· يتحدث الأقباط عن المواطنة وهم أول من يخترقها بالبحث عن كوتة للمناصب والمكاسب · المرشحون الأقباط في نظر الإخوان مجرد كروت للضغط علي النظام ويبقي «اللي في القلب في القلب» علي مدي نصف قرن برزت في الواقع السياسي المصري مشكلتان جوهريتان، أولهما تجذر الإسلام السياسي في نسيج الوطن مع توقف أدبياته عند مرحلة الخلافة، دون الاستفادة من الطاقة الروحية للدين في دفع الإصلاح السياسي للأمام ، أو تهذيب خطابه ليتصالح مع العصر مثلما حدث في تركيا أو حتي إيران.. تعطلت الحياة السياسية بتعطل كتلة كبري منه بفعل الجمود من ناحية والقمع من ناحية أخري. والمشكلة الثانية تقوقع الأقباط في جيتو كنسي خاصم المواطنة و عزز الطائفية، وصل عدد النواب الأقباط المنتخبين مثلا عام 1942 إلي 27 نائبا، ووصل ويصا واصف إلي منصب وكيل البرلمان عام 1926، واليوم تراجع العدد إلي نسبة شبه معدومة، وتحول القبطي بفعل عوامل عديدة من شريك في الوطن إلي عضو في طائفة. أنتج جمود الإسلام السياسي وعزلة الأقباط في ظل مناخ القمع، أسلوبا واحد اتبعه الإسلاميون والأقباط في الحصول علي المكاسب..أسلوب الصفقات.. يتحدث مثلا برنامج الإخوان المسلمون عن حتمية رئاسة الدولة لمسلم ، أو يتحدث مرشد سابق عن الجزية ثم يعلن الإخوان دعمهم لمرشحين أقباط في الانتخابات.. هم في نظرهم مجرد كروت للضغط علي النظام، وما "في القلب في القلب". علي الجانب الآخر يتكلم الأقباط عن المواطنة ثم يبحثون عن صفقات لبناء عدد أكبر من الكنائس أو الحصول علي نسبة من المناصب السيادية أو تسليم فتاة أسلمت للكنيسة.. أو إلغاء قانون رسمي لا يعجب البابا، وكلها أمور تتنافر مع المواطنة. الوضع الحالي مريح للإخوان والكنيسة معا.. فالإخوان يملكون الشارع سياسيا، والكنيسة تملك الأقباط سياسيا..ووسط الكتلتين النظام سعيد باستمرار الأوضاع كما هي وهو طرف فاعل في كل الصفقات.. التي يعقدها الطرفان القبطي والإخواني. تحالف الأقباط والإخوان الذي ألمح إليه جمال نصار لن يكتمل لأن الكنيسة وهي الطرف الأقوي في الوسط القبطي أعلنت ولاءها للنظام بانتظار مكاسب جديدة يغدقها النظام بشكله الحالي أو بطبعته في عصر الوريث.. والإخوان سيكررون ما فعلوه في انتخابات 1984 بدعم شخصيات قبطية مفردة للحصول أيضا علي مكاسب .. منها المعنوي " إظهار أنهم ليبراليون وغير منغلقين" أو مكاسب مباشرة بضرب فزاعة الوطني التي يصدرها للأقباط باعتبار أن تطرف الإخوان هو البديل. هو تحالف إذن ملوث بالصفقات.. لم يتخلص فيه الإخوان من "ثيوقراطيتهم" ..فهم لم يملكوا الشجاعة ليتحولوا بعد إلي حزب مدني، يتخلص من تجنيد المساجد، لم يفرقوا بعد بين كونهم فصيلاً سياسياًمن جهة أو وفصيلاً دينياً يؤدي رسالة من جهة أخري بل حتي لم يزاوجوا بين الطبيعتين بنجاح مثل حزب العدالة والتنمية.. حتي ديمقراطيتهم الداخلية بات مشكوكاً فيها بعد انتخاباتهم الأخيرة وتجاوزاتها. والأقباط(تحت قيادة الكنيسة) لا يزالون بانتظار زيادة "الكوتة" المسيحية في المناصب، ولتذهب الديمقراطية وتبادل السلطة للجحيم.. ربما أكثر السعداء بأنباء التحالف المحتمل .. هو النظام نفسه.. لعله دليل علي أن هناك من تربي علي مبادئه .. يبحث عن الصفقات مثله بصرف النظر عن مصلحة الوطن.