ولكن للأسف كانت كامب ديفيد والمعاهدة المصرية الإسرائيلية، من أكبر القيود التي كبلت الدور المصري، وأوصلت مصر إلي هذا التقزيم الذي لا أرضاه ولايرضاه كل صاحب ضمير وطني حي يعشق هذا الوطن ولديه الاستعداد للتضحية من أجل حاضره ومستقبله. ولذلك كشف الهجوم البربري الذي شنته إسرائيل في الفترة من 27 ديسمبر 2008 حتي الأحد 15/1/2009م (أكثر من ثلاثة أسابيع) علي غزة المحاصرة وشعبها الأعزل، عن عجز مصري عن اتخاذ القرار الفعال في الوقت المناسب حتي وصل الحال إلي أن وضعت مصر الرسمية نفسها في مأزق خطير وهو أنه بعجزها هذا فإن مصر أصبحت شريكة في العدوان وأعطت الفرصة للآخرين عربيا وإقليميا لممارسة أدوار أكبر من حجمهم تحدوا بها مصر. فهل نتصور أن يصل الحال بمصر أن تصر علي عدم سحب سفيرها من تل أبيب أو طرد السفير الإسرائيلي من مصر؟!! مجرد قرار بسيط يمكن أن يسهم في تقريب المسافات بين النظام الحاكم والشعب المصري والعربي الغاضب علي الحكومة المصرية والمدهش للغاية أن يبرر وزير الخارجية ذلك بأنه لو تم ذلك فإن الحرب يمكن أن تقع!! أو قطع خيوط الاتصال وكانت تبريرات وزير الخارجية ومسئولي النظام ساذجة للغاية مما أسهم في توسيع الفجوة والجفوة بين النظام والشعب، وهو اخطر ما وصلنا إليه فسقطت الدبلوماسية المصرية في مأزق، وأكدت فشلها من تبرير لآخر، ولم ينقذها من الهوان الذي وصلت إليه مؤتمر شرم الشيخ الذي حضره عدد من الرؤساء الأوروبين بعد ثلاثة أسابيع من الحرب، دون جدوي في الوقت الذي عانت إسرائيل من صواريخ المقاومة، وأنكشفت أمام الرأي العام وأمام الزعماء العرب ولم تستطع إنجاز أهدافها قبل تولي الرئيس الأمريكي الجديد مهام منصبه (أوباما)!! كما أن تبريرات الخارجية في رفض مؤتمر القمة العربي في الدوحة كانت هي الأسوأ، لأن مصر كان الاجدر بها أن تدعو إلي مؤتمر قمة عاجل لغسل يديها علي الاقل من صورة أبو الغيط وليفني عشية الحرب الإسرائيلية علي غزة، والتي أعلنتها ليفني من القاهرة وسط صمت مصري غريب!! ودون أدني رد فعل دبلوماسي قوي يرفض ذلك!! كذلك كانت الطامة الكبري في الإعلام، حيث استضاف التليفزيون المصري رموز الحزب الوطني الحاكم للدفاع والتبرير، ومكث يهاجم الجزيرة ويهاجم نواب الشعب المنتخبين من المعارضة بحجة أنهم يشتمون مصر في الفضائيات وكأن مصر هي النظام والنظام الحاكم هومصر!! فماذا لو أفسح التليفزيون المصري لأقطاب المعارضة في البرلمان لكي يتفاعلوا مع قضايا أمتهم في تليفزيون دولتهم؟! لكن اتضح كما يتأكد كل يوم أنه تليفزيون الحكومة والحزب الوطني دون غيره وهو بالتالي أثبت فشله الذريع مثلما فشلت الدبلوماسية وربما هناك تفسير أن الإعلام أداة مشرح لخطاب سياسي وتحركات دبلوماسية، وبطبيعة الحال إذا كان الخطاب مشوشا والتحركات مشلولة فإن الرسالة الإعلامية لابد أن تكون كذلك ولكن كان أمام الإعلام فرصة للشرح الموضوعي والمناقشات الهادئة والمتزنة، وفرصة للتغطية للغضب الشعبي، مما يؤدي إلي زيادة الضغط علي الإعلام الدولي للتوجه بالضغط علي اسرائيل، إلاأنه بكل أسف كان الإعلام المصري محاصرا كما حاصر النظام الحاكم مصر وعزلها عن محيطها وسقطت الدبلوماسية ومعها الإعلام المصري في مستنقع الخطيئة التاريخية. وكان هم الإعلام المصري بكل أسف هو الرد علي قناة الجزيرة دون السعي نحو وقف العدوان والتعبئة في هذا السبيل، كما أن المادة الإعلامية من أفلام وذكريات تاريخية كانت مضطر به دون هدف واضح واسهمت في زيادة البلبلة مما جعل الناس تنصرف إلي الفضائيات (الجزيرة وأخواتها)، حتي إن وزير الإعلام قرر في آخر لحظة الانسحاب من البث الموحد والمشترك .. لك الله يامصر