: "دراسات أدبية" و"أصوات أدبية" ومجلة "الأدباء" وغيرها. مشروعه في البلاغة والنقد قدم محمد عبد المطلب في الأوساط البحثية ما جعله واحدًا من المؤسسين للدرس البلاغي العربي الحديث، إذ لم يتعامل مع البلاغة باعتبارها "تراثًا مدرسياً" جامدًا، بل بوصفها جهازًا تحليليًا يمكن أن يقرأ الشعر الحديث والنصوص المعاصرة بقدر ما يقرأ القصيدة القديمة. ويقوم مشروع محمد عبد المطلب النقدي على ثلاثة محاور أساسية: إعادة قراءة التراث البلاغي (من عبد القاهر الجرجاني إلى البلاغيين المتأخرين) بهدف استخراج طاقته المنهجية الكامنة، لا الاكتفاء بشرحه وتلخيصه. مواءمة هذا التراث مع قضايا النص الحديث، عبر أدوات مثل: الأسلوبية، قراءة العلامة، وتحليل البنية الشعورية للنص. بناء منهج نقدي خاص لقراءة النص العربي، يحترم خصوصيته اللغوية والثقافية، دون انبهار غير مشروط بالمناهج الأجنبية الوافدة. أهم مؤلفاته الدكتور محمد عبد المطلب أنتج عبد المطلب على مدى مسيرته قرابة ثلاثين كتابًا في النقد والبلاغة وتحليل النصوص، أغلبها دراسات تطبيقية على الشعر العربي القديم والحديث، منها: اتجاهات النقد والبلاغة في القرنين السابع والثامن الهجريين (دار الأندلس، 1982) دراسات في النقد القديم (مكتبة الحرية، 1982) جدلية الإفراد والتركيب في النقد العربي القديم (مكتبة الحرية، 1983) أسلوبية البلاغة (مكتبة الشباب، 1983) البلاغة والأسلوبية (الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1984) – وهو من أشهر كتبه وأوسعها تداولًا قراءة ثانية في شعر امرئ القيس (مكتبة الحرية، 1986) العلامة والعلامية (الوطن العربي، 1989) قضايا الحداثة عند عبد القاهر الجرجاني (لونجمان، 1990) بناء الأسلوب في شعر الحداثة (دار المعارف، 1993) تقابلات الحداثة في شعر السبعينات (الهيئة العامة لقصور الثقافة، 1994) قراءات أسلوبية في الشعر الحديث (الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1994) مناورات شعرية (دار الشروق، 1996) البلاغة العربية.. قراءة أخرى (لونجمان، 1998) والنص المشكل، بلاغة السرد، بلاغة السرد النسوي، كتاب الشعر، سلطة الشعر، شعراء السبعينيات وفوضاهم الخلّاقة، اللغة والهوية، وغيرها من الكتب التي ترسم خطًّا متصلًا من البلاغة إلى الأسلوبية إلى القراءة الثقافية للنص.
الجوائز والتكريم حصل الدكتور محمد عبد المطلب على عدد من الجوائز والأوسمة، من أبرزها: جائزة الملك فيصل العالمية في اللغة العربية والأدب، تقديرًا لإنجازاته في التحليل التطبيقي للنصوص الشعرية، ومواءمته بين المعرفة العميقة بالتراث والنظريات الأدبية الحديثة. جوائز جامعة عين شمس التقديرية وجوائز بحثية أخرى، إلى جانب جوائز عربية في نقد الشعر، ووسام "فارس" من الحكومة الفرنسية.