كلما نظرت إلي حفيدتي «چني» (ثلاث سنوات) و«سارة» أقل من سنة.. أسأل نفسي أي مستقبل ينتظرهما وباقي الأحفاد!.. وقد يري البعض أن هذا هذا الجيل محظوظ بالتكنولوجيا الحديثة التي جعلت الدنيا عند أطراف أصابعه!.. ولكن من قال إن مجرد الجلوس علي «النت» بالساعات وعمل «الشات» وحده الكفيل بتحقيق المستقبل الأفضل!.. إذن كيف السبيل إلي ذلك؟ في رأيي المتواضع لابد أن تتخذ الدولة ممثلة في الحكومة التي ستأتي بعد انتخابات مجلس الشعب مجموعة من الإجراءات تبدأ بوضع استراتيجية عامة ترتكز علي التخطيط العلمي لمستقبل بعيد المدي وليكن لخمسين سنة قادمة ومستقبل قريب وليكن كل خمس سنوات يتم فيها الاطمئنان علي أن التخطيط البعيد المدي يسير علي الطريق الصحيح! بشرط أن يشارك في وضع هذه الخطة المستقبلية العلماء والخبراء كل في مجاله.. وعلي الدولة أن تعمل جاهدة علي استقطاب العقول المصرية المهاجرة في الخارج والاستفادة من العلماء المصريين في الداخل والاستماع إلي أرائهم والأخذ بها ووضعها موضع التنفيذ فليس من المعقول أن يكون لمصر علماء افذاذ أمثال الدكاترة فاروق الباز وأحمد زويل ومجدي يعقوب وأحمد مستجير وغيرهم مما لاتسعفني الذاكرة ولاتستفيد منهم مصر.. علي الدولة الاستفادة من الخبرات العلمية المتراكمة لدي هؤلاء العلماء الافذاذ واتاحة الفرصة لافكارهم ومشروعاتهم لتدخل حيز التنفيذ بدلا من وضع العراقيل أمامهم والعمل علي تطفيشهم من قبل حزب أعداء النجاح الذي يتصور أصحابه أن هؤلاء العلماء يسعون لسحب البساط من تحتهم وازاحتهم عن الكراسي التي يجلسون عليها! فهل من المعقول أو المتصور أن يذهب دكتور أحمد زويل إلي دولة عربية غير مصر ليقيم فيها مشروعه! وهل من المعقول أن نترك دكتور فاروق الباز يصرخ من سنوات منبها إلي الخزان الجوفي من المياه الذي ترقد عليه الصحراء الغربية ولا نستمع إلي هذا العالم الفذ ونبحث معه كيفية الاستفادة من هذا الخزان في زراعةمئات الآلاف من الأفدنة بالقمح وبالتالي تحقيق الاكتفاء الذاتي منه وهو الموضوع الذي يتحدث عنه المسئولون من عشرات السنين ولم يتحقق منه شيء!.. الكلام عن العلم والعلماء يقودنا إلي الحديث عن موضوع متصل اتصالا مباشرا ووثيقا بهما وهو البحث العلمي فلن نتقدم ونصل إلي المستقبل المنشود لهذا الجيل والأجيال القادمة إلا إذا أولينا موضوع البحث العلمي عناية خاصة ووفرنا له ميزانية ضخمة! في مصر مراكز بحوث ضخمة مثل المركز القومي للبحوث ومركز البحوث الزراعية ومركز بحوث البناء وكلها مراكز ضخمة أقيمت منذ زمن بعيد وتحوي بين جنباتها الكثير من الباحثين النابغين ولكن للأسف لا نستفيد من هذه المراكز وباحثيها الاستفادة المثلي بسبب الميزانيات الضعيفة التي تقررها لها الدولة! وربما خفضت الدولة من ميزانيات هذه المراكز مثلما حدث مع مركز البحوث الزراعة.. ولو قارنا بين مركز البحوث الزراعية المصري والمماثل له في دولة نامية مثل البرازيل سنجد أن ميزانية المركز المصري انخفضت بينما ضاعفت البرازيل من ميزانية مركزها عشرات المرات وكانت النتيجة أن منطقة غابات السافانا والتي كانت مهملة لعشرات السنين في البرازيل تحولت بفضل مركز البحوث الزراعية البرازيلي إلي أكبر منطقة منتجة للحبوب وتحولت البرازيل بفضل هذه المنطقة الي دولة مصدرة للحبوب! عندنا في مصر منطقة مماثلة لمنطقة غابات السافانا في البرازيل وربما تفوقها من حيث الحجم والخيرات المدفونة في باطنها.. هذه المنطقة تقع في نطاق محافظة مرسي مطروح وتمتد من حدود الاسكندرية وحتي الحدود الليبية ومساحتها 683 ألف فدان وقابلة للزراعة وفي باطنها معادن كثيرة، ولكن المشكلة أن هذه المساحة مملوءة بالألغام التي خلفتها الحرب العالمية التي انتهت منذ أكثر من ستين عاما! وطوال هذه المدة ونحن نتحدث عن الألغام وكيف نعمل علي ازالتها والاستفادة من المنطقة المزروعة بها في التوسع العمراني والزراعي والصناعي، نتكلم ونتكلم ولا شيء لدينا سوي الكلام! قلنا وكتبنا عشرات المرات عن هذه المنطقة وكيف يمكن أن تتحول إلي المشروع القومي المصري.. خاصة بعد أن نجحت القوات المسلحة المصرية في تطهيرمساحة 33 ألف فدان منها.. فلماذا لا نوكل المهمة كلها الي القوات المسلحة المصرية في تطهير المنطقة من الالغام حتي لو استلزم التنفيذ عشر أو عشرين سنة قادمة المهم أن نبدأ وطريق الألف ميل كما يقول المثل الصيني يبدأ بالخطوة الاولي! النقاط السابقة التي أوجزتها ونقاط أخري لم أتحدث عنها بسبب ضيق المساحة تستحق أن يلقي عليها مزيد من الضوء وهذا ما سوف أقوم به في اعداد قادمة إن شاء الله وكان لنا عمر. نجاح الصاوي [email protected]