لن يتخلى الإخوان عن التشكيل الذى اختاروه للجنة التأسيسية لصياغة الدستور ... ولن تفلح الانسحابات المتتالية فى إسقاطها ... وأغلب الظن أن الإخوان يهدفون الى أبعد من مجرد صياغة دستور على مقاسهم وليس على مقاس مصر بأطيافها ... فالإخوان اطمأنوا إلى سيطرتهم على البرلمان بغرفتيه ... وقبلها اطمأنوا الى سيطرتهم على معظم النقابات المهنية أو على الأقل معظمها وأفلت القليل منها ... ويبقى للإخوان البحث عن المقعد الأعلى وهو كرسى الرئاسة ... والتمسك بتشكيل اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور هو احتفاظ بورقة ضغط لتمرير مرشحهم الرئاسى - أو على الأقل للمقايضة بها - ... ولن يحل الإخوان قضية اللجنة التأسيسية إلا بصفقة تضمن لهم التنافس على المقعد الأعلى فى مصر ... وأعتقد أن الإخوان - بفكرهم السياسى وليس الدينى - يحتفظون بسيناريو لحل أزمة التأسيسة يقولون به إنهم يستجيبون لرغبات الأمة والفصائل السياسية الأخرى ... وهذا السيناريو يحتاج الى نفس طويل ... بحيث إذا تم استبعاد _ أو إسقاط _ مرشحهم الرئاسى تظل ورقة الدستور فى أيديهم ... وتتم صياغته وفقا لرغبتهم وبالطريقة التى تكرس سيطرتهم ... فلو كان الرئيس من خارج معسكرهم فسيتم تقليص صلاحياته الى الحد الأدنى ... وإن كان من بينهم فسيمنحونه بالدستور كل الصلاحيات الممكنة وغير الممكنة ... لكن تبقى النظرية واحدة وهى السيطرة ... ويبقى الهدف واحداً وهو التهام الدولة بكافة مؤسساتها وسلطاتها. وأخطر ما فى هذا السيناريو أنه لا يضع للداخل توقعات ... ولا يحسب ردود أفعال الداخل سواء من القوى السياسية ... أو من الشارع ... أما الخارج فقد وضع له الإخوان حسابه ... فطار وفد منهم إلى واشنطن لطمأنة قادتها على مستقبل أمريكا وإسرائيل والعلاقات معهما فى حال نجاح الشاطر... ومعنى هذه الزيارة المفاجئة لا يخرج عن أمرين ... أولهما أن ترشيح الشاطر تم بالمخالفة لاتفاق مسبق على عدم التهام الدولة المصرية ... وتلك إن صحت مصيبة ... أو أن الإخوان رأوا أن عملية ترشيح الشاطر فى حاجة لمساندة واشنطن أكثر من حاجتها لمساندة الشعب وتلك مصيبة أكبر ... لأن الرئيس القادم لمصر لن تختاره أمريكا ولا أوروبا ... ولأن الرئيس القادم عليه أن يسعى الى الحصول على رضا المصريين قبل البحث عن رضا الأمريكان ... وحتى على أحسن الفروض لو أن وفد الإخوان الى واشنطن ذهب ليشرح لقوة عظمى أسباب التراجع عن الوعد بعدم الترشح للرئاسة فتلك أيضا مصيبة كبرى ... فالأولى بتلقى مثل هذا الشرح هو المواطن المصرى ... ولو كانت أمريكا تملك حجما من التأثير على الرأى العام المصرى ... فإننا نتطلع للتخلص من هذا التأثير لا إلى تكريسه وفى الانتخابات الرئاسية. ظنى أن الإخوان أخطأوا فى قرار التراجع وأضروا بمصداقيتهم ... وظنى أنهم أخطأوا فى الذهاب الى واشنطن بحثا عن تأييد مرشحهم ... وظنى أيضا أن تخليهم عن وعودهم التى قطعوها طواعية دون أن يطلبها منهم أحد يهبط بشعبيتهم ... ولا يبرر ذلك التغيرات التى حدثت على الأرض كما يدعون... وقد سألنى أحد الشباب هل ما يحدث اليوم يفسر سياسات الأنظمة المصرية السابقة رغم اختلافها تجاه الإخوان؟ وعجزت عن الإجابة. Email: