حب الوطن فرض علينا.. نفديه بروحنا وبعينينا.. فالإنسان بلا وطن كائن مبتور لا جذور له ولا أصل ولا قرار له ولا مكان والإنسان بلا ذاكرة كائن بلا حاضر ولا مستقبل لا يعرف طعم الحياة ولا لذة الألم المقبول وارتباطه بالأرض التي نما وكبر وترعرع عليها وكانت شاهدا علي ذكرياته وحراك الطفولة بين حواريها وشوارعها ومناخها ومشاكلها.. كل هذه الأمور تشكل وجدان الإنسان وتجعل حبه للوطن غريزة لا تقبل المساومة كحب الابن لأمه تماما.. وهذا هو الأصل.. أصل الحب وغيره استثناء.. هناك مقولة تقول إن «الفقر في الوطن غربة والمال في الغربة وطن» وهذا ما يجعل الناس تهجر أوطانها مرغمة سعيا وراء الرزق وهي علي مضض وهذا يدعونا جميعا أن نقف عند بعض الحقائق التي لابد من الالتفات إليها ونحن نعالج أهم القضايا والمشكلات الوطنية الكبري التي تتأسس وتنطلق الحلول لها من قاعدة الولاء والانتماء للوطن وهذا ما يفتقده بعض المصريين «الانتماء» لا يفرض ولا يشتري وكل ما كان علي هذا النحو فهو انتماء شكلي زائف «كانتماء التيارات الإسلامية» مثلا فانتماؤها الحقيقي يكون للخلافة الإسلامية وليس للوطن وهذا يخلو من رائحة الوطنية الأصيلة.. فالانتماء للوطن يولد مع الإنسان ثم يكبر ويترعرع مع مشاعره ويدخل كل خلية من خلايا هيكله المادي والمعنوي ويتغلغل في مكونات احساسه وتفكيره اللا إرادي لكن بتفاوت بين شخص وآخر في عمق الاحساس وهذا شيء طبيعي ضمن المعقول الذي يشترك فيه العامة ولا يشذ عنه إلا القلة التي تشوه لديها البناء وتشوهت لديها الذاكرة فتعطلت منافذ الفطرة وكوامن الاحساس الطبيعي لديها.. فالانتماء غريزة فطرية إنسانية عميقة تولد من رحم الآمان والعدل وتثبت جذور المساواة وصيانة الفضيلة وحماية حقوق المواطن وتوفير حياة كريمة وفرص عمل والتصدي للظلم والظالمين ومحاربة أشكال التمييز العنصري والطائفي والمذهبي والقضاء علي جراثيم النفاق والتزلف لمدح المسئولين والبحث عن الأصالة في اختيار من يديرون البلد والاحتكام إلي الضمير والاصغاء الدائم لصوت الحق. فالعودة إلي ميدان التحرير بهذه الكثافة وإحياء الثورة من جديد هو انتماء لهذا الوطن الممزق الحائر بين طغيان الحكام وصراع السلطة.. جميل أن نعود للميدان وندين من يجب أن يدان ونُزيل الغُمة السوداء عن أعين الفرسان الذين انهكهم الظلم والقهر والطغيان.. ثورة من جديد بقلب من حديد وعن حقنا أبدا أبدا لن نحيد.. ولننسي أو نتناسي الخصومات ونتحد جميعا أمام من يعادينا ويسحق أمانينا ويبدد الأمل في إشراقة فجر جديد في عيون أبنائنا ويحبطنا ويدمينا. باطل.. باطل.. كل ما قاله القاضي.. باطل.. كانت أمي رحمة الله عليها تحكي لي قصة وأنا صغيرة عن قاض غير عادل فتقول لي: «يا قاضي يا قاضي.. ياللي كلامك كله فاضي.. بتنصر الظالم وعوزني أكون راضي» وهذا هو حال قاضينا الآن.. لم يفاجئني الحكم شخصيا فالمسلسل الدرامي المحبك الإخراج والتمثيل والإنتاج وحتي الكومبرس والإعلانات التي تتخل المسلسل لتثير الملل كل هذا كان يوحي ويجعلنا نستشف النهاية ومنذ الحلقة الأولي.. فالمشهد الأخير لهذه الدراما الهزلية العبثية هو النهاية الحتمية لحلقات المسلسل ومن لا يري من خرم الغربال فهو أعمي البصر والبصيرة.. نحن مازلنا يا سادة يا كرام تحت حكم وسيطرة النظام السابق بكل تفاصيله ولم نحقق من أهداف الثورة إلا تغيير أماكن الحكام فحتي لعبة الانتخابات مدروسة ومبرمجة بخطة جهنمية لننحصر بين السييء والأسوء.. بين المر والأمر يعني فيه مثل أردني بيقول «يا بطخة.. يا بكسر مخه» فالسيد شفيق والسيد مرسي ما هما إلا وجهان لعملة واحدة لإعادة النظام المستبد بشكل أو آخر.. فالشيطان يعجز أمام من خططوا وفصلوا ولبسوا في التفكير والتدبير والتكتيك والتوقيت والتهليس والتدليس ورغم كل هذا مازلت علي يقين دائم بأن مصر من ربها محمية وبرحمته وقدرته مرعية وأقول بأعلي صوتي أنا أنحاز للثوار الشرفاء وأغالي في الدفاع والتحدي ولا يهمني من كان من الناس معي أو من كان ضدي قسما لأريح الورق وعلي ظهور الظالمين أسجل قهري وحقدي. [email protected]