· ضرورة دعم التغيير رغم وقوف سوريا الإيجابي في صف الممانعة ودعم المقاومة في لبنان وفلسطين · يحث المؤتمر علماء الأمة ومؤسساتها الدينية علي تكثيف جهود التعاون في مجالات الفقه والفكر لتعميق قيم الوحدة حضرت مؤتمر منتدي الوحدة الإسلامية السنوي الخامس الذي انعقد في فندق كواليتي ضاحية ويمبلي بمدينة لندن الكبري في المدة من 17 يونيوإلي 19 يونيو2011 . ويقع هذا الفندق علي بعد مائتي متر فقط من استاد ويمبلي العظيم. طبعا مدينة لندن الكبري تضم اليوم مئات القري التي كانت حولها وأصبحت جزءا من لندن الكبري في العصر الحديث فقط ومنها قرية ويمبلي. حضر المؤتمر هذا العام مجموعة من المفكرين والعلماء المؤمنين بوحدة الأمة والساعين لتحقيقها، وكثير ممن حضروا يواجهون صعوبات شديدة إما قبل المؤتمر أو بعد المؤتمر، وخصوصا من السفارات البريطانية التي لا تتعاون كثيرا في منح التأشيرات اللازمة للمدعوين، كما تواجه المدعوين من بعض الدول العربية صعوبات جمة للسماح لهم بالسفر والمشاركة، وكأن وحدة الأمة خط أحمر وخطر شديد لا ينبغي الدعوة إليه أوالدعوة إلي تجاوز هذا الخط، إذ أنه يهدد مستقبل كيانات بعض دول ودويلات سايكس بيكو، تلك الاتفاقية التي أصبحت مقدسة عند العرب أكثر من المقدسات المحتلة ومن بينها القدس. أردت أن يطلع القارئ العربي علي بعض الهموم السخيفة التي تقع للداعين لوحدة الأمة العربية والإسلامية وهم يعيشون في الغرب، حتي وإن كان مؤتمرهم علي بعد آلاف الأميال من العواصم العربية العديدة التي لا ترغب في وحدة الأمة سواء العربية أوالإسلامية، وتود أن تعيش حلاوة التجزئة ومرارة الوحدة إن وقعت، فالكل رؤساء وملوك وسلاطين وأمراء. علي أية حال حضر المؤتمر بعض العلماء والمفكرين والكتاب من مصر وإيران والعراق ولبنان والسودان وليبيا والبحرين والمملكة العربية السعودية والكويت وأفغانستان وسوريا. كانت المشاركة من سوريا ضعيفة بسبب التوازنات السياسية في المنطقة وظلال التخويف الغربي والخليجي من الجمهورية الإسلامية في إيران والربط القائم في العقل العربي بين إيران وسوريا وحزب الله وحماس مدعوما بدفع من الإمبريالية الغربية والكيان الصهيوني، وربما خوفا من أن يطرح المؤتمر بعض القضايا الساخنة أويتحدث عن ثورات العالم العربي إلا الثورة السورية شكا في أن هذا المنتدي له ميول إيرانية أوشيعية؛ وهو وهم لا سند له. تسبق هذا المؤتمر عادة موجة من الاتهامات والهجوم علي أشخاص بأعينهم ومن بينهم الأستاذ إبراهيم منير، المتهم والمحكوم عليه ظلما في قضية التنظيم الدولي للإخوان المسلمين - مصر، وكاتب هذا المقال. يأتي الهجوم في ضوء التقدم التقني في شكل بيانات علي الانترنيت أورسائل الكترونية لا تحمل توقيعا محددا ولا بيانات دقيقة ولكنها لإثارة البلبلة، وتكثر التكهنات عند قراءة هذه الاتهامات هل هي من مسلمين أم غير مسلمين، هل هي بنية خالصة أم بنية خبيثة، هل هي من عرب أم عجم، هل هي من الشرق أم الغرب، هل هي من مخلصين ضللتهم الدنيا أم من أجهزة مخابرات!! وغير ذلك كثير من الأسئلة التي تغلف تلك الاتهامات التي تسبق المؤتمرات التي تدعو خالصا إلي الوحدة أوتوضح خطورة التجزئة القائمة. انعقد المؤتمر واستكمل أعماله جميعا والحمد لله تعالي، وناقش الحاضرون الموضوع الرئيسي للمؤتمر بعنوان: التغيير المطلوب لإنهاض الأمة. وكنت ممن أشاروا إلي موضوع الثورة في سوريا في جلسة مبكرة من جلسات المؤتمر وضرورة دعم التغيير رغم وقوف سوريا الإيجابي في صف الممانعة ودعم المقاومة في لبنان وفلسطين، هذا الموقف الإيجابي من سوريا لا يبرر الظلم الداخلي ولا العدوان علي حقوق الإنسان، ثم فوجئنا جميعا في الجلسات التي عقدت بعد الظهر بجموعة من الشباب السوري مفتولي العضلات يقتحمون علينا حرم الاجتماع، يصيحون ويتهمون المؤتمر بأنه ضد الثورة السورية وله موقف منها. دعوناهم للتعقل واستخدام الحكمة حتي لا تتطور الأمور وقد شرحت لهم وقام المسئولون عن المؤتمر وشرحوا لهم ما دار في الجلسات الصباحية ودعونا أحدهم بدا عليه العقل للتحدث بما يشاء عن الأوضاع في سوريا بعد أن اعتذر المدعوون السوريون الكبار من المعارضة في بريطانيا عن الحديث في المؤتمر. وقد حدث وتحدث الرجل بما فتح الله به عليه، فالمؤتمر ليس له موقف من ثورة، أوضد ثورة بعينها، ولا يقف المؤتمر إلا ضد مظالم السنة أوالشيعة، كما أن موقف المؤتمر من الثورة في البحرين هوموقفه من الثورة في سوريا، موقف واحد واضح للمؤتمر ضد الظلم أيا كان مصدره وضد انتهاك حقوق الإنسان، سواء في سوريا أوالبحرين أوليبيا أو اليمن كما كان ذلك موقفه من الثورة في تونس ومصر من قبل. إن مؤتمرات منتدي الوحدة الإسلامية السابقة والقائمة تدعوإلي الوحدة وإلي حقوق الإنسان وتقف ضد المظالم التي تصيب الشعوب أيا كان مصدرها ولا تفرق بين أبناء الأمة الواحدة عربا أوعجما سنة أوشيعة. ومن أهم ما دعا إليه المؤتمر في توصياته ما يلي: اولا: ضرورة اهتمام علماء المسلمين ومفكريهم بدعم الحراك الشعبي لتحقيق التغيير الايجابي في الأمة، وترويج ثقافة التطور من خلال اشاعة اجواء الحرية وقيم العدالة وشروط التنمية المستدامة، والتصدي لدعوات الكراهية والبغضاء التي لا تنسجم مع روح الاسلام السمحاء. ثانيا: تعميق روح الانتماء للاسلام المنفتح علي الجميع، الذي يحترم حرية الفكر وتطوير الاداء وتمتين عري الاخوة في ما بين المسلمين، ومد جسور التفاهم والتعاون مع غيرهم، سواء في بلاد المسلمين ام في بلاد المهجر التي اضطروا للعيش فيها. ثالثا: تعميق ثقافة الشراكة في نفوس الجيل الجديد الذي أثبت وعيه وحماسه واصراره علي التغيير، وتخلي عن ثقافة الاستسلام للواقع الذي فرضته عليه عقود التخلف والاستبداد، وتحلل من عقدة الخوف ونهض ليصنع مستقبله بنفسه، مستفيدا من تراث الأمة الطويل في رفض الظلم والديكتاتورية والهيمنة الغربية. رابعا: دعم الجهود التي يبذلها المخصلون لاقامة انظمة حكم جديدة في اجواء من الحرية واحترام حقوق الانسان، مع التأكيد المتواصل علي توسيع آفاق حركة التغيير القائمة علي وحدة الصف ونقاء الهوية والشعور العميق بالانتماء للاسلام الوسطي المنفتح علي الجميع. خامسا: تعميق روح الحوار والتفاهم، وتطوير اداء العلماء والمفكرين ليواكبوا متطلبات التغيير، خصوصا في ضوء ظاهرة تصدي أجيال الشباب لعملية التغيير، والسعي الحثيث من قبل اعداء الأمة لاحتواء تلك الظاهرة واجهاض حركة التغيير. سادسا: حيث ان انهاض الأمة يحتاج لتوحيد الجهود وتوفير فقه قادر علي توجيه الحراك المجتمعي، فإن المؤتمر يحث علماء المسلمين وفقهاءهم علي توفير المادة الفقهية المطلوبة لترشيد ذلك الحراك، وتعميق الوحدة كقيمة ثابتة فيه، باشاعة روح التسامح والتحاب والتواصل، والتصدي بوعي لمحاولات تفريق صفوف الأمة. سابعا: حث جيل التغيير علي الانفتاح علي تجارب الدول الاسلامية التي كان لها قصب السبق في اقامة انظمة سياسية جديدة علي انقاض حكومات الاستبداد والتبعية، للاستفادة من تجاربها سواء في الجوانب السياسية أو العلمية أو التنموية، أو في جوانب الفقه التي تتطلبها عملية الانهاض والتعبئة وتوجيه حركة الجماهير بايجابية ووعي. ثامنا: مناشدة المؤسسات الدينية، ومنظمات المجتمع المدني لتوفير الدعم الإنساني والفكري لحركة الأمة علي طريق الوعي والنهضة، والتفاعل الايجابي مع الجهود الرامية للتخلص من آثار الماضي القريب الذي هيمنت عليه ظواهر التخلف والاستبداد والظلم الاجتماعي. تاسعا: يحث المؤتمر علماء الأمة ومؤسساتها الدينية علي تكثيف جهود التعاون في مجالات الفقه والفكر لتعميق قيم الوحدة، والتأصيل لها فقهيا، والتقعيد لها أصوليا. خصوصا في هذه المرحلة التي أصبح فيها تفريق الأمة وتفككها والتجزئة القائمة سلاحا موجها لجهود التغيير وإنهاض الأمة. لقد اصبح فقه الوحدة في الظروف الراهنة ضرورة علي طريق إكمال مشروع التغيير وحمايته من محاولات الإجهاض المتواصلة؛ الوحدة العربية ثم الوحدة الإسلامية. عاشرا: يشكر المؤتمر جهود العلماء الداعين لوحدة الأمة، خصوصا شيخ الأزهر الذي بدأ خطوات ايجابية لتطوير اداء ذلك الصرح العلمي الكبير، واتخذ خطوات ايجابية عديدة علي طريق وحدة المسلمين، وابدي اهتماما خاصا بمشاريع الوحدة. ويظل السؤال قائما: إلي متي تظل التجزئة والتفرقة بين أبناء الأمة الواحدة؟ ودعوتي السلمية لتحقيق الوحدة أن يقوم الشباب في الأمة برفع شعار: الشعوب تريد