أمر آخر يتمثل في عدم وجود النجوم العالميين، وإن كان حضور عمر الشريف واميتاب باتشان قد شغل مساحة مهمة من الأضواء والاهتمام اختتم مهرجان دبي السينمائي السادس أعماله الأربعاء الماضي «6-19ديسمبر»، وأكتب هذا الموضوع قبل بضعة ساعات من إعلان الجوائز التي تصل قيمتها إلي ثلاثة ملايين جنيه، وتضم 5 مسابقات للأفلام العربية، والأفلام الآسيوية والأفريقية. أي مهرجان سينمائي في العالم يتأثر بظروف المدينة التي يقام فيها، ومهرجان دبي في العام الماضي لم يتأثر كثيرا بالأزمة الاقتصادية العالمية التي كانت في بدايتها، ولكنني شعرت بالهواجس التي تحيط بالمدينة التي تقوم أساسا علي الاستثمارات وتسعي أن تكون أهم سوق في آسيا وأفريقيا والعالم العربي، وقد قطعت مشوار هائلا في هذا الاتجاه.. أما هذا العام فالأزمة أصبحت في مدينة دبي نفسها، وظلت حديث العالم طوال الشهر الماضي، مما جعل أبوظبي تتدخل بدعم مالي كبير يصل إلي 10مليارات دولار حتي تخرج دبي من عنق الزجاجة، وهذا القرار كان قبل أربعة أيام من نهاية المهرجان، فكانت حالة من الارتياح الكبير تظلل المدينة كلها.. ولكن ما تأثير ذلك علي المهرجان نفسه. يختلف مهرجان دبي عن المهرجانين الخليجيين الآخرين : أبوظبي والدوحة، فهو لا يتلقي دعما مباشراً من حكومة دبي، إنما يقوم بالكامل علي الرعاية المباشرة من مجموعة كبيرة من الشركات الكبري، وبرعاية خاصة من الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم رئيس دائرة الطيران المدني بدبي.. وبالتالي فإن تراجع بعض هذه الشركات أو تخفيض قيمة ما تقدمه من دعم سوف يكون مؤثرا، لأن هذه الشركات تأثرت بدورها بالأزمة الاقتصادية .. ولكن وبذكاء شديد لم تتأثر أعمال المهرجان، أما الذي تأثر بالفعل فكان الحفلات الساهرة التي كانت تقام يوميا، وكان الاكتفاء بحفلتي التعارف في الافتتاح والوداع في الختام، وأمر آخر يتمثل في عدم وجود النجوم العالميين، وإن كان حضور عمر الشريف واميتاب باتشان قد شغل مساحة مهمة من الأضواء والاهتمام، بالاضافة بالطبع لعدد لا بأس به من النجوم المصريين، وعدد من المخرجين العرب المهمين. أقيم المهرجان كالمعتاد في «مدينة جميرا» التي تعد أشهر الأماكن السياحية في دبي، وتشمل قصرا للإقامة وفندقا مدهشا وتمتد لتشمل سوقا تجارية ومطاعم وصالة عرض وبحيرة صغيرة يمكن الانتقال من خلالها بين انحاء هذه المدينة الممتدة والمتنوعة، وامتداد هذه المدينة يكون علي شاطيء الخليج الذي يزينه فندق «برج العرب» أشهر بناء يعبر عن مدينة دبي، وخلاصة القول إن اختيار المكان نفسه لإقامة المهرجان أكد الكثير من التميز والخصوصية. وربما لم تشهد السجادة الحمراء في الافتتاح الكثير من النجوم اللامعة، ولكن فيلم الافتتاح الأمريكي «تسعة» مزدحما بهم : نيكول كيدمان، بينلوبي كروز، دانيال دي لويس، كيت هدسون، صوفيا لورين وجودي دينس، والفيلم مستوحي من فيلم فيدريكو فيلليني «8.5»، ويتعلق بأزمة مخرج كبير مع الإبداع وعلاقته بثمانين من النساء منهم بالطبع زوجته وأمه وعشيقته وبطلة أحدث أفلام ومساعدته وصحفية، وهذا الفيلم تم تحويله إلي مسرحية في إيطاليا، ثم انتقل للمسرح الأمريكي الموسيقي، ووجد فيه المخرج روب مارشال ضالته ليقدم من خلاله جديدا بعد فيلمه المدهش «شيكاغو»، وهو فيلم مثير وجميل وممتع بالفعل في اجوائه وخياله وموسيقاه.. غناء ورقصا، ولا شك أنه اختيار موفق للافتتاح. نأتي إلي أعمال المهرجان الذي عرضت أفلامه التي وصل عددها إلي 168 فيلما من 55 دولة «أفلام طويلة وقصيرة وتسجيلية»، في 13 صالة عرض من بينها 10 صالات متجاورة في مول الإمارات.. وكان الاهتمام الأكبر في المهرجان بالأفلام العربية التي عرض 39 فيلما منها في المسابقات الثلاث : مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، والأفلام التسجيلية أو الوثائقية ثم الأفلام القصيرة التي تدخل معها في نفس المسابقة أفلام قصيرة آسيوية وإفريقية.. وهناك مسابقتان آخريان للأفلام الآسيوية والإفريقية الطويلة والوثائقية .. وبسرعة نتوقف أمام المشاركة المصرية والتي تمثلت في 6 أفلام مصرية منها فيلم لمخرج مصري يعيش في الدنمارك وهو سمير عبدالله وقدم فيلم «غزة مباشر» عن التدمير الاسرائيلي لغزة في بداية هذا العام، والفيلم انتاج مشترك مصري - فلسطيني - فرنسي، وقد عرض في مسابقة الفيلم التسجيلي، أما الفيلم المصري الآخر الذي عرض في نفس المسابقة فهو لمخرجة اسمها مي اسكندر، وهو فيلم انتاج أمريكي وعنوانه «أحلام الزبالين» ويعد عملا جيداً بالفعل ويستعرض من خلال ثلاثة زبالين شبان ما حدث لأحلامهم بعد أن لجأت الحكومة إلي الشركات الأجنبية لجمع القمامة، واستبعدت زبالي المقطم.. وبعيدا عن الفيلم فانني أدعو هذه المخرجة لاستكمال احداثه بعد أن أخفقت الشركات الأجنبية وامتلأت الشوارع بالزبالة، فهذه قضية تعيشها القاهرة كلها منذ شهور. وفي مسابقة الأفلام القصيرة نشارك بفيلمين الأول «النشوة في نوفمبر» بطولة محمود عبدالعزيز وإخراج عايدة الكاشف «ابنه رضوان الكاشف» ، وهو من انتاج معهد السينما، والثاني «خيال صورة» اخراج إيمان النجار، وتم انتاجه بدعم من وزارة الثقافة، واظنه أول فيلم ديجيتال ينتهي العمل منه من بين أفلام وزارة الثقافة المدعمة، والتي تعثرت طوال السنوات الثلاثة الماضية!!.. أما الافلام الروائية الطويلة فيشارك فيها فيلما «1- صفر» اخراج كاملة أبوذكري، و«عصافير النيل» اخراج مجدي أحمد علي، وقد حضر نجوم الفيلمين المهرجان : إلهام شاهين، فتحي عبد الوهاب، خالدأبوالنجا، نيللي كريم، زينة، عبير صبري، انتصار وممدوح الليثي منتج الفيلم الأول ورئيس اتحاد النقابات.. كما حضر المهرجان سمير غانم، ودنيا سميرغانم، وآثار الحكيم، ومصطفي فهمي ورانيا فريد شوقي.. وهذه الدورة احتفت بشكل خاص بالسينما الفلسطينية، وعن الأفلام العربية والفلسطينية لنا حديث.