قطاع الدراسات العليا بجامعة القناة يعقد اجتماعه التحضيري الأول للاستعداد لمؤتمره السنوي    وزيرة الهجرة: المصريون بالخارج يعززون من تأثير القوى الناعمة المصرية ولهم دور وطني في الداخل    محافظ أسيوط: توريد 78 ألف طن قمح منذ بداية موسم الحصاد    إزالة 37 إعلانا مخالفا في مركز الرياض بكفر الشيخ    وزير الصحة: «الطب الوقائي» يحتاج إلى ميزانية خاصة.. وننسق مع «المالية» بشان التغذية المدرسية    النائب أحمد المصرى: توجيهات الرئيس بشأن مشروعات التوسع الزراعى تحقق الأمن الغذائي للبلاد    صحة غزة: توقف مركز غسل الكلى الوحيد في رفح عن العمل بسبب القصف وتهديد الاحتلال    بدء مراسم توقيع اتفاق بين مصر والأردن في مجال الإعلام    محامي حسين الشحات: واقعة الشيبي انتهت بالتصالح.. وأحمل توكيلات من جماهير الأهلي لرفع دعوى ضد المغربي    موعد تحسن حالة الطقس واختفاء رياح الخماسين.. هل تستمر حتى نهاية الربيع؟    إحالة قاتل الرضيعة السودانية لمستشفى الأمراض العقلية.. وتأجيل القضية ل1 يونيو    ضبط 21 مليون جنيه حصيلة الاتجار بالعملة خلال 24 ساعة    «صحة المنيا»: تحرير 36 محضرا لمنشآت مخالفة وإعدام 155 كيلو أغذية فاسدة    «الداخلية»: ضبط 15505 مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    منة شلبي وبيتر ميمي وكرارة أبرز حضور جنازة والدة كريم عبد العزيز    تراجع ملحوظ في إيرادات شباك تذاكر السينما تزامنا مع انطلاق امتحانات نهاية العام    اليوم.. المخرجة عرب لطفي في قافلة بين سينمائيات    ما حكم قطع صلة الرحم بسبب الأذى؟.. «الإفتاء» تُجيب    حماية المستهلك: تشكيل لجنة مشتركة بين مصر وتركيا لنقل الخبرات المصرية    الخشت يؤكد اهتمام جامعة القاهرة بالاعتماد الدولي لكلياتها وبرامجها المختلفة    بدء الدراسة بكليتي الفنون البصرية والطب البيطري العام القادم بجامعة بنها الأهلية    عاجل| مصدر أمنى رفيع المستوى يكشف تطورات جديدة في مفاوضات غزة    طلاب الصف الثاني الإعدادي بالقاهرة: امتحان الدراسات سهل    أحمد عيد: سأعمل على تواجد غزل المحلة بالمربع الذهبي في الدوري الممتاز    دفاع حسين الشحات يطالب بوقف دعوى اتهامه بالتعدي على الشيبي    الليلة.. فرقة السلام تقدم عرض حزام ناسف على مسرح قصر ثقافة روض الفرج    حقيقة عودة ياسمين عبدالعزيز وأحمد العوضي: رد فعل الجمهور وتصريحات رشا سامي العدل    مفاجآت سارة ل5 أبراج خلال شهر مايو.. فرص لتحقيق مكاسب مالية    مسلسل البيت بيتي الحلقة 5، كراكيري يخسر منزله وينتقل إلى بيت المزرعة    وزير الإسكان العُماني يزور مشروعات العاصمة الإدارية    إمام وخطيب مسجد عمرو بن العاص يوضح حكم حج الرجل عن أخته المريضة    الكشف على 278 مواطنا في قافلة طبية لجامعة بنها    السكري- ما أعراض مرحلة ما قبل الإصابة؟    خبير: إسرائيل تضلل العالم بأن عملية رفح ليست شاملة وتسعى لوقف المساعدات    اليوم.. وزير الشباب والرياضة يحل ضيفًا على «بوابة أخبار اليوم»    جهاد جريشة يطمئن الزمالك بشأن حكام نهائي الكونفدرالية أمام نهضة بركان    مصدر عسكري: يجب على إسرائيل أن تعيد النظر في خططها العسكرية برفح بعد تصريحات بايدن    بوتين يحيي ذكرى انتصار الاتحاد السوفيتي على ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية    الحوثيون يستهدفون 3 سفن إسرائيلية في خليج عدن وبحر العرب    البورصة تخسر 5 مليارات جنيه في مستهل أخر جلسات الأسبوع    وزير الري: زيادة الإيرادات تساهم في تحسين منظومة التدريب وبناء القدرات    12 صورة بالمواعيد.. تشغيل قطارات المصيف إلى الإسكندرية ومرسى مطروح    قبل امتحانات نهاية العام 2024.. احرص على ترديد هذه الأدعية    مصرع شخص وإصابة 4 آخرين في حادث تصادم بسوهاج    طلب إحاطة بتعديل مكافآت طلاب الامتياز ورفع مستوى تدريبهم    فئات هم الأكثر عرضة للإصابة بمتحور كورونا الجديد.. المتعافين من الفيروس ليسوا بمأمن    تعرف علي الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالرمد الربيعي    الرئاسة الفلسطينية: وحدة الأراضي خط أحمر ونلتزم بالقانون الدولي ومبادرة السلام العربية    بعد العاصفة الأخيرة.. تحذير شديد من الأرصاد السعودية بشأن طقس اليوم    موعد مباراة الإسماعيلي والداخلية اليوم الخميس بالدوري    علي جمعة: القلب له بابان.. وعلى كل مسلم بدء صفحة جديدة مع الله    الأهلي يخطف صفقة الزمالك.. والحسم بعد موقعة الترجي (تفاصيل)    أحمد عيد عبدالملك: تكاتف ودعم الإدارة والجماهير وراء صعود غزل المحلة للممتاز    تامر حسني يقدم العزاء ل كريم عبدالعزيز في وفاة والدته    إبراهيم عيسى: السلفيين عكروا العقل المصري لدرجة منع تهنئة المسيحيين في أعيادهم    بعد غياب 10 سنوات.. رئيس «المحاسبات» يشارك فى الجلسة العامة ل«النواب»    «أسترازينيكا» تبدأ سحب لقاح كورونا عالميًا    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لنا في كل أمر يسراً وفي كل رزق بركة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القاهرة كابول.. عودة لأمجاد الدراما المصرية
نشر في صوت الأمة يوم 24 - 04 - 2021

- "عبد الرحيم كمال" حاوي الكتابة أخرج من جعبته الخلطة سحرية ليطهيها المخرج الرائع حسام علي
- طارق لطفي.. لبسه عفريت قائد الإرهابيين
- أحمد رزق.. خطف الجمهور ذهنيا بدقائق معدودة
- خالد الصاوي.. حرك الأحداث بعصا سحرية
- فتحي عبدالوهاب..أجاد في تجسيد الإعلامي المتسلط والاستغلالي كما يجب أن يكون
- حنان مطاوع.. تعتلي صدارة ممثلات رمضان بالسهل الممتنع

قوة أي عمل فني ووصوله إلى إقناع الجمهور، تعتمد على ما تقدمه أدوات وعناصر هذا العمل من صدق وبراعة في تكامل تام لتوصيل الرسالة أو هدف الفكرة.
منذ اللحظات الأولى لعرض مسلسل "القاهرة كابول"، إنتاج شركة سينرجي، استطاع المشاهد إدراك ما يحمله هذا العمل من براعة، خاصة في توظيف الشخصيات نحو انسجام تام كعزف جسدي وروحي، كل من طارق لطفي الذي يعود بعد غياب سنوات ممسكا بالشخصية كإنسان ملبوس بجني، ذلك الطفل المغسول مخه والمقتنع منذ الصغر بدوره في الحياة كخليفة للمؤمنين والجماعات الإرهابية، بينما أحمد رزق الذي لم يره الجمهور من قبل ببراعة شخصية الممثل الذي يحلم بالفن ويجاهد من أجل ظهور فيلمه الذي يكشف حقيقة الجماعات الإرهابية، انتقالا إلى "سحر" فتحى عبد الوهاب الشخصية الإعلامية التي تسببت في جدل منذ اللحظات الأولى لعرض برومو المسلسل، وكيف أنه من الممكن تزيف الحقيقة، وكيف سعى إلى استغلال علاقاته مع الجماعات الإرهابية للحصول على انفرادات صحفية مثل حواره مع الشيخ رمزي أحد قادة تنظيم القاعدة، ثم خالد الصاوي الذي يحرك الأحداث بعصا سحرية بين يديه ذلك الضابط الذي يحمي الوطن.
قنبلة الدراما "حنان مطاوع" تلك الممثلة الموهوبة التي قدمت السهل الممتنع في شخصية حبيبة الشيخ رمزي الذي سيصبح أحد قادة تنظيم القاعدة وابنة خاله، وفي نفس الوقت بمنتهى العمق والإجادة، بدت حنان مطاوع أنها طول مسيرتها الفنية في المسلسلات السابقة تجهز نفسها للانفجار والصعود إلى قمة النجومية بموهبة فطرية أنضجتها وقدمتها على طبق من الإبداع للجمهور في مسلس القاهرة كابول، حواراتها ورسائلها للشيخ رمزي والأيام الأولى لحبهما كانت لوحة إبداعية داخل حلقات المسلسل.
براعة المخرج حسام علي هنا بدأت بنجاحه في عبور أدق مشهد درامي وأكثرها تعقيدا، في بداية مسلسل القاهرة كابول، وهو اجتماع الأصدقاء الأربعة في جلسة واحدة بعد الكبر، متذكرين أحلام الطفولة تحت البطانية، كل منهم في طريقه، عصف فكري بين 4 سحرة لا يطغى واحد منهم على شخصية الآخر ورمي الكرة في ملعب الجمهور للاختيار.
حوار وكتابة عبد الرحيم كمال اللذان شكلا حالة مختلفة، تمنح الشخصيات تألقا، وتمكنه من الغوص فى مساحة درامية مستحيلة، أمسك من خلالها كل الأفكار ثم حلق بها إلى أبعد مدى وصولا إلى ذروة سحرية، مثلما حدث في الحلقة الثانية.
مشهد تلو الآخر يقع المشاهد في سحر التركيبة الدرامية لمسلسل القاهرة كابول، كل حوار يستطيع أن يكون حلقة منفردة، عناصر اكتمال العمل من شخصيات وحبكة كتابية وصورة أخرجت عملا يبدو أنه سيظل حديث الجمهور إلى وقت طويل رغم عرض الحلقات العشر الأولى فقط.
منذ الحلقة الأولى كان الجمهور على موعد مع ملحمة درامية من العيار الثقيل، وكانت البداية كأوركسترا متناغمة بين الشخصيات التي مثلت الظهور الأول والمدخل للقاء الجمهور، سلام مقبول على المتابعين بالدخول مباشرة في أوج الأحداث، عبد الرحيم كمال الذي عودنا على المفاجأت بدأ حلقته الأولى بعملية انتحارية في معسكر أمريكي وسقوط ضحايا تزامنا مع ظهور طاغ للشيخ رمزى (طارق لطفي) بمشهد الإرهابى فوق أحد الجبال، إلى جانب رصد من قبل الأمن المصري للعملية الإرهابية وتطوراتها ونتائجها.
لم يحرم المؤلف الجمهور من ظهور الفنان نبيل الحلفاوى بشخصية حسن، وأحمد رزق بشخصية المخرج خالد، ثم الفنان فتحى عبدالوهاب فى دور إعلامى يدعى طارق كساب الذى يعلن عن حواره مع أحد أعضاء تنظيم القاعدة، تلك الخلطة التي ربما تتناص مع شخصيات واقعية في لعبة درامية، تنساب أحداث المسلسل لتظهر أن الرباعى فتحى عبدالوهاب وأحمد رزق وطارق لطفى، وخالد الصاوى أصدقاء طفولة، يغلق ستار الحلقة الأولى على اجتماع الأصدقاء الأربعة فى منزل فتحى عبدالوهاب، ليكون اللقاء صدمة للشيخ رمزى، انتقالا إلى المشهد الدرامي الأقوى في اجتماع الأصدقاء الأربعة، ثم مقتل الممثل (أحمد رزق) على يد الجماعات الإرهابية، فيما تنكشف بعد ذلك في الحلقة السابعة أن صديقهم الشيخ رمزي هو المتورط في العملية.
مع اختلاف المشاهد وتنوعها وقوة الحوارات وتمكن الممثلين من الشخصيات، بدا أن القاهرة كابول سيعيش لأجيال وسيبقى علامة في تاريخ الدراما، ويؤصل لأفكار ستظل خالدة في أذهان الجمهور، مثل التعريف بأن الأولوية القصوى للمتطرفين في القضاء على الفن، ولذلك كان الفنان في المسلسل اسمه "خالد" ربما ليربط أذهان الجميع بأن الفن خالد لا محالة ولا يمكن اغتياله، ثم اختيار اسم رمزي للإرهابي دلالة على ادعاء التدين، فالدين ما هو إلا شيء رمزي للوصول إلى هدف الخلافة والسلطة والمال والدم، و"منال" هي محور الصراع، دلالات كثيرة تشير إلى الإعلام ودوره في ذلك الصراع والإشارة له باسم طارق كساب في المشهد الأسطوري الذي جمع أبطال العمل الذي وصف حالة الصراع الفكري في مصر منذ خمسين عاما، انسحابا إلى محاولات "عادل" خالد الصاوى في تحقيق العدل، والحلقة الثالثة في مشهد حنان مطاوع بالمدرسة والنقاط التي تكلمت فيها عن اللغة العربية وقدرتها على التعبير وأنها جزء من الهوية، كل ذلك رسائل في السيناريو تعبر عن الهدف.
بعد متابعة الحلقات الأولى، لن ينكر أحد من متابعي الدراما الرمضانية أن القاهرة كابول استطاع أن يكون منذ الوهلة الأولى تجربة سرقت اهتمام وإعجاب الجمهور، تخلص فيها عبدالرحيم كمال، والمخرج حسام علي من إرث دراما الصوت العالي والتلقين المتعمد، بل سلاسة الأسلوب وقوة حجة الطرح واختيار شخصيات جاذبة، وطريقة سرد شيقة، تنسجم وخلفية الجمهور المُستهدف بالرسالة ولا تتعالى على وعيه، ما جعل العمل يبلغ مبتغاه ويُحقق هدفه، رغم الصعوبة المُفرطة، التي تكتنف أية محاولة فنية لتناول ظاهرة الإرهاب باسم الدين.
الصعوبة في العمل أيضا هو تجسيده لشخصيات قريبة منا جميعا نعرفها تمام المعرفة، عاشوا طفولتهم في حي السيدة زينب، وأقسموا وهم تحت البطانية أن يظلوا أصدقاء، وتحقيق أمنياتهم في حكم العالم؛ ف«طارق» (فتحي عبد الوهاب) أقسم على الشهرة والمال، ورمزي (طارق لطفي) أقسم بالمصحف والسيف، وعادل (خالد الصاوي) أقسم بالحق والعدل، وآخرهم خالد (أحمد رزق) أقسم بحياة السينما.
في مزج وصفه كثيرون بغير الطبيعي، بين الطرح الديني والسياسي والاجتماعي، وموقف الإسلام السياسي تجاه الفن، وتوظيف دقيق للوثائق التاريخية، يأخذك المسلسل إلى لحظة ميلاد رمزي مع إعلان جمال عبد الناصر تنحيه عن رئاسة الجمهورية، واختيار والده اسم رمزي، تيمناً بالممثل المحبوب أحمد رمزي، في مفارقة مثيرة. كما يُذكرك باغتيال الشيخ الذهبي بإيدي متطرفين، واغتيال السادات بأيدي المتأسلمين، وتنامي ظاهرة الإسلام السياسي، وكيف باع رمزي نفسه للشيطان، في السراديب السرية، مقابل الحصول على لقب خليفة.
شيء خفي يجعلك تتوحد مع الشخصيات وتتأثر بالإرهابي الذي كان شاعراً خجولاً، أحب منال لكنه اصطدم في طفلوته بمن أدخل في مخه أن الاستماع لأم كلثوم حرام، والصلاة خلف أمه وأبيه «غير شرعية»، وأن عليه اعتزال «المجتمع الكافر». بينما تجسدت مأساة الإعلامي «طارق»، الذي استلهم كاتب المسلسل شخصيته من إعلامي شهير في تفاهته وسطحيته وانتهازيته والزيف الإعلامي الذي يُقدمه، والمخرج «خالد»، في فيلمه الممنوع من العرض، في وطنه، وضابط الأمن الوطني في انشغاله بعمله عن الاهتمام بأهل بيته.
عندما يجد الجمهور بين يديه عملا يناقش هذه الأفكار المتداخلة والنزاع التاريخي بشكل مبسط، ومسائل معقدة مثل تمويل أمريكا لجماعات الإسلام السياسي، والحصاد الدامي للإرهاب، وخسة قيادات الجماعات المتطرفة، وحلم الخليفة بأن يحكم العالم من البيت الأبيض، ومكة مقراً للعرش، بينما تتحول مصر وسوريا والعراق إلى ولايات تابعة، والنظرة الدونية للمرأة (النساء خُلقن للجنس بينما خُلق الرجال للجهاد)، ثم يحتل صدارة السباق الدرامي الرمضاني، انطلاقا من حكم الجمهور والنقاد على حد سواء؛ فمن المؤكد أنه عمل سيصنع الفارق وسيكون علامة في التاريخ الدرامي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.