«كنت وزيرا» برنامج يقدمه الزميل جمال الكشكي في شاشة دريم1 والبرنامج يستضيف الوزراء السابقين في حكوماتنا المصرية والملاحظ في أحاديث هؤلاء السابقين أن حظوظهم السعيدة فقط هي التي تجعلهم وزراء!، فلا يعرف أي منهم لماذا أصبح وزير أوكيف!، كما أن تحولهم إلي وزراء سابقين لايعرف أحدهم الأسباب وراء ذلك، اللهم إلا بعض تخمينات وإشاعات تبرر الترحيل والإجلاء عن الوزارة، والوزير السابق سر سرورا عظيما يوم أبلغ فجأة بأنه قد اختير وزيرا ًأو قرأ اسمه فجأة وزيرا في الصحف!، وهذه الطريقة التي يأتي بها الوزراء في حكومات ما بعد 23 يوليو 1952 وهي نفس الطريقة المهمة التي تذهب بهؤلاء الوزراء وهذا حق مطلق لمن أتي بهم!، ولنلاحظ أن الوزير الذي يرحل عن وزارته ربما لايبلغه أحد، بل يعرف الخبر من الصحف والتليفزيون، ولعله من قبيل الحظ السعيد أن جماهير الناس لاتعرف الوزير الذي أتي ولا الوزير الذي رحل! وهذا عكس ما قبل يوليو 1952، إذ كان الوزراء معروفة وجوههم للناس، بحكم أنهم كانوا وزراء حزبيين وتختارهم أحزابهم إذا ماتولت الحكم برصيدهم المتراكم من العمل الحزبي والسياسي بين الجماهير لكن وزراء ما بعد يوليو 1952 أسعدهم الله بعدم معرفة الناس لهم ربما حفاظا عليهم وحماية لهم! فماذا لو تعرفت الناس علي وزير مسئول عن انقطاع المياه في عز الصيف!، أو انقطاع الكهرباء في معظم الأيام هذا إذا كانت واصلة أصلا إلي حي دون ذاك!، أو الوزير المسئول عن رداءة رغيف الخبز أو زميله المسئول عن استيراد القمح! لقد حمي الله مثل هؤلاء الوزراء من سخط الناس أو بطشهم إذا ما ظفروا به دون أن يقدم أسبابا مقنعة لهم عما يقدمه نطاق مرافقه من الشرور!، وهل هناك أسعد من وزير لاتملك الناس مساءلته بحكم أنه مجهول الهوية والنسب السياسي!، ثم هو غير مسئول أمام حكومته علي أي مستوي!، وقانون محاكمة الوزراء نائم في الادراج يحدثون الناس عنه كما يحدثونهم عن العنقاء والخل الوفي!، فالوزير لو انحرف بسلطته ونفوذه وحاز لنفسه أو لأقاربه ماليس له ولهم فلا أحد يحاسبا ويتحرك لمحاكمته!، إلا فيما ندر إذا كان الوزير هذا قد بلغ السخط عليه مبلغا لا علاقة للجماهير به!، ومادام الوزير حريصا علي نيل الرضا فإن هذا الرضا عنه قد يمتد به علي كرسي الوزارة إلي ماشاء هذا الرضا أن يمتد!. وزير بلا مسئولية ولاحساب له ولامحاكمة ان أخطأ وهو اللهو الخفي الذي لاتعرفه الناس، وهو تحت حماية الذين أتوا به، ويطوله العقاب بالترحيل أو المحاسبة إذا خانه ذكاؤه فزل لسانه وانتابته نوبة ولت وعجن في سيرة أولياء حظه السعيد! فكيف لايكون الوزير في مصر من أسعد وزراء العالم وهو يعرف أولها من آخرها مجيئه مصادفة ورحيله ربما لأن الدور قد أتي علي واحد من المستحقين، وزير ليس أسعد منه حظاً وهو يملك هامشا واسعا من الكذب و«الغلوشة» علي مايحتاجه الناس حتي لو اكتشفوا فيه كل ذلك!، بل أي وزير يرفل في كل هذه السعادة يلاقيك في أي مكان فتجده شكاء بكاء من ضخامة المسئوليات التي لايجد لها وقتا، فهو مثقل يعمل فوق طاقته ولكنك كثيرا ما تضبطه متلبسا معظم أوقات، الصيف بالتزام الراحة والدعة في منتجعه!أو هو مخترع لمهمات ومأموريات تناديه للفرجة علي بلاد الدنيا، وزير سعيد دون شك هذا الذي يجد لكل عقدة تزعجه حلا يرضيه!، وزير من أسعد وزراء العالم الوزير المصري الذي يجري بين الحين والحين الفحوص الطبية داخل مصر وخارجها والفاتورة علي حسابنا بالعملات الحرة والمحلية، حتي إذا أصبح صاحبنا وزيرا سابقا جلس يحكي لتتعرف الناس عليه ربما لأول مرة!، ولله ما أعطي، وله ما أخذ سبحانه.