«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المصريون يبحثون عن خليفة «مبارك» المنتظر..
هويدا طه تكتب:
نشر في صوت الأمة يوم 25 - 02 - 2009


· الرئيس المقبل هاجس يسيطر علي الشارع المصري
· «البرادعي» قالها علانية.. فهل يفعلها؟!
· الشائعات رشحت زويل وموسي والبسطويسي
· «كفاية» خلقت شعوراً بأن المصريين لن يعودوا للصمت
· الغالبية يرددون.. يا جمال.. يا الإخوان.. مفيش بديل! عندك بديل ؟
عبارة مقرونة بأسف العجز تجدها علي لسان المصريين- من كل الطبقات - كلما جمعتهم مجالس الحديث عن مستقبل مصر القريب.. «إن مكانش جمال مبارك يبقي الإخوان.. للأسف مفيش بديل؟ عندك بديل؟!»
وكلما ظهرت شخصية تحظي بمحبة الناس لصدقها في موقف ما.. تبرق العيون ثم سرعان ما ينطفئ كلاهما.. السؤال والشخصية. ،حدث ذلك أيام أزمة القضاة.. برز المستشار هشام البسطويسي كنموذج تطيره أجنحة الأحلام.. كان صادقا محترما مؤيدا للضعفاء.. ثم سرعان ما انتهي كلاهما.. حركة القضاة والأمل في البسطويسي! ،
وقبلها كان السيد عمرو موسي وزيرا للخارجية.. كان يتحدث بطريقة فيها اعتزاز بالنفس والوطن فأعجبت به الجماهير.. رغم ارستقراطيته.. فانتشرت في الأجواء أحلام بأن يقود موسي «الذي لقبه البعض بالفارس!»
هذا البلد للخروج به من نفقه المظلم.. ثم سرعان ما انتهي كلاهما.. الحلم بأن يكون موسي رئيس مصر المقبل مضي إلي النسيان.. وموسي نفسه انتهي منفيا إلي قبو الجامعة العربية!
وبينما كان الشارع المصري ساكنا.. لا تسري فيه روح السياسة.. بزغت حركة كفاية مدوية بشعارها «لا للتوريث» في ديسمبر من عام 2004، فسخن الشارع وولدت متعاقبة الحركات الجماهيرية حركة وراء أختها.. وساد شعور بأن المصريين لن يعودوا للصمت مرة أخري.
وحلقت أحلام المصريين بعيدا فتداولوا لفترة اسم الدكتور أحمد زويل! لكن خاب ظنهم حين اكتشفوا أن رجل العلم لا يريحه أن يقوم بهذا الدور.. خرج زويل من القائمة!
كل مرة يعود المصريون من عالم الحلم محبطين لا يجدون أمامهم إلا السؤال: إن مكانش جمال يبقي الإخوان مفيش بديل.. عندك بديل؟!
أحدث الأسماء
برنامج قناة دريم «العاشرة مساء» هو أنجح برنامج يتناول الشأن المصري اليومي.. الأشهر بين المصريين لأسباب عدة.. منها أن مقدمته مني الشاذلي - مذيعة حبابة - واعية لطيفة عفوية مهذبة.. لا تفتعل الاهتمام بالقضية التي تعالجها في البرنامج بل تشعر بها مهتمة بالفعل، ذكية حاضرة البديهة.. ومعها فريق إعداد من الواضح جدا أنه ممتاز.. يتميز بذكاء في التقاط الهاجس اللحظي عند المصريين.. فما إن يتساءل الناس صباحا حول أمر يشغلهم حتي تجد العاشرة مساء يقلبه مساء مع جميع أطرافه.. ولولا تدخل الأمن في كل همسة إعلامية مصرية لأمكن لهؤلاء جميعا وغيرهم.. أن يقدموا إعلاما مسئولا، وعندما تظهر شخصية ما تدور حولها التساؤلات.. سلبا أو إيجابا.. تحاوره مذيعتنا الحبابة مساء بكل ما يجول بخاطر الناس.. هكذا كانت حلقة العاشرة مساء مع الدكتور محمد البرادعي رئيس الهيئة الدولية للطاقة الذرية.. وبسبب سؤال المصريين الدائم: «مفيش بديل.. عندك بديل؟!» كان سؤال مني الشاذلي المتخابث برقة لضيفها الليبرالي العتيد.. وبابتسامتها تلك التي تنقل بها تساؤلات الناس: إيه سر قرارك بالعودة إلي مصر يا دكتور للمساهمة في العمل العام؟!
حديث الدكتور بدا مقصودا بكل كلمة فيه.. خاصة بعد مشاركة للدكتور حسن نافعة - أستاذ جامعي- قال فيها إن اسم الدكتور البرادعي «مرشح كبديل يقود مصر في مرحلة انتقالية!» بدت آراء الدكتور البرادعي كما لو كانت «برنامجا انتخابيا»! بالطبع لم يقلها مباشرة.. لكن الحلقة بدت بدورها كما لو كانت محاولة للاجابة عن السؤال: مفيش بديل.. عندك بديل؟!
صرح البرادعي بقراره عدم الترشح مرة أخري لمنصبه في الهيئة الدولية للطاقة.. الذي أوشكت مدته علي الانتهاء.. وقال إنه جاء إلي مصر وزار العشوائيات! قال إنها عار في جبين مصر!.. تحدث عن أمنيته تكوين لجنة تأسيسية تكتب دستورا جديدا.. ورؤيته لكيف يكون مجلس الشعب.. لابد أن يكون من الصفوة المتعلمة الواعية وتنتهي للأبد حكاية «حصة العمال والفلاحين» فهي لا تناسب هذا العصر.. تحدث عن والده نقيب المحامين السابق الذي تصدي لعبدالناصر والسادات دفاعا عن الديمقراطية! وقال إنه لا يحمل سوي جواز سفر مصري ولن يستبدله بغيره! عبر عن شعوره بالمرارة لأن «مصر» ويقصد بها النظام طبعا.. لم تتحمس لترشيحه للمنصب ولا لفوزه بجائزة نوبل.. وأنه حزن لأن الإعلام المصري لم يقم بتغطية حفل تتويجه فحرم المصريين من مشاركته الفرحة! لم يجب عن سؤال: لماذا فعلوا «هم» معك ذلك! حرص علي عدم إغضاب أي طرف في مصر.. حتي الإخوان! يقول إنه يريد أن «يفعل شيئا» لإعادة مصر إلي وجهها الليبرالي الذي عرفت به حتي أواسط القرن العشرين! تحدث عن تطوير التعليم الجامعي وعن قضايا مصرية أخري.. كان برنامجا انتخابيا جميلا حقا.. والأجمل أنه بدا صادقا.. ولكن؟!
أحد الذين شاهدوا اللقاء قال: طيب أيمن نور وسجنوه يا ولداه! عمرو موسي نفي إلي قبو الجامعة العربية.. يا تري ده حيعملوا فيه إيه؟! مش حيسيبوه! مفيش فايدة.. مفيش غير الاتنين إياهم.. يا جمال يا الإخوان.. مفيش بديل.. عندك بديل؟!
جدل حول البديل الإخواني:
طرف واحد في هذا النقاش لن أذكره هنا هو.. أنصار الإخوان ذاتهم! هم ليسوا بحاجة لذكرهم هنا، فهم يملكون كل وسائل الإعلام تقريبا! ولست منهم علي أي حال! أذكر فقط الآراء الأخري.. غير الاخوانية! فهي مهددة بالبطش الفوقي والجماهيري إذا عبرت عن نفسها! وأسألوا أهل غزة!
تياران في مصر من غير الإسلاميين يرصدان مدي احتمالية وصول الإخوان بالفعل لحكم مصر.. أحدهما يقول بيأس إن مصر متجهة لا محالة للسقوط في يدهم، التيار الثاني - علي العكس - يقول إن مصر «ساعة الجد» ستقف في وجه تحويلها إلي «حظيرة الإيمان» الوهابي!
· اليائسون:
بم يستدل القائلون بأن مصر تسير في نفق ينتظرها في نهايته المرشد العام؟! حجتهم يلخصها تصريح للسيد فاروق حسني وزير الثقافة قال فيه بأسف: «الظلامية تزحف علي مصر»! يقول هؤلاء إنه لم ينتبه إلا بعد أن تمت عملية الزحف بالكامل! فالظلامية زحفت وانتشرت وتوغلت بين المصريين منذ زمن! المصريون أصبحوا شعبا «خائفا من الحرية» زاهدا فيها.. لا يريدها! أصبحوا شعبا «يتلذذ بتقييد نفسه» بشبكة من فتاوي التحريم والتقييد لكل نشاط إنساني مبدع! خريجو جامعات يلجأون إلي المشايخ لسؤالهم عن طرق الأكل والشراب.. ويطلبون وصفات دينية للتعامل مع فراش الزوجية والمواصلات والسلع.. ويطلبون صكوكا للغفران من مشايخ يمعنون في وصف الجنة وصفا يشبه.. منتجعات الساحل الشمالي وبورتو مارينا! انتشار التدين «الشكلي» في مصر رصده إحصاء دولي تم علي عينة من إحدي عشرة دولة في العالم لمعرفة مدي انتشار التدين فكانت نتيجة مصر في المرتبة الأولي!، لكن مهلا لو كان هذا التدين مرتبطا بتطبيق صحيح لما نعرفه في ديننا بأنه «الدين المعاملة» لكان ذلك شيئا جيدا، لكن تزايد التدين في مصر مرتبط بتدهور أخلاقي وسلوكي وضمائري.. ومرتبط بتناقص الاتقان في العمل وزيادة الفساد الصغير بين الشرائح الدنيا والمتوسطة في المجتمع والفساد الكبير بين أهل الحكم ممن حولهم مرتبط بتزايد الطائفية القبيحة وبزيادة الاستسلام للخرافة وانتظار المعجزات وقهر واحتقار المرأة.
هذه العقلية الدينية المتطرفة لم تنبت فجأة في الشعب المصري.. إنما سهر علي غرسها في تربة الثقافة المصرية أناس «اختطفوا الإسلام ونسبوه لأنفسهم! فقد عرف المصريون عبر التاريخ «بالوسطية» في تدينهم.. ما سمي «الإسلام المصري»! وسطية ساعدت في استجابة المصريين لمشروع التحديث والنهضة والتقدم الذي بدأ منذ أكثر من قرنين.. فانطلقت إبداعاتهم في الثقافة والفنون والصناعة والزراعة.. لكنها تعثرت لأسباب عديدة علي رأسها الديكتاتورية المصرية الغاشمة الجهول «بحسب تعبير المفكر المبدع جمال حمدان».. لكن من ضمن الأسباب أيضا هذا «الطنين الوهابي» الذي حل علي مصر، خاصة في الحقبة السعودية النفطية.. والذي تبناه الإسلاميون فكانت النتيجة ما تراه الآن.. نساء مصر تحجبن ثم تطور الحجاب إلي خمار ثم نقاب فإسدال.. أزياء تبدو فيها النساء كالاشباح.. حتي إن الدكتور محمود عاشور وكيل الأزهر السابق نفسه قال في جلسة خاصة: «شكلهم في النقاب يخوف العيال» ومصريون يمزقون روايات المبدعين في مظاهرات غاضبة لأن إسلاميين «قالوا لهم» إنها تسيء إلي الرسول صلي الله عليه وسلم، فهم شريحة من الناس لا يتوقع منها قراءة الروايات!.. مهووسون متأثرون بما يسمعون من مشايخهم قتلوا مفكرا مثل فرج فودة أو حاولوا قتل أديب مثل نجيب محفوظ.. ولا يمكن لقاتل فرج فودة أن يكون «قرأ عن النقد الديني أو أي نقد حتي لو كان نقداً فنياً! فمن يتعاطي عقله النقد لا يقتل! أليس كذلك؟!» وصدق الناس نصابين ذوي لحي نهبوا أموالهم باسم «الاقتصاد الإسلامي» فيما سمي شركات توظيف الأموال الإسلامية.. وانتشرت قنوات دينية كلها تزايد علي بعضها البعض في تحذير الناس من كل شيء، له صلة «بالحرية والابداع والتطور والحداثة»، وكلها تتسابق في إخافة الناس من الله! وتصويره كأنه سبحانه لا هم له سوي شي البشر! وظهر تجار الدين شباب باحث عن الثروة فيما سمي «ظاهرة الدعاة الجدد».. ووو.. مظاهر تشير كلها إلي «انصراف روح التقدم» عن أرض مصر! استمر «تجهيز» الإسلاميين للمصريين علي هذا المستوي الثقافي لعقود وعقود.. ليس فقط لاستلابهم دينيا.. بل لإعدادهم لنصرتهم كالمسحورين حينما يأتي وقت الاستيلاء علي السلطة.. بأي طريقة حسب الظروف.. انتخابات.. انقلاب.. تواطؤ.. صفقة من نوع ما.
الآن يعتقد أن المصريين جاهزون! هكذا يقول أصحاب هذا التيار اليائس! إذ عندما خرج الحزب الحاكم علي طبيعة وترك المرحلة الأولي من الانتخابات التشريعية السابقة بلا تزوير «وقد ندم علي ذلك فعاد إلي طبيعته التزويرية الأصيلة في المتبقي من الانتخابات» نجح ثمانون من الإخوان في دخولهم مجلس الشعب! ماذا فعلوا؟!
أثاروا ضجيجا حول المطربات وطالبوا بمصادرة كتب عدة قاوموا قانون حماية الطفل وقاوموا كل ما من شأنه محاولة تطوير هذا المجتمع المتراجع بشكل محزن! فلو رشح أحدهم في الانتخابات الرئاسية المقبلة فسوف ينجح بالطبع ستكون تلك أول.. وآخر.. انتخابات نزيهة! والنماذج ماثلة: حماس الأبنة الفلسطينية للإخوان نجحت في انتخابات نزيهة ثم انقلبت عليها وأنشأت إمارة إسلامية في غزة ورأسها والف سيف ألا تعيد.
تعيد كرة الانتخابات أصحاب هذا التيار اليائس يقولون إذا كان الإسلاميون في مصر جهزوا الشعب المصري إلي هذا الحد وهم خارج السلطة، فماذا سيفعلون بمصر إذا سقطت في حجرهم؟!
هذا التيار الذي يرصد ما طرأ علي مصر مما وصفناه أعلاه.. هو تيار يائس من القدرة علي تحويل قلوب الناس بعيدا عن سحر الإخوان! يقول إن الإخوان يصورون للشعب المصري أنهم وكلاء الله علي الأرض وأن كل ما عداهم باطل! رفعوا شعار «الإسلام هو الحل» فترسخ في أذهان الناس أن كل حل غير ما يقولون هو حل معاد للإسلام.. حتي صار الأمر وكأنه تماه بين الإخوان والإسلام! فكثيرون يتصورون أنك إذا كنت خصما للإخوان فأنت بالضرورة خصم للاسلام! وعندما تتحدث عن النهضة والحداثة وأولوية العلم لتحقيقهما تعامل باعتبارك عدوا للإسلام! وعندما تتحدث عن حقوق المرأة والطفل وحقوق الإنسان والمواطنة والديمقراطية والانفتاح علي ثقافات العالم وفصل الدين عن السياسة، فأنت إذن عدو للإسلام وتكرهه ووو.. إلي آخر تلك الباقة من التهم الخطيرة الجاهزة!
بل ويقول هذا التيار يائسا: وقوع البلاء ولا انتظاره! الأفضل أن يحكموها الآن ليشرب المصريون المسحورون المقلب! فيبدءون بفتح عقولهم لنداء من نوع آخر! بدلا من أن يظل الإخوان بعيدين عن السلطة فتظل قلوب المصريين معلقة بهم! ألم يحدث مثل هذا مع سكان غزة؟ ألم يظنوا أن انتخاب حماس سوف يحرر فلسطين من النهر إلي البحر؟!.. فذاقوا مرارة السحل والقتل والإلقاء من الأسطح وتقطيع الأطراف الذي تمارسه ميليشيات حماس ضد كل من يتذمر؟!
· المتفائلون:
لكن هناك تيارا آخر أكثر تفاؤلا! شريحة من المجتمع المصري مازال لديها أمل أن يعود المصريون إلي رشدهم الوسطي ساعة الجد! فيرفضون ذلك «القفص» الذي يعدهم به الإسلاميون من إخوان وغيرهم! «هذا إذا توفر أصلا خيار الرفض والقبول!» يعتمد هذا الرأي علي الذكاء الفطري للمصريين الذين قد يتعاطفون مع ذوي اللحي عندما يضطهدهم الأمن.. لكنهم ينتفضون خوفا من تطرفهم لو لاح في الأفق احتمال توليهم الأمر!
يقول هؤلاء المتفائلون إن شرح «المسألة» للناس واجب كلما سنحت فرصة «وهي فرص قليلة في مقابل طنين الإسلاميين أينما وليت وجهك!» يحاولون إقناع الناس - إن وصلوا إليهم أصلا - بأن هناك بلادا شعوبها مسلمة مثل ماليزيا.. حققت النهضة والحداثة والتقدم العلمي والاقتصادي دون أن يتخلي الناس عن الإسلام.. مسلمون لكن حياتهم لم تتلوث بمثل هكذا ظلامية ونفاق في التفكير والسلوك.. حياتهم لا تسيرها تلك العقلية المتواكلة التي تقيد الحركة إلي الأمام.. وتفقد الناس الاحساس بحركة العالم.. نظامهم السياسي مفصول تماما عن ثقافتهم الدينية.. ليس الإسلام بذاته إذن هو مصدر تلك الظلامية وذلك النفاق الديني والهوس بالفتاوي.. إنما مصدرها من يركبون جواد الإسلام ليخترقوا به الجماهير مصورين لهم أنهم «ورثة الصحابة الأطهار»! هؤلاء المتفائلون يتبنون شعار «شعبنا واع!» ويقولون إن الشعب المصري فطن ولعله وعي درس ما تفعله النظم الإسلامية في نماذج تحيط به من كل جانب: إيران والسودان والجزائر وأفغانستان وغزة! يقولون: لماذا أنتم يائسون إلي هذا الحد.. ألا تثقون في الوعي الفطري للشعب المصري؟! هل استجاب المصريون مثلا للفتوي الفضيحة فتوي إرضاع الكبير؟! بل شعبنا قادر علي التمييز وهو يتطلع إلي التقدم رغم اختناقه من كليهما.. الإخوان والحكومة!
انظروا إلي الشباب صغير السن المتطلع إلي ديمقراطيات العالم عبر وسائل اتصال حديثة تمكن منها بحكم حداثة سن.. ألا تلاحظون أن تأثير التيار الإسلامي في هؤلاء الصغار قد انحسر؟! هل تأثيرهم في شباب مطلع الألفية الثالثة كتأثيرهم المهول علي شباب السبعينيات والثمانينيات؟!
أبشروا.. «المصريون الجدد» يتطلعون إلي الحرية!
علي المستوي الشعبي هناك ما يؤيد هذا الاتجاه بين البسطاء من أصحاب ما يسمي «الوعي الفطري».. فقد كنت استقل تاكسيا في القاهرة ودار حديث بيني وبين السائق.. سألته: تفتكر مين جاي بعد مبارك؟ قال بلا تردد: طبعا ابنه أو بقي لو ربنا بيكره مصر.. يبقي واحد من الإخوان!
جدل حول الوريث
بالنسبة إلي البديل الوراثي هناك تياران أيضا.. أحدهما يقول إن مصر ليست سوريا! «وهي عبارة - يا للصدف قالها الرئيس مبارك نفسه!» وإنها لن تقبل التوريث، والثاني يقول: بصراحة لو الخيار بين جمهورية وراثية وحكم إسلامي.. يبقي جمال أرحم!
· اليائسون:
يقول هؤلاء إن نظامنا نظام ديكتاتور أصيل.. عريق في ديكتاتوريته! يتصرف بعقلية «أنت لا تسأل عما تفعل وهم يسألون!» وهو نظام إن أراد توريث الحكم الجمهوري فسوف يفعل! ولن يجد من يحاسبه! وإلا أين الأمارة بأنه سئل ذات يوم عما يفعل علي مدي ثلاثة عقود؟!
يقترب موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة بعد عامين.. وهناك ما اصطلح علي تسميته في مصر «سيناريو التوريث» فباضطراد واضح.. يتزايد تحكم السيد جمال مبارك وأعوانه يوما بعد يوم في شئون البلد.. الاقتصادية خاصة.. يسحبونه معهم في طريق تحويله إلي شركة خاصة.. «مصر.. شركة خاصة! تاج العلاء في مفرق الشرق.. تصبح شركة خاصة!».. يتزعم مجلس إدارتها نجل الرئيس والموظف البنكي سابقا.. السيد جمال مبارك! أمين لجنة السياسات في الحزب الحاكم.. اللجنة التي تضم أغني رجال الأعمال في مصر! وأعضاؤها موزعون بين تلك اللجنة والوزارة ومجلس الشعب!.. فمن إذن يمكنه وقف عملية التوريث؟ الشعب؟ أين الشعب؟!
الأمر الثاني هو ثقة بدرجة العنجهية.. يتحدث بها رموز الإخوان الكبار عن مستقبل مصر.. تبدو تصريحاتهم وكأنهم هم من يقررون الآن.. كيف ستكون مصر قريبا! فالي جانب المقولة الشهيرة للسيد مهدي عاكف المرشد العام للإخوان: «نحن لا نسعي للسلطة.. هي ستسقط في حجرنا»! قال في لقاء صحفي منذ أيام «ينبغي علي النظام أن يعترف بشرعيتنا التي يمنحها لنا الشارع.. وينبغي عليه أن يأتي إلينا ويقول «يا إخوان يا مسلمين إحنا في مشكلة كذا وكذا ونريد رأيكم في الحل»
اليائسون من قدرة الشعب علي وقف عملية التوريث حينما يواجههم السؤال: «يا جمال يا الإخوان» يقولون طالما اننا لسنا شعبا قادرا علي فرز من «يحقق» مقولة عرابي التي فشل في إرسائها: «لسنا عبيدا ولن نورث بعد اليوم».. ولسنا شعبا قادرا علي توفير بديل ديمقراطي لقيادة مصر.. ولسنا شعبا قادرا علي صنع ثورة ضد كل البدائل.. وطالما أنه لا يوجد إلا خياران.. يبقي جمال أرحم! علي الأقل سيستمر نضالنا ضده ولو طال الزمن! أما الإخوان؟ الحكم الإسلامي؟ فلا نضال في هذا!.. لن يبقي مناضل حيا إذا تولوا!
· المتفائلون:
المتفائلون يقولون «لا للتوريث.. لا للإخوان»! بالطبع البعض يقول ساخرا: «وما لو؟! يقولون ما يريدون.. هو الكلام عليه جمرك؟!» لكن هؤلاء يقولون: لن ترضي المؤسسة العسكرية بخليفة من خارجها وإن كان البعض يقول: صح النوم! المؤسسة العسكرية سقطت في حجر النظام منذ زمن! أما الأدهي والأمر.. أن تكون سقطت في حجر الإخوان.. كما القضاة!» ويقولون: الشعب لن يقبل التوريث.. جمال مبارك «ليس مهضموما» بين المصريين.. رغم محاولاته الجاهدة لفرض نفسه في مناسبات مما تسمي مناسبات شبابية وما إلي ذلك! يرونه ثقيل الدم! وأنظروا إلي النكات التي تطلع كل يوم عليه.. والنكات كما تعرفون وسيلة احتجاج مصرية قديمة! والعالم لن يبلع مسألة التوريث في مصر «حتي لو بلعها من قبل.. بمذاق سوري!» مصر ولادة وسوف يظهر البديل.. لا جمال ولا الإخوان.. والأمل الآن في البرادعي! لكن عليه لسوء الحظ أن يخوض المعركة وحيدا! فلن يجد شعبا يسانده ولن يجد معارضة تتبناه ولن يجد قوة ولا مؤسسات ترعاه! فليرمي عصاه وسوف يصفق المتفرجون إذا ما ابتلعت الثعابين! أو.. ليتلقي مصيرا مشابها لمصائر مرشحين سابقين!.. لكن دائما هناك أمل.. والشعب المصري لا تعرف له «موعد انفجار»! كما يقول الشاعر جمال بخيت: «شعب يصبر خمسين سنة ويقول.. دوول فكة»! صبر حتي الآن.. ثلاثين سنة!
أنت.. عزيزي القارئ - إن كنت مصريا - أين تقف بين هؤلاء؟! يا جمال يا الإخوان.. مفيش بديل.. عندك بديل؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.