ضاعف الحكم الذي أصدرته محكمة طنطا بالسجن 5 سنوات ضد محامي الغربية المتهمين بالاعتداء علي مدير النيابة من حدة الازمة التي تشهدها مصر بين قضائها الواقف والجالس. وصعد الي الاذهان سؤال عن كيفية الخروج من هذا النفق المظلم الذي دخله الطرفان منذ نشوب الازمة واضراب المحامين في ربوع مصر خاصة بعد أن كان القاضي هو الخصم والحكم في معادلة غير متكافئة حسبما يقول المحامي محمد الدماطي. القاضي تنحي عن منصته ونزل للثأر في مسألة شخصية بحتة فالحكم يعبر عن الثأر والانتقام الشخصي وبالإضافة الي العوار الموجود بالحكم فلم يقم احد بالمرافعة في موضوع الدعوي لأننا طلبنا التأجيل للإطلاع وإخلاء سبيل المتهمين وكان من المفروض ان يأخذ الدفاع حقه ويناقش المجني عليهم ولكن القاضي لم يعلن الحكم حيث اختفي فجأة وعندما حاول المحامون الدخول اليه في حجرة المداولة قام الامن بتسريب الحكم" وأكد الدماطي ان مجلس نقابة المحامين اجتمع في طنطا واخذ قراره بالانعقاد الدائم للمجلس والاضراب الشامل في كل محاكم الجنايات في مصر ثم يتم تصعيد الموقف وهناك عدة اقتراحات منها عمل مسيرة الي قصرعابدين ومطالبة الرئيس مبارك بالتدخل بنفسه لحل الازمة» وحول تأثير تلك الواقعة علي العلاقة بين الطرفين قال الدماطي "بالتأكيد سوف يؤثر هذا لان هناك حالة هلع بين المحامين والحديث بينهم سيكون حديثاً مبتوراً فسوف يخشي المحامي ان ينزلق في أي شئ فيفاجأ بحكم ضده كما ان هناك كراهية حدثت من القضاة تجاه المحامين وهو ما قد يدفعهم ليحكموا احكاما شخصية وليست قضائية " وهو ما اتفق معه خالد ابو كريشة - عضو مجلس نقابة المحامين - والذي يوضح: مسألة جناحي العدالة هذه ينبغي ان تتوقف لأن هذه الازمة اظهرت الوجه الحقيقي لهذه العلاقة وبينت أن الانتقام من المحامين لم يكن مجرد مسلكاً من وكيل النيابة ولا غلظة في الحكم الصادر من محكمة اول درجة ولكن كان موقفا معلنا من مجلس ادارة نادي القضاة وهو الامر الذي يكشف عن ثقافة تحتاج إلي المراجعة والتصحيح قوامها ان التوقير القضائي مقترن بالحياد القضائي والتجرد وافتقاد اي من هذه الملامح القضائية ينال بالقطع من هيبة هذه الهيئة " واشار ابو كريشة الي ان مثل هذه الازمة قد تؤدي الي احد أمرين الاول ان تدفع العلاقة الي التحسن ووجود ثوابت يجب الحفاظ عليها مستقبلا او انها تتحول الي قشة من القشات التي تتراكم حتي تقصم ظهر البعير لذلك فإن مثل هذه الازمات يجب ان نستغلها لنرسخ ثوابت العلاقة بيت طرفي العدالة وكفالة حق الدفاع ". جاء موقف نادي القضاة مغايرا تماما لموقف المحامين فالمستشار احمد الزند -رئيس نادي قضاة مصر يؤكد انه لا يوجد صراع بين جناحي العدالة فهم مكملون لبعضهم البعض ويؤدون رسالة واحدة وان المحامي والقاضي علي قدم وساق يتساويان في الحقوق والواجبات وقضية الصراع لم تكن ولن تكون، واضاف الزند: الحقيقة ان هناك طرفا معتديا يضخم الاحداث ويعتبر انه قد حدث اعتداء جماعي وطرف اخر معتدي عليه ينصاع لحكم القانون ويرضي بأحكامه واشار الي ان عدد أعضاء نقابة المحامين 400 ألف وكل من يثير الغوغائية والاضرابات والاعتصامات 3 أو 4 آلاف فقط " وحول موقف نقابة المحامين قال الزند: مجلس نقابة المحامين وشأنه يقول ما يشاء ويفعل ما يشاء فهي نقابة شرعية مستقلة ولها ان تتخذ ما تراه مناسبا للحفاظ علي حقوق اعضائها من وجهة نظرها ولكن العلاقة بيننا وبين المحامين لن تدخل نفقا مظلما وستظل من السعة والتكامل والعطاء هي الاساس المتين التي تجمع بين جناحي العدالة ولن تؤثر هذه العلاقة حتي علي العلاقة بيننا. في حين نفي المستشار خالد قراعة - عضو مجلس ادارة نادي القضاة- ان يكون هناك خلاف بين طرفي العدالة حيث يري ان طرفي العدالة هما القضاء والنيابة العامة وهذه هي اسرة العدالة الوحيدة والقضاء الوحيد ولا يوجد شئ اسمه قضاء واقف او قضاء جالس والمحامون لهم دور يقومون به للدفاع عن المتهمين ويتقاضون اموالا في مقابل ذلك " وحول رد فعل النقابة قال قراعة لا يوجد أي اثر لهذا الاضراب وانا اتحدث اليك من المنصورة واعقد الجلسات كل يوم ولدي محامون يحضرون كل يوم في جميع المحاكم ويري قراعة ان ما حدث كله عبارة عن شئ واحد وهو ان شخصا اخطأ واخذ جزاءه وطبق عليه القانون بالضبط وتمت الاحالة في اسرع جلسة مثلما يقول القانون حيث ان هناك تعليمات لاعضاء هيئة النيابة في مصر بوجوب تحديد اقرب جلسة للمتهم وهذا ما حدث بالفعل واستغرب من رفضهم لسرعة اجراءات المحاكمة وأري انه شيئ طبيعي وان ما حدث مع المتهم لا يثير الحزن بل هو تكريم له والقضاء لا يعلم اذا كان هذا محاميا او رئيس وزراء او ابن كبير او صغير فقط هناك متهم ارتكب جريمة وأخذ عقابه. وقال ناصر امين - مدير المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة- ان حالة التوتر بين القضاء والمحامين في مصر مستمرة منذ اكثر من عشر سنوات يشهد خلالها المحامون مجموعة من المعوقات في عملهم سواء كان في المحاكم او في اقسام الشرطة وفي ذات الوقت هناك نتيجة لغياب دور نقابة المحامين والتدريب الدائم لشباب المحامين فانهم يقعون في اخطاء تسبب لهم العديد من المشكلات واشار امين الي رصد المركز الذي يترأسه للعديد من الانتهاكات واصدرنا بها بيانات وطالبنا بعمل بروتوكول بين المحاكم والنائب العام ووزارة العدل ونقابة المحامين ولكن هذا لم يحدث اطلاقا، واضاف ان المشكلات بين اطراف العدالة دائما ما تحدث بين الاطراف حديثي العمل سواء كانوا محامين او وكلاء نيابة حيث إنه دائما ما يصحب الشاب حالة من الشعور بالذات والاهمية وفي هذه الحالة يحدث تنازع بين الافراد وتكون هناك رغبة من الاطراف لفرض سطوة كل منهم علي الآخر وهذا سبب معظم الازمات لذلك فالاهتمام بتدريب الشباب واكسابهم المزيد من الخبرات قد يؤدي الي حل هذه المشكلة.