هذا التعبير الرائع الذي هو ليس لي، وإنما هو لصديقي العزيز الإعلامي أحمد المسلماني استخدمه لأنه أقرب وأفضل ما يعبر عما نراه الآن في مصر، هذا المصطلح ينطبق علي كثيرين الآن في مصر، هؤلاء الذين يتبارون في تقديم عشرات البلاغات يوميا للنائب العام ضد وزراء ورجال أعمال وأصحاب حظوة في النظام القديم فجأة أصبحت مصر كلها شرفاء، وأصبح أصحاب الأدوار في النظام القديم والذين كانوا يؤدون أدوارهم بإتقان شديد ودون أن يخرجوا علي النص ولو عفويا أو دون قصد، هم أول من يهللون لسقوط وزير أو قيادة ما في النظام القديم، وتتعالي الأصوات (الله أكبر ) حين يصدر قرار إدانة أو محاكمة، نعم مصر كانت تغط في فساد استشري حتي طال الجسم كاملا، وكما كان هناك فساد كان هناك أيضا فاسدون ضد الفساد، فاسدون أعدت لهم أدوار البطولة في التمثيلية الهزلية التي كانت تعيشها مصر، وهم كانوا يستفيدون من هذا الفساد أعظم استفادة، ويخرجون للناس علي شاشات التليفزيون وعلي صفحات الجرائد ولكن في أدوار أخري أعدت بعناية أيضا كأبطال قوميين، ومقتحمين لأعشاش الدبابير دون خوف أو استسلام، ولم يسأل أحد من أين أموال هؤلاء، هل يملك مناضل أفني حياته في محاربة نظام فاسد رفاهية امتلاك قصر يتجاوز ثمنه خمسة وستين مليون جنيه، مع العلم أنه من أسرة بسيطة جدا؟ أعتقد أن مهنة البحث عن الحقائق أو عضوية مجلس الشعب لمناضل ضد الفساد لا تصنع الملايين!! ولا تقديم برنامج أو كتابة مقال في جريدة أو حتي رئاسة تحريرها تصنع الملايين، كل الوجوه التي نراه الآن أصواتها تتعالي مفتخرة بإنجازاتها قبل الثورة من ملفات للفساد فتحوها علي صفحات الجرائد، جميعهم استفادوا من تلك الملفات وامتلأت بطونهم أموالا حتي يغلقوها، وهم يعلمون أن تلك هي النتيجة، الملف يفتح اليوم وتذكر فيه فضائح الوزير الفلاني، ورئيس مجلس الإدارة العلاني، ويغلق غدا ويتم تكذيب كل ما ذُكر بالأمس، فالمطلوب حصل والمعلوم وصل، الحقيقة أنني أجد حين أستمع لهم اليوم وهم يعددون مفاسد النظام الذين كانوا جزءا منه رغبة عاتية في نفسي لفضحهم جميعا، فقد كانوا أداة النظام في تضليل الشارع، وكانت مصالحهم وأجنداتهم الخاصة مبررا لتضليل النظام، كانوا وما زالوا عملاء مزدوجين، يبحثون عن مصالحهم بالأمس واليوم ينتقمون لقطعة انتقصها منهم النظام القديم ويبحثون عن دور في الأجواء الجديدة، هؤلاء الذين كثروا وانتقلت عدواهم إلي الطامحين في جزء من تورتة مصر، أفقدونا الثقة في النخبة المصرية التي فشلت في قيادة شباب الثورة الطامحين للتغيير، بل وأغروا غيرهم ممن يشعرون بأن خروجهم علي القانون ليس مبررا لاستبعادهم من وظائف وجودهم فيها خطر علي المواطنين، فباتوا يطالبون بالعودة وقطف ثمار ثورة لم يرهقوا حتي أنفسهم بالتفكير فيمن دفعوا أرواحهم فيها، أحاول أن أتجاوز ما يحدث من النخبة في مصر - وخاصة الإعلامية منها - ولكن الضمير المصري لابد أن يضع هؤلاء أمام مصلحة الوطن الآن، فنحن في وقت كل منا يجب أن يكون حقيقيا وصادقا أمام كل الأشياء، والوقت الذي نضيعه في رغباتنا الانتقامية لو ضيعناه في التفكير في حلول للإصلاح السياسي والاقتصادي سوف يكون أجدي وأنفع، اليوم نحن نحتاج لكل عقل مصري مخلص، يقدم أفكارا ورؤي استشرافية وحلولا لمشكلات الالتفاف عليها ربما يؤدي لردة تاريخية، فتضيع كل ثمار الثورة، التي نريد أن يقطفها كل المصريين. يا صفوة مصر أفيقوا قبل أن تضيع مصر، دعموا سيادة القانون، واتركوا القضاء يأخذ حق البلد من الفاسدين .