أحدى تعريفات عصر العولمة أنه " عصر موت التاريخ " ، لم أفهم هذا المعنى عندما درسته فى الإعلام السياسى بكلية الإعلام ، إلا عندما غزت أمريكاالعراق فى عام 2003 ، و دخلت فى نقاش مع أحد علماء الأجتماع مصرى مهاجر من الخمسينات إلى أمريكا و قلت له :" هل من الإنسانية أو الحضارة غزو بلد صاحب تاريخ مثل العراق و قتل أهله بشكل عشوائى لأسباب واهية غير مقنعة "؟ ، فرد قائلاً : لا أخفيكى سراً أن الأمريكان خططوا لغزو العالم كله و قد بدأوا بأضعف جزء فيه و هو المنطقة العربية، لذا مهدوا لهذا منذ زمن فهم بالفعل يحاربون أكتفاء مصر الذاتى من القمح و غير ذلك من الاجراءات لإضعاف اى دولة تمتلك جيشاً فى المنطقة . و بعد توالى الأحداث تأكدت من أنه بالفعل مخطط للسيطرة على المنطقة العربية و نهب خيراتها و إبادة شعوبها ، و مع تحالف دول اوربا مع أمريكا فى غزو العراق و ضرب ليبيا ، بدأت اقلب فى الدوافع و الأسباب التى تحرك التاريخ فى عصرنا ،و هى دوافع ترتبط بأقتصاد الدول الاستعمارية الكبرى ، فكلما مرت الدول الأستعمارية بازمات اقتصادية ، أتجهت إلى الشرق لنهب خيراته و حل مشاكلها الأقتصادية على حساب الشعوب المغلوبة على أمرها و افتعال المشكلات داخل دول المنطقة و سحق المقاومة ، حدث هذا مع حروب الصليبين ، حينما وحدت دول اوربا جيوشها لغزو الشرق لحل مشاكلها الاقتصادية ، بعد ذلك حدث تناحر بين الدول الاستعمارية نفسها فقامت فرنسا بالحملة الفرنسية على مصر لقطع طريق التجارة على انجلترا و عرقلت وصولها لمستعمراتها فى الهند و حدث مرة اخرى فى الحرب العالمية الأولى و الثانية ،و كله حروب لأسباب أقتصادية متخفية فى دعايات دينية أو قومية ، ثم أدركت الدول الأستعمارية أن وجودها جميعاً مرتبط باتحادها و تضافر جهودها لا تناحرها و أن تتعاون جميعها فى إيجاد حلول لمشاكلها الأقتصادية على حساب البلاد الضعيفة الأخرى و أولها أفريقيا و العالم العربى . أبتكر الأستعمار كذلك أساليب اكثر فاعلية لهدم دولنا بدعم فكر الإرهاب و تمويله حتى يكون الهدم من الداخل أسرع و اوفر و بايادى داخلية ، فكان أختراع تنظيم مثل القاعدة ثم داعش فى العراق و الحوثيين فى اليمن و تنظيمات فى نيجيريا و مالى و غيرها من المناطق ، باستخدام فكر اليمين المتطرف المقترن دائما بالأستعمار . فهل بالفعل أدت هذه الخطط الشيطانية لدول الأستعمار الغرض منها بحل مشاكله الأقتصادية ؟ ، بالقطع نجحت و ها هو سعر النفط ينخفض فيوسع على مواطنى هذه الدول و نجد شعبية الرئيس الامريكى اوباما ترتفع نتيجة لهذا و تتقلص الاحتجاجات التى كانت قد اجتاحت اوربا منذ سنوات قليلة نتيجة لإجراءات التقشف فيها . فهل هو نوع اخر من التاريخ يُصاغ حاليا بإبادة الشعوب و هدم الدول و نهب خيراتها بأساليب مبتكرة فاقت أساليب الأستعمار قديماً ؟ هل هو بالفعل " عصر موت التاريخ " ؟؟ ، و إبادة لملامح الحضارة فى دول كانت مهداً للحضارات مثل العراق و اليمن و مصر ؟. و هل سنقف مكتوفى الأيدى أمام مخطط إلغاء وجودنا و نكتفى بالتناحر فيما بيننا ، فى حين أن دول الاستعمار أتحدوا من أجل إبادتنا لحل مشاكلها ؟ سؤال يحتاج لإيجابة ، و لن يجد إيجابة إلى برجوع حركة وطنية قوية و طليعة تقود الجماهير إلى مواجهة مخطط الأستعمار الغربى الأمريكى الصهيونى بكافة أشكاله و اساليبه و منها تفتيت الانتماءات و التحزب و دعم اليمين المتطرف و الإرهاب و محاربة مشاريع التنمية و الاقتصاد المنتج او فكر التحرر الوطنى فى بلدنا و تحويلنا إلى مجرد "مجموعات سكانية تحيا فوق مساحة من الأرض " و موت " التاريخ .