أثار الدور العماني في منطقة الشرق الأسط العديد من التساؤلات حول الدولة العضو في مجلس التعاون الخليجي، والتي تغرد دائمًا بعيدًا عن سياساته، دون وقوع في أية اضطرابات في العلاقات العُمانية الخليجية؛ فقبل دورها لإستضافة محادثات جماعة الحوثيين، المدعومة من إيران، برز الدور العماني بشكل كبير، قبل عدة أعوام، خلال الاتفاق النووي الإيراني، والذي وصف ب "التاريخي" بين دول (5+1) الكبرى، وطهران، فكلا الطرفين يدينان لعمان بالفضل في التوصل لهذا الاتفاق، حيث استضافت في العام 2009 اجتماعات سرية بين الأمريكيين والإيرانيين، وصفت بأنها نواة الاتفاق. وفي الجزائر، كان هناك وساطة عمانية من نوع آخر، حيث تدخلت مسقط، العام الماضي، لحل الأزمة الطائفية التي نشبت في بلدة غرداية بالجزائر بين الطائفة الإباضية، المنتشرة أيضًا في السلطنة، وطائفة الأمازيغ وغيرهما، حيث تعهدت مسقط بحل الأزمة وتحمل التكلفة المادية لإصلاح البلدة من نتائج الأعمال التخريبية هناك. دور متوازن في هذا الإطار أكد السياسي والكاتب اليمني، علي البخيتي، على تأييده للدور العماني في الأزمة اليمينة لافتًا إلى أن مسقط أصبحت تمثل صوت العقل، واصفًا ذلك الدور ب "الإيجابي" و"المتمايز" عن كافة الصراعات التي تدور في المنطقة. ووصف الاتهامات التي وجهت لعمان بدعم الحوثيين بالسلاح، ب "السخيفة" مؤكدًا أن "دور عمان كوسيط تاريخي ولا يمكن أن تتورط بمثل هذه الأمور. وأوضح لبوابة "صوت الأمة" أن الموقف الحالي لمسقط ناتج عن تاريخ من الوساطات الناجحة لها؛ ونتيجة لإعتدال مواقفها وعدم تحيزها لأحد؛ وليس متعلق بمسألة الحوثيين في اليمن فقط؛ مؤكدًا أن عمان لم تُقدِم أي دعم لأية مجموعات مسلحة، وتلك الاتهامات جاءت من باب الضغط السياسي عليها فقط وليس أكثر. وتابع "البخيتي" بأن المواقف العمانية "متوازنة" مدللًا على ذلك بموقفها من مصر ومن الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات ومعاهدة كامب ديفيد، الموقف نفسه الذي عادت دول الخليج وتبنته فيما بعد. الخليج يتفهم من جانبه، استبعد المحلل السياسي المختص بالشأن الإيراني، محمد محسن أبوالنور، كافة الأنباء التي تلقي بالاتهامات على عمان بدعم الحوثيين بالسلاح موضحا أنها لاتتفق مع السياسات العمانية والعربية وإنما جاء الدور العماني باستضافة وفود الحوثيين استكمالات لسلسلة من الوساطات بين إيران والغرب، واستنادا على علاقة تمتد جذورها وأسبابها تاريخيا، فضلا عن كونها تتمتع بالقبول لدى كافة أطراف الأزمة اليمنية. وأوضح أبو النور أن دول مجلس التعاون الخليجي "تتفهم" الدور الذي تلعبه عمان في الوقت الحالي، بل يدخرون الجهد العماني بالأساس في عندما تسوء الأزمات بالشكل الذي شهدته اليمن. يذكر أن العاصمة العمانية قد استضافت، قبل أشهر، محادثات للحوثيين دفعًا بهم لمفاوضات الكويت التي عقدت برعاية أممية. كما تم التوصل إلى اتفاق بين الحوثيين والسعودية لوقف إطلاق النار في اليمن خلال زيارة وزير الخارجية الأمريكي لمسقط قبل يومين؛ الاتفاق الذي بدأ بالفعل أمس الخميس 17 نوفمبر، على الرغم من عدم وجود الحكومة الشرعية كطرف به.