صادرات مصر من الغزل والمنسوجات ترتفع إلى 875 مليون دولار حتى الربع الثالث من 2025    سان جيرمان يراقب وضع فينيسيوس بعد تجميد تجديد عقده مع ريال مدريد    حالة الطقس في الكويت.. أجواء حارة ورياح شمالية غربية    المسلماني: المالية استكملت ملف المعاشات ماسبيرو وأرسلته إلى رئاسة الوزراء    الذاكرة والعودة في قلب فيلم "بايسانوس" بمسابقة مهرجان القاهرة للأفلام القصيرة    ب4 آلاف جنيه.. فيلم درويش يتذيل قائمة المنافسة على شباك التذاكر    عالم ياباني يحتفي بدعوة حضور حفل افتتاح المتحف المصري الكبير: يا له من شرف عظيم    رئيس البورصة المصرية: تطوير التعاون مع الجهات الرقابية والتنظيمية محليًا ودوليًا    شوبير يكشف حقيقة استقالة حسين لبيب من رئاسة نادي الزمالك    «قوة اقتصادية للأهلي».. رسالة عبد الحفيظ للخطيب وياسين منصور    محافظ الشرقية يتفقد أعمال رصف ورفع كفاءة طريق النكارية القنايات    سيدة تشعل النار في جسدها بالمحلة    ننشر الصور الأولى لسحب تريلا سقطت في ترعة بالدقهلية    المشدد 15سنة لمتهم للاتجار بالمخدرات في السلام    خايفة ومتوترة.. وصول سوزي الأردنية إلى الاقتصادية لمحاكمتها بخدش الحياء    توقف الخدمات البنكية والATM.. البنوك تعلن تحديثات طارئة وتكشف الموعد والسبب    محافظ الدقهلية يتابع محاكاة سيناريوهات التعامل مع مياه الأمطار بالمنصورة    ترامب يعلن التوصل إلى اتفاق تجاري مع كوريا الجنوبية    تقرير: تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين الأوكرانيين يثير ردود فعل سلبية فى برلين ووارسو    فلسطين حاضرة في الدورة 26 من مهرجان روتردام للفيلم العربي مع "سيدة الأرض"    بينها «طبق الإخلاص» و«حلوى صانع السلام» مزينة بالذهب.. ماذا تناول ترامب في كوريا الجنوبية؟    جيش الاحتلال الإسرائيلي يزعم اغتيال مسئول بحزب الله في لبنان    النقل تعلن مواعيد تشغيل المترو والقطار الكهربائي الخفيف بعد تطبيق التوقيت الشتوي 2025    ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين إلى 256 بعد استشهاد صحفي في غارة إسرائيلية    "أتوبيس الفن الجميل" يصطحب الأطفال في جولة تثقيفية داخل متحف جاير أندرسون    هل فلوس الزوجة ملكها وحدها؟ دار الإفتاء تحسم الجدل حول الذمة المالية بين الزوجين    وزير الخارجية المصري يبحث مع نظيره السوداني الأوضاع في الفاشر    أسقفا الكنيسة الأنجليكانية يزوران قبرص لتعزيز التعاون الإنساني والحوار بين الكنائس    صور | جامعة الوادي الجديد تنظم ملتقى توظيفي لشركات القطاع الخاص والجهات البحثية والحكومية    مصر تشارك في اجتماع لجنة مصايد الأسماك والاستزراع المائي بالاتحاد الإفريقي    كييزا: أشعر بتحسن كبير هذا الموسم.. وأريد البقاء مع ليفربول    كأس العالم للناشئين - مدرب إيطاليا: علينا التأقلم سريعا مع المناخ في قطر    اللجنة الأولمبية تعتمد عقوبات صارمة ضد عمر عصر ومحمود أشرف بعد أحداث بطولة إفريقيا لتنس الطاولة    تحليل: 21% من السيارات الجديدة في العالم كهربائية بالكامل    "ADI Finance" توقع اتفاقية تمويل إسلامي بين البنك الأهلي لدعم أنشطة التأجير والتمويل العقاري    الأونروا: المساعدات لغزة تضاعفت لكنها نقطة في بحر الاحتياجات    وزير الصحة يترأس الاجتماع الثاني للمجلس الوطني للسياحة الصحية    كيف تُعلّمين طفلك التعبير عن مشاعره بالكلمات؟    الأقصر تزين ميادينها وتجهز شاشات عرض لمتابعة افتتاح المتحف المصري    حركة المحليات بالأسماء.. تفاصيل تعيين ونقل 164 قيادة محلية في 11 محافظة    وزير الشئون النيابية: الرئيس السيسي أولى ملف مكافحة الفساد أولوية قصوى    إعصار ميليسا يصل الساحل الجنوبي لشرقى كوبا كعاصفة من الفئة الثالثة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-10-2025 في محافظة الأقصر    الدكتور أحمد نعينع يكتفى بكلمتين للرد على أزمة الخطأين    السيطرة على حريق محدود داخل معرض فى التجمع    إصابة 5 أشخاص في انقلاب سيارة سوزوكي على طريق أسيوط الغربي    نقابة الزراعيين بالدقهلية تختتم دورة "صناع القرار" بالتعاون مع الأكاديمية العسكرية    اسعار اللحوم اليوم الأربعاء 29اكتوبر 2025 بمحلات الجزارة فى المنيا    الأمين العام للإنتوساي تشيد بدور مصر في تعزيز التعاون الدولي ومواجهة الأزمات    الخارجية تشكر الرئيس السيسى على ضم شهدائها للمستفيدين من صندوق تكريم الشهداء    رعم الفوز على النصر.. مدرب اتحاد جدة: الحكم لم يوفق في إدارة اللقاء    طريقة عمل طاجن البطاطا بالمكسرات.. تحلية سريعة في 20 دقيقة    بالدموع والإيمان.. ربى حبشي تعلن عودة مرض السرطان على الهواء مباشرة    استشاري صحة نفسية: الأم المدخنة خلال الحمل تزيد احتمالية إصابة طفلها ب فرط الحركة    ناجي حكما لمباراة الزمالك والبنك في الدوري    د.حماد عبدالله يكتب: ومن الحب ما قتل !!    دعاء الفجر | اللهم اجعل لي نصيبًا من الخير واصرف عني كل شر    في الشغل محبوبين ودمهم خفيف.. 3 أبراج عندهم ذكاء اجتماعي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نيران بروكسيل: أين نحن مما حدث؟
نشر في الشروق الجديد يوم 27 - 03 - 2016

فى توقيت متقارب ضرب الإرهاب سيناء واستنبول وبروكسيل.
كانت الضربات موجعة بحجم ضحاياها وعمق المخاوف التى أثارتها، غير أن نسب التعاطف الدولى اختلفت من حالة إلى أخرى.
لم يكن هناك تعاطف يعتد به مع الضحايا الذين سقطوا فى سيناء من بين ضباط وجنود الشرطة، ولا تنديد بالإرهاب الذى يضرب من حين إلى آخر.
بكل قياس فإن استهداف كمين شرطة بجنوب العريش مجزرة إنسانية، فقد أريقت دماء (13) ضابطا وجنديا وسلبت أسلحتهم ونشرت صور العملية كنوع من التنكيل بالروح المعنوية فى الحرب مع الإرهاب.
أسوأ تفسير ممكن نسبة «عدم التعاطف» إلى «مؤامرة» مُحكمة يتبناها الغرب لإسقاط مصر فى الفوضى.
لا يعقل أن تتواطأ علينا على نحو يشبه الإجماع الحكومات الغربية وأجهزة استخباراتها ووسائل إعلامها والمنظمات الحقوقية الدولية التى تتمركز فيها.
التاريخ يعرف المؤامرات، وسجلاته مليئة بالوثائق التى تؤكد وتثبت، غير أن التفكير التآمرى قضية أخرى تستسهل الإجابات المحفوظة والوصفات المعلبة.
إعفاء أنفسنا من المسئولية يمنع النظر فى المرآة لنرى الصورة على حقيقتها.
عندما تطلب من العالم أن يتعاطف مع قضاياك فلا بد أن يكون خطابك متماسكا ومقنعا.
بعض الكلام الإعلامى يحرض على كراهية الأجانب ويفتقد الحد الأدنى من القيم الإنسانية فى احترام الحق بالحياة.
وبعض الكلام الدبلوماسى يدافع عن سجل حقوق الإنسان كأنها مباراة فى البحث عما لدى الغرب من انتهاكات لتبرير ما يحدث عندنا.
قضية حقوق الإنسان أساسية لكسب التعاطف الإنسانى فى الحرب الضارية مع الإرهاب.
مثل هذه الحروب تستدعى بطبيعتها إجراءات استثنائية، غير أن هناك فارقا بين ما هو ضرورى لمحاصرة الإرهاب وتصفية بؤره وبين ما هو متغول بغير سند قانونى على الحقوق والحريات العامة.
شىء ما جوهرى لا بد أن يتغير.
الاعتراف بأن صورة حقوق الإنسان لا تدعو إلى أى تقدير خطوة أولى والعمل على تحسين ملفه خطوة ثانية.
رغم التراجع الفادح فى سجل الحريات وحقوق الإنسان فى تركيا فإنها تمكنت من عرض قضيتها على العالم على نحو شبه متماسك بعد التفجير الإرهابى فى شارع الاستقلال، أبرز مزاراتها السياحية.
لأسباب إنسانية قبل أى أسباب أخرى اندفعت «الميديا» فى العالم بأسره لأوسع تعاطف مع عذابات الضحايا وصور الترويع على الوجوه والدماء على الأسفلت.
كما تدافعت دول العالم بلا استثناء تقريبا فى التنديد بالحادث الإرهابى البشع.
وقد كانت الخارجية المصرية من ضمن الذين نددوا، وهذا موقف صحيح وفق أى قيمة إنسانية أو سياسية.
الوقوع فى «فخ الشماتة» خطيئة وسذاجة، أيا كانت الخلافات مع سياسات الرئيس التركى «رجب طيب أردوغان».
عندما تشمت فى الضحايا فلا تتوقع أن يتضامن معك أحد إذا ما تعرضت للمأساة نفسها.
هناك فارق بين التضامن الإنسانى فى مواجهة الإرهاب وبين مسئولية السياسات عن تفشيه.
الأول مطلق.. والثانى تقديرى.
بيقين فإن سياسات «أردوغان» دفعت تركيا إلى مركز الإرهاب وضرباته.
بدواعى الحرب على نظام الرئيس السورى «بشار الأسد» فتحت الحدود التركية لعبور السلاح والمقاتلين الذين ينتسبون للتنظيمات المتطرفة ومن بينها «داعش» و«النصرة».
بأرقام رسمية تعود إلى نحو عامين يبلغ عدد منتسبى «داعش» ثلاثة آلاف تركى، ومن المرجح أن يكون الرقم قد ارتفع.
مشكلة «أردوغان» أن سياساته أفضت إلى حصار مزدوج بالرصاص والمتفجرات من «داعش» و«حزب العمال الكردستانى».
ف«داعش» هو الذى ساعدها ومولها، وفق شهادات متواترة، وحزب «العمال الكردستانى» يتحمل جانبا كبيرا من مسئولية إخفاق استيعابه فى البنية السياسية التركية.
الصدام المفتوح مع الأكراد يتصادم مع أنهم نسبة لا يستهان بها من سكان البلاد.
وفى الصدام ضربت «داعش» شارع الاستقلال، دون أن يكون أحد فى البداية على يقين من أين جاءت الضربة التى أسقطت عشرات الضحايا.
رغم ذلك فإن الصور الإنسانية لضحايا استنبول استدعت تعاطفا دوليا مؤثرا وملموسا، وهو ما لم يحدث فى الحالة المصرية، رغم كل المعاناة والألم وأعداد الضحايا.
الأمر يختلف جذريا فى الحالة البلجيكية من حيث التعبئة العامة على جميع المستويات الأمنية والدبلوماسية والسياسية والإعلامية.
فالتفجيرات التى روعت بروكسيل وأسقطت عشرات القتلى والمصابين ضربت المركز الأوروبى فى عمق أمنه.
الاستنفار الواسع فى العواصم الأوروبية الرئيسية مثل باريس ولندن وبرلين خشية عمليات تستهدف مطاراتها ومحطات مترو يعكس مدى خطورة الأزمة على سلامة دولها، ف«داعش» قد تمركز فى قلب القارة العجوز بترسانات سلاح متقدم وخلايا نائمة قد تضرب فى أى وقت.
قد يقال إن «المركزية الغربية» تضفى عناية خاصة على ضحاياها وتقلل من الضحايا الآخرين الذين ينتسبون إلى إقليم الموت اليومى فيه مجانى.
هذا كلام له وجاهته وعليه شواهد وقرائن، غير أن ذلك لا يمنع من التضامن الإنسانى الكامل مع الضحايا الذين أريقت دماؤهم فى عاصمة الاتحاد الأوروبى.
وقد يقال: إن أوروبا تدفع ثمن مواقفها فى الشرق الأوسط من تدمير العراق بعد احتلاله إلى غزو ليبيا وتفكيك دولته إلى جر سوريا إلى مستنقع دموى لا مثيل لخطورته.
هذا كلام آخر لا سبيل لإغفال حقائقه، لكنه لا يبرر أى شماتة إنسانية فى الذين روعوا فى الطرقات العامة وسقط بينهم قتلى بلا ذنب.
القيم الإنسانية لا تتجزأ ولا يصح التفريط فيها أو التردد بشأنها.
كسب المعركة الأخلاقية مسألة حاسمة فى نهاية المطاف.
بعد ذلك تتبدى حقيقتان وسط «نيران بروكسيل».
الأولى: ارتفاع منسوب كراهية العرب والمسلمين فى المجتمعات الأوروبية.
كالعادة سوف ننسب الكراهية المتصاعدة إلى «الإسلاموفوبيا» والجماعات اليمينية المتطرفة التى تعادى الأجانب.
ذلك صحيح دون شك، غير أننا ننسى مسئوليتنا عن صورتنا التى تدهورت بأثر مثل هذه العمليات الإجرامية.
عندما نطالب مستنيرى أوروبا من سياسيين وصحفيين ومفكرين بالتصدى لموجات اضطهاد المسلمين فى بلدانهم والانتصار لقيم التسامح والتعايش والاندماج فإنه من الأولى بنا أن نجرم أى نزعات تحرض على كراهية الأجانب لمجرد أنهم أجانب ونزكى القيم ذاتها فى بلداننا، وأن نقدم بلا تردد على تجديد الخطاب الدينى.
والثانية: تسارع وتيرة التسوية المحتملة للأزمة السورية.
هناك ما يشبه الإجماع الدولى على أن وضع حد للاقتتال فى سوريا بالتسوية يفسح المجال لإنهاء ظاهرة «داعش» فى قلعته ومنع تدفق لاجئين جدد إلى المدن الأوروبية هربا من الموت المجانى.
عند مفترق طرق جديد فى الحرب مع «داعش» نحن بحاجة أن نعرف مواضع أقدامنا وأن ندرك أين نحن من نيران بروكسيل وما بعدها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.