التعليم: رصدنا استجابة غير متوقعة من الطلبة الدارسين للبرمجة والذكاء الاصطناعي    جولة إعلامية موسعة لوزير السياحة بالولايات المتحدة لتعزيز مكانة مصر على خريطة السياحة العالمية    برلين: ميرتس يشارك في مشاورات زيلينسكي في لندن حول مفاوضات السلام    هاتريك توريس يقود برشلونة لعبور بيتيس في ليلة الأهداف الثمانية    هيئة موانئ البحر الأحمر تغلق ميناء نويبع لسوء الأحوال الجوية حفاظا على سلامة الملاحة    دولة التلاوة.. المتسابق على محمد: اشتغلت على نفسى كويس من أجل هذه الحلقة    مستشار أوكراني: كييف تتجه لاستهداف العمق الروسي لإيلام الاقتصاد    قطر وسوريا تبحثان تعزيز التعاون التجاري والصناعي    بي إس جي ضد رين.. كفاراتسخيليا يقود هجوم سان جيرمان بالدوري الفرنسي    هرتسوج معلقًا علي طلب ترامب العفو عن نتنياهو: إسرائيل دولة ذات سيادة    أسعار مواد البناء مساء اليوم السبت 6 ديسمبر 2025    جامعة القاهرة تهنئ المجلس الأعلى للجامعات لحصوله على شهادات المطابقة الدولية (الأيزو)    جامعة كفر الشيخ تنظم مسابقتي «المراسل التلفزيوني» و«الأفلام القصيرة» لنشر ثقافة الكلمة المسؤولة    صور تجمع مصطفى قمر وزوجته في كليب "مش هاشوفك" قبل طرحه    تعليق مفاجئ من حمزة العيلي على الانتقادات الموجهة للنجوم    إطلاق التريلر الدعائي لفيلم القصص استعدادا لعرضه قريبا    «هيئة الكتاب» تدعم قصر ثقافة العريش بألف نسخة متنوعة    الأزهري يتفقد فعاليات اللجنة الثانية في اليوم الأول من المسابقة العالمية للقرآن الكريم    بسمة عبدالعزيز: الشباب هم القوة الدافعة للتصنيع والتصدير    جامعة الدلتا التكنولوجية تتألق في النسخة الرابعة من واحة كونكت بمدينة السادات    قرار قضائي ضد مساعدة هالة صدقي في اتهامات بالتهديد والابتزاز    جوائز ب13 مليون جنيه ومشاركة 72 دولة.. تفاصيل اليوم الأول لمسابقة القرآن الكريم| صور    «أسرتي قوتي».. قافلة طبية شاملة بالمجان لخدمة ذوي الإعاقة بالمنوفية    أسلوب حياة    سرق أسلاك كهرباء المقابر.. السجن 3 سنوات لشاب بقنا    انتهاء فرز الأصوات ب عمومية المحامين لزيادة المعاشات    تقرير عن ندوة اللجنة الأسقفية للعدالة والسلام حول وثيقة نوسترا إيتاتي    الإصلاح مستمر في ماراثون الانتخابات.. وحماية الإرادة الشعبية "أولاً"    بايرن ميونخ يكتسح شتوتجارت بخماسية.. وجولة مثيرة في الدوري الألماني    جيش الاحتلال الإسرائيلي يصيب فلسطينيين اثنين بالرصاص شمال القدس    أصالة تحسم الجدل حول انفصالها عن زوجها فائق حسن    سكرتير عام الجيزة يتابع جهود رفع الإشغالات وكفاءة النظاقة من داخل مركز السيطرة    محافظ الأقصر والسفيرة الأمريكية يفتتحان «الركن الأمريكي» بمكتبة مصر العامة    بيطري الشرقية: استدعاء لجنة من إدارة المحميات الطبيعية بأسوان لاستخراج تماسيح قرية الزوامل    اسكواش – تأهل عسل ويوسف ونور لنهائي بطولة هونج كونج المفتوحة    الإعدام لمتهم والمؤبد ل2 آخرين بقضية جبهة النصرة الثانية    ضبط عاطل اعتدى على شقيقته بالمرج    نظام «ACI».. آلية متطورة تُسهل التجارة ولا تُطبق على الطرود البريدية أقل من 50 كجم    عمرو عابد يكشف سر عدم تعاونه مع أبطال «أوقات فراغ»    الاتصالات: 22 وحدة تقدم خدمات التشخيص عن بُعد بمستشفى الصدر في المنصورة    الدوري الإنجليزي.. موقف مرموش من تشكيل السيتي أمام سندرلاند    لماذا يزداد جفاف العين في الشتاء؟ ونصائح للتعامل معه    مفتي الجمهورية: التفاف الأُسر حول «دولة التلاوة» يؤكد عدم انعزال القرآن عن حياة المصريين    احذر.. الإفراط في فيتامين C قد يصيبك بحصى الكلى    خمسة قتلى بينهم جندي في اشتباك حدودي جديد بين أفغانستان وباكستان    الشرع: إسرائيل قابلت سوريا بعنف شديد وشنت عليها أكثر من ألف غارة ونفذت 400 توغل في أراضيها    فيلم السلم والثعبان.. لعب عيال يحصد 65 مليون جنيه خلال 24 يوم عرض    وزير الصحة يشهد انطلاق المسابقة العالمية للقرآن الكريم في نسختها ال32    مواقيت الصلاه اليوم السبت 6ديسمبر 2025 فى المنيا..... اعرف صلاتك بدقه    تحليل فيروسات B وC وHIV لمتعاطي المخدرات بالحقن ضمن خدمات علاج الإدمان المجانية في السويس    السيسي يوجه بمحاسبة عاجلة تجاه أي انفلات أخلاقي بالمدارس    حارس بتروجت: تتويج بيراميدز بإفريقيا "مفاجأة كبيرة".. ودوري الموسم الحالي "الأقوى" تاريخيا    اندلاع حريق ضخم يلتهم محتويات مصنع مراتب بقرية العزيزية في البدرشين    فليك يعلن قائمة برشلونة لمباراة ريال بيتيس في الليجا    اسعار المكرونه اليوم السبت 6ديسمبر 2025 فى أسواق ومحال المنيا    الصحة: توقعات بوصول نسبة كبار السن من السكان ل 10.6% بحلول 2050    لاعب بلجيكا السابق: صلاح يتقدم في السن.. وحصلنا على أسهل القرعات    مصر والإمارات على موعد مع الإثارة في كأس العرب 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الماكرونية الفرنسية
نشر في صوت الأمة يوم 13 - 05 - 2017


(1)
ليس غريبًا أن يحتلّ الخبز الفرنسي الصدارة العالمية، فهو مُنتج من القمح الفرنسي المُتسنّم أقماح العالم، فهو خير من خير.
يتصدر القمح الفرنسي ريادة أقماح العالم وذلك لعوامل ثلاثة: كون بذوره من النوع عالي الجودة، غزير الإنتاج، وكون التربة الفرنسية من الخصوبة بمكان، ما يجعلها الحاضنة الأمينة على البذور عالية الجودة، ثم يأتي العامل الثالث المتمثّل في المناخ المناسب المواتي لاستنبات القمح، إذا غاب أحد تلك العناصر، فقدَ القمح الفرنسي مزيّته وريادته العالمية. فلن يأتي استنبات بذور القمح الفرنسي بالإنتاج المرجو في تربة غير خصبة، أو في مناخٍ غير ملائم، فجودة البذور وخصوبة التربة ومناسبة المناخ هي سر سحر القمح الفرنسي. فإذا ما أردنا أن نزرع قمحًا فعلينا أولًا حُسن اختيار البذور، واستنباتها في تربة خصبة مُعدّة لذلك، وثالثًا مناسبة التوقيت، فعلينا اختيار بداية الشتاء لزرعها وليس بداية الصيف، إذا ما فعلنا ذلك لحصلنا على محصول وافر من القمح الممتاز.
(2)
يظن البعض أنّ الستار قد أُسدِل على الانتخابات الفرنسية الاستثنائية، فريديّة النوع، انتخابات التمرد واللاتوقع، لكن ذلك القول قد جانبه الصواب، وحاد عن جادّة الحقيقة، ذلك أن التجربة الماكرونية سوف تتطور- إن لم يكن قد حدث ذلك بالفعل - إلى ظاهرة، ستجتاح أوروبا ولربما الولايات المتحدة الأمريكية ولربما العالم بأسره يومًا ما. يوم الأحد المقبل سوف يتسلم الرئيس الشاب، المارد المتمرد مهام منصبه رسميًّا، كأصغر رئيس لفرنسا منذ نابليون بونابارت، بعد أن استقال من رئاسة حركته الوليدة، ذلك أن الدستور الفرنسي يجبر الرئيس على الاستقالة من منصبه الحزبي ليكون رئيسًا لكل الفرنسيين. لكن التساؤل الحالّ والمُلح هو كيف يمكننا تفسير تلك الظاهرة وكيفيّة الاستفادة منها؟
(3)
ثمّة عوامل ثلاثة مكّنت ماكرون من التربّع على العرش النابليوني، وقطْن قصر الإليزيه، وتغيير قواعد اللعبة، وجبر جميع الساسة بالطواف به، وأن يخطبوا ودّه، يحمل كل عامل من تلك العوامل عناصر نجاح داخلية، أي أن منظومة النجاح هنا مركبة، فهي اختيار من اختيار، منها ما هو منتسب إليه، ومنها ما هو معزو لفرنسا كدولة، ومنها أخيرًا ما هو منتمي للمجتمع المدني الفرنسي. العامل الأولهو الخصائص التي تفردّ بها ماكرون(البذور عالية الجودة)، بينما يتمثّل العامل الثاني في تلك البيئة السياسية والحياة الديمقراطية التي ينْعم بها الشعب الفرنسي، بما تفرضه تلك البيئة من قبول نتائج اللعبة الديمقراطية أيّا ما كانت، بما فيها وصول شاب ذو طموح غير مسقوف إلى قمة السلطة(التربة الخصبة)، بينما يتمثّل العامل الثالث في طبيعة الشعب الفرنسي، من اعتداله ووسطيته، وبغضه للتشدد والتعصب،وهذا الحب منقطع النظير من الفرنسيين لبلدهم، بما فيه حتمية النزول على إرادة الشعب، وحياديّة أجهزة ومؤسسات الدولة، حتى أنك لا تسمع كلمة تزوير، لا من مؤيّد ولا من معارض (المناخ المواتي الملائم).
أيضًا يُعزى تفسير الظاهرة الماكرونية إلى وعي الشباب الفرنسي وحضوره في المشهد السياسي، وصموده أمام صعود اليمين المتطرف وعلو صوته، وأيضًا خشية تكرار ما حدث في إنجلترا، حينما غاب الشباب عن الاستفتاء فخرجت إنجلترا من الاتحاد الأوروبي، أو استنساخ التجربة الأمريكية، حينما تقاعس الشباب عن التصويت، فتقلّد ترامب السلطة في غفوة منهم. فالشباب الفرنسي قد وعوا الدرس جيدًا، وأغلقوا منافذ العبث بمستقبله، وأوصدوا الطريق على من يريد مساسًا بمكتسباتهم، وعبثًا بمقدراتهم، ناهيكم عن انتماء ماكرون لشريحتهم العُمرية.
خصوبة التربة الفرنسية واعتدال مناخها، نحى بالفرنسيين منحى الاعتدال ونبذ التطرّف، أيضًا وكما ذكرنا سابقًا من أنّ الأنانية السياسية هي من قضت على طموحات الحزبين الكبيرين التقليديين في الوصول إلى السلطة.
(4)
كان لزيارة ماكرون للجزائر في شهر فبراير الماضي، وللخطاب التصالحي المسؤول، جلّ الأثر في حصول مرشحة اليمين المتطرف مارين لوپن على 11 مليون صوت في الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية، ذلك أن توقيت الزيارة، ومفردات الخطاب، قد اختيروا بعناية فائقة، ولا يخفى على أحد باعثيتهم، مما أثار حفيظة البعض، وألقى بهم في أحضان التطرف، على الرغم من كل ذلك، فقد تعامل ماكرون كرجل دولة، وأقبر وإلى الأبد تاريخ الاستعمار الفرنسي، بأن اعترف بمسؤولية بلاده عن الحرب وتوابعها، إِلَّا أنه دعا لتخطي تلك المرحلة، وطيّ صفحتها من أجل مصلحة البلدين، سيّما وأن جيله لم يعش آذار تلك الحرب، وتطلع للعمل المشترك سَوِيًّا. كان لتلك الزيارة فضل في حشد الناخب ذو الأصول العربية والأفريقية في صفه، وأيضًا هناك من صوّت له فقط من أجل الحفاظ على مبادئ الجمهورية الفرنسية.
(5)
استطرادًا لما سلف بيانه، واستكمالًا لدراسة الظاهرة الماكرونية، كيف يتسنّى لنا نحن العرب والمصريين بالأخصّ الاستفادة من تلك الظاهرة؟ إذا ما سلّمنا بأن جمعيّة العوامل الثلاثة هي سر نجاح الظاهرة الماكرونية، فيجب علينا استصلاح الأرض البور، الجافّة سياسيًّا، وإعدادها وتهيئتها لاستنبات المواهب السياسية، واحتضان الكوادر الشبابية، وتلك مسؤولية مجتمعيّة، مسؤولية دولة ومواطن ومجتمع مدني في آنٍ واحد. فهي بداءةً مسؤولية دولة تتطلّع لدور ريادي، تشْخص أبصارها لتسنّم المنطقة، بإيمانها بأن السبيل الوحيد للرفعة والتطور هو الديمقراطية، وإحقاق الحقوق، وفرض العدل والقانون، كما أنها ثانيًا مسؤولية مواطن حر أبيّ، رغم قصر ذات اليد وفقرها، فإنه لا يُساوم على حقوقه، ولا يُفاوض على حريته، ولا يُنازع في مكتسباته.

وبما أنّ المواطن هو العامل المشترك والعنصر الفاعل في تلك الثلاثية فهنا تتعاظم مسؤوليته، وتتضاعف مجهوداته، تجاه نفسه ووطنه.لا نريد لطائر الحرية أن يبقى حبيس قفص الصوالح الشخصية والشللية والحسابات الآثمة، والنظرة الضيقة، والعين التي لا ترى غير أقدام الجسد، نريده طليقًا من كل قيد، مغردًا في كل حدب، محلقًا في كل صوب، لا نريده البتة مهيض الجناح، كليم الفؤاد، نريد تحررًا مسؤولًا نحو بناء دولة مدنية عصرية، يكون فيها المواطن هو السيّد والحاكم هو الخادم.
خصوبة التربة (البيئة السياسية الصحيّة)، والمناخ المناسب (الوعي المجتمعي وحضوره، حياديّة أجهزة الدولة ووطنيتها) والبذور عالية الجودة (العنصر البشري وإعداده)، هذا هو الدرس المستفاد من الظاهرة الماكرونية، لمن يع!
(6)
تشهد العلاقات الاقتصادية المصرية الفرنسية رواجًا غير مسبوق، خاصة على المستوى العسكري، ومن خلال حضوري المؤتمر الدولي لتنمية العلاقات المصرية الفرنسية في الأول من ديسمبر 2015، لمست من ماكرون - وزير الاقتصاد وقتئذ- توجهًا ورغبةً نحو تنمية تلك العلاقات، باعتباره اقتصادي التكوين والتخصص، ليس فحسب على مستوى التعاون العسكري ولكن على كافة المستويات. وشاهدت رجال أعمال مصريين كبار يمْرقون بأعينهم نحو السوق الفرنسي، ولعل أبرزهم سميح ساويرس، ونفس الشئ من الجانب الفرنسي، سيّما شركة توتال. إذن فالفرصة سانحة للاستثمار بين الجانبين، لكن ثمّة نقاط وجب أخذها في الاعتبار، تلك النقاط ستكون موضع مقال قادم...
يُتبع...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.