حالة من الضبابية السياسية تعيشها مصر الآن بعد ان قرر المجلس العسكري فتح باب الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية بالتوازي مع اعداد الدستور، وهو ما وضع مرشحي الرئاسة أمام حالة غريبة فشلوا معها في معرفة صلاحيات الرئيس القادم في ظل رغبة إخوانية بتقليص صلاحياته بتحويل مصر إلي دولة برلمانية يصبح معها رئيس الجمهورية مجرد رمز لتتحول السلطة الفعلية إلي يد رئيس الحكومة التي ينوي الإخوان تشكيلها بعد حصولهم علي الأغلبية في البرلمان، وهو ما أشعل القوي السياسية التي أعلنت عدم معرفتها بشكل الرئيس القادم وصلاحياته ورفضت الدعوات الإخوانية بتحويل مصر إلي دولة برلمانية فقد أكد الناشط السياسي «جمال أسعد» ان القدر وضع مصر في حالة غريبة وهي أن تتم الانتخابات الرئاسية في نفس الوقت الذي تجري فيه عملية اعداد الدستور الجديد وهو وضع شاذ لم نر مثله في أي دولة في العالم، حيث كان من المفترض ان يتم التركيز علي اعداد الدستور مع اعطاء المساحة الزمنية المناسبة له حتي نستطيع ان نحدد صلاحيات الرئيس القادم لانني كناخب ساذهب إلي صناديق الانتخاب للادلاء بصوتي لصالح مرشح معين دون ان أعرف ما هي صلاحيات الرئيس القادم؟ هل هي نفس صلاحيات الرئيس السابق التي حددها الاعلان الدستوري؟ أم أن هناك صلاحيات جديدة ستتم اضافتها أو حذفها من صلاحياته؟ كما أنني لا أعرف هل الدولة التي ستولد من رحم الدستور هي برلمانية أم رئاسية أم مختلطة؟ وهو ما يعني أننا نمر بحالة من " العك" السياسي التي لا مثيل لها. ..وعلق أسعد علي سيناريو الإخوان للسيطرة علي السلطة التنفيذية في مصر بجانب سيطرتهم علي السلطة التشريعية بتحويل مصر إلي دولة برلمانية... ان الإخوان ليس من حقهم تشكيل الحكومة في ظل الاعلان الدستوري الحالي الذي يعطي المشير طنطاوي هذا الحق، مما يعني ان ما يفعله الإخوان يأتي في اطار الدعاية السياسية إلا أن الوضع يكشف عن خطط شيطانية لجماعة الإخوان وانها تريد التلاعب في الدستور وبنوده لتحويل مصر إلي دولة برلمانية وبالتالي يكون رئيس الحكومة هو المتحكم الفعلي في مقدرات مصر ويصبح الرئيس مجرد «ديكور» مع اقرار وضع خاص للجيش وهو ما يفسر اصرار الإخوان علي تشكيل الحكومة، مما يعني أيضاً ان الإخوان سيسعون للسيطرة علي لجنة اعادة صياغة الدستور إلا أن سيطرتهم ستؤدي إلي حالة من الفوضي العارمة . وقالت المستشارة تهاني الجبالي نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا: نمر بحالة غريبة من الارتباك السياسي لا مبرر لها سوي اطماع فصيل سياسي استطاع السيطرة علي البرلمان في تلك المرحلة الانتفالية، وأشعر ان الإخوان المسلمين يسعون لإحداث هذا الارتباك لمصلحتهم السياسية، مما يعني ان مصر تتعرض لنوع من الابتزاز السياسي من جانب هذا الفصيل الذي شعر بأنه سيطر علي السلطة التشريعية ويسعي للسيطرة علي التنفيذية في ظل رغبة دفينة لتحويل مصر إلي دولة برلمانية. مشيرة إلي ان الظاهر أمامنا ان كل هذا الارتباك سببه الإخوان المسلمين الذين يمارسون نوعاً من الابتزاز السياسي ولا يحترمون بقية الفصائل السياسية. لافتة إلي ان سيناريو الإخوان هذا مع اقرار وضع خاص للمجلس العسكري سيكون مقدمة لثورة جديدة ضد الإخوان، ولن يستطيعوا الوقوف في وجه الشعب المصري حتي لو كانوا يعولون علي المجلس العسكري وهو ما يعني ان الفترة القادمة ستشهد مواجهات قوية مع الإخوان الذين فضلوا مصلحتهم الخاصة علي المصلحة العليا لمصر . وأكد النائب محمد أبوحامد: ان الرئيس القادم سيأتي في اطار صفقة تمت بالفعل بين المجلس العسكري والإخوان المسلمين، كما تم الاتفاق علي صلاحيات الرئيس القادم وعلي وضع المجلس العسكري، بل وعلي وضع المشير طنطاوي نفسه خوفا من الملاحقات القضائية وعلي شكل الدولة القادم بحيث يرضي الإخوان والعسكر في نفس الوقت تم الاتفاق علي شكل الرئيس القادم وعلي الحقائب الوزارية التي سيسيطر عليها الإخوان مما يعني ان العسكر والإخوان قسموا مصر بالفعل بينهما ولا يبقي سوي الاعلان الرسمي عن هذه التفاصيل في شكل قانوني يتم الاعداد له الآن. وشدد جورج اسحاق عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان علي أن قضيتنا الآن هي احباط مخطط الإخوان للسيطرة علي مصر، حيث نسعي لدي المجلس العسكري لتشكيل لجنة المائة التي ستعد الدستور القادم لمصر وأنا شخصياً أرفض فكرة تشكيله عن طريق الأغلبية البرلمانية لأن الإخوان أصحاب هوي ولا يعملون من أجل مصر بل لتنفيذ أهدافهم الخاصة، كما أن الاغلبية ربما تكون في يوم من الأيام أقلية وبالتالي نحن لا نريد دستورا إخوانيا بل مصرياً خالصاً . وأضاف أن مصر في أزمة حقيقية في ظل خطط إخوانية بتحويلها إلي دولة برلمانية مع السيطرة علي البرلمان وتشكيل الحكومة بدعوي أنهم أغلبية ثم اقرار وضع خاص للمجلس العسكري والمشير طنطاوي وهو ما سنقاومه بكل ما لدينا من قوة ولن يفلح الإخوان في مخططهم واقول لهم "محدش يقدر يفرض إرادته علي الشعب المصري ومش هيكون فيه وضع خاص لحد كان غيركم اشطر ". وقالت بثينة كامل المرشحة المحتملة لرئاسة الجمهورية إن المجلس العسكري وضعنا في سيناريو بائس تم رسمه بحرفية عالية وانجرفت وراءه بعض القوي السياسية في اطار الصفقة مع العسكر، بينما انجرفت قوي اخري غير مدركة للفخ الذي نصبه المجلس العسكري لنا، حيث كان من المفترض وضع الدستور أولاً وهو النظام المعمول به في أي دولة محترمة حتي يعرف مرشح الرئاسة ما صلاحياته واختصاصاته التي يكفلها الدستور الا اننا نتعرض لحالة من الضبابية تجعلني كمرشحة رئاسة لا أعرف ما صلاحيات الرئيس وهو ما يضع أمامنا سيناريو أن الرئيس القادم ربما تم اقراره بين العسكر والإخوان وإلا ما السبب في تعمد العسكر ارباكنا بهذا الشكل؟ . وأشارت إلي أن سيناريو الإخوان يساوي استمرار الثورة بكل أشكالها لأننا لن نسمح بتنفيذ هذا السيناريو المريب وسنضغط علي البرلمان بكل قوة لافشاله فلا يمكن أن تدار بمثل هذه الصفقات القذرة. واشار الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية إلي أن المجلس العسكري وضعنا في مأزق غريب وصارت الفترة المتبقية لصياغة الدستور قليلة للغاية، وهو ما يفرض علي القوي السياسية أن تكون متوافقة خاصة بعد فتح باب الترشح لرئاسة الجمهورية في شكل غريب من أشكال الفوضي السياسية كما ان الأزمة هي أن الإخوان يستطيعون تحويل مصرإلي دولة برلمانية بما يملكون من أغلبية وهي رغبة إخوانية لأنهم يعلمون ان تشكيل الحكومة صار حقا لهم وبالتالي سيسعون لإقراره وهو ما سيمنح الإخوان السيطرة علي السلطة التنفيذية بجانب سيطرتهم علي السلطة التشريعية وبالتالي فإن تحويل مصر إلي دولة برلمانية سيكون الهدف الأول للإخوان . اما يحي الجمل نائب رئيس الوزراء الاسبق فقد اكد باننا امام اشكالية وهي ان مصر تسير بالعكس حيث كان من المفترض ان نقوم بعمل الدستور اولا قبل البدء في فتح باب الترشيح لانتخابات رئيس الجمهورية لانني لا اعرف علي اي اساس سيتم اختيار الرئيس القادم وما هي صلاحياته وهل سنحصل علي رئيس " بالبركة " دون ان نعرف او يعرف هو ما هي صلاحياته واختصاصاته